إعداد – حابي
أثار بيان وزير التموين الدكتور علي المصيلحي بشأن التعاون مع مسئولي برنامج الغذاء العالمي بمصر لاستمرار إضافة “العناصر والفيتامينات الغذائية كالحديد” على الدقيق المستخدم في إنتاج الخبز البلدي، قلق البعض خشية أن يكون القرار غير مدروس بشكل كاف وأن يكون لمثل تلك الإضافات تأثيرات جانبية.
وبغض النظر عن أن البيان يتحدث عن “الاستمرار” بما يوحي بأن الإضافات بدأت بالفعل، إلا أن جهات صحية عالمية في دول مختلفة أكدت في مناسبات عدة أن مثل تلك الإضافات صحية، وبعضها يفرضها على منتجي الخبز بصورة إلزامية.
ولا ينفي هذا بالطبع ضرورة أن تكون تلك المواد صالحة بالفعل للاستخدام الآدمي، وأن تتم إضافتها تحت الرقابة اللازمة.
إضافة المواد إلى الطعام ليست فكرة جديدة، بحسب تقرير لصحيفة الجارديان في 2014. تقول الصحيفة :”في أوائل القرن العشرين ، أصبحت ميتشيجان أول ولاية في الولايات المتحدة تطلق حملة للصحة العامة لإضافة اليود الغذائي إلى الملح ، ونتيجة لذلك انخفضت حالات تضخم الغدة الدرقية بشكل كبير”.
وبحسب الصحيفة ساعدت إضافة الفيتامينات الاصطناعية إلى الحليب في العشرينات من القرن العشرين على تقليل حالات الكساح ، وفي عام 1956 ، طبقت المملكة المتحدة قانونًا لتعزيز كل أنواع الدقيق بالحد الأدنى من الكالسيوم والحديد والثيامين وحمض النيكوتينيك.
وتُعرَّف منظمتي الصحة العالمية والأغذية والزراعة للأمم المتحدة تعزيز محتوى الأطعمة باعتبارها “ممارسة تتضمن زيادة محتوى المغذيات الأساسية لتحسين الجودة وتوفير فائدة عامة مع الحد الأدنى من المخاطر على الصحة”.
جمعية القلب البريطانية أوصت في إحدى تقاريرها بإضافة فيتامين سي للدقيق عند إعداد الخبز، وأشارت إلى أن بعض أنواع خميرة الخبز تحتوي بالفعل على فيتامين سي، وأوضحت أنه يمكن إضافة القليل من عصير الليمون أو البرتقال لتوفير فيتامين C الطبيعي في الخبز.
وكالة معايير الأغذية في أستراليا ونيوزيلندا (FSANZ) وهي وكالة مستقلة قانونا لكنها جزء من هيئات الصحة التابعة للحكومة الأسترالية، قالت إن أستراليا تلزم شركات الأغذية بإضافة فيتامين د إلى زيوت الطعام، والثيامين وحمض الفوليك إلى دقيق القمح المستخدم لصنع الخبز، في ظل أهمية ذلك للصحة العامة.
وبحسب الوكالة هناك أيضا قائمة بالأغذية التي تلزم الشركات بإضافة بعض الفيتامينات أو المعادن إليها.
وقالت الوكالة إن قيام الشركات بإضافة الفيتامينات والمعادن إلى أنواع الأطعمة الأخرى بشكل تطوعي هو أمر ممكن، شرط الحصول على ترخيص بذلك وفقا لقانون معايير الأغذية.
واتفق المنتدى الوزاري الأسترالي والنيوزيلندي حول لائحة غذائية تسمح بإضافة الفيتامينات والمعادن إلى الغذاء إستجابة لاحتياجات الصحة الفعلية أو المحتملة للسكان.
مارك آنذ سبنسر إحدى أكبر متاجر التجزئة في بريطانيا، أعلنت في 2015 أنها ستضيف فيتامين د إلى جميع أنواع الخبز الذي تنتجه، وأوضحت أن شريحتين من خبزها ستوفر ما لا يقل عن 15٪ من الاحتياجات اليومية من الفيتامين للفرد، مما يساعد على الحفاظ على صحة العظام والأسنان.
وقالت إنها ستضيف خميرة تعرضت لضوء الأشعة فوق البنفسجية، مما يرفع محتوى فيتامين د بشكل طبيعي.
ولا يحصل الفرد على فيتامين د غالبا إلا من أشعة الشمس أو مصادر طبيعية كالأسماك والبيض.
وحظيت تلك الخطوة بدعم الجمعية الوطنية لهشاشة العظام، وقالت كلير سيفرجيني الرئيسة التنفيذية لها: “إن فيتامين” د “عنصر غذائي حيوي لا يحصل عليه الكثير من الناس للأسف، “”يعد التعرض الآمن للشمس طريقة ممتازة للحصول على فيتامين د الطبيعي ، ومع ذلك يمكن رفع المستويات من خلال النظام الغذائي”.
وبحسب تقرير لصحيفة التليجراف البريطانية تشهد بريطانيا في الوقت الحالي إضافة الفيتامينات بشكل عام فقط إلى حبوب الإفطار (مثل الكورن فليكس) والسمن وبعض أنواع الزبادي والمشروبات وحتى اللبن والماء.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن أطباء قولهم إن الدراسات أشارت إلى أن فيتامين د يساعد على تنظيم كمية الكالسيوم والفوسفات في الجسم، ويمكن أن يحمي الناس من السرطان ، ومرض الزهايمر وهشاشة العظام.
وقالت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS)، والمعهد الوطني للصحة وتفوق الرعاية في المملكة المتحدة، إنه يجب إعطاء المزيد من الناس أقراص فيتامين د.
ولفت تقرير جارديان إلى ضرورة وأهمية الإلتزام بإضافة حمض الفوليك إلى الخبز بما يضمن الحفاظ على النساء ومنع حدوث مآسي أسرية تنشأ عن تشوه الأطفال أو إصابتهم بأمراض خطيرة.
ووفقا لمؤسسة التغذية البريطانية ، يمكن للأطعمة “المحصنة” أن تكون حاسمة بالنسبة للأشخاص الذين تفتقر نظمهم الغذائية إلى الأساسيات.
وبحسب التلجراف، أشارت دراسة هولندية حديثة إلى أن النظام الغذائي عالي البروتين يمكن أن يتسبب في “إصابة كلوية مزمنة” حيث يكافح الجسم لمعالجة بروتين أكثر مما يحتاجه.
كما أثار بعض الخبراء مخاوف بشأن المصنعين الذين يضيفون الفيتامينات والمعادن لخلق “هالة صحية” حول الأطعمة التي تحتوي على الكثير من السكر والملح.
ووجد تقرير أصدرته مجموعة الأبحاث البيئية الأمريكية، أن وفرة الأطعمة التي تحتوي على الفيتامينات والمعادن المضافة، مثل حبوب الإفطار والوجبات الخفيفة ، تشكل خطرا محتملا على صحة الأطفال والنساء الحوامل عند تناولها مع مكملات الفيتامينات. ووجدت أن ما يقرب من نصف الأطفال الأمريكيين الذين تقل أعمارهم عن 8 سنوات يتناولون كميات قد تكون ضارة من فيتامين (أ) والزنك والنياسين بسبب الإضافات المفرطة في الطعام.
وتقول هيئة الخدمات الصحية الوطنية بالمملكة المتحدة، أن الجرعة اليومية اللازمة للشخص من فيتامين أ من الطعام والمكملات الغذائية يجب ألا تتجاوز 1.5 مللي جرام.
لكن بالطبع، فإن الإفراط في أي شئ حتى لو كان مفيدا يمكن أن يصبح ضارا، فقد حذرت هيئات صحية من قيام بعض الشركات بإضافة مواد للأغذية لأسباب تجارية وتسويقية بحيث يمكنهم تقديم منتجاتهم على أنها “مفيدة صحيا”، ومن ذلك إضافة البروتين إلى الآيس كريم “وهي ممارسات لم تثبت فائدتها”.