بقلم: د. ماهر عشم رئيش شركة مصر لنشر المعلومات
انتشر في السنوات الأخيرة استخدام مصطلح التكنولوجيا المالية حتى أصبحت علمًا قائمًا بذاته يتحصص فيه الباحثون والطلبة في أعرق الجامعات العالمية مثل هارفارد ومعهد ماستشوستس للتكنولوجيا، وهذا العلم باختصار معني بتقديم خدمات مالية باستخدام أحدث إمكانيات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي.
شرفت في العام الدراسي المنقضي بوضع محتوى وتدريس التكنولوجيا المالية ببرنامج الماجستير الخاص بإحدى الجامعات العريقة في مصر وحرصت علي التنوع في شرح استخدامات التكنولوجيا في المحاور الرئيسية للاقتصاد والبنوك وأسواق المال وهي: التمويل والمقاصة والحفظ والعملات الإلكترونية وشيكات التداول والتكنولوجيا الرقابية وتحليل البيانات، وحرصت أيضًا علي اطلاع الطلبة على أحدث المستجدات العالمية والتطبيقات والتجارب الناجحة في كل هذه المجالات.
قام الطلبة بمشاريع نهائية استخدمت في تقييمهم وفي الدرجات النهائية وكانت مفاجأة سارة أن كل المشروعات بلا استثناء ممكن أن تكون ناجحة على أرض الواقع ومواكبة لتوجه الدولة في حل مشكلات تحول مصر من المجتمع النقدي للانقدي والشمول المالي وهما مشكلتان كبيرتان إذ إن 98% من التعاملات في مصر نقدية قائمة علي الكاش و14% فقط من المصريين لديهم حسابات بنكية وفقًا لدراسة أعدها كا من اتحاد البنوك واتحاد الصناعات العام الماضي.
تلخصت أفكار هذه المشروعات في منصات تمويل ذات مسؤولية مجتمعية لتمويل منح دراسية لطلبة في الجامعات الخاصة أو لتمويل مشروعات صغيرة ومتوسطة أو منصات لتقديم خدمات تامينية لتنشيط قطاع التأمين متناهي الصغر أو منصات ادخار وإنفاق على مشتريات أجهزة منزلية بالتقسيط بأساليب متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
هناك تحديات رئيسية أمام هؤلاء الطلاب إن رغبوا –وأنا عالم برغبة معظمهم– في تحويل الأفكار إلى مشروعات حقيقية وناجحة؛ أولًا: إيجاد التمويل اللازم لإقامة هذه المشروعات والاحتفاظ بحصة عادلة لهم وهذا هو التحدي الأصغر لوجود مبادرات وحضانات مختلفة لتلك المشروعات.
ثانيًا: هناك كثير من الأفكار لا يوجد قوانين أو نظم لتقنينها والاعتراف بها مثل منصات التمويل والادخار متناهي الصغر وعلى الجهات الرقابية التعامل بسرعة مع تلك الأفكار وإلا سيهرب هؤلاء الشباب بأفكارهم للدول التي قننتها وسمحت بها.
وأخيرًا صعوبة اختراق تلك الافكار للطبقة العميقة من المديرين بالبنوك وإيجاد صانع القرار المسؤول عن تبنيها وتكينها على الرغم من انتشار إدارات التحديث والابتكار مؤخرًا بكثير منها.