أسعار البترول تضع الحكومة أمام سيناريوهات صعبة

أبو بكر:الارتفاع العالمي يجذب المستثمرين لزيادة الاكتشافات في مصر.. والدعم لا يصل لمستحقيه.
كمال:ارتفاع النفط مؤقت وسيتراجع إلي 65 دولارًا للبرميل.. والمواطن لن يتحمل سوى زيادة واحدة خلال العام الجاري.

أنغام بيومي

E-Bank

تواجه مصر تحديًا صعبًا خلال الفترة القادمة، بالتزامن مع مواصلة أسعار النفط الارتفاع عالميًّا، حيث كشف المسؤولون عن خطورة زيادة سعر البترول على الموازنة العامة المصرية، والقفز بمعدلات العجز لمستويات أكثر خطورة، الأمر الذي زاد من تأجج الموقف بشأن احتمالية رفع سعر الوقود أكثر من مرة خلال العام الجاري.

وفي الوقت نفسه، قال خبراء بقطاع البترول، إن ارتفاع الأسعار عالميًّا وتزايد الطلب يدفع المستثمرين لزيادة التوسعات ورفع وتيرة البحث والتنقيب خلال الفترة القادمة.

وارتفعت استثمارات شركات البترول الأجنبية العاملة في مصر خلال العام المالي الماضي 2016/ 2017، لتصل إلى 8.1 مليار دولار، مقابل 6.6 مليار دولار خلال العام المالي 2015/2016، وفقًا لتصريحات وزير البترول والثروة المعدنية، طارق الملا.

وبحسب الملا، فإن وزارة البترول والثروة المعدنية تستهدف جذب استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار من شركات النفط الأجنبية خلال العام المالي الحالي 2017 / 2018.

تامر أبو بكر – رئيس غرفة البترول
والتعدين باتحاد الصناعات

أكد الدكتور تامر أبو بكر رئيس غرفة البترول والتعدين، ورئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات، أن زيادة أسعار النفط عالميًّا، تدفع المستثمرين الأجانب بزيادة التوغل بمشروعات التنقيب والبحث خلال الفترة القادمة، رغبة في زيادة الإنتاج، مؤكدًا على أنه جاري العمل على تنمية عدد من الحقول الجديدة خلال الفترة الجارية لرفع استفادة القطاع في مصر من زيادة الطلب عالميًّا .

وأكد على أن قطاع البترول يعتبر واحدًا من الأعمدة الرئيسة بقطاع الاستثمارات في مصر، حيث رفعت الشركات الأجنبية العاملة في قطاع البترول استثماراتها في مصر إلى 10 مليارات دولار خلال 2017 في أنشطة البحث عن البترول والغاز وتنمية الحقول وتشغيلها.

وأشار إلى أن الفترة القادمة تشهد دخول عدد جديد من الشركات العاملة بمجال النفط للسوق، بجانب زيادة توسعات الشركات العاملة في الوقت الجاري، مؤكدًا على أن مواظبة الحكومة في دفع مديونيات شركات البترول العاملة في السوق، مؤشر جيد للغاية، وعنصر تشجيعي لزيادة الاستثمار ودخول السوق المصرية.

وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال فعاليات المؤتمر الوطني الخامس للشباب، عن تمام سداد أكثر من 4 مليارات دولار من مستحقات شركات البترول الأجنبية خلال الفترة الماضية، مشيرًا إلى أن رصيد الشركات في الوقت الحالي يبلغ نحو ملياري دولار.

هذا بالإضافة إلى إعلان محافظ البنك المركزي، طارق عامر، مؤخرًا، عن إقبال مصر على سداد نحو 850 مليون دولار من مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد، خلال الفترة المقبلة.

وكانت مستحقات شركات النفط الأجنبية لدى مصر بلغت نحو 2.4 مليار دولار في نهاية يونيو 2017.

وتوقع أبو بكر أن يواصل سعر النفط ارتفاعه لمستوى الـ 100 دولار خلال الأشهر القليلة القادمة، بالتزامن مع زيادة التوترات بين كلٍّ من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران.

ومن ناحية أخرى، أكد أبو بكر على سلبية نتائج ارتفاع سعر البترول على الموازنة المصرية، مشيرًا إلى أن رفع أسعار الوقود في مصر لا مفر منه، وسيتم الإعلان عنه قريبًا، حيث أوضح أن الزيادة الجديدة بأسعار الوقود تراعي الطبقات الاجتماعية والحالة المادية للمواطنين.

وكان النائب الأول لمدير عام صندوق النقد الدولي، ديفيد ليبتون، قد أشار خلال زيارته الحالية لمصر على رأس بعثة من صندوق النقد الدولي، إلى أن تأخر مصر في تنفيذ إصلاحات دعم الطاقة يمكن أن يؤدي مرة أخرى إلى تعريض الموازنة لمخاطر ارتفاع أسعار النفط العالمية.

وانتقد أبو بكر تأخر الحكومات المتعاقبة على مصر في معالجة دعم الوقود، مشيرًا إلى أنه يجب تحمل الارتفاعات المتتالية في الأسعار نتيجة لذلك.

وقالت وزارة المالية، إن عجز الموازنة تراجع إلى 4.4 % في النصف الأول من السنه المالية 2017/ 2018، مقارنة بنحو 5 % قبل عام.

فضلًا عن تراجع العجز الكلي للموازنة إلى 10.9 % من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2016 /2017، مقارنة بنحو 12.5 % في السنة المالية السابقة.

وتستهدف مصر الوصول بالعجز لنحو 9 % خلال الموازنة المالية 2017/2018.

واعتبر أبو بكر أن تقديم الدعم العيني غير مفيد على الإطلاق، بينما دعم المواطن الذي يستحق هو الأهم خلال المرحلة القادمة، مؤكدًا على توافر البنية الأساسية للبحث عن المواطنين المستحقين للدعم الحقيقي عن طريق قاعدة البيانات الكاملة والمتوفرة لدى الحكومة، حيث أوضح أن ما يتم في مصر ليس نزعًا للدعم وإنما إعاده توزيعه بالطريقة الفعالة.

وفي فبراير 2018، أكدت مدير عام صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، أنه لا يوجد ما يبرر الاستمرار في دعم الطاقة، فهو يأتي بتكلفة باهظة، ويبلغ في المتوسط 4.5 % من إجمالي الناتج المحلي في البلدان المصدرة للنفط و3 % من إجمالي الناتج المحلي في البلدان المستوردة للنفط، رغم انخفاض أسعاره.

وأكد هاني فرحات، محلل الاقتصاد الكلي، ببنك الاستثمار سي أي كابيتال، على أن العجز الناتج عن ارتفاع سعر النفط عالميًّا، لا علاج له سوى القيام بتعديل في أسعار الطاقة مع بداية السنة المالية الجديدة من قبل الدولة، وذلك لخفض الخسائر الناتجة عن الفروق بين الأسعار المحلية والأجنبية.

وقدرت الحكومة سعر النفط في العام المالي المقبل 2018 – 2019 بـ67 دولارًا للبرميل، وهو أكثر بقيمة 12 دولارًا من سعر الموازنة في العام المالي الحالي، والذي حددته في الموازنة الجارية للعام المالي 2017-2018، بـ55 دولارًا للبرميل، غير أن التوترات الأخيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران أدت إلى رفع سعر النفط لمستويات الـ 80 دولارًا، مع توقعات باستمرار الزيادة خلال الفترة القادمة.

وأضاف فرحات في تصريحات خاصة لـحابي، أن رفع سعر الوقود بشكل ثنائي خلال العام الجاري احتمال وارد، مؤكدًا أن مسار الأسعار عالميًّا المحدد الرئيس للرفع، حيث أوضح أن أي زيادة جديدة بسعر الترول عالميًّا، ستؤدي إلى زيادة ضخمة بتكلفة الدعم الحالية والتي تحارب الحكومة لخفضها مع مراعاة الظروف الاجتماعية للمواطنين، وعليه ستعاود تكلفة الدعم بالارتفاع بنسبة أكبر من النسبة التي تم خفضها.

أسامة كمال
وزير البترول الأسبق

وقال وزير البترول الأسبق، أسامة كمال، إن الارتفاعات الأخيرة بأسعار النفط عالميًّا ما هى إلا زيادات ( مؤقتة)، متوقعًا تراجع سعر النفط لمستوى 65 دولارًا للبرميل، حيث أشار إلي أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعد التوترات بين إيران، ودونالد ترامب (الولايات المتحدة الأمريكية)، انتهت بانسحاب الأخيرة من الاتفاق النووي الإيراني، فانتشرت المخاوف بشأن تصاعد ردود الأفعال السياسية والعسكرية واحتمالية قيام حرب في الشرق الأوسط، نتيجة لذلك زاد الطلب على النفط وقامت الدول بزيادة المخزون لديها.

وانسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب –الأسبوع قبل الماضي- رسميًّا من الاتفاق النووي مع إيران، حيث وقع الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض مرسومًا يقضي بإعادة فرض العقوبات التي رفعت عن إيران بموجب الاتفاق النووي.

وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة تتوفر لديها أدلة مؤكدة تثبت أن النظام الإيراني ينتهك الاتفاق النووي، معيدًا إلى الأذهان الوثائق، التي نشرتها مؤخرًا إسرائيل حول هذه القضية، معتبرًا أن الشرق الأوسط سيمر بسباق للتسلح النووي حال تمديده الاتفاق مع إيران.

وبرَّر كمال رأيه بتراجع سعر النفط مجددًا، من خلال خفض إيران سعر الخام لديها وبالتالي القيام بالبيع أقل من الأسعار الرسمية وخلق منافسة في السوق العالمية.

وعن تأثير الارتفاع الأخير بسعر النفط على الموازنة العامة، قال كمال، إن الموازنة حددت سعر 67 دولارًا للبرميل، وهو سعر عادل بالنسبة لتوقعات تراجع سعر النفط، مضيفًا أن كل دولار زيادة في سعر النفط بالوقت الحالي يكلف الموازنة نحو 2.5 مليار جنيه مصري، وهو أمر تحاول الحكومة مفاداته عن طريق التعجيل بخفض دعم الطاقة في مصر.

وأكد أن زيادة سعر الوقود ستكون مرة واحدة فقط خلال العام الجاري، حيث إن تقرير الزيادات لا يتبع الأسعار العالمية فقط، وإنما يخضع لاعتبارات وعوامل أخرى هامة كالعوامل الاقتصادية والاجتماعية والسيادية، مشيرًا إلى أن قرار رفع سعر الوقود هو قرار سيادي بالدرجة الأولى وستراعي الدولة من خلاله فروقات الأسعار وتأثيرها على قدرات المواطن المادية بالتزامن مع تنفيذ القرارات الاقتصادية الأخرى.

من جانبه، توقع بنك استثمار أرقام كابيتال، أن ترفع الحكومة أسعار المواد البترولية، مرتين على الأقل خلال العامين الجاري والمقبل، من أجل تحقيق التزامها لصندوق النقد الدولي، بوصول أسعار بيع الوقود إلى 100 % من تكلفته، فيما عدا البوتاجاز، بنهاية برنامج الإصلاح الاقتصادي في 2019.

وأضافت تقارير بحثية، أن ارتفاع أسعار النفط عالميًّا تؤكد على توقعات ارتفاع سعر الوقود في مصر أكثر من مرة خلال الفترة القادمة.

الرابط المختصر