معتز رسلان – رئيس مجلسي الأعمال المصري الكندي والمصري للتعاون الدولي
عندما اختار مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، مصر ضمن أفضل 5 وجهات استثمارية للمستثمرين الإماراتيين في الفترة المقبلة، كان يعي جيدًا حالة الانتعاش والتحسن الكبير في مؤشرات أداء الاقتصاد المصري، وحجم الفرص والإمكانيات الهائلة التي تتمتع بها السوق المصرية، خاصة بعد إصدار قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية وهي الخطوة التي طال انتظارها، وبلا شك كان لتأخرها أثر كبير على حركة الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر خلال السنوات الماضية.
لقد تجاوزت مصر الكثير من التحديات التي عانى منها الاقتصاد طوال السنوات الماضية، بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ تنفيذه أواخر 2016، والإجراءات والقرارات الجريئة التي اتخذتها الحكومة، بدعم من القيادة السياسية، لتهيئة مناخ الاستثمار ووضع الاقتصاد المصري على الطريق الصحيح، وعلى رأسها قرار تحرير سعر الصرف والذي نجح في إنهاء أزمات سوق الصرف، وهي المشكلة الأكبر التي كانت تواجه المستثمرين، حيث كان وجود سعرين رسمي وغير رسمي للدولار أكثر ما يزعج المستثمرين عند التفكير في الاستثمار بمصر.
كما كان لخروج قانون الاستثمار للنور، والجهود المتواصلة لوزارة الاستثمار دور كبير في إعادة الثقة لمناخ الاستثمار المصري، وأعتقد أن مؤشرات الاستثمار الأجنبي المباشر الأخيرة، وخاصة في قطاع البترول، بخلاف ما شهدناه من استثمارات كبيرة من مختلف الجنسيات بمختلف قطاعات الاستثمار خلال الأشهر الماضية، أبرز دليل على تعافي مناخ الاستثمار وعودته لدائرة الضوء بالمنطقة العربية والشرق الأوسط، وما يعزز من ذلك حالة الاستقرار السياسي والأمن والأمان التي تعيشها مصر حاليًا.
لقد نجحت مصر في أن تعود وبقوة كواجهة استثمارية جاذبة لمختلف البلدان، فهي السوق الكبرى بالمنطقة وصاحبة الموقع الجغرافي المتميز وتربطها اتفاقيات عديدة إفريقيًّا وأوروبيًّا وعربيًّا، تجعلها بوابة متميزة للصادرات والاستثمار بها فرصة مواتية للنجاح، وما يحفز على ذلك حجم المشروعات الكبرى التي تنفذها مصر في مختلف القطاعات سواء البترول أو العقارات أو الصناعة أو الزراعة، أو حتى الطرق والمواني.
بالتأكيد رأس المال يبحث دائمًا عن الفرص والسوق الكبيرة والأهم بيئة الاستثمار وعنصري الأمن والأمان، وأعتقد أن هذا ما تعمل عليه الحكومة الآن، من حيث إطلاق خريطة الاستثمار والتي تحدد للمستثمر أهم الفرص الاستثمارية، وهذا توجه أرى أنه جيد للغاية في وضع مصر على خريطة الاستثمار العالمي، خاصة وأن مصر أعتبرها أرض الفرص، فإذا نظرنا إلى قطاع العقارات فهو كان وما زال مصدر جذب كبير للاستثمارات، خاصة مع البدء في إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة والامتداد العمراني بمختلف أنحاء الجمهورية، كما أن إعلان وزارة التجارة والصناعة –هي الأخرى– عن خريطة صناعية، أمر جيد للغاية ويعطي خيارات عديدة للمستثمر، وهذا أيضًا تحول جيد في رؤية مصر الاستثمارية، هناك قطاعات أخرى أرى أنها واعدة في الفترة المقبلة هي قطاع السياحة والذي يمتاز بالتنوع ما بين السياحة الثقافية أو الشاطئية، وأعتقد أن مصر لم تأخذ مكانتها اللائقة على خريطة السياحة العالمية، لذلك الفرص في هذا القطاع عديدة وواعدة، خاصة مع تعافي هذا القطاع وعودة السياحة الروسية لمصر.
علينا أن ننظر أيضًا للفرص بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، والطفرة الهائلة في قطاع البترول وخطة مصر للتحول لمركز إقليمي لتداول البترول والغاز الطبيعي، بخلاف الفرص بمشروعات الطرق والمواني.
لقد أعلنت وزارة الاستثمار سابقًا، أنها تستهدف جذب 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية مباشرة خلال العام المالي الحالي 2017-2018، وهذا أمر جيد، ولكنني أرى أن إمكانياتنا وفرص الاستثمار وحجم السوق يستحق أكثر من هذا الرقم بكثير، ويجب أن نعمل على ذلك، نعم نمر بمرحلة تعافٍ لكننا يجب ألا نتوقف عند الآمال، وأن يكون هناك تواصل مع المستثمرين ومنظمات الأعمال للتعرف أول بأول على المشاكل التي تواجههم، والأهم تيسير الإجراءات وإنهاء البيروقراطية ومنح المستثمرين المزيد من الحوافز وتشجيع القطاع الخاص على ضخ استثمارات جديدة، لتحسين صورة الاستثمار المصري، حتى يمكننا أن نقول وبحق إن مصر أرض الفرص.