أحمد رضوان
لا أظنُّ أن مديرًا فنيًّا يصل بمنتخب مصر إلى المباراة النهائية في كأس الأمم الإفريقيةِ الأخيرة، ثم يعودُ بها إلى كأس العالم بعد غياب 28 عامًا، يستحق الرحيلَ قبل أن يراجع أخطاءه على أمل إصلاحها، فهو الأكثرُ دراية الآن بما يحتاجه المنتخب من شروطٍ موضوعيةٍ للخروج من مرحلة الهزيمة.
أما الحديث عن الإقالة فلا أراه سوى محاولة لتهدئة الجمهور الذي عَلَتْ آمالُهُ ثم رآها سرابًا، والدليل أن إعلان الاستغناء عن كوبر وجهازه تم دون أي إجراءاتٍ لاستبيان حقيقة أسباب الخروج المبكر من المونديال، كما يبدو أن مُتخذَ القرار أراد أن يُخلي مسؤوليته في أسرع وقتٍ ممكن قبل أن يزداد عدد سهام النقد المُصوبة إليه.
نجح كوبر في بناء فريق مستقر رغم وضع الدوري العام -البطولة المحلية الأهم- غير المستقر، والذي شهد في العامين الأخيرين تغييراتٍ غير مسبوقة على مستوى الأجهزة الفنية لأندية القمة، ولاعبيها أيضًا، وراهن على البيئة الجيدة التي تُحيط بعدد معقول من لاعبينا المحترفين والتي بكلِّ تأكيد من شأنها خلق ظروف أفضل، باستثناء لاعبٍ أو اثنين لم يشاركا بصورة أساسية مع أنديتهم.
أفضل هدّافي النادي الأهلي وليد أزارو مغربي الجنسية وهو هداف بطولة الدوري 2017/2018، وأفضل هدّافي نادي الزمالك كابونجو كاسونجو من الكونغو الديمقراطية، وأفضل هدّافي مصر للمقاصة جون أنطوي الغاني، وأفضل هدّافي النادي الإسماعيلي دييجو كالديرون الكولومبي، بالتأكيد هناك أسماء مصرية أخرى، ولكن ما هو عدد المباريات الدولية التي لعبتها حتى يتم الاستعانةُ بها في نهائيات كأس العالم؟ مراون محسن بالتأكيد لم يكن الاختيارَ الموفق، ولكن المُفاضلة كانت في مساحة ضيقة للغاية بين قائمة ليست بشديدةِ الاختلافِ عنه.
وأعتقدُ أنه لا خلافات كبيرة حول أسماء خطَّي الوسط والدفاع، ولا يوجد نجوم تم تجاهلها في هذه المراكز، نفس الشيء بالنسبة لحراسة المرمى، فالشناوي الذي لعب واحدة من أفضل مبارياته على الإطلاق -إن لم تكن الأفضل- أمام أورجواي، دخل مرماه ثلاثة أهداف أمام روسيا أولها من خطأ دفاعي لأحمد فتحي وهو أيضًا من اللاعبين الذين من الصعب أن تختلف على أهمية وجودهم في هذه المرحلةِ بالمنتخبِ.
وعلى مستوى أسلوب اللعب، لم ينجحْ كوبر في إحداث تغيير كبير على طريقة لعبه التي حافظ عليها على مدار 3 سنوات منذ التعاقد معه في 2015، وهذا وإن كان من الأمور التي تؤخذ عليه، فهذا لا يعني فقره أو عدم قدرته على تغيير طريقة اللعب طالما باتت محفوظةً وغير مجديةٍ.
نحن أمام جهاز فني خاض تجربةَ الوصولِ إلى نهائيات كأس العالم، دعونا نستفيد من الخبراتِ التي كونها ونساعده في أن يضيف إليها بما يُحقق استفادة المنتخب، لا أن نختم التجربة قبل أن تنتهي، وهي العادة التي حافظنا عليها على مدارِ سنوات الفشل في الوصول لنهائياتِ المونديال. كوبر مخطئ ولكن الإطاحة به تكرار لخطأ أكبر أراه السببَ المباشر في ابتعادنا عن كأس العالم 28 سنة.