التحديات التي تواجه إدارة التعويضات

بقلم: ابراهيم عبد الشهيد – رئيس شركة تراست للاستشارات التأمينية

المهمة الرئيسة للتأمين، كوسيلة من أهم وسائل إدارة الخطر، هي جبر الضرر الذي وقع على المؤمن له، والذي غالبًا لا يطالع الوثيقة إلا عندما يقع الضرر، ومن ثم فلا ضير أن دفع التعويض والوفاء بالوعد هو قلب التأمين النابض وهو المحدد الرئيس لطبيعة العلاقة بين المؤمن والمؤمن له؛ إن الوفاء بهذا الوعد بالرغم من أنه لُبّ العقد، إلا أنه يستخدم كأهم وسيلة من وسائل الدعاية للشركات.

E-Bank

ويمكن تحقيق ذلك الهدف (رضا المؤمن له) من خلال إدارة التعويضات بالكفاءة والفعالية الواجبة.

وتعني كفاءة إدارة التعويضات، تحقيق أهداف المؤسسة مع الاستخدام الٌأمثل للموارد المتاحة، وبعبارة أخرى تحقيق الأهداف بأقل تكلفة، أما الفعالية فهو معيار يحدد إلى أي مدى تم تحقيق تلك الأهداف.

ولكن على أرض الواقع هناك العديد من التحديات التي تقف حجر عثرة أمام شركات التأمين لتحقيق تلك الغاية، وسوف نكتفي في هذا المقال بواحد من أهم التحديات وهو الغش أو التدليس.

تابعنا على | Linkedin | instagram

ونود أن نؤكد في البداية أن التدليس ظاهرة عالمية وليست محلية، وتؤكد التقارير الصادرة في هذا الشأن أن تعويضات التدليس تتراوح ما بين 10% : 15% من إجمالي التعويضات التي تدفع على مستوى العالم.

ولكن ما هو التدليس؟

التدليس هو أن يستعمل أحد طرفي العقد وسائل احتيالية بغرض تضليل الطرف الآخر والحصول على رضاه في الموافقة على عقد أي عمل حقوقي آخر مما يعني أن التدليس يفترض أربعة شروط: –

  1. استعمال وسائل أو طرق احتيالية.
  2. بنية التضليل.
  3. اعتبار التدليس الدافع إلى العقد.
  4. أن يكون التدليس من الطرف الآخر في العقد.

ويقع التدليس في التأمين عندما يحاول المؤمن له بطرق احتيالية الحصول على تعويض غير مستحق بموجب شروط الوثيقة.

ولكن ما هي أنواع التدليس؟

  1. التدليس الكامل (HARD FRAUD) وهو اصطناع أو الاحتيال في كامل التعويض، بمعنى أن المؤمن له قد قام عمدًا بافتعال التعويض بالكامل.
  2. التدليس الجزئي SOFT FRAUD)) وهو افتعال جزء فقط من التعويض، بمعنى أن المؤمن له لديه تعويض قانوني ومستحق طبقًا لشروط الوثيقة، ولكنه قام بتضخيم قيمة التعويض من أجل الحصول على أكبر استفادة من المؤمن، هذا وينظر البعض إلى هذا النوع من التدليس على أنه ليس بخطورة النوع الأول ولكن أمام القانون كلاهما تدليس مجرم قانونيًّا.

الآثار السلبية للتدليس:

  1. يؤدي إلى زيادة حجم التعويضات وارتفاع معدلات الخسائر مما يقود إلى زيادة الأسعار ليس فقط على المدلسين، بل على باقي المؤمن لهم الذين لم يرتكبوا أي جريمة مما يؤدي إلى عدم رضا هؤلاء المؤمن لهم وبحثهم عن شركة أخرى، كما يضع الشركة في موقف غير تنافسي في السوق.
  2. السرعة في تسوية التعويضات من أهم عوامل رضا المؤمن له كما تؤدي في الوقت نفسه إلى تقليل تكاليف مناولة التعويضات مما يُقلل بالتأكيد من معدلات الخسائر ومن ثم ربحية الشركة.

ولكن ما علاقة ذلك بالتدليس؟

العلاقة وثيقة، فمما لا شك فيه أن السرعة في تسوية التعويضات قد يأتي على حساب اتخاذ كافة الاحتياطات الكفيلة بكشف التدليس، مما يزيد من فاتورة التعويضات على الشركة.

أما لو حرصت الشركة على التدقيق التام للتعويضات وأخذ الوقت الكافي لدراسة التعويضات وكشف الاحتيال والتدليس فسيكون لذلك آثاره السلبية على معدل رضا العملاء.

إن دراسة التعويضات تستدعي الكثير من الفحص والتدقيق وتوظيف عناصر تجيد أساليب البحث الجنائي وكشف خيوط المؤامرات، ومن المعروف عالميًّا أن عددًا ليس قليلًا من العاملين في تدقيق التعويضات في سوق لندن مثلًا هم من العاملين السابقين بأحد المؤسسات المخابراتية.

هذا التدقيق يؤدي بالتأكيد إلى التأخير في تسوية التعويضات مما ينتج عنه: –

  1. عدم رضا كافة عملاء الشركة على هذا التأخير بما في ذلك المدلسين أنفسهم حيث يكونون هم من يقوم بإثارة باقي المؤمن لهم لأغراض معروفة.
  2. مرة ثانية هي تزيد من فاتورة التعويضات وتؤثر بالسلب على معدلات الخسائر كما سبقت الإشارة.

ومن هنا فعلى شركات التأمين محاولة إيجاد التوازن الصحيح بين الكفاءة، الفعالية والسرعة في تسوية التعويضات وبين محاولة التدقيق لكشف التدليس.

هذا ومما يزيد من معدلات التدليس هو لجوء شركات التأمين إلى استخدام أطراف أخرى لتعاونها في إدارة التعويضات مثل خبراء معاينة الأخطار، خبراء تسوية التعويضات، شركات إدارة التعويضات، مراكز الصيانة وورش إصلاح السيارات.

هذه العناصر لا تحمل نفس الاهتمام والحرص على إرضاء المؤمن له، بل قد تكون لهم مصالح تتعارض مع صالح شركة التأمين، ومن ثم يجب على شركات التأمين أن تضع نُصب عينيها القائمين على تقديم تلك الخدمات ومتابعة أدائهم بشكل دقيق لكي لا يؤثرسلبًا على الصورة الذهنية لشركة التأمين.

ومن ناحية أخرى فعلى شركة التأمين أن تراقب معدلات رضا العملاء على خدمات تلك الأطراف، حيث يلجأ البعض منهم إلى محاولة التقرب من المؤمن لهم وكسب ودَّهم على حساب شركة التأمين، وهذا إن حدث فهو تدليس من جانب مقدمي الخدمة.

 

 

 

 

الرابط المختصر