اصلاحات ترسم مستقبل التصنيف الائتماني
ضخ 3 مليارات جنيه في استحداث نظام إلكتروني لربط الوحدات والفروع
حسانين:طرحنا خطة اقتصادية شاملة.. وتقرير «موديز» إفصاح روتينى.
ممدوح :مراجعات صندوق النقد تتحكم في عملية التصنيف.
الفقي :رفع التصنيف تدريجيًّا والصندوق يكشف عن نتائج جديدة.
فرحات: خفض معدلات الدين ضرورة وتراجع مرتقب لوتيرة الاقتراض.
أنغام بيومي
رغم تغير نظرة مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية للاقتصاد المصري خلال السنوات القليلة الماضية، بشكل إيجابي، إلا أن التعليقات حول التقدم الملموس مازالت مشوبة بتحذيرات واضحة من نتائج الإصلاحات السلبية، نتيجة استمرار تراجع عدد من المؤشرات الاقتصادية الهامة في الدولة , مما ينذر بالمزيد من المخاطر.
يرصد خبير التصنيف الائتماني، عمرو حسانين، المشاكل التي تُعطل خطة الإصلاح في مصر، مؤكدا أنها مشاكل مؤسسية أكثر منها اقتصادية، ومشيرًا إلى ضعف البنية المؤسسية، والتي تحددها ثلاثة مؤشرات، منها مؤشر سيادة القانون، و مواجهة الفساد، و فعالية الحكومة. وأكد أن إصلاح تلك المؤشرات يدفع التصنيف الائتماني لمصر لمستويات قوية، لتدخل ضمن مسار الدول النامية الأكثر تقدمًا في العالم.
وقال أن مصر تتبع خطة اقتصادية صحيحة الأركان، بدليل اشادة العديد من الجهات الاقتصادية الدولية بحطة الإصلاح المصرية, ومستشهدًا بالرفع الأخير للتصنيف الائتماني من قبل وكالة (ستاندرد آند بورز) العالمية، الناتج عن تغييرات حقيقة بالاقتصاد.
وكانت وكالة التصنيف الائتماني العالمية (ستاندرد آند بورز) قد رفعت التصنيف الائتماني لمصر بالعملات المحلية والأجنبية من B- إلى B مع نظرة مستقبلية مستقرة، موضحة أن هذا التحسن في الوضع الائتماني جاء نتيجة لارتفاع معدلات التبادل التجاري وزيادة الصادرات بالإضافة إلى ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي.
كما توقعت الوكالة الدولية للتصنيف الائتماني زيادة الثقة في الأعمال التجارية، ودعم تدفقات رأس المال إلى مصر، نتيجة للإصلاحات الاقتصادية والمالية التي تقوم بها الحكومة حاليًا.
بينما رأت وكالة (موديز)، أن مصر ضمن 7 دول ناشئة معرضة لمخاطر بسبب ارتفاع تكلفة الديون وسعر الفائدة على الاقتراض.
ووفقًا للتقرير الذي أصدرته الوكالة بشأن الدول الأكثر عرضة للمخاطر بسبب ارتفاع تكاليف الدين في منطقة الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادي، والتي تضم 125 دولة، فإن الاقتصادات ذات الديون قصيرة اﻷجل والقدرة المالية اﻷقل على إدارة التكاليف المتصاعدة للديون هي أكثر عرضة على نحو أكبر من المتوقع لمخاطر الارتفاع في تكاليف الاقتراض.
وأشار التقرير إلى أن لبنان ومصر وباكستان والبحرين ومنغوليا هي الدول الأكثر عرضة لمخاطر الارتفاع في تكلفة الاقتراض، في حين ستكون سريلانكا والأردن معرضة بشدة أكبر.
ورأى حسانين أن تقرير وكالة (موديز) الأخير ما هو إلا إفصاح دوري وروتيني، ويوضح مجموعة من الخصائص والعوامل التي لو اقترنت بأي دولة ستواجه أزمات مستقبلية.
وقالت علياء ممدوح، محللة الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار بلتون، إن مراجعة صندوق النقد الدولي لخطوات الإصلاح الاقتصادي في مصر، هي المحدد الرئيسي للتقييمات الائتمانية الخارجية، موضحة أن التقارير الرسمية الصادرة عن إدارة الصندوق بخصوص الشأن المصري تعطي عددًا لانهائيًّا من المعلومات والتي تضعها وكالات التصنيف بعين الاعتبار، حيث تضمن التزام مصر نحو الاستمرار بخطة الإصلاح الاقتصادي.
وأضافت أن خطوة (تعويم الجنيه) في مصر كانت أول الضمانات للخوض بتنفيذ باقي خطة الإصلاح، حيث أدت إلى زيادة تدفق التحويلات المالية ورفع معدلات الاستثمار بأذون وسندات الخزانة.
وأشارت إلى أن قرار تحرير سعر الصرف ( تعويم الجنيه) الذى اتخذه البنك المركزي في شهر نوفمبر عام 2016، ساهم في اختفاء السوق السوداء للعملات الأجنبية وتقويض عمليات الإتجار في العملة وزيادة موارد النقد الأجنبي بالبنوك بشكل ملحوظ.
كما أوضحت أن مصر تواجه عجزًا ماليًّا كبيرًا، بالإضافة إلى الديون قصيرة الأجل، واللذين يجب معالجتهما بشكل جذري لضمان تقدم التصنيف الائتماني وتخفيف التحذيرات الخارجية والتي تؤثر في قرارات المستثمرين.
وأكدت علياء على أن تقرير وكالة (موديز) الأخير جاء متوافقًا مع توقعات الفترة القادمة، مؤكدة أن الحكومة قامت بالفعل بتحويل اتجاهها نحو القروض طويلة الأجل، حيث من المقرر أن يتم التوسع بطرح السندات الدولية وخفض اعتمادها على أذون وسندات الخزانة قصيرة الأجل، خاصة أن الطروحات سواءً باليورو أو الدولار ناجحة ومبشرة للغاية.
وتعتزم وزارة المالية إصدار سندات دولية بقيمة 128 مليار جنيه مصري خلال العام المالي الجديد 2019/2018، مقابل 112 مليارًا للعام المالي الحالي.
كما نجحت الوزارة في إصدار سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار على ثلاث شرائح (5 -10- 30 سنة) في فبراير الماضي، رغم الاقبال على طلبات شراء التي تخطت 12 مليار دولار خلال الساعات الأولى من الإعلان عن الطرح.
قالت علياء ممدوح، إن الجدول الزمني لمحاولة إصلاح تلك النتائج لا يمكن تحديده في الأجل القصير، وإنما قد تطول فترة التنفيذ ومحاولات الإحلال في الاعتماد على بدائل تمويلية أخرى لفترة تتراوح ما بين 3- 5 سنوات.
وكان محافظ البنك المركزي، طارق عامر، قد أكد خلال تصريحات صحفية، أن مصر ليست قلقة من مستوى الدين الخارجي، وأضاف أنه يمكن تحمل دين خارجي أكثر بكثير، وذلك طبقًا للمؤشرات العالمية ،وطبقًا لقدرات مصر بالنسبة للتدفقات والاحتياطيات.
ومن ناحيته، أكد الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي ومستشار صندوق النقد الدولي السابق، أن رفع وكالة (ستاندرد اند بورز) لتصنيف مصرمؤخرًا، خطوة إيجابية للغاية، وتعتبر أحد المحفزات الرئيسية للاستثمار، مشيرًا إلى ضرورة تكثيف جهود الترويج خارجيًّا والاعتماد على صدارة التقييمات الائتمانية للمشهد، مع توضيح كامل لباقي الخطوات التي تخوض الحكومة في تنفيذها.
وأضاف أن رفع درجات التصنيف الائتماني، جاءت بعد التأكد من صحة سياسات الإصلاح المتبعة، وكانت أبرز مؤشراتها في مصر زيادة الموارد المالية بالنقد الأجنبي وارتفاع حجم الصادرات وعودة حركة السياحة وتراجع التضخم.
ووفقًا لتصريحات محافظ البنك المركزي، طارق عامر، فإن حجم التدفقات النقدية بالعملة الأجنبية للاقتصاد المصري، تجاوز 100 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف وحتى الآن.
وتوقع الفقي، أن ترفع وكالات التصنيف الائتماني درجة التصنيف المصري، تباعًا خلال العام المالي المقبل، بالتزامن مع استكمال باقي القرارات الاقتصادية وخطة الإصلاح، حيث إن نتيجة زيارة وفد صندوق النقد الدولي الحالية لمصر، ستكشف عن نتائج أكثر إيجابية، تدعم موقف مصر الخارجي اقتصاديًّا.
بينما يرى محلل الاقتصاد الكلي بسي أي كابيتال، هاني فرحات، أن خفض معدلات الدين ضرورة لتحقيق نتائج أكثر فاعلية ولاستكمال خطة الإصلاح في مصر، مشيرًا إلى أن مخاطر زيادة الدين تقضي على أي بارقة لمواصلة معدلات النمو الحقيقي في الارتفاع.
وأشار إلى أن ارتفاع الفائدة عالميًّا أكثر من مرة خلال العام الجاري، يعد ناقوس خطر على تفاقم حجم الاقتراض الخارجي والذي توسعت الحكومة من خلاله في السنوات الماضية, لدعم رصيد احتياطي النقد الأجنبي.
وتبعًا لبيانات البنك المركزي المصري فإن إجمالي الدين الخارجي بنهاية الربع الأول من العام المالي الجاري 2017 -2018، سجل نحو 80 مليار دولار، منها نحو 12.074 مليار دولار ديون قصيرة الأجل.
وأكد فرحات، على اعتماد خطة الحكومة في مصر بشكل أكبر على طرح السندات الدولية طويلة الأجل، موضحًا أنها ستخفف من حدة المخاطر الناتجة عن اعتمادها على الاقتراض قصير الأجل.
كانت وكالة موديز للتصنيف الائتماني، قد أكدت في تقرير لها عن الإقتصاد المصري أن تصنيف السندات السيادية طويلة الأجل التي تصدرها الحكومة المصرية عند B3، مع بقاء النظرة المستقبلية مستقرة، وأكدت أن السندات المصنفة بتصنيف B، مضاربة وتخضع لمخاطر ائتمانية عالية، ويأتي قبله تصنيفات (Aaa، وAa، وA، وBaa، وBa).
كما ذكرت «موديز» أن تصنيفها الائتماني لمصر يعكس أن الاقتصاد كبير ومتنوع لكنها أكدت أن الزخم القوي للإصلاح الاقتصادي يواجه عدد من المشاكل الجوهرية منها المديونية المرتفعة، والبطالة، إضافة إلى الاحتياجات التمويلية التي تلتهم 40 % من الناتج المحلي الإجمالي سنويا.