أمين عام المصارف العربية: التكنولوجيا المالية تعيد تشكيل المشهد المصرفي

الجهاز المصرفي المصرى يتصدر الدول العربية غير النفطية من حيث الأصول ..ويحتل المرتبة الرابعة بين العرب

aiBANK

الصيرفة الإسلامية بمصر تستحوذ على 18.7% من قاعدة العملاء

التوسع في التكنولوجيا المالية يمثل فرصاً وتحديات صعبة في الوقت ذاته

E-Bank

ضعف جودة وسرعة خدمات الانترنت يعوق التوسع في الخدمات البنكية الرقمية

توسع البنوك في تمويل SME’s أحد مكملات الإجراءات الإصلاحية

بعض الدول العربية يقل فيها نسبة مستخدمى الانترنت عن 30% من السكان

30 % فقط في العالم العربى لديهم معرفة مالية مناسبة

الاتحاد يولى إهتماماً خاصاً بتحقيق التنمية المستدامة

برنامج الإصلاح أعاد الثقة في الاقتصاد المصرى وتحسن كبير في المؤشرات

البنوك المصرية أظهرت صلابة ومرونة فى مواجهة التحديات بعد تحرير سعر الصرف

نتوقع تثبيت البنك المركزى الفائدة خلال الفترة المقبلة في ضوء التضخم المحتمل بعد تقليص الدعم

إصلاحات الطاقة وتحرير الجنيه دعمت تنافسية مصر

النتائج الإيجابية عززت قدرة البنوك على تمويل المشروعات

تحول مسار السياسة النقدية إلى توسعية سينعكس على أرباح البنوك المصرية

وفرة العملة الصعبة ونمو الاحتياطي الأجنبي أبرز ثمار الإصلاح

زيادة الرافعة المالية للبنوك المصرية يشير إلى توجهها لاستثمارات منخفضة المخاطر

ارتفاع قاعدة المتعاملين مع البنوك إلي 32.8% أهم ثمار جهود «المركزى» لتطبيق الشمول المالى

260 مليار جنيه حجم نشاط المعاملات الإسلامية بمصر بنسبة 5.3% من اجمالى السوق

تراجع نسبة قروض القطاع الخاص يدل على تحفظ البنوك المصرية

أمنية إبراهيم

قال وسام فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية أن الاتحاد يولى أهمية خاصة بموضوعين رئيسيين في المرحلة الراهنة في ضوء التطورات الاقتصادية والمالية والمصرفية على الساحتين العربية والعالمية.

الأول هو التكنولوجيا المالية التي تشهد تطوراً متسارعا، ومدى تأثيرها على البنوك والعملاء والجهات الرقابية، والثانى هو التنمية المستدامة لمواكبة خطط الأمم المتحدة في تحقيق أهداف التنمية العالمية.

وأكد «فتوح» في حوار مع جريدة حابي أن الخدمات الرقمية قادرة على تغيير واجهة وشكل الخدمات المالية البنكية والوصول لشرائح أوسع من العملاء خاصة غير المتعاملين مع القطاع البنكى، لقدرتها على توفير الخدمات بشكل أسرع وأقل كلفة من الخدمات التقليدية علاوة على كونها أكثر أماناً وإتاحة للعملاء في أي وقت.

وقال الأمين العام لاتحاد المصارف العربية أنه رغم إتساع الفرص التى تتيحها خدمات FinTech أمام كل من البنوك والعملاء والجهات الرقابية، إلا أنها تخلق تحديات جديدة أهمها تغيير نطاق المخاطر عن المفهوم التقليدي.

وناقش «فتوح» رؤيته وتقييمه لتجربة الإصلاح الاقتصادى بمصر، والفرص والتحديات التي تواجه البنوك المصرية بعد الإصلاح وتحرير سعر الصرف، ومبادرات البنك المركزى للشمول المالى والمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتمويل العقارى، إضافة إلى وضع صناعة الصيرفة الإسلامية بمصر والعالم العربى ..وإلى نص الحوار.

وسام فتوح الأمين العام لاتحاد المصارف العربية

حابي: في البداية .. ما هي أهم المحاور والملفات التي يعمل عليها اتحاد المصارف العربية في الوقت الراهن، خاصة مع التطورات والتغيرات المختلفة التى تشهدها المنطقة والعالم؟

فتوح: كعادته، يواكب اتحاد المصارف العربية التطورات الاقتصادية والمالية والمصرفية عالمياً وعربياً، وعليه فإننا نولي حالياً إهتماماً كبيراً لموضوعين أساسيين.
الأول يتعلق بالتطورات الكبيرة والمتسارعة التي يشهدها قطاع التكنولوجيا المالية، وتأثيراته على البنوك والعملاء وكذلك الجهات الرقابية.
وقد أصدرت الأمانة العامة للاتحاد كتيب حول تطورات التكنولوجيا المالية في المنطقة العربية، وهو أول دليل من نوعه يصدر باللغة العربية.
إضافة إلى عقد عدد من المؤتمرات والمنتديات المتخصصة التي جمعت الجهات الرقابية وقادة المصارف للتباحث في كيفية مواكبة هذه الطفرة في قطاع التكنولوجيا.

حابي: وما هو المحور الثانى؟

فتوح: التركيز على موضوع التنمية المستدامة، وكيفية مواكبة خطط الأمم المتحدة في تحقيق أهداف التنمية العالمية، وفي هذا المجال، أقام الاتحاد عدداً من النشاطات المتعلقة بالشمول المالي، ومنها تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل أساسي.

حابي: في عصر التكنولوجيا المالية .. ما هى الصعوبات التي تواجه البنوك لإدماج عملائها في استخدام الحلول المالية عبر الأدوات التكنولوجيا؟

فتوح: تتمتع التكنولوجيا المالية بقدرة حقيقية على تغيير هيكل الخدمات المالية، وجعلها أسرع، وأرخص، وأكثر أمناً وإتاحة، خاصةً للشريحة الكبيرة من السكان التى لا تتعامل مع الجهاز المصرفي.

كما تمثل التكنولوجيا المالية وتطبيقاتها المختلفة فرصاً وتحديات في الوقت ذاته للمصارف والمؤسسات المالية الأخرى، فقد تتغير بشكل كبير طبيعة ونطاق المخاطر المصرفية عن مفهومها التقليدى نتيجة لتزايد الإعتماد على التكنولوجيا المالية.

وفي حين أن هذا التغيير قد يؤدي إلى مخاطر جديدة، فإنها يمكن أيضاً أن تفتح فرصاً جديدة للمصارف، وللعملاء، وللقطاع المصرفي بشكل عام، وللجهات الرقابية أيضاً.

حابي: تحدثت عن فرص ومخاطر للتوسع فى الخدمات المالية الرقمية واستخدام التكنولوجيا، ما هي التوصيات التى يمكن أن تدعم فرص التوسع وتقلل مخاطره؟

فتوح: يتوجب على المصارف والجهات الرقابية النظر في كيفية تحقيق التوازن بين الحفاظ على سلامة ومتانة النظام المصرفي، والتطوير والإبتكار في القطاع المالي والمصرفي.

من شأن هذه المقاربة المتوازنة تعزيز سلامة ومتانة المصارف والإستقرار المالي، وحماية المستهلك، وتعزيز الإمتثال للقوانين والتشريعات، بما في ذلك قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، دون الإضرار بالإبتكارات النافعة في الخدمات المالية، وخاصة تلك التي تستهدف الشمول المالي.

حابي: وما هي أبرز التحديات التي تواجه تفعيل التكنولوجيا المالية بالمنطقة؟

فتوح: لا يزال ضعف جودة وسرعة خدمة الإنترنت والهواتف الذكية وارتفاع أسعارها على الرغم من التغلغل الحاصل في السنوات الأخيرة لتكنولوجيا المعلومات والإتصالات، من معوقات الإنتشار الموسّع للتكنولوجيا المالية.

ورغم أن خدمات الإنترنت متاحة في جميع الدول لكن معدل انتشارها لا يزال منخفضاً في عدد من الدول العربية كالسودان واليمن والعراق وليبيا وموريتانيا وجيبوتي حيث تقل نسبة السكان الذين يستخدمون الإنترنت عن 30 %.

في المقابل، حققت دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان أعلى مستويات التقدم والإنتشار للإنترنت والهواتف المحمولة.

كما يشكّل ضعف مستوى الثقافة المالية لدى بعض عملاء المصارف العربية تحدياً أمام البنوك في عملية إدماج عملائها في إستخدام الحلول المالية الرقمية، فبحسب مؤشر ستاندرد أند بورز، لا تزال هناك إمكانات كبيرة لرفع مستويات الثقافة والمعرفة المالية في العالم العربي، إذ يمتلك نحو 30 % فقط من السكان البالغين في الدول العربية معرفة مالية مناسبة، مقابل معدل عالمي يبلغ 34 %.

حابي: ما المطلوب للنجاح في نشر ثقافة الخدمات البنكية الرقمية؟

فتوح: لنجاح مساعي المصارف العربية في تطبيق التكنولوجيا المالية، ينبغي على جميع مكونات القطاع المصرفي والمالي العربي تدريب موظفيها على آليات وتقنيات التكنولوجيا المالية نظراً لدورها في تنويع النشاط الإقتصادي وتطوير العمل المصرفي ليصبح أكثر إستجابة للحاجات المتغيرة والمتعددة لأوسع شرائح المتعاملين مع هذا القطاع الحيوي.

حابي: بعد عام ونصف من بدايتها .. ما تقييمك لتجربة ونتائج الإصلاح الاقتصادى في مصر؟

فتوح: رأينا جميعاً كيف بدأت الحكومة المصرية بتطبيق برنامج إصلاحي اقتصادي شامل منذ عام 2016، على مستوى السياسة النقدية والمالية والاقتصادية، لوضع حلولاً جذرية لمشكلات هيكلية كان يعانى منها الإقتصاد المصري.

وشمل البرنامج إصلاح منظومة سعر الصرف وإعادة هيكلة الدعم وخفض العجز فى الموازنة العامة.

نجحت الإصلاحات الاقتصادية التى طبقتها مصر في استعادة الثقة فى الاقتصاد المصري وتحقيق تحسّن كبير في المؤشرات الاقتصادية لمصر، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 5.2 % عام 2018 و5.5 % عام 2019، مقارنة بـ 2.9 % عام 2014.

وحسبما رأينا، فقد ساهمت الإصلاحات في ارتفاع إحتياطي النقد الأجنبى إلى نحو 42.6 مليار دولار فى نهاية الفصل الأول 2018، وتوافر النقد الأجنبي فى البنوك المصرية، وانخفاض العجز الأولى للموازنة إلى 1.8 % من الناتج المحلى الإجمالى في العام المالي 2016-2017 مقابل 3.5 % في العام السابق.

(أعلن وزير المالية الخميس الماضي تحقيق فائض أولي بنسبة 0.2% فى موازنة العام المالي 2017/2018، كما أعلن البنك المركزي الأربعاء الماضي نمو أرصدة الاحتياطى الأجنبي بنهاية يونيو إلي 44.256 مليار دولار)

حابي: وما رأيك في الإصلاحات الخاصة بتقليص الدعم وتحرير الجنيه؟

فتوح: دعمت الإصلاحات المنفذة فى مجال الطاقة وتحرير سعر الصرف تحسن تنافسية الاقتصاد المصرى وبيئة الاستثمار، وهو ما انعكس على الاستثمارات الأجنبية التي ارتفعت بنحو 19 % لتصل إلى 8 مليارات دولار في العام المالي 2016-2017.

حابي: ما هو تقييمك للفرص التى أتاحتها تجربة الإصلاح أمام نمو النشاط المصرفي؟

فتوح: أرى أن النتائج الإيجابية لتطبيق برنامج الإصلاح عززت قدرة البنوك المصرية على ضخ التمويلات اللازمة للمشروعات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة.

كما أن قيام وكالة «ستاندرد آند بورز» برفع التصنيف الائتمانى السيادى لمصر بالعملتين المحلية والأجنبية وإبقائها على نظرة مستقبلية مستقرة، يعكس نمو نمو الناتج المحلى وارتفاع احتياطي النقد الأجنبي، إلى جانب تنفيذ الإصلاحات التي يدعمها البرنامج مع صندوق النقد الدولى وكلها مؤشرات ونتائج إيجابية.

حابى: من وجهة نظرك .. ما هي التحديات التي تواجهها مصر في طريقها للإصلاح؟

فتوح: يبقى التحدي المالي الرئيسي في مصر فوائد الدين التي تشكل تقريباً عجز الموازنة المقدر بنحو 9.7 % من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي الماضى 2018/2017، أي ما يعادل 45.6 % من جميع الإيرادات.

حابي: ما هو تقييمك لأداء البنوك المصرية بعد إنفراج أزمة نقص العملة عقب تحرير سعر صرف الجنيه؟ وما هي أبرز الفرص والتحديات أمام البنوك بمصر في المرحلة الراهنة؟

فتوح: حققت مصر الاستقرار النقدي والمالي عبر الإصلاحات الاقتصادية التى تمت مؤخراً وبينها تحرير سعر الصرف، وأظهر القطاع المصرفي المصري صلابة ومرونة في وجه التحديات الاقتصادية والمالية التي شهدتها مصر خصوصاً بعد تحرير الجنيه خلال نوفمبر 2016.

ويحتل القطاع المصرفي المصرى المرتبة الرابعة بين القطاعات المصرفية العربية من حيث حجم الأصول، والمرتبة الأولى بين القطاعات المصرفية للدول العربية غير النفطية.

إذ بلغت الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي المصري حوالي 4.8 تريليون جنيه ما يعادل (272 مليار دولار) بنهاية عام 2017 مقابل 4.0 تريليون جنيه (217 مليار دولار) بنهاية عام 2016، وحققت نمو بنسبة 21. 5% بالجنيه المصري و25 % بالدولار الأميركي في أول عام بعد انطلاقة برنامج الإصلاح.

كما بلغت الودائع حوالي 3.3 ترليون جنيه (187 مليار دولار) بنهاية العام 2017، بزيادة 20 % بالجنيه المصري و24 % بالدولار الأميركي عن نهاية العام 2016. وبالنسبة للقروض الممنوحة للقطاعين العام والخاص، فقد بلغت حوالي 1.5 ترليون جنيه تعادل (83 مليار دولار)، وسجلت نسبة نمو 12.5 % بالجنيه المصري و16 % بالدولار الأميركي خلال الفترة نفسها.

وأخيرا،ً بلغ مجموع رأس المال والإحتياطيات حوالي 321 مليار جنيه (18 مليار دولار) بنهاية عام 2017، بزيادة 26.8% بالجنيه المصري و30.6% بالدولار الأميركي عن نهاية العام 2016.

حابى: من وجهة نظرك، كيف تعاملت السياسة النقدية فى مصر مع تطورات برنامج الاصلاح ؟

فتوح: البنك المركزي المصري قد بدأ في تحويل سياسته النقدية إلى سياسة توسعية منذ منتصف شهر فبراير 2018 عندما قرر خفض أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض.

نتوقع أن يؤدي هذا القرار إلى انتعاش أرباح المصارف المصرية خلال الفترة المقبلة، كما من المرتقب أن تستفيد المصارف من زيادة معدلات الإقراض خلال الفترة المقبلة مع خفض الفائدة، فضلاً عن إستفادتها من تراجع تكلفة الودائع، مما ينعكس إيجابياً على أرباحها.

ومن المتوقع أن يقوم البنك المركزي المصري بتثبيت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض خلال الفترة المقبلة، خاصة مع الموجة التضخمية المتوقعة من تطبيق زيادة أسعار المحروقات والكهرباء والمياه.

حابي: تحدثت عن أن البنوك أظهرت صلابة فى مواجهة التحديات بعد تحرير سعر الصرف .. ما هو تقييمك لوضع السلامة المالية للجهاز المصرفى المصرى؟

فتوح: بالنسبة لمؤشرات السلامة المالية للبنوك المصرية، فإن ارتفاع معيار كفاية رأس المال أو القاعدة الرأسمالية إلى الأصول المرجحة بأوزان مخاطر من 14.0 % بنهاية العام 2016 إلى 15.7 % بنهاية شهر مارس 2018، يدلل على متانة رأسمالية للقطاع المصرفي المصري.

كما أن ارتفاع نسبة الرافعة المالية من 4.8 % إلى 6.1 % خلال الفترة نفسها، يعكس تراجع الأصول المرجحة بأوزان المخاطر أو توجّه المصارف نحو إستثمارات منخفضة المخاطر.

أما بالنسبة لجودة الأصول، فتشير البيانات إلى انخفاض في نسبة القروض غير المنتظمة إلى إجمالي القروض من 6 % بنهاية العام 2016 إلى 4.5 % بنهاية الفصل الأول 2018.

كما أن تراجع نسبة القروض المقدمة للقطاع الخاص إلى إجمالي القروض الممنوحة للعملاء بشكل ملحوظ من 71.5 % إلى 61.8 % خلال الفترة نفسها، يدلل على تحفظ أكبر من قبل المصارف المصرية وتحسّن في نوعية أصول القطاع المصرفي المصري.

حابي: وبالنسبة لمعدلات السيولة؟

فتوح: يعد القطاع المصرفي المصري أحد أهم ركائز الاقتصاد حالياً بمعدلات سيولة ونوعية أصول وقاعدة رأسمالية جيدة ساهمت فى تجاوز العديد من الأزمات.
كما أن نسبة القروض إلى الودائع البالغة نحو 44.7 %، ونسبة الودائع إلى الأصول المقدرة بنحو 68.1 % بنهاية عام 2017، تؤكد أن السيولة كافية لتمويل المشروعات مما يساهم فى تحريك العجلة الإقتصادية في مصر.

وضمن هذا الإطار، أكد صندوق النقد الدولي، أن القطاع المصرفى المصري لديه معدلات سيولة جيدة، وقادر على تحقيق معدلات ربحية جيدة، وأن قيادة البنك المركزي المصري، مستمرة في تعزيز الأطر التنظيمية والرقابية على البنوك بتطبيق تعليمات وقواعد بازل.

كما تتنبأ وكالة موديز لخدمات المستثمرين بتوقعات مستقرة للقطاع المصرفي المصري، مع تعافي النمو الإقتصادي والتغلب على نقص الدولار، وأن يبقى أداء القروض مرناً على نطاق واسع، وإستفادة البنوك من قاعدة ودائع مستقرة.

وسيكون المحرّك الرئيسي للنمو الاقتصادي هو ارتفاع الإستثمار الأجنبي والإستهلاك المحلي والإنتعاش التدريجي للسياحة.

حابي: كيف تقيم المبادرات التى يتم طرحها لانعاش قطاعات اقتصادية بعينها مثل خفض أسعار الفائدة على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟

فتوح: تتوجه المصارف المصرية نحو التوسّع فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وفقاً لتوجيهات البنك المركزي المصري بدعم قطاع الـ SMEs، باعتبارها أحد مكملات الإجراءات الإصلاحية.

ففي خطوة إيجابية، تعمل المصارف المصرية على تنمية حجم محفظة الائتمان المخصصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى 20 % من محافظها الائتمانية، وذلك تدريجياً خلال أربعة سنوات.

كما ألزم البنك المركزي المصري المصارف بضرورة تطوير الإدارات المتخصصة في تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال وضع سياسات وإجراءات ونظم داخلية، والبدء في تجميع البيانات اللازمة لوضع نظام تصنيف ملائم لطبيعة هذه الفئة من العملاء، ذلك على أن يتم تطبيقه بحد أقصى ثلاث سنوات.

وجاءت مبادرة البنك المركزى المصرى بتخصيص نحو 200 مليار جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بعائد منخفض، لدعم تلك المشروعات وتحسين الأوضاع الاقتصادية للمصريين.

ولتخفيف أعباء التمويل عن تلك المشروعات تم اعتماد سعر عائد متناقص لا يتعدى 5 % سنوياً مقابل السماح للبنوك بخصم قيمة التمويل المباشر المقدم للمشروعات الصغيرة من قيمة الإحتياطي الإلزامي المودع لدى البنك المركزي، على أن يطبق هذا العائد على القروض الممنوحة إلى الشركات الصغيرة والصغيرة جداً.

وبالتالي، شهدت معدلات منح القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر من قِبَل البنوك المصرية ارتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الماضية وتحديداً منذ إطلاق مبادرة البنك المركزي في مطلع العام 2016.

وكشف البنك المركزي المصري مؤخراً أن محفظة التمويلات الموجهة لصالح المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر حققت زيادة كبيرة خلال الفترة من أول يناير 2016 إلى نهاية مارس 2018 بلغت قيمتها 86 مليار جنيه.

ومن المتوقع أن ترتفع خلال المرحلة المقبلة، مع اكتمال استعدادات البنوك العاملة فى السوق للتوسع فى تمويلها لتحقيق مستهدفات المبادرة التى تستهدف 200 مليار جنيه قروضاً خلال 4 سنوات، وأن تصل نسبة قروض تلك المشروعات إلى 20 % من محافظ البنوك الائتمانية.

حابي: يعتبر الشمول المالى حديث الساعة بمصر ويكثف البنك المركزى جهوده لضم أكبر قاعدة ممكنة تحت مظلة الجهاز المصرفي .. ما رأيك في نتائج تحقيق الشمول المالى؟

فتوح: زيادة قاعدة المتعاملين مع البنوك بصورة ملموسة تدلل على ثمار الجهود المبذولة، بحسب أحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي المصري والبنك الدولي، شهدت مصر ارتفاعاً ملحوظاً في ملكية الحسابات من 9.7 % عام 2012 إلى 32.8 % عام 2017.

أي أن حجم المتعاملين مع البنوك والبريد قد وصل إلى نحو 17 مليوناً، كما بلغت نسبة الشمول المالي لدى الرجال 32.7 % مقابل 27 % لدى النساء.

جاء هذا التحسن نتيجة لجهود القطاع المصرفي المصري الذي يضع الشمول المالي على رأس أولوياته لما له من دور إيجابي في تحقيق النمو الإقتصادي، وتحسين مستوى المعيشة، وتمكين المرأة، وتعزيز تكافؤ الفرص، وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والحد من الفقر وعدم المساواة.

وفى هذا الإطار، يقوم البنك المركزي المصري بقيادة عملية تعزيز الشمول المالي في مصر من خلال عدة محاور تتلخص في العمل على تهيئة بيئة تشريعية وبنية تحتية مالية مناسبة لتلبية متطلبات الشمول المالي.

إضافة إلى تحقيق الحماية المالية للمستهلك لزيادة الثقة في القطاع المصرفي، إلى جانب تطوير خدمات ومنتجات مالية تلبي احتياجات كافة فئات المجتمع خصوصاً محدودي الدخل، إلى جانب الاهتمام بالتثقيف والتوعية المالية.

حابي: ضم الشمول المالى تحت مظلته عدة مبادرات وتحركات بالسوق المصرفية المصرية .. كيف أدى ذلك لتغيير فكر وثقافة الأفراد واجتذابهم للتعامل مع القطاع البنكى؟

فتوح: أطلق البنك المركزى عدة مبادرات وتعليمات أهمها مبادرة تشجيع تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومبادرة التمويل العقاري لتوسيع قاعدة المتعاملين مع المصارف من فئتي محدودي ومتوسطي الدخل، والتعليمات المنظمة لفتح فروع صغيرة للبنوك، سعياً لترسيخ مفهوم الشمول المالي واعترافاً بدوره الاجتماعي والإقتصادي الهام في هذا النحو.

ودشن المركزى قواعد تشغيل أوامر الدفع عن طريق الهاتف المحمول، والقواعد المنظمة لتقديم الخدمات المصرفية عن طريق الانترنت، بالإضافة إلى وضع إطار تنظيمي يسمح لشركات المحمول والمصارف بالتعاون لتقديم الخدمات عبر القنوات المالية الرسمية وهو ما سمح بضم شريحة أوسع من المتعاملين.

كما تم إنشاء لجنة التثقيف المالي برئاسة المعهد المصرفي المصري وعضوية البنك المركزي المصري والهيئة العامة للرقابة المالية، ووزارة التربية والتعليم، وهيئة البريد المصري، وغيرها.

إذ تهدف آليات الشمول المالي إلي إدماج القطاع الاقتصادي غير الرسمي في القطاع الرسمي لكونه يستحوذ علي ما يتجاوز نسبة 50 % من حجم الاقتصاد المصري ككل.

حابي: وما هي خطة الاتحاد لمساعدة البنوك المصرية ونظيرتها العربية في نشر الوعى والثقافة المالية؟

فتوح: قمنا خلال العامين الماضيين بتنفيذ عدد كبير من النشاطات والمبادرات تمثلت بعقد مؤتمرات ومنتديات وكذلك دورات تدريب، سواء في مصر أو في عدة دول عربية أخرى، تمحورت حول الثقافة المالية والشمول المالي.

سعينا خلالها إلى نشر الوعي حول أهمية الثقافة المالية والمعرفة المالية كمدخل لتفعيل الشمول المالي في الدول العربية، والذي بدوره يفعّل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والانسانية في الدول العربية.

حابي: كيف ترى نشاط الصيرفة الإسلامية بمصر؟

فتوح: تشهد الصيرفة الإسلامية في الدول العربية ومن ضمنها مصر تطوراً ملحوظاً نتيجة الزيادة الكبيرة في الطلب على المنتجات المطابقة للشريعة وسعي المصارف إلى تلبية رغبات المواطنين الذين يفضّلون التعامل بهذا النوع من الخدمات المالية. في مصر يتعامل نحو 3 ملايين عميل مع المصارف الإسلامية، مستحوذين على 18.7 % من قاعدة العملاء، وبلغ عدد الفروع التى تقدم خدماتاً متوافقة مع الشريعة 232 فرعاً بنهاية العام 2017، بنسبة6.2 % من وحدات القطاع المصرفي، ومسجلاً نسبة نمو 9 % عن نهاية العام 2016.

في مصر يوجد أربعة مصارف تعمل بشكل إسلامي بالكامل، وهي: فيصل الإسلامي، والبركة، ومصرف أبو ظبي الإسلامي، وبنك ناصر الإجتماعي، بالإضافة إلى 11 مصرفاً تجارياً يملكون رخصاً لمزاولة الصيرفة الإسلامية إلى جانب النشاط المصرفي التجاري.

حابي: كم بلغ حجم نشاط الصيرفة الإسلامية بمصر وكيف ترى مستقبلها؟

فتوح: بحسب الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي، بلغ حجم الصيرفة الإسلامية بمصر بنهاية الفصل الأول من العام الجاري، نحو 260 مليار جنيه، تشكل نسبة 5.3 % من حجم السوق وبلغ حجم التمويل الإسلامي فى مصر 185 مليار جنيه بنسبة 6 % من حجم السوق.

وحققت الصيرفة الإسلامية في مصر بنهاية العام 2017 نمواً قدره 16 % لتسجل نحو 240 مليار جنيه، مقارنة بنهاية عام 2016.

وتمثل الصيرفة الإسلامية حوالي 6 % من إجمالى أصول القطاع المصرفي، كما بلغ حجم ودائع عملاء الصيرفة الإسلامية نحو 205 مليار جنيه، لتشكل 6.5 % من إجمالي ودائع عملاء القطاع المصرفي المصري.

فيما بلغت التمويلات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية نحو 180 مليار جنيه بنهاية العام 2017.

حابى: فى رأيك ما سبب ضعف نشاط المعاملات الإسلامية بمصر؟

فتوح: رغم النتائج المحققة، لا تزال الخدمات والمنتجات المصرفية الإسلامية في مصر لا تلبي كافة احتياجات العملاء، وتحتاج إلى المزيد من التطوير والابتكار سواء لقطاع الأفراد أو الشركات.

وأود أن أشير هنا إلى أهمية وجود إدارة للرقابة على المعاملات الإسلامية تابعة للبنك المركزي المصري تقوم بالرقابة على أنشطة تلك المصارف من أجل تطوير أداء الصناعة المصرفية الإسلامية في مصر.

حابي: وماذا عن الأسواق العربية؟

فتوح: أحرزت الصيرفة الإسلامية العربية تقدماً كبيراً من حيث النمو في عدد المصارف والعملاء والأصول منذ نشأتها في الستينات، ومن المتوقع أن تشهد الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية المزيد من التطور لاسيما فيما يتعلق بتحسين نوعية الخدمات وإبتكار منتجات جديدة للوصول إلى قاعدة أوسع من الزبائن وتعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية.

وتستمر المصارف الإسلامية العربية بالهيمنة على الساحة المصرفية الإسلامية العالمية من حيث عدد المصارف وحجمها، حيث يوجد 164 مصرفاً عربياً إسلامياً بالكامل، تدير موجودات تُقدر بحوالي 600 مليار دولار، أي ما يمثل نحو 20 % من إجمالي الأصول المصرفية العربية.

وأشير هنا إلى تركّز الصيرفة الإسلامية العربية في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يعمل في الدول الخليجية 48 مصرفاً إسلامياً بالكامل، وتدير هذه المصارف موجودات بنحو 557 مليار دولار بنهاية العام 2017، ما يمثل نحو 89 % من إجمالي موجودات المصارف الإسلامية العربية.

كما تستحوذ دول مجلس التعاون الخليجي على حوالي 50 % من الأصول المصرفية الإسلامية العالمية.

حابي: ما هي ابرز المؤشرات الحديثة للقطاع المصرفي العربى من حيث الأصول والودائع والائتمان وحقوق الملكية؟

فتوح: تشير التقديرات إلى أن الموجودات المجمعة للقطاع المصرفي العربي بلغت حوالي 3.35 ترليون دولار في نهاية العام 2017، بزيادة حوالي 6 % عن نهاية العام 2016، وتشكل نحو 140 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي العربي.

فيما بلغت الودائع المجمعة للقطاع المصرفي العربي حوالي 2.11 ترليون دولار (ما يعادل 87 % من حجم الإقتصاد العربي)، محققة نسبة نمو حوالي 6.8 %، وبلغت حقوق الملكية حوالي 394.5 مليار دولار بزيادة حوالي 8.2 % عن العام 2016. كما تشير تقديراتنا إلى أن حجم الإئتمان الذي ضخه القطاع المصرفي في الإقتصاد العربي حتى نهاية العام 2017 قد بلغ حوالي 1.82 ترليون دولار، وهو ما يشكل نحو 75 % من حجم الناتج المحلي الإجمالي العربي، محققاً نسبة نمو حوالي 5.1 % عن نهاية العام 2016.

وتدل هذه الأرقام على المساهمة الكبيرة التي يقوم بها القطاع المصرفي العربي في تمويل الإقتصادات العربية على الرغم من إنخفاض أسعار النفط وإستمرار الإضطرابات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية في عدد من الدول العربية.

كما تؤكد على الأهمية المطلقة والنسبية للقطاع المصرفي بالنسبة للإقتصاد العربي.

حابي: وما هى أهم فرص وتحديات نمو النشاط المصرفي فى المنطقة العربية؟

فتوح: تتمثل التحديات الرئيسية التي قد تواجه النشاط المصرفي في المنطقة العربية في المخاطر الجيوسياسية، وبطء نمو الإقراض، وارتفاع تكلفة المخاطر، وانخفاض الربحية.

لا يزال القطاع المصرفي العربي معرضاً لمختلف الصدمات على الرغم من الزيادة الأخيرة في مستويات رأس المال، أبرزها خطر التباطؤ الإقتصادي والعقاري، فضلاً عن الزيادة في أسعار الفائدة، مما يؤثر على جودة الائتمان، ويؤدي إلى زيادة القروض غير المنتظمة أو المتعثرة لدى البنوك.

وفي ظلّ تزايد المنافسة وتراجع المردودية، أصبح القطاع المصرفي العالمي والعربي بحاجة إلى التكنولوجيا المالية لضمان استمراريته، وإنطلاقاً من توجّه القطاعات المصرفية العربية نحو مزيد من التطوّر والإبتكار والسرعة والشمولية.

حابى: وما هي توقعاتكم بالنسبة لقدرة البنوك بالمنطقة على مواكبة التطور السريع؟

فتوح: ستتبنى البنوك العربية عموماً والخليجية خصوصاً المزيد من التحوّل الرقمي والتقنيات المالية الجديدة، إذ أن من المرتقب أن تخلق التكنولوجيا المالية (Fintech) ثورة في تقديم الخدمات المالية التقليدية وتُعيد تشكيل المشهد المالي.

وتعد أبرز الفرص التي تتيحها التكنولوجيا المالية للقطاع المالي والمصرفي العربي تعزيز الشمول المالي، وتوفير خدمات مصرفية أفضل وأكثر مُلائمة للعملاء، والتأثير الإيجابي المحتمل على الإستقرار المالي بسبب تزايد المنافسة، ودور التكنولوجيا الرقابية (RegTech) في تحسين عمليات الإمتثال في المصارف.

الرابط المختصر