أحمد رضوان رئيس تحرير جريدة حابي
مكاسبُ الإيضاحات العامة وإن لم تكن وافيةً أكبر كثيرًا من مكاسب ترك الأمور للتقديرات والتكهنات.. لذا، فحسنًا ما فعلته إدارةُ البورصة المصرية من طلب معلوماتٍ عن مدى ارتباط الشركات المقيدة، بشركة أبراج الإماراتية، والتي تتزايدُ الشكوك يومًا بعد يوم حول سلامة مركزِها المالي وقدرتِها على الوفاء بالتزاماتِها تجاه الدائِنينَ والمستثمرينَ.
بالتأكيد، كانت هناك مخاوفُ من تأثر السوقِ سلبًا بفكرة طلب إفصاح بصورةٍ مفاجئةٍ عن شركة غير مصرية لها أنشطة في مصر، فقد يُوحى مجرد الطلب بوجود أزمةٍ ما غير معلنة، خاصة في ظلِّ تجاهُل الكثير من الأسواق الأخرى طلب إفصاحاتٍ مماثلة من شركاتها.
ولكن.. أثبتتْ التجربة أن وضوحَ الرؤيةِ في أحيان كثيرة يُغنى عن تَدارك وفهم رؤى أصعب وأكثر تعقيدًا في مراحلَ لاحقة، وكان هذا هو تقدير عدد معقول من قيادات سوق المال الذين أشادوا بإدارة البورصة لدرجةِ أنَّ بعضهم وَصَفَ قرارها بأنه درسٌ في قواعدِ الحَوْكَمة والشفافية لأسواقٍ أخرى، وذلك في تقرير نشرته «حابي» على بوابتها الإلكترونية https://hapijournal.com.
بعد أسابيع من الآن إذا ما اشتدَّت أزمة أبراج ـوفقًا لِما تتوقعه الصحف العالمية والكثير من المحللين- سنكون أمام ثلاث حقائق.. الأولى هى أن السوق المصرية الأكثر استعدادًا وتحوطًا من تداعيات الأزمة، الثانية أنه لا مفاجآت في العلاقات بين الشركات المصرية المُقيدة بالبورصة وبين الشركة الإماراتية.
أما الثالثة فهي أن جزءًا كبيرًا من الفضل في اكتشاف ومتابعةِ أزمة أبراج، ومنع انفجارٍ مفاجئ، لا يعود لمكاتب المحاسبة القانونية الكبري، التي على العكس قد يكون لبعضها دورٌ سلبيٌّ على مستوى درجة الشفافية وطبيعة علاقاتها بأذرعها المُتشعبة في أكثر من إقليم ومكان، ولكن سيعود جزءٌ مهمٌّ من الفضل، لصحف ووكالات سلَّطَت الضوء باهتمام ودقةٍ على أزمات صغيرة إلى أن اكتشفتْ أزماتٍ أكبرَ داخل نموذج الشركة الإماراتية، وفي مقدمة هذه الصحف، وول ستريت جورنال.
نحن لا نتَّهِم شركات المحاسبة بالتواطؤ أو التجاهل المُتعمد، ولا نُنكر عليها هذا الاتهام أيضًا، فقط لا نعرف الصورةَ الكاملةَ لما حدث، وإلى أن نعرف، يجب التعاملُ بحرصٍ شديد واهتمام بالغ مع تقارير المُحاسبين القانونين خاصة التي تَتعامل مع شركاتٍ ماليةٍ واستثماريةٍ تَتَّسِمُ أعمالها بالضخامة والتَّشَعُّب على مستوى النشاط والانتشار، فربما تكون قد حذَّرت من أزمة وشيكة دون أن تحرك تقاريرها ساكنًا.. وربما تجاهلت عن عمدٍ وحينها وَجَبَ مساءلتُها.