- بشاي: الاستثمارات المباشرة غير البترولية هى المؤشر الأدق لأداء السوق
- ليس هناك شكاوى من التشريعات.. وإنما من كيفية تطبيقها والبيروقراطية
- بعض الدول تعتمد على استثمارات المحافظ لتمويل أكثر من ثلثي العجز
- مهران: أقساط التأمين تراجعت العام الماضي.. والتعويم ليس السبب الوحيد
- حجم القطاع 1.5 مليار يورو.. مقارنة بـ10 و 12 مليارا لنظيريه السعودي والإماراتي
- السوق محكومة بقانون أصدر من 36 عاما.. وعلى «الرقابة المالية» إعداد مشروع جديد
- الجارحى: الحكومة المصرية نجحت في إعداد منظومة تيسر على المستثمرين الصناعيين
- ترفيق 28 مليون متر في 2016/2017 مقارنة بـ9 ملايين 2006 وحتى 2015
- بشارة: هناك فجوة بسيطة عند بعض الشركات العقارية.. ويجب الاهتمام بـ»المستخدم» أكثر من المستثمر»
- نصدر العقار منذ سنة 2000.. وكانت نسبة 30-40% من عملائنا أوروبيين
- هناك بعض النقاط لم يحلها قانون الاستثمار الجديد.. حماية الموظفين الحكوميين أبرزها
- نجار: قد يكون فاتنا قطار صناعة السيارات.. ولكن يمكننا اللحاق بالمقبل
- هناك تخوف من «إستراتيجية صناعة السيارات» وكفاءة العنصر البشري بالقطاع
- ارتكبنا خطأً جسيمًا بأن جعلنا القطاع العام هو القائد للسوق بدلا من الخاص
رصدت الجلسة الثانية من مؤتمر “حابي” للاستثمار – المنعقد يوم الأحد 29 أبريل، نظرة أوروبا وأمريكا على الاستثمار بمصر، حيث تحدث الضيوف عن أبرز المشاكل التي تواجهها الاستثمارات الأجنبية، والطرق المقترحة لعلاجها.
تحدث في الجلسة خالد بشارة الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم القابضة للتنمية والاستثمار، وكريم نجار رئيس شركة كيان إيجيبت وكلاء سيات وسكودا والمساهم الرئيسى بشركة المصرية أوتوموتيف وكيل فولكس فاجن وأودي، ومحمد مهران العضو المنتدب لشركة أليانز للتأمين، ويوسف بشاى مصرفى أول ببنك بي إن بي باريبا، وأدار الجلسة هانى توفيق الرئيس السابق لجمعيتي الاستثمار المباشر المصرية والعربية.
وإلى الجلسة..
هاني توفيق: بداية، نود أن نستطلع معا مستقبل الاستثمار الأجنبي في مصر، وما المطلوب من الدولة لتشجيع المناخ الاستثماري؟
يوسف بشاى: أشكرك وأشكر فريق حابي على الدعوة الكريمة، أود أن ألخص مشاركتي في بعض النقاط الأساسية، من خلال ما نرصده سواء مع المستثمرين الأجانب المباشرين منهم أو الشركات الصناعية أو في المحافظ والصناديق الاستثمارية.
النقطة الأولى خاصة بالمؤشر، وربما يرتبط بالفكر السائد حول إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر مؤخرا أنها لا تزيد بالشكل المتوقع، وأنا أعتقد أن هذا مؤشر خاطئ ويجب ألا نعتمد عليه، نظرا لأن أكثر من 60 % من هيكل الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر يعتمد على قطاع البترول، وهو قطاع مستقل نسبيا عن الجانب الحكومي، وازدهر بشدة خلال 2015 /2016 نظرا لحجم الاستكشافات الغازية الكبير مؤخرا مثل حقل ظهر ووجدنا أنه في أواخر 2017 حدث انخفاض في إجمالي حجم الاستثمارات الأجنبية.
لذلك قد يكون المؤشر الأدق هو إجمالي الاستثمارات المباشرة غير البترولية، وأعتقد أنها شهدت بعض التحسن لكنه ليس المطلوب.
والمستثمرون الصناعيون الأجانب في مصر ليس لديهم شكاوى من المشكلات الكلية في مصر سواء التشريعات أو الطاقة أو العملة الأجنبية وإنما تشكو من التطبيق الخاص بهذه القوانين والبيروقراطية فيما يخص الجمارك أو الضرائب، لذلك أعتقد أن الإصلاح الحقيقي الذي يجب أن تنفذه الحكومة هو رفع الحد الأقصى للأجور وهو الطريقة الوحيدة لاجتذاب الكفاءات من خارج الجهاز الإداري.
وأود التعليق على الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، والفكر السائد عنها أيضا هو أنها استثمارات قصيرة الأجل تسعى لعوائد مرتفعة جدا وهو مثل أذون الخزانة المصرية، وأنها خطرة، وأنا أختلف مع ذلك، ففي بعض الدول مثل جنوب إفريقيا يعتمدون على استثمارات المحافظ لتمويل أكثر من ثلثي العجز الجاري، والمطلوب في هذه النقطة هو الحرص على الجودة النوعية لتلك الاستثمارات، بمعنى الانتقال من أدوات الدين المصري قصير الأجل إلى الاستثمار في البورصة أو السندات طويلة الأجل، وهي لا تحتاج التعامل معها بشكل من التخوف بل بشكل من الحكمة والتقدير لتأثريها الإيجابي من تجارب الدول الأخرى.
هاني توفيق: الأستاذ محمد مهران، ماذا عن قطاع التأمين والمعوقات الذي يقابلها بهذا الصدد؟ وما متطلبات القطاع للفترة المقبلة؟
محمد مهران: نحن في أليانز للتأمين نمثل أليانز جروب والتي تعد من كبري كيانات التأمين عالميا، وقطاع التأمين مثله مثل البنوك يتأثر بالاقتصاد ككل، ولو نظرنا إلى القطاع في العام الماضي فقد بلغ إجمالي أقساط الممتلكات 13 مليار جنيه، ونسبة المقوم عن العام الماضي بلغت 41%، وهو ما يعني انخفاضا في أقساط القطاع،
وربما تأثرت بنتائج التعويم ولكننا لن نركز على هذا السبب.
وعموما يبلغ حجم قطاع التأمين المصري حوالي 1.5 مليار يورو، مقارنة بحوالي 10 مليارات يورو لنظيره السعودي، و12 مليارا للإماراتي، وهو ما يبرز انخفاض الوعي التأميني داخليا.
وأيضا أحب أن ألفت نظركم إلى أن التأمين محكوم بقانون الإشراف والإضافة رقم 10 لسنة 1981، وهو ما يعني أنه لا يراعي المتغيرات التي طرأت على مدى 36 عاما، بما يستدعي تحديثه من جانب هيئة الرقابة المالية وضرورة أن تعد مشروع قانون لعرضه على مجلس الشعب.
كما أود أن أشير إلى أن عمل قطاع التأمين هو عبارة عن عمل استثماري، فحصيلة وثائق التأمين تدخل في استثمارات تضمن العائد الجيد لأصحاب الوثائق، وبشكل عام الاقتصاد يتجه للأفضل، ولكنه أمامه تحدٍ كبير.
هاني توفيق: وبالنسبة لقطاع النقل وصناعة السيارات، هل من الممكن أن يحدثنا الأستاذ كريم نجار عن رؤى القطاع، خاصة أنه من الممكن أن تكون فاتتنا هذه الصناعة رغم بروزها في السبعينيات؟
نجار: بداية قد يكون فاتنا قطار صناعة السيارات، ولكن هذا لا يعني أننا لا يمكننا اللحاق بالقطر الجديد المقبل، فصناعة السياات قررت بعد مشكلة فولكس فاجن في أمريكا أن يتجه للسيارات الكهربائية، وأتوقع أنه في خلال 10 سنوات قد تختفى السيارات المتداولة حاليا، لذلك يجب ألا يفوتنا القطار الجديد.
وفيما مضى ارتكبنا في قطاع السيارات خطأً جسيمًا – أشار إليه المهندس نجيب ساويرس في الجلسة الأولى – بأن جعلنا القطاع العام هو القائد لسوق السيارات فبالتالي عانى من كل مشاكل القطاع، وعلينا أن نتعلم من تجاربنا بمنح قيادة السوق في الفترة المقبلة للقطاع الخاص.
والدولة عليها حاليا أن تنشط السوق وتجتذب المستثمرين عن طريق بعض التشريعات التي تضمن ذلك، ولكن هناك تخوف من عنصرين، الأول ما يسمى “إستراتيجية صناعة السيارات” والتي تسير في الاتجاه الخاطئ ويجب تعديل مسارها، لتحمى مصنعي السيارات في مصر، وهو ما يجذب المستثمر الأجنبي بشكل كبير.
أما التخوف الثاني فهو العنصر البشري ومدى كفاءة الأفراد العاملين بالقطاع وهو دور القطاع الخاص وليس الحكومي فقط.
وإذا وضعنا في الاعتبار كل هذه الجوانب سنكون قد هيأنا السوق لمواكبة القطار القادم.
هاني توفيق: المهندس حسين الجارحي، لدينا نقاط تتعلق بهيئة التنمية الصناعية؟
حسين الجارحى: بالنسبة لقطاع السيارات هناك نوعان منها: النقل وسيارات الركوب، والنوع الأخير تحديدا لا يمكننا تصنيعه اقتصاديا، فلكي تنشئ مصنعا لهذا الغرض أو يتم إنتاج وحدات ركوب تحتاج إلى عدد معين من المقومات الاقتصادية، لكن هناك العديد من الصناعات المتعلقة بالسيارات يمكن أن نطورها.
والدولة بالفعل اتخذت بعض الخطوات التي تشجع المستثمر على دخول سوق صناعة السيارات في مصر، كما أننا لدينا اتفاقيات مع 7 جهات عالمية تمكننا من توريد الإنتاج إليها، لذلك فالمستثمر الإيجابي الذي يرغب بالفعل في الاستثمار بمصر سيجد الفرص التي تلائمه والإيجابيات التي تشجعه على ذلك مثل الأرض والترخيص.
هاني توفيق: رأينا قريبا العديد من الإعلانات حول هيئة التنمية الصناعية وتطوير العمل فيها، ولكن لم تتعد معلوماتنا عنها ما تم عرضه في التليفزيون، هل من الممكن أن تخبرنا عن ذلك؟
حسين الجارحي: أولا الهيئة هي الذراع التنفيذية لوزارة الصناعة، وهي المسؤولة عن تيسير كل الأنشطة الصناعية في مصر، بداية من الأراضي المرفقة، مرورا بمرحلة التراخيص، وانتهاء بتوريد الأرباح للشركات الأم.
والحكومة المصرية نجحت في إعداد منظومة تيسر على المستثمرين الصناعيين، والذين يحتاجون أولا لمعرفة احتياجات البلد الصناعية، ولذلك أعددنا خريطة الاستثمارات الصناعية التي تحتوي على جميع الفرص المتاحة للاستثمار الصناعي في مصر، وثانيا يكفي أن نقول إن في 2016/2017 تم ترفيق 28 مليون متر أراضٍ صناعية، مقارنة بحوالي 9 ملايين متر مربع منذ 2006 وحتى 2015، وهو ما يعكس اهتمام الدولة حاليا بالصناعة، وأيضا كان المستثمر الصناعي بحاجة إلى استخراج موافقات وتراخيص من 11 جهة سابقا، لكنه الآن يتعامل فقط مع جهة واحدة وهي هيئة التنشيط الصناعي.
نريد أن نقول إن هناك عملا جادا في مساعدة المستثمرين في المشروعات الصناعية التي تحتاجها مصر، وأن الحكومة حاليا مهتمة بمنح مميزات وليست حماية، بإذن الله في خلال عامين أو ثلاثة على الأكثر سيتم إنتاج منتجات نحن نستوردها حاليا وفي حاجة إليها.
هاني توفيق: ما الذي قدمتموه لإعداد الخريطة الاستثمارية لوزارة الصناعة؟ وهل كل وزارة لديها الخريطة الاستثمارية الخاصة بها؟
حسين الجارحي: كل وزارة لديها المشروعات الخاصة بقطاعها، ونحن في وزارة الصناعة نظرنا إلى المحافظات والمناطق الصناعية، واحتياجات كل محافظة من المشاريع الصناعية بحسب إمكانياتها ومواردها، وتم إعدادها باللغتين العربية والإنجليزية، وتحتوي على مشروعات مقترحة ولا أسميها فرصا استثمارية، نظرا لأن كل مستثمر لديه الإمكانيات والاستعداد ولكن ينقصه التوجيه والمعلومات المتكاملة، وهو ما نقدمه له في الخريطة.
هاني توفيق: وهل تم عرض تلك الخريطة خارجيا أم تم الاكتفاء بالداخل؟
حسين الجارحي: نحن في وزارة الصناعة والتجارة نسقنا مع جميع مكاتب التمثيل التجاري لنا حول العالم، وأعطيناهم معلومات حول المشروعات التي نحتاجها والمتاحة، ونحن نركز على جميع المستثمرين واحتاجاتهم.
هاني توفيق: ما يتبقى إذن هو متابعة نتائج هذه الخطوات وتقييم كيفية تطبيقها خارجيا، الأستاذ خالد النشار، بالنسبة للقطاع العقاري، كنا قد سمعنا مؤخرا عن تروج فكرة تصدير العقار، فما رؤيتك لذلك خاصة أن البعض يرى أن هناك فجوة عقارية؟
بشارة: أنا أعمل في القطاع العقاري منذ 3 سنوات، وأرى أن تركيبة مصر السكانية توضح أن 50 % من السكان تحت سن 25 عاما، مما يعني أن هناك طلبا محتملا على العقار من 50 مليون مواطن.
في رأيي هناك فجوة بسيطة عند بعض الموردين، ناتجة عن أن هناك شركات تبيع الوحدات بدون مقدم وبالتقسيط على 5 سنوات، بينما يوجد نوعان من العملاء: المستثمر وهو الذي يشتري الوحدة بهدف الاستثمار لا غير، والمستخدم الذي يقتنى الوحدة بهدف استخدامها ثم بيعها بعد فترة وهو أيضا يحقق ربحا، ونحن في مشروعاتنا نركز على الفئة الثانية، نظرا لأنه أقل تأثرا بمتغيرات الأسعار في السوق.
أما عن تصدير العقار، ففي حين يتحدث عنه البعض على أنه فكرة جديدة، نحن كنا نصدر العقار منذ سنة 2000، وكانت نسبة 30-40 % من عملائنا من إيطاليا وألمانيا وسويسرا وبلجيكا، وبالطبع تأثر ذلك بثورة 25 يناير، نظرا لتأثر السياحة من الأساس، ولكن هذا العام شهد بعض الاهتمام من الأجانب بتصدير العقار، وهناك جانب آخر “يمكن أن نسميه نصف تصدير” وهو الذي يوجه للمصريين بالخارج نظرا لمقدرتهم المادية واهتمامهم بسوق العقار المصرية من جهة أخرى وبدأنا بالفعل الترويج لذلك عن طريق بعض المكاتب بدبي.
بالنسبة للتعامل مع القطاع العمومي فأنا مع رفع الحد الأقصى للأجور لجلب كفاءات وخبرات للقطاع، ولكن أيضا يجب توفير الأمان لموظفي القطاع العام، فالموظف إذا أخطأ بشكل غير مقصود حتى وإن لم يتربح من ذلك يعامل على أنه إهدار للمال العام، وبذلك نحن نطلب في منه ما هو أكثر من قدرته، لأننا بشر ونسبة الأخطاء واردة في تصرفاتنا وقراراتنا، وهي نقطة لم يحلها قانون الاستثمار الجديد، الأمر الثاني الذي يحتاج إلى علاج أن التعامل يظل ميسرا مع هيئة التنشيط الصناعي أو التنمية السياحية، لكنه يتسم بالصعوبة مع التعامل مع عدة جهات، خاصة أن كلا منها لديها اشتراطاتها الخاصة، التي قد تتعارض مع اشتراطات الأخرى، ونحن تحسنا كثيرا بهذا الصدد، لكنه مازال يحتاج للنظر.
توفيق: حتى لا نحتكر الجلسة لأنفسنا، نفتح باب الاسئلة للحضور، ونبدأ بالنائبة بسنت فهمى عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب.
بسنت فهمي: نريد أن نفهم أكثر كيف تكون شركة حاصلة على رخصة والمحافظة ترفض السماح بالنشاط.. فهذا موضوع مهم ويمكن على البرلمان خاصة أن قطاع النقل سواء النهرى أو الطرق أو المواصلات وصلت الى مرحلة خطر.
بشارة: المحافظة ليسة ممتنعة عن عمد، فالقانون المنظم للمحافظة يجبرها على إجراء مناقصة لعمل مراسي، وهو قانون منفصل عن القانون المنظم لوزارة النقل، التى منحتنا الرخصة، وبالتالى يجب إجراء مناقصة جديدة تتلائم مع المناقصة التى حصلنا من خلالها على الرخصة، لذلك فنحن نعلم أن هناك روتين معطل، ولكن الموظف الحكومي أيضا لا يملك تجاوزه، ونرجو أن يهتم البرلمان بحل هذه المشكلة.
الجارحي: هناك مشكلات تعد حالات خاصة لم يوجد نماذج شبيهة سابقة، مثل هذه المشكلة، ووزير الصناعة وجه بالتعامل مع هذه النوعية من المشكلات، عبر تشكيل لجنة تضم كل الاطراف المرتبطة، لاصدار توصيات يتم على أثرها أصدار قرار وزارى بحل المشكلة.
ففى هذه المرحلة الهامة من عمر البلد لا يمكن أن ننتظر تعديل القوانين، بل نعمل بالتوازي على الحلول السريعة لأى مشكلات تواجه بيئة الاستثمار، وكل أجهزة وهيئات الوزارة تعمل على استيفاء شق مهم من عملية الاستثمار والاطمئنان على كفاءة التشريعات والقوانين ونظم العمل.
فهمى: كم من الوقت استغرقته مشكلة ترخيص النقل النهرى حتى الان؟
بشارة: 3 سنوات ونصف، ورئيس مجلس الوزراء السابق، حضر الى المشروع وتم اعلان افتتاحه، ثم بعد ذلك النشاط لم يفعل.
فهمي: عن أى لجنة أذن نتحدث فى مشكلة استثمار تستغرق أكثر من 3 سنوات دون حل.
نجار: أحب أن أشدد على أن منظومة النقل بشكل عام تحتاج الى قرارات ثورية، فالاحصائيات الخاصة بعدد الوفيات والمصابين والمعاقين بسبب حوادث الطرق “مخيفة”، حيث بلغت العام الماضى نحو 14 الف مواطن بضحايا حوادث الطرق، والتى تمثل أكثر من ضعفين الشهداء والمصابين بحوادث الارهاب، وهذا أمر خطير، خاصة أن المشكلة ليست فقط فى الطرح التى يتم تحديثها حاليا،وانما أيضا فى كفاءة المركبات، والتى يعانى نفصها تقريبا من كونه غير صالح للاستخدام، كما ان عدد كبير من سائقى هذه المركبات من غير المتعلمين.
بسنت فهمى: ملف النقل يحتج الى تطوير شامل وسريع، فعملية الذهاب يوميا الى العمل تستغرق ساعات طويلة، كما ان العاميلن البسطاء يحتاجون الى أكثر من وسيبة مواصلات حتى يصلوا الى اعمالهم بعدة عدة ساعات، يكون بالتأكيد منهكا وليس فى حالة مؤهلة للانتاج، وأؤكد أننا سنتناول هذا الملف فى البرلمان.
صحفية اقتصادية: أنا مسئولة عن مكتب منطقة خليج السويس وشمال العين السخنة، ورغم اهمية هذه المنطقة لمختلف القطاعات، الصناعية والاقتصادية والسياحية، الا أن الطريق هناك غير ممهد بالمرة، ولا يوجد به إضاءة، على عكس طريق الجلالة الذى أنشئ للوصول للقرى السياحية بهذه المنطقة، فطريق “السويس – العين السخنة” يشهد بصفة دائمة حوادث كبيرة، فكيف يتم الحديث عن نهضة استثمارية فى ظل تدنى مستوى الطرق، خاصة أن هذه المنطقة زاخرة بالموانئ ويمكن مشاركة الشركات بهذه المنطقة فى تمهيد واناروة الطرق.
و سؤالى الاخر يتعلق بتهميش التعليم والتدريب الفني، فلماذا لا تهتم المصانع والشركات بتدريب شباب التعليم الفنى عمليا، حتى يكون قادرا على التماشى مع سوق العمل، بدلا من الاكتفاء بالدراسات النظرية التى يتخرج بعدها كعضو عاطل فى المجتمع.
فلدينا بالمدارس الفنية مبتكرين وأفكار جيدة، فلا يجب الاعتماد فقط على المهندسين، فيمكن استحداث منصب مساعد مهندس للاستفادة من هذه الطاقات.
الجارحى: حاليا يتم ترفيق المناطق الصناعية الجديدة، وأود أن أطمأن المصنعين بالمدن الصناعية القديمة بعد انشاء هيئة التنمية الصناعية شركة لإدارة المناطق الصناعية، وقرار رئيس الجمهورية عام 2016 بتحويل ولاية المدن الصناعية إلى هيئة التنمية الصناعية، وذلك لأن إدارة المدن الصناعية أهم من إقامتها.
وعلى مستوى التدريب، فالجناح الخاص بنا وهو اتحاد الصناعات المصرية يتضمن 12 غرفة صناعية، وهناك استراتيجيات لتحديث وتطوير بعض الصناعات تنفذ خلال الوقت الحالى، فعلى سبيل المثال الصناعات الهندسية تتلقى تدريب مميز على ماكينات متطورة وخامات ومعلمين ومتدربين، يؤهلهم للالتحاق بكبرى المصانع، كما هناك نفس المحاولات على مستوى الصناعات الكيماوية ومواد البناء، فالعمالة غير المدربة أحد معوقات الاستثمار فى مصر.
نجار: أريد أن أعلق على الحديث، فالدولة هى صاحبة مبادرة التعليم المهنى فى مصر، ولكننا حاليا من كبرى الشركات الألمانية فى مصر بالاشتراك مع الغرفة الألمانية نوفر برامج تدريب على اللغات واستخدام الحاسب الآلى والتشخيص الدقيق، إلا اننا نواجه أزمة مع قانون العمل لانه لا يسمح باستمرار العامل الذى يتركنا عند حصوله على عقد عمل بالخارج، وبعد الانفاق على تدريبه لمدة 3 سنوات.
وأحترم حقوق العمال، ولكن أين حق المستثمر وصاحب العمل أيضا، والأمر بحاجة إلى تشريع يراعى كل الأطراف، فهناك أصحاب مصانع ينفقون مبالغ كبيرة على تدريب العمال ويجب الحفاظ على حقوقهم.
الجارحى: كان هناك اقتراح منذ فترة قريبة فى غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، عن اصدار بطاقات أو كارنيهات توثق التدريبات التى حصل عليها العامل والجهة التى يعمل بها ومنحته التدريب، وعدم السماح له بالانتقال لجهة أخرى إلا بموافقة جهة العمل، مما سينعكس بالإيجاب على حجم انفاق المستثمرين على تدريب العمالة.
توفيق: هذا الأمر منظم بالبنوك، فلا يستطيع من حصل على تدريبات معينة ترك مكان العمل قبل فترة محددة أو سداد قيمة التدريب الذى حصل عليه.
نادية هنري: أنا عضو باللجنة الاقتصادية بالبرلمان وما أسمعه حول عجز التشريعات عن جذب استثمارات جديدة شعرت وكأننا لم نفعل شئ، ويثير اندهاشى خاصة وان الفترات الماضية قدمت لنا الحكومة كم كبير من التشريعات الواجب مناقشتها واخراجها سريعا، وبالتالى الأزمة ليست فى التشريعات، فأين الحكومة من تحديد أولويتها وترتيب وتجميع العمل حتى نتمكن من تهيئة البيئة القانونية للاستثمار، فالقصة لاتقتصر على قانون الاستثمار فحسب، فعلى سبيل المثال قانون العمل بحاجة لمراجعة تقلل من التحديات التى يواجهها المستثمر.
وليس من المعقول الحديث عن جذب استثمارات فى ظل أزمة النقل والربط بين كل المحافظات، والربط مع دول أفريقيا الذى من شأنه خلق فرص كثيرة.
فلابد من العمل على تطوير بيئة الاستثمار والجهاز الإدارى للدولة، والاهتمام بمنظومة النقل بجانب الاستقرار المجتمعى، فالحوار السابق مع رجل الأعمال نجيب ساويرس اثار نقاط هامة لابد أن تعمل الحكومة عليها، فى مقدمتها النهوض بالمشروعات الصغيرة، فمجتمع الأعمال يجب أن يكون عليه مسئولية مجتمعية ملتزم بالقيام بها.
الجارحى: هناك أعمال كثيرة تتم ويمكن لا يعلمها المواطنين، فالدولة تنشئ مدن صناعية للمشروعات الصغيرة، ولكنها بعيدة عن بعض القرى والمناطق، ومن ضمن المبادرات قامت غرفة صناعة الملابس بالاتفاق مع عدد من السيدات على اعمال نسيج، وشرائها عن طريق المستثمرين فى الصناعة وتصديرها للخارج وفتح أسواق جديدة أمام منتجاتهم، ويمكن ما ينقصنا هو تسويق ما نقوم به من عمل مستمر على هذه الملفات.
بسنت فهمي: أحب أن أعقب على الحديث القائل أن “الناس مش عارفة مزايا الاقتصاد، وأقول اذا كانت المشكلة فى ادراك المجتمع لتطور الاقتصاد والارقام، فهل لا يشعرون أيضا؟ الاقتصاد ليس خطب، وما يقال عن تطور فى الاقتصاد يجب أن يشعر به المواطن، واذا لم يشعر يكون لا شئ تحقق على الأرض.
الجارحى: أطالب بحق الرد..
توفيق: بالتأكيد ولكن بعد سماع سؤال اخر من الحضور.
طالب بكلية اقتصاد: لاحظنا فى الفترة الاخيرة توقف عدد من المصانع،كما يقترب البعض الاخر من حافة الاغلاق، وكذلك بدأت الجودة الانتاجية لبعض المصانع فى الانخفاض.. فما هو دور الدولة فى مواجهه هذا الوضع؟
الجارحي: هذه الشريحة من المصانع يطلق عليها المصانع المتعثرة، بالفعل بعضها توقف والبعض الاخر فى سبيله للتوقف، ورئيس الجمهورية مهتم جدا بهذا الملف، وتم تأسيس شركة بالتعاون مع صندوق تحيا مصر، لتمويل المخاطر، وشارك فى التأسيس مدير الجلسة هانى توفيق.
وهذا الملف ينقسم الى جزئين، المصانع التى مازالت تعمل ولكن تعاني من مشاكل تمويلية وهيكلية، ويتولى مساندتها مركز تحديث الصناعة، وتقدم له نحو 370 مصنع فقط، وليس الاف المصانع كما يروج، في حين أنه تم الاعلان عن دعم المصانع المتوقفة تماما، وتقدم أكثر من 270 مصنع، وأغلبها يعانى من مشاكل تمويل يمكن تجاوزها بتوفير القروض والدعم المالى، وقليل منها لديه مشاكل قانونية وفنية،و يمكن حلها عبر مركز تحديث الصناعة.
و على صعيد الانتقاد الموجهه من الدكتورة بسنت فهمى، أوضح أن عمليات إنشاء المصنع الواحد واستيراد الالات والبدء فى الانتاج تستغرق عامين فى المتوسط، وبالتالى الامر سيستغرق بعض الوقت لكي نشعر التحسن المطلوب.
فعدد التراخيص والسجلات التجارية التى صدرت مؤخرا تؤكد على بداية التحسن،ستنعكس فى فترة قريبة فى معدلات الانتاج وتراجع معدلات التصدير ولكن ليس الان.
توفيق: بالنسبة لشركة المصانع المتعثرة،فهي بالشراكة بين مركز تحديث الصناعة وصندوق تحيا مصر وبنك الاستثمار القومى، وتقوم على بحث الشركات القابلة للتعويم،وفقا لمجموعة معايير صارمة فى السياسة الاستثمارية لحماية المال العام وضخه فى المصانع التى لديها فرص للنهوض وليس كل المصانع المتعثرة.
ماهر عشم: لدى تعقيب وسؤال على مناقشات الجلسة، التعقيب يتعلق بوجود قصور فى نشر المعلومات، وأرى أن أجهزة الدولة تحتاج لتبني دور تكنولوجيا المعلومات فى توصيل المجهودات والرسائل التى تطلقها.
فخريطة مصر الصناعية مازالت غير واضحة ولم تجاوب على الأسئلة الاساسية لأى شخص يملك أموال يرغب فى استثمارها، فاذا كنت كرئيس شركة متخصصة فى نشر المعلومات أجد صعوبة فى الوصول للمعلومة فبالتأكيد يجب الاهتمام بهذا الملف.
و سؤالى هنا لخالد بشارة الذى لديه تاريخ طويل من الاستثمار فى تكنولوجيا المعلومات، من وجهه نظرك ما هى الفرص المتاحة للاستثمار بتكنولوجيا المعلومات فى مصر، وما هى التحديات التى تواجهه؟
بشارة: قطاع تكنولوجيا المعلومات واعد جدا، وشركة أكسيليرو –أسسها ويترأس مجلس ادارتها- تعمل فى هذا المجال فى أسواق كثيرة، وبالفعل يحمل فرص نمو سريعة وواعدة، الا أن الاستثمار فى مصر فى هذا المجال صعب جدا خاصة على صعيد الاستثمار فى الشركات الناشئة “start ups” التى تحتاج الى بنية قانونية مختلفة تلائم المخاطر المرتفعة التى يتسم بها هذا الاستثمار.
فنموذج التمويل والاستثمار بهذه الشريحة من الشركات معمول به فى مختلف الدول المتقدمة، وتعمل به مؤسسات مثل جوجل وفيسبوك وغيرها، فى حين يفتقر السوق المصرية هذا التنظيم.
ما دفع للاسف عدد كبير من الشركات المصرية لجمع استثمارات من مصر والخليج، ثم تأسيس شركة لتعمل فى أمريكا، وبالتالى مصر فقدت بسبب غياب التنظيم الاستثمارات التى تستهدف هذا القطاع، وبدلا من أن نكون حاليا بنحقق عائد قليل مقارنة بأسواق اخرى أصبحنا لا نحقق شيئا على الاطلاق.
الجارحي: أحب أن أرد على غياب المعلومات المتعلقة بخريطة مصر الصناعية.. فأى مستثمر يرغب فى الاستثمار فى مصر من الطبيعى أن يبدأ بالبحث على الموقع الالكترونى لوزارة الاستثمار، والذى يوضح الفرص الصناعية والمناطق وغيرها من التفاصيل.
عشم: بالفعل بحثت على موقع وزارة الاستثمار ولم أجد سوى معلومات بسيطة جدا، وبسيطة هنا بمعنى انها تخاطب الجمهور العادي والرأى العام، فى حين ان طبيعة المعلومات التى يحتاجها المستثمر تكون أكثر تفصيلا وتراعي عناصر مختلفة وهو ما لم اجده متاحا على المواقع الرسمية.
الجارحي: قد يكون اسلوب العرض لم يكن ملائم لتوضيح كل المعلومات التى تم وضعها فى هذه الخريطة.
توفيق: عتقد اننا يمكننا استغلال هذه الحماسة وطلب تقديم مقترح مفصل من “عشم” لرفع كفاءة نشر المعلومات وتسويق الفرص الاستثمارية.
عشم: بالفعل ساتقدم بمقترح، كما أ طالب أعضاء اللجنة الاقتصادية بالبرلمان المشاركين بالمؤتمر، بادراج مطلب تنظيم التشريعات الخاصة بالاستثمار فى الشركات الناشئة، حتى تستفيد مصر من هذا القطاع الواعد وتسهل انطلاق مشروعات الشباب فى مجال تطنولوجيا المعلومات بدلا من دفعهم الى الخروج لبحث الفرص بدول أخرى.
صلاح ضيف: أحب أن ألقي الضوء على نجاح هيئة التنمية الصناعية فى تنفيذ فكرة الشباك الواحد، فمصر تعانى منذ سنوات طويلة من وجود مشاكل تعرقل جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة، رغم الجهود المبذولة والتعديلات المستثمرة على قوانين وضوابط الاستثمار، حتى أجمع خبراء الاقتصاد على ان المشكلة ليست فى التشريعات، وإنما فى الوضع القائم والممارسات التى تجمع ما بين الروتين والفساد وبيروقراطية اسفرت عن تراجع مكانة مصر الاستثمارية عن الوضع الذى يليق بها.
و بالتالى أتساءل لماذا لا يتم اعتماد ما قامت به هيئة التنمية الصناعية كنموذج يجب الاحتزاء به فى باقى هيئات الدولة، فرغم نشاط هيئة التنمية السياحية منذ التسعينات، لكن مازلنا نسمع مشاكل تتعلق بالممارسات.
فبدلا من التركيز على التشريعات والقوانين، نفعل الامر من منطلق هذا النموذج الناجح، من خلال تبنيه من قبل مجلس الوزراء وتعميمه بباقى الهيئات ومنافذ الاستثمار المختلفة.