قطاع التأمين على موعد مع طرق جديدة للنمو
تكامل المنتجات متناهية الصغر ومنها التأجير والتمويل يفتح بابًا واسعًا للانتشار.. والتكنولوجيا تزيد الأمر سهولة
الشركات المتخصصة في تأمينات السيارات الأقرب للظهور بعد التأمين الطبي
هناك فرصة لاستقبال لاعبين جدد ولكن بشرط تمثيلهم لمؤسسات عالمية.. والهيئة تعمل على دراسة الحاجة لشركة إعادة تأمين
دعم كبير للكيانات الصغيرة وشروط رأسمال ميسرة.. وتقوية الشركات الأكبر بقواعد رأسمالية تعالج فجوة تحرير أسعار الصرف
كل الدعم الفني والتقني لإعداد الدراسات السوقية الخاصة بشركة إعادة التأمين الوطنية.. ونرحب بأي مبادرات من المستثمرين سواء بمساهمات محلية أو دولية
فرع الحياة نما في السنوات العشر الأخيرة بمعدل سنوي مركب 17% وهو من أعلى المعدلات على مستوى العالم.. والممتلكات 12% ، ومتوسط الفرعين 12% .. ونتوقع الاستمرار
حول تجربة أليانز وأكسا:
شراء حصص في الشركة الإفريقية لإعادة التأمين قرار استثماري بحت تحدده الشركات العاملة بالسوق
صندوق حماية حقوق حملة الوثائق يستقطع أمواله من كامل محفظة الأقساط المباشرة وليس من الجزء المحتفظ به
مخاطبة مؤسسات عالمية عبر جمعية الخبراء الإكتواريين الإنجليزية لإعداد جدول الحياة المصري.. والإمارات كمثال تعاقدت مع ميونيخ ري
تطوير معايير الملاءة المالية ومفهوم التجانس بين طبيعة الأصول والالتزامات.. وإعادة تنظيم بعض المهن الموجودة بالسوق
متوسط ربحية القطاع زادت من مليار جنيه في 2013 إلى نحو 4 مليارات في 2017
تبسيط وثائق موحدة بتسعير تنافسي للوصول إلى شرائح أكبر بمزايا تصل إلى خفض رسوم الإشرف والتطوير.. والتأمين الإجباري على السيارات نموذجًا
التأمينات الزراعية والمباني الحكومية وأخطار السيول والتعاملات النقدية .. فرص وأهداف قومية
وزارة التربية والتعليم تقترب من صندوق حكومي للتأمين على الطلاب ونفس الشيء للتعليم الأزهري.. والعالي وثيقة جماعية
أحمد رضوان
على طريق توسيع قاعدة المتعاملين مع قطاع التأمين، تسابق هيئة الرقابة المالية الزمن لتنفيذ نصيب القطاع من الاستراتيجية القومية الخاصة بإتاحة ونشر الخدمات المالية غير المصرفية، وفي حوار أجرته جريدة «حابي» مع الدكتور هشام رمضان مستشار رئيس هيئة الرقابة المالية لشؤون قطاع التأمين، عن آخر تطورات السوق وخطط الهيئة تجاهه، تحدث د. رمضان عن سلسلة واسعة من المحاور التي ينتظر أن تساهم في إحداث تطور ملموس في حجم عمليات القطاع وسهولة وصول خدماته لشرائح أوسع من المستهدفين وتحديدًا على مستوى غير المتعاملين مع أسواق الخدمات المالية.
دار الحوار حول أهداف استراتيجية عمل الهيئة على مستوى شركات التأمين بمختلف فروعها، والتأمين متناهي الصغر، وآخر خطوات إعداد جداول حسابية خاصة «إكتوارية» لضبط تسعير واحتياطيات نشاط التأمين على الحياة، والتغطيات الكبيرة وفي مقدمتها التأمين على الطلاب، والمباني الحكومية، وتغطية أخطار الكوارث الطبيعية.
كما تطرق الحوار إلى فرص النمو الجديدة لسوق التأمين والمرتقب أن تفتحها أنشطة مالية أخرى مثل التأجير متناهي الصغر، وآخر مناقشات إنشاء صندوق لحماية حملة وثائق التأمين، وإعادة تنظيم المهن المرتبطة بالسوق، وأساليب الحفاظ على مراكز مالية قوية للشركات، خاصة مع التوسع في الاستعانة بالتكنولوجيا والمدفوعات الإلكترونية، وغيرها من الملفات التي تم التطرق لها في الحوار الذي بين أيديكم.
حابي: بداية، من المهم إلقاء الضوء على الأهداف العامة التي تتحرك إليها هيئة الرقابة المالية فيما يتعلق بجميع الإجراءات والقرارات التي تتخدها وتخطط لها لسوق التأمين على اختلاف فروعه وأنشطته وكياناته؟
د. رمضان: قطاع التأمين ونشر خدماته أحد محاور الاستراتيجية القومية للقطاع المالي غير المصرفي أحد محاور الشمول المالي والتي تستهدف بصورة عامة إتاحة الخدمات المالية بسهولة لجميع أفراد المجتمع، وتوفير مختلف وسائل الوصول بهذه الخدمات لمختلف الشرائح، وبالتالي تسعى الهيئة إلى توفير جميع خدمات القطاعات التي تشرف عليها لشريحة عريضة من المجتمع، وتحقيق التكامل بين هذه الخدمات.
على سبيل المثال، خطط إتاحة التمويل متناهي الصغر وهو ملف مهم وحيوي بالنسبة للأفراد، تحتاج إلي حماية تأمينية مناسبة لهذا النوع من التمويل وتساعد على انتشاره بأقل قدر من المخاطر، نفس الشيء بالنسبة لنشاط التأجير التمويلي الذي تستحدث الهيئة أيضًا ضوابط وتشريعات خاصة لأداة مرتبطة به وهي التأجير متناهي الصغر، ليساعد أصحاب المشروعات متناهية الصغر على العمل والنمو بسهولة وما لذلك من مكاسب على مستوى الاقتصاد الكلي وخفض نسب البطالة.
بالتالي، تظهر خدمات التأمين متناهية الصغر لإكمال هذه الأنشطة ومساعدتها على الرواج، وتستفيد منها أيضًا كفرص لتنمية أنشطة التأمين في اتجاهات جديدة بعيدة عن دائرة المنافسة التي تنشط بين الشركات.
حابي: طبيعة نشاط التأمين ومفرداته وشروط وثائقة ربما تكون في حد ذاتها عائقًا أمام نشر خدماته، كيف ستعالجون هذه المشكلة إذا ما أردتم استهداف شريحة عريضة من المجتمع بوثائق منخفضة التكلفة أو متناهية الصغر؟
د. رمضان: تسعى الهيئة إلى تحقيق تكامل بين أنشطة التمويل والتأجير متناهي الصغر والتأمين متناهي الصغر، وبالتالي هناك سوق واضح لأحد مجالات هذا النوع من التأمين، مرتبط بتغطية مخاطر تعثر عملاء هذه الخدمات المالية في حالات بعينها، وبناء على الخدمات المحددة والسوق الواضحة، سيتم اصدار وثيقة موحدة تتسم شروطها بالبساطة والسهولة وبتسعير تنافسي.
التأمين الإجباري على السيارات هو أحد المنتجات التي يمكن القياس عليها، فشروطه متطابقة بين الشركات ووثيقته موحدة، وله جدول تسعير، ورغم ذلك تتنافس الشركات على تقديمه في مكاتب المرور ويستطيع كل منا أن يرى ذلك بوضوح عند تجديد رخصة سيارته..
بالتالي نسعى إلى تكرار هذا النموذج على مستوى التأمين متناهي الصغر عبر وثائق متاحة لمختلف الفئات.
ولزيادة تنافسية هذه المنتجات وللمساعدة في نشرها، ستعمل الهيئة على منحها بعض المزايا ليكون سعرها أكثر قبولًا من الجمهور، مثل إعفائها من رسوم الرقابة والإشرف والتطوير وفقًا للتعريفات والقواعد التي ستحددها الهيئة.
حابي: ما هو الملف الثاني الذي تعمل عليه الهيئة بجانب محور نشر خدمات التأمين كأحد محاور استراتيجية الشمول المالي؟
د. رمضان: المحور الثاني هو حماية حقوق العملاء بالصورة التي تضمن التوسع في خدمات التأمين بأكثر قدر من التحوط، وأحد آليات ذلك هو تأسيس صندوق ضمان حقوق حملة وثائق التأمين وفقًا لما نص عليه القانون 10 لسنة 1981 المنظم لعمل القطاع، والذي يوفر حماية من مخاطر تعثر الشركات.
الصندوق سيكون له مجلس إدارة ممثل للشركات ولحملة الوثائق، وسيتم تحديد مبلغ عضوية سنوي في حدود 50 ألف جنيه لكل شركة، ونسبة من إجمالي الاكتتابات حسب حصة كل شركة، وبحد أقصى سيتم تحديده.
خلال فترة وجيزة سيتم الانتهاء من المناقشات الدائرة بين الرقيب والسوق حول النظام الأساسي للقانون، لا خلاف حول المبدأ، ولكن هناك مناقشات حول بعض التفاصيل الخاصة بنظام الصندوق واشتراكاته.
حابي: أحد الأسئلة المهمة المرتبطة بتحصيل نسبة من اكتتابات الشركات هو هل سيتم استقطاعها من إجمالي عمليات الشركة في التأمين المباشر، أم الجزء الذي تحتفظ به من الأقساط، فكما تعلم هناك جزء من العمليات يتم إسنادها لشركات خارجية «إعادة التأمين».. هل سيتم سداد رسوم عن هذا الجزء أيضًا؟
د. رمضان: النسبة ستحسب على 100 % من اكتتابات الشركة وليس على الجزء المحتفظ به فقط، ما زالت شركة التأمين حتى لو أعادت 99 % من عملياتها للخارج، هى المسؤولة أمام الرقيب وأمام العميل عن حقوقه.
حابي: هذا الرد القاطع يشير إلي أن الأقساط التي ستحسب عليها نسبة مستحقات أو اشتراكات الصندوق أحد محاور النقاش الدائر حاليًا مع الشركات؟
د. رمضان: بالفعل، وأكدنا أن الشركات مسؤولة أمام عملائها عن حقوقهم وهي التي تقوم بتوظيف هذه الحقوق وتوزيع جزء من الأقساط في الأسواق العالمية أيضًا.
الهيئة تتخذ كل الإجراءت لضمان حقوق حملة الوثائق، وفي السنوات الأخيرة سمعنا عن شركات عالمية واجهت عثرات مالية وبعضها طلب مساعدات من حكومته، كما أن تصنيف شركات إعادة التأمين يتأثر بتصنيف دولها، وأيضًا في السنوات الأخيرة شهدت تصنيفات الكثير من الدول تغيرات ملموسة.
حابي: ننتقل إلى بقية أهداف هيئة الرقابة المالية وخططها تجاه قطاع التأمين، بعد ملفي نشر الخدمات متناهية الصغر وحماية حقوق حملة الوثائق، ما هو الملف الثالث الذي تعمل عليه الهيئة؟
د. رمضان: التغطيات التي تشمل شريحة واسعة من أفراد المجتمع أو تغطي أصول ضخمة مملوكة للشعب هو الملف الثالث، نعمل بقوة على ملف التأمين على طلاب مصر وقطعنا شوطًا مهمًّا في اتجاه التنسيق مع الجهات المشرفة على تنظيم العملية التعليمية ممثلة في وزارتي التعليم والتعليم العالي، ومشيخة الأزهر فيما يخص التعليم الأزهري بمرحلتيه الأساسية والعليا.
وستشمل هذه التغطيات بجانب مخاطر الوفاة والعجزين الكلي والجزئي، مخاطر الإصابات الناتجة عن ممارسة الأنشطة الرياضية وتغطية تكاليف العمليات الجراحية، وفقًا لاحتياجات هذه الفئة العمرية.
كما نعمل على ملف التأمين على المباني الحكومية، إلى جانب النظر في تغطيات مرتبطة بالثروة الزراعية والحيوانية، والحماية ضد الأخطار الكارثية وفي مقدمتها السيول بعدما زادت حدة خسائرها في السنوات الأخيرة.
حابي: ما هى أهم تفاصيل ملف التأمين على طلاب مصر وإلى أين وصلت خطوات هذا المشروع؟
د. رمضان: نساعد الجهات القائمة على تنفيذ المشروع الممثلة كما ذكرنا في التربية والتعليم والتعليم العالي والأزهر.
بالنسبة للتربية والتعليم تتجه الوزارة إلي إنشاء صندوق تأمين حكومي، وله مطلق الحرية في التعامل مع شركات التأمين، إما عن طريق الاتفاق معها على تغطية الحالات الكارثية، ومنها علي سبيل المثال وقوع حادثة لا قدر الله لحافلة نقل طلاب، ففي هذه الحالة تقوم شركات التأمين التي اتفق معها الصندوق بسداد التعويض في مقابل حصولها مقدمًا على جزء من الاشتراكات.
أما الأسلوب الثاني، فمن الممكن أن يقوم الصندوق بإعادة نسبة من إجمالي عملياته لدى شركات التأمين، وبالتالي تدفع الشركات نسبة من كل تعويض، مقابل حصولها على نسبة من كل قسط، ونود الإشارة هنا إلى أن تراخيص جميع الشركات المحلية تشمل ممارستها نشاط إعادة التأمين الداخلي، بمعنى قبولها عمليات من الشركات والصناديق العاملة بالسوق المحلية، وهناك شركة واحدة هي مصر للتأمين لديها رخصة ممارسة إعادة التأمين تسمح لها بقبول عمليات من داخل وخارج مصر.
حابي: وماذا عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ومشيخة الأزهر، هل ستلجآن لتأسيس صندوق أم لأداة أخرى؟
د. رمضان: وزارة التعليم العالي تتجه إلى شراء وثيقة تأمين جماعي من شركات التأمين، أما مشيخة الأزهر فتعمل على النظام الأساسي لصندوق تأمين حكومي.
حابي: بصورة عامة.. على أي أساس يتم المفاضلة بين تأسيس صندوق أو شراء وثيقة تأمين جماعية؟
د. رمضان: عناصر مختلفة، منها على سبيل المثال توافر الكوادر القادرة على إدارة الصندوق والبنية التكنولوجية.
حابي: من بين الأهداف التي تسعى إليها الهيئة إنشاء أول جدول حياة إكتواري مصري.. هل هذا الهدف من بين محاور سوق التأمين كعنصر في استراتيجية الشمول المالي؟
د. رمضان: بالتأكيد، فسوق التأمين منذ بدايته في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وهو يعتمد على الجداول الإكتوارية الإنجليزية. هذه الجداول تسرد معدلات الوفاة وفقًا للأعمار وغيرها من البنود التي يتم على أساسها تسعير وثائق التأمين وتحديد الالتزامات المستقبلية للشركات.
وبناء عليه، لم يعد من المقبول الاعتماد على طبيعة مجتمع آخر في تحديد أسلوب عمل شركات التأمين المحلية، وبالتالي، أصبح إعداد جداول إكتوارية مصرية أحد أهم المحاور التي يتم العمل عليها في سوق التأمين لتحقيق عدد من الأهداف، منها دقة حساب الاحتياطات والمخصصات الفنية في شركات التأمين على الحياة، والتسعير العادل للمنتجات بما يحقق أحد مواد لائحة قانون الإشراف والرقابة على التأمين في مادته 48 مكرر 3، والتي تنص على الالتزام بالتسعير العادل وعدم التمييز بين الشركات.
ولن يتحقق التسعير العادل إلا بتوحيد أسس التسعير بين جميع الشركات، هناك شركات تعتمد على جداول عمرها 50 سنة، وأخرى على جداول أحدث، وجميع هذه الجداول لا تعبر عن سمات المجتمع المصري وخصوصيته وخبرات الشركات في التعامل معه أيضًا.
حابي: كيف سيتم إعداد هذه الجدول، وهل من الممكن الاستعانة بخبرات خارجية عند وضعها؟
د. رمضان: ندرس التعاقد مع جهة استشارية إكتوارية دولية متخصصة، لها من الخبرة ما يسمح لها بإنشاء أول جدول حياة إكتواري مصري.
حابي: ما هي التجارب التي تنظرون إليها على غرار ذلك؟
د. رمضان: هناك تجارب مختلفة، الإمارات علي سبيل المثال تستعين بشركة ميونيخ ري لإعداد جداول حياة إكتوارية خاصة بالمجتمع الإماراتي، وهناك تجربة أخرى في رواندا لكني لا أذكر اسم الشركة التي تتولى لهم هذا الملف، وبصورة عامة سنخاطب جمعية الخبراء الإكتواريين الإنجليزية التي تقوم دوريًّا بوضع وتحديث قائمة بأسماء الشركات التي تقوم بهذه المهام حتى نتلقى منها ترشيحات.
ونفضل أن يتم وضع قائمة بشركات تمثل أكثر من سوق مثل الألمانية والأمريكية وغيرها، للاختيار فيما بينها.
حابي: تحدثت في بداية الحوار عن ما يمكن أن نطلق عليه أدوات جديدة مثل التأمين متناهي الصغر، وأيضًا عن الكثير من الخطط والتحركات المرتبطة بتوسيع السوق .. كيف سينعكس كل ذلك على ملف التشريع؟
د. رمضان: ملف التشريع من أهم محاور استراتيجية سوق التأمين، ودعنا نتذكر أن د. عمران رئيس الهيئة أكد أن عام 2018 هو عام التأمين، وهذا يفسر كثافة وتعدد المحاور المرتبطة بهذه السوق فيما يتعلق بتحديثه وتطويره ونشر خدماته بما يتناسب مع الاستراتيجة القومية للقطاع المالي غير المصرفي.
دعنا نبدأ بما تحدثنا عنه في بداية الحوار حول التأمين متناهي الصغر، الهيئة تعمل على وضع ضوابط تشريعية تسمح بتسهيل تأسيس وترخيص شركات متخصصة في التأمين متناهي الصغر، هذه الضوابط ستحمل الكثير من المزايا لهذا النوع من أنشطة التأمين وذلك على عدة مستويات منها رأس المال الذي سيكون مناسبًا لطبيعة وحجم عمل هذه الشركات، ومعايير الملاءة المالية، وإجراءات التأسيس نفسها، ومزايا للاعتماد على التكنولوجيا في الإدارة والتحصيل، وتسهيل إجراءات الانتشار الجغرافي على مستوى الفروع، وأيضًا تخفيضات في رسوم الإشراف والرقابة والتطوير.
وداخل نفس ملف التشريع، نعمل على توحيد وتحديث القوانين المنظمة للسوق بما يضمن تقوية القواعد الرأسمالية، الأسواق المحيطة بنا تعمل برؤوس أموال أضخم بكثير من السوق المصرية، وهناك فجوة كبيرة بعد تحرير أسعار الصرف بين رأس المال مقومًا بالدولار قبل وبعد التعويم ويجب سد هذه الفجوة بما يتناسب مع التزامات الشركات.
بجانب ذلك، تطبيق قواعد رأس المال المحسوب على أساس المخاطر من الأمور المهمة حتى يعبر رأس المال دائمًا عن طبيعة المخاطر التي تتحملها شركة التأمين، بجانب تطوير معايير الملاءة المالية ومفهوم التطابق بين طبيعة الأصول والالتزامات بحيث تتناسب آجال كل منها مع الأخرى.
كما يشمل ملف التعديلات التشريعية إعادة تنظيم المهن الموجودة بالسوق، خاصة على مستوى الاتحادات، ومعالجة وجود شركات تأمين تكافلي لها طبيعة عمل خاصة فيما يتعلق بتوزيع الفوائض وقنوات وطبيعة الاستثمار وأسلوب التصفية.
هناك لجنة تضم فريقًا يعمل على ملف التعديل التشريعي برئاسة الدكتور رضا عبد المعطي نائب رئيس الهيئة لقطاع التأمين، وأنا نائبًا له، وهذه اللجنة تجتمع مرة كل أسبوع.
حابي: كيف يمكن تقييم وضع السوق على مستوى عدد اللاعبين به.. وهل وصلنا لمرحلة التشبع أم أن هناك فرصًا لدخول لاعبين جدد؟ ولماذا لا يكون رفع القاعدة الرأسمالية كبيرًا بالصورة التي تفرض الاندماج بين الشركات مثلما حدث في القطاع المصرفي قبل نحو 15 عام؟
د. رمضان: حسب طبيعة النشاط، على سبيل المثال سوق الوساطة زاخر بعدد كبير من الشركات يربو على 70 شركة، أما سوق شركات التأمين المباشر بفرعيها حياة وممتلكات وبسوقيها التجاري والتكافلي فما زال هناك فرصة لاستقبال لاعبين جدد ولكن بشرط أن يمثلون مؤسسات عالمية.
السوق المحلية نجحت بالفعل خلال السنوات الأخيرة في استقطاب مجموعة من أكبر الأسماء العالمية العاملة في قطاع التأمين وما زالت ترحب بالمزيد، خاصة أن السوق لم تصل لمرحلة التشبع حتى الآن، بل على العكس، مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي الإجمالي في حدود 1 %، مقابل 2 إلى 3 % بالنسبة لأسواق الدول النامية، ومتوسط 7 % كمتوسط عالمي.
حابي: وماذا عن وجود شركة إعادة تأمين مصرية، نعلم المحاولات التي تجري لتأسيس شركة وطنية تساهم بها شركات السوق منذ سنوات، ولكن في المقابل، قرأنا قبل أيام عن استحواذ شركة إليانز العالمية على 8% من أسهم الشركة الإفريقية لإعادة التأمين، وسبقتها أكسا، إلى جانب مجموعة من المؤسسات المالية العالمية.. ألم يكن جديرًا بالسوق المحلية رفع مساهمتها في الإفريقية طالما هناك نية جادة في وجود ذراع بملكية مصرية تمارس نشاط إعادة التأمين؟
د. رمضان: الهيئة تعمل على دراسة مدى حاجة السوق لشركة إعادة تأمين مصرية، وتقدم كل الدعم الفني والتقني لإعداد الدراسات السوقية الخاصة بها، وترحب بأي مبادرات من المستثمرين لإنشاء شركة إعادة في مصر سواء بمساهمات محلية أو دولية، كما لديها الاستعداد التام للترويج لها دوليًّا.
المحاولات التي تقوم بها الشركات المحلية ما زالت مستمرة ولكن يعوقها تجميع رأس المال المناسب لنجاح الشركة، وهذا هو الوضع حاليًا، ولكن علينا النظر لبعض النقاط، من بينها أن غالبية الشركات التي دخلت السوق المصرية في السنوات الأخيرة، لها شركات أم تمارس نشاط إعادة التأمين، وهذا عنصر جوهري عند التفكير في تنافسية الشركة الجديدة المستهدف تأسيسها.
النقطة الثانية هى أن الشركة المصرية لإعادة التأمين التي تم دمجها قبل سنوات، كانت تحتفظ بنصف الأخطار محليًّا وتعيد النصف الآخر، وبصورة عامة أعتقد أن الوضع لم يتغير كثيرًا بعد دمج المصرية، أما فيما يتعلق بالمساهمة في شركة قوية قائمة مثلما قامت بعض الشركات العالمية بشراء حصص في الشركة الإفريقية لإعادة التأمين، فهو قرار استثماري بحت، تحدده الشركات العاملة بالسوق.
حابي: نعود إلى وضع السوق والتنافسية بين الشركات ومستقبل التخصصات الموجودة به، قبل سنوات كانت الشركات تمارس نشاطي الحياة والممتلكات معًا، ثم تم فصل الفرعين، وبالتزامن مع ذلك ظهرت شركات متخصصة في ممارسة التأمين التكافلي، والآن نتحدث عن التأمين متناهي الصغر.. هل من الممكن أن نرى تخصصات جديدة في السوق؟
د. رمضان: بالطبع، فبجانب شركات التأمين الطبي والتي سيتم مراعاتها في التشريعات الجديدة، من الممكن أن تظهر شركات متخصصة في ممارسة تأمينات السيارات وهذا هو الفرع الأقرب من التأمين الطبي للعمل من خلال شركات مستقلة.
فى الخارج أيضًا هناك شركات متخصصة في تأمين عمليات النقل البحري، ولكن أعتقد أنه من الصعب ظهورها قريبًا في السوق المصرية، عكس السيارات التي يمكن وضع ضوابط لتنظيم عملها في التشريعات الجديدة، إلى جانب تسهيل تحول شركات الرعاية الصحية TPA إلى شركات متخصصة في التأمين الطبي.
حابي: كيف تقيم أداء السوق في السنوات الأخيرة مع الأخذ في الاعتبار بعض العناصر مثل تعويم الجنيه على سبيل المثال والذي كان له دور في تضخم قيمة الأصول المؤمن عليها بالفعل؟
د. رمضان: سوق التأمين على الحياة نما في السنوات العشرة الأخيرة بمعدل سنوي مركب 17 % وهو من أعلى المعدلات على مستوي العالم، أما سوق الممتلكات فنما بمعدل سنوي مركب 12 %، والسوق بفرعيه حياة وممتلكات نما بمتوسط 12 %، على مستوى ربحية القطاع، فصعدت من متوسط يزيد عن المليار جنيه في 2013، إلى نحو 4 مليارات جنيه في 2017.
هذه المؤشرات التي تمتص بالتأكيد أثر التعويم، تؤكد أن السوق شديدة الجاذبية للاستثمارات الجديدة خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تشبعها في ظل ضعف مساهمتها بالناتج المحلي الإجمالي كما أشرنا من قبل، إلى جانب حاجة السوق للمزيد من المنتجات الجديدة والاعتماد على التكنولوجيا المتطورة في التسويق والتعاملات.
هناك بالفعل فرص جديدة للنمو وبناء عليها نتوقع استمرار السوق في تحقيق المعدلات السابقة وتجاوزها، وهناك أيضًا تحديات نأخذها بعين الاعتبار، من بينها ألا تنتقل المنافسة من تجويد الخدمة إلى التسعير المتدني، وهناك تحدي الاستمرار في تطوير مستوى الكوادر والكفاءات لمواكبة النمو المستهدف.
حابي: بمناسبة الحديث عن الفرص الجديدة والتحديات.. هل يمثل قانون التأمين الصحي الشامل فرصة لنمو أعمال شركات التأمين أم تحديًا؟
د. رمضان: بكل تأكيد قانون التأمين الصحي الشامل يمثل فرصة لجميع كيانات القطاع الخاص في مجالات مختلفة وليس على مستوى سوق التأمين فقط، هذا المشروع يتسم بالضخامة، ويحتاج إلى الكثير من الأدوات والشراكات، فمثلما سيوجد تعاون مؤكد مع المستشفيات ومراكز الرعاية الطبية الخاصة والأشعة والتحاليل وخلافه، سيكون هناك دور أيضًا لشركات التأمين، خاصة أن المشروع يفصل بوضوح بين التمويل وتقديم الخدمة والرقابة عليها.
حابي: بجانب مشروع التأمين الصحي الشامل والقطاع الطبي عمومًا والذي تؤكد أن به فرصًا كبيرة لنمو سوق التأمين.. ما هي القطاعات الأخرى الأكثر قدرة على تقديم فرص مماثلة؟
د. رمضان: هناك نمو كبير في القطاع العقاري يظهر بوضوح في العاصمة الجديدة والتجمعات السكنية الجديدة في محافظات مختلفة، هذا النمو بكل تأكيد يفتح في حد ذاته فرصًا لعمل وتواجد شركات التأمين بشكل مباشر، وبشكل غير مباشر يفتح لها مجالًا لتقديم المنتجات المرتبطة بالتمويل العقاري الذي نشط بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة، ومن بينها تغطية مخاطر التعثر لأسباب الوفاة والعجز، هناك نمو أيضًا على مستوى الأعمال المرتبطة بالبنية التحتية والنقل والطيران.
حابي: ذكرت خلال الحوار أن الهيئة مهتمة بالتأمينات التي تصدر في صورة مشروعات كبرى، مثل التأمين على طلاب مصر، والمباني الحكومية وأخطار السيول، والتغطيات الزراعية.. هل هناك مشروعات مماثلة أخري؟
د. رمضان: نعمل مع البنك المركزي على بناء منظومة للتأمين على التعاملات المالية الإلكترونية كأحد أشكال المساهمة في التحول إلى مجتمع لانقدي، بحيث يتم تغطية المخاطر والمسؤوليات الناشئة عن هذه التعاملات، وقامت بالفعل منذ فترة باعتماد منتجين في هذا المجال لشركتي مصر للتأمين وأيه أي جي، وجاري أيضًا تفعيل المجمعة النووية كأحد أشكال مساهمة سوق التأمين في المشروع النووي.