حزمة توصيات للتطبيق الآمن لآلية الشورت سيلينج
مطالب بإعلان نسب الإقراض في الأسهم على شاشات التداول أسوة بالأسواق العالمية
سامي: أثق في قرار القائمين على تفعيل الآلية.. لكن الشيطان دائمًا يكمن في التفاصيل
صادق: استقطاب خبرات عربية وأجنبية لتأهيل الكوادر.. وإتاحة المرونة في الاقتراض من غير العملاء
فتح الله: ننتظر نقاشات واسعة حول التطبيق.. وتنظيم بعثات للتعرف على التجارب الدولية
إكرام: التدريب والبنية التكنولوجية عوامل نجاح النظام الدولي كبديل عن «وعاء التسليف»
ياسمين منير ورضوى إبراهيم
استقبل خبراء سوق المال ومسؤولو شركات الأوراق المالية قرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، بتفعيل آلية الاقتراض بغرض البيع «short selling»، بحزمة توصيات أثارتها مخاوفهم من التطبيق عبر نظام جديد يعتمد على شركات السمسرة كوسيط في العمليات بدلًا من شركة مصر للمقاصة، التي كانت ستلعب دورًا مركزيًّا في حفظ وتسليف الأسهم عبر وعاء مخصص، وهو النظام الذي ترقب سوق المال تفعيله لعدة سنوات.
كما طرح المتعاملون تساؤلات متعددة تتعلق بآليات التطبيق، من أهمها كيفية تنفيذ عمليات التسليف، وحدود تدخل العنصر البشري في المنظومة الجديدة التي تعتمد وفقًا للممارسات الدولية على البنية التكنولوجية المتطورة، إلى جانب الجدول الزمني لتأهيل المتعاملين وإصدار الضوابط والتعديلات التنظيمية المطلوبة لإطلاقه.
أكد شريف سامي، الرئيس السابق للهيئة العامة للرقابة المالية، ثقته فيما تم الاتفاق عليه كنموذج لتفعيل آلية الاقتراض بغرض البيع، لأهمية الوصول إلى مراحل التجربة الفعلية والتعلم لمختلف أطراف السوق، حتى وإن تم التفعيل بصورة تدريجية، من خلال قصرها على المؤشر والأسهم النشطة وفقًا لمعايير تتيح الرقابة على الأداء.
وقال: «ما أعلن عنه حتى الآن يشير إلى تطبيق نموذج شبيه بأسواق العقود الآجلة، الذي يعتمد على ضمانة مالية لتغطية الانحرافات في الأسعار والتعاملات، إلا أن الشيطان دائمًا ما يكمن في التفاصيل، وما زالت خطوات التفعيل والضوابط والمعايير اللازمة لذلك لم يتم الكشف عنها بعد».
ولفت إلى أن المعايير العامة لتلك الآلية تتطلب توافر إدارة مختصة على غرار إدارات شهادات الإيداع الدولية، إلى جانب بنية تكنولوجية محكمة، وضوابط أخرى تتعلق بحجم الضمانة المالية والحدود القصوى لعدد الأسهم المتاح إقراضها أو تسليفها، وقدرات فنية ومالية قد تفوق المطلوبة للتعامل بآلية الشراء بالهامش –التمويل بغرض شراء أسهم-.
وأضاف أن الأسواق العالمية التي تطبق آلية «short selling» تعلن على شاشات التداول نسب المتعامل بهذه الآلية على كل ورقة مالية، حتى يتعرف المستثمر على الضغوط البيعية والشرائية المحيطة بأسهمه، لافتًا إلى اتسام آلية الإقراض بغرض البيع بمخاطر عالية يمكن تصنيفها على كونها «للكبار فقط».
وتوقع سامي أن تستغرق منظومة إعداد القواعد والتعديلات المطلوبة على اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال فترة زمنية ليست قصيرة، قبل إطلاقها رسميًّا بالسوق.
ومن جهته، طرح أحمد إكرام، نائب مديرعام بالبنك المصري الخليجي، حزمة من التساؤلات والمخاوف المتعلقة بتفعيل الآلية الجديدة التي شارك هو بشكل مباشر في الدراسات المرتبطة بتفعيلها منذ البدايات.
وقال إكرام إن السوق تدرس تطبيق نظام «short selling» منذ نحو 20 عامًا حتى الآن، والنظام المرتقب تفعيله يعد النموذج الطبيعي المتبع بأسواق المال المتقدمة، وهو التسليف المباشر عن طريق شركات السمسرة وأمناء الحفظ، متسائلًا عن مدى القدرة على تطبيق هذا النموذج في ظل عدم بلوغ السوق المحلية مرحلة النضوج والتطور التي بلغتها تلك الأسواق.
وأوضح أن نظام تسليف الأسهم عبر وعاء مركزي مخصص لذلك، كان بمثابة النموذج الأنسب لطبيعة وظروف السوق المحلية كسوق ناشئة، لقياس قدرة السوق على التحول للنظام العالمي المستهدف تفعيله حاليًا، بغرض الكشف أيضًا عن كل نقاط الضعف التي قد تظهر في التطبيق تحت رقابة مركزية تسهل السيطرة على الآلية الجديدة التي تتسم بارتفاع المخاطر.
وأشار إلى أن «مصر للمقاصة» وفقًا لسابقة أعمالها منذ بداية نشاطها حتى الآن، كانت هي الجهة التي تتحمل تطبيق أغلب الآليات الجديدة في السوق، لما تتمتع به من إمكانيات وخبرات متميزة تؤهلها للقيام بدور محوري في نظام الـ»short selling».
وأشار إلى أن هناك تساؤلات متعددة تتعلق بآلية تفعيل النظام، على صعيد الأنظمة التكنولوجية المطلوبة بالشركات، وأسلوب الرقابة المتبع في الكشف عن قدرات العميل وأرصدته وحسابات الإقراض بالشركات، فهل سيتم الاكتفاء بالتقارير اليومية أو سيكون هناك نظام ربط آخر يسمح بإحكام السيطرة على أي خلل في المنظومة، مثل سيطرة عميل على سوق الإقراض بإحدى الأوراق، والذي كان من المستحيل حدوثه وفقًا لنظام «وعاء التسليف».
وأوضح أن خبراء دوليين شاركوا في تقييم فكرة «وعاء التسليف» ممن شاركوا أيضًا في دراسات تفعيل آلية الشراء والبيع في ذات الجلسة «same day trade» وصندوق ضمان التسويات, لافتًا إلى أنهم في البداية لم يستوعبوا الفكرة التي استهدفت فلسفتها التفعيل التدريجي لنظام «short selling» كسوق ناشئة، إلا أنهم في النهاية أيدوا تحرك الرقابة المالية في هذا الاتجاه.
وأشار إلى أهمية وضع برامج تدريب مكثفة وأنظمة تكنولوجية متطورة في التنفيذ والربط الداخلي والرقابة، خاصة أن من سمات الآلية الجديدة أنها تستخدم في حالة تراجع السوق، ولكنها قد تزيد من حالة التراجع حال عدم وضع الآليات الرقابية والتكنولوجية اللازمة، لافتًا إلى أن شركات السمسرة بتفاوت قدرتها ستسعى بقوة للمشاركة.
ومن جانبه طرح مصدر وثيق الصلة وأحد المشاركين في دراسات تطبيق آلية الاقتراض بغرض البيع في نسختها السابقة، عدة تساؤلات حول مدى إحكام الرقابة على العمليات بعد التفعيل في ضوء النظام الجديد والذي سيتيح لشركات السمسرة التعامل بشكل مباشر كوسيط بين أطراف العملية، وفي مقدمتها سؤاله عن الجهة المنوطة بتحديد الكميات المسموح بإقراضها واقتراضها على نفس الورقة المالية.
كما أبدى قلقه من ضعف البنية التكنولوجية لدى أغلب الشركات، علاوة على متطلبات الربط الإلكتروني، التي كانت «شركة مصر للمقاصة» ستتولى دورها في النظام القديم -وعاء التسليف-، كبديل مركزي لأمناء الحفظ تبعًا لنص اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال في صورتها الأولى بالمواد المنظمة لتفعيل آلية الاقتراض بغرض البيع.
وأوصى بتسريع وتيرة إعداد وصدور الضوابط المنظمة، لبدء التطبيق الفعلي لهذه الآلية التي تسعى السوق المحلية لتفعيلها منذ أكثر من 10 سنوات، رغم صدور العديد من القرارات التي حملت صيغًا تنفيذية للمضي في الإجراءات السابقة للتشغيل على مدار هذه الفترة.
ومن جهته طرح أيمن صادق، العضو المنتدب لشركة مباشر لتداول الأوراق المالية، حزمة تساؤلات أخرى تتعلق بحدود نفاذ شركات السمسرة للأسهم المتاحة للإقراض، هل ستعتمد فقط على قاعدة عملاء شركات الوساطة وفقًا للنظام الجديد لتفعيل الآلية، أم ستتيح إمكانية التعامل علي أرصدة أخرى سواء عبر الربط مع باقي الشركات أو من خلال أمناء الحفظ؟
وأشار صادق إلى أن فكرة تسليف الأسهم بغرض بيعها، تعتمد على توافر المستثمرين طويلي الأجل ممن لديهم الرغب في تأجير أسهمهم مقابل عائد محدد، فيما تقوم شركة السمسرة أو الجهة التي ستؤجرها بإعادة توزيعها وفقًا لاحتياجات العملاء على غرار نظام الادخار والائتمان بالبنوك، مما يتيح استفادة أكبر من الآلية المرتقبة للشركات التي تتمتع بقاعدة كبيرة من العملاء بهذه الفئة.
ولفت إلى أهمية دور أمين الحفظ بهذه المنظومة بالأسواق الأجنبية، مع إمكانية فتح المجال للشركات وأمناء الحفظ في عرض الأسهم المتاحة للاقتراض، لافتًا إلى أنه غير واضح حتي الآن مدى وجود وسيط بشري في خطة التفعيل، حيث إن النظام المقترح سابقًا –وعاء التسليف– كان يعتمد على المركزية والتدخل المباشر، في حين يجب أن تبدأ الشركات في تجهيز أنظمتها في حال استقرار «الرقابة المالية» على أنظمة الربط اللحظي والتفعيل الإلكتروني للآلية دون تدخلات بشرية.
وحول الملامح الرئيسية لضوابط الترخيص لشركات السمسرة للعمل بالآلية الجديد، والتي كشفت عنها الهيئة لـ«حابي»، قال صادق إن الضمانة المالية للتعامل بآلية «short selling» من الأفضل أن تكون أقل من المشترط عليها بنظام الشراء الهامشي، على أن يتم إحكام كفاءة التنفيذ عبر اشتراطات تتعلق بالكوادر المؤهلة للتعامل عليها.
وأضاف أن الفترة المقبلة ستشهد عقد دورات تدريبية متخصصة في التعامل بهذه الآلية طالما سيتم منح رخص للشركات، مطالبًا باستقطاب خبرات عربية ودولية لتدريب الكوادر بمصر، علاوة على الاستعانة بالخبرات المحلية التي لديها باع في التعامل بالأسواق العالمية .
وقال صادق: «لست متخوفًا من تفعيل الآلية بصورتها الجديدة، فأغلب أسواق العالم تتعامل بآليتي المراهنة على التسعير «T+0» و «SHORT SELLING» في حين تتعامل السوق المصرية بالأولى فقط، والتي تعتمد على تفاؤل السوق، في حين يفشل المستثمر في الاستفادة من فترات الهبوط في ظل غياب الثانية».
وأكد أن توافر الآليتين سيساهم في حفاظ السوق المحلية على أحجام التداول عند مستويات مرتفعة معظم الوقت، كما سيساهم في تحجيم الهبوط الحاد في أسعار الأسهم المتداولة في حالات كثيرة.
ومن جانبه، أكد محمد فتح الله، العضو المنتدب لشركة بلوم لتداول الأوراق المالية، أن السوق تترقب بداية قوية لتفعيل آلية الاقتراض بغرض البيع «SHORT SELLING» بعد سنوات طويلة من الانتظار، كما ستخلق هذه البداية بعدًا جديدًا للاستثمار في الأسهم، في ظل تزايد جدوى الاستثمار طويل الأجل كنوع من الادخار الذي يحقق عوائد متنوعة منها عوائد تسليف الأسهم، إلى جانب الكوبونات والارتفاعات السعرية في القيمة السوقية للأسهم.
وأشار إلى أن الآلية المرتقبة تحمل مكاسب لكل الأطراف، المقرض والمقترض، والأتعاب التي ستحصلها الشركات وأمناء الحفظ، وكذلك الرسوم التي ستتقاضاها الهيئة، كما ستضفي قدرًا من المنطق على حركة التدول بالسوق.
وأوضح فتح الله أن «SHORT SELLING» يساعد على تحجيم القوى الشرائية غير المبررة في بعض الأوقات، كما يساهم في خلق قدر عالٍ من التوزان في التعاملات، ويضاعف من أهمية الدراسات والتحليلات المالية والفنية، التي تحدد القيم العادلة للأسهم ومستهدفاتها السعرية .
وأشار العضو المنتدب لشركة بلوم، إلي أن التحول عن الفكر السابق لتفعيل الآلية، يتطلب من الهيئة عقد نقاشات واسعة مع أطراف السوق للإجابة عن تساؤلاتهم حول النظام الجديد، والاستماع لكل الآراء والمخاوف المتعلقة بها، كما طالب بتنظيم بعثات للأسواق العالمية، لمقابلة القائمين على الآلية والتعرف على أهم المشكلات التي واجهتهم في بدايات التفعيل، وتوصياتهم للسوق المصرية في هذه المرحلة.