بقلم : صالح إبراهيم – عضو شعبة المحررين الاقتصاديين
أن تكون صحفيًّا اقتصاديًّا، تتعاطى مع لغة الأرقام ليلًا ونهارًا؛ عملك الدائم هو المقارنات المستمرة، واستنباط الأخبار من الأرقام المتشابكة فتلك مسألة ليست بسيطة، الأصعب منها أن تجد من يساند، ويؤمن، ويوفر البيئة الحاضنة لهذا العمل، وقبل هذا وذاك، من يتيح المعلومة والرقم (المادة الخام للقصص الاقتصادية).
منذ التحاقي بالعمل الصحفي في أواخر العام 2004، وبعد إتمام دراستي في مجال الإعلام، لم يكن أمامي -لظروف تتعلق بغياب الواسطة والعلاقات- سوى البحث في وظائف “أهرام الجمعة” عن صحيفة تبحث عن محرر، كبيرةً كانت أم صغيرة، شاملةً، أم متخصصة.. لا فرق، المهم آنذاك هو أن أعمل صحفيًّا؛ وقد كان.
كانت الفرصة المتاحة آنذاك هي العمل في صحيفة اقتصادية أسبوعية تحت التأسيس، المشكلة الأكبر وقتها أن علاقتي بالاقتصاد كانت تمامًا مثل علاقتي باللغة الهيروغليفية، وهذا وحده كان كافيًا لأن تكون صفحة الاقتصاد في أي جريدة من أكثر الصفحات التي أكِنُّ لها ازدراءً وتجاهلًا متعمدًا، لكنني اتخذت قراري.
حسنًا، سأكون صحفيًّا اقتصاديًّا “مؤقتًا”، وبعد استكشاف “السوق” وبناء دائرة العلاقات في الوسط الصحفي يمكن تحويل الدفة إلي قسم آخر (التحقيقات تحديدًا) في جريدة أخرى، هكذا كانت “الخطة”، لكنني وقعت في “الفخ”، ثم سرعان ما استمرأته. بفعل النشاط الاقتصادي والزخم الهائل الذي صاحب صعود فريق رجال الأعمال متجسدًا في حكومة نظيف، كانت الصحافة الاقتصادية بالتبعية تشهد نفس الحالة من الزخم والنشاط، وشهدت السوق الصحفية إطلاق أكثر من جريدة أسبوعية ويومية متخصصة، منها ما قدّم خدمة مهنية لائقة، وجديرة بالاحترام، ومنها ما كان موجودًا فقط من أجل استقبال جزء من الإنفاق الإعلاني للشركات، لكن في النهاية لم يبقَ من كل ذلك سوى من صمد بفعل وفضل مهنيته، والطريق الذي حدده لنفسه من قبل أن يوجد، وكانت الركيزة الأساس في كافة تلك التجارب هي “الشباب”.
الآن، ورغم كافة الصعوبات والتحديات اللانهائية التي تواجه العمل الصحفي بشكل عام، والصحافة الاقتصادية بشكل خاص، ورغم غموض الرؤية أيضًا، يمكن القول إن الأمل لا يزال قائمًا، وإن الفرص يمكن أن تولد مرة أخرى، وإن التجارب قابلة للتكرار في ثوب أفضل، ما دامت الكفاءات الشابة لا زالت تحاول وتكافح من أجل الاستمرار والبقاء..المجد للشباب.