بقلم – مجدي سرحان رئيس مجلس إدارة جريدة حابي
بين حين وآخر.. يتجدد الحديث المغرض والغلوط بين عامة الناس.. عن وهم الإفلاس الذى سيؤدى إلى خراب اقتصادى كامل.. وإلى ضياع أموال المواطنين المودعة فى البنوك.. ومصادرة الدولة لهذه الأموال.. وانهيار العملة المحلية.
•• هذا الحديث
يعكس ثلاثة مؤشرات مهمة.. ننبه إلى ضرورة تعامل أجهزة الدولة معها بسرعة وجدية.. لاحتواء تأثيراتها السلبية.. ومن تفاقمها إلى حد لا تحمد عقباه.أول هذه المؤشرات يتعلق بالثقافة الاقتصادية لدى الشعب.. وهو أن هناك قطاعاً كبيراً من الناس مازال يجهل معنى إفلاس الدولة.. والظروف التى قد تدفع أى دولة لإعلان إفلاسها.. وهو ما يعنى فى أبسط صوره من الناحية العلمية أن تعجز الدولة عن سداد أقساط وفوائد ما حصلت عليه من قروض وديون.. فتضطر لإعلان إفلاسها.. لتتمكن من الإفلات من قبضة الدائنين.
•• والاستنتاج المباشر لذلك
هو أن مصر لا يمكن أن تكون مقدمة الآن على الإفلاس.. لأنها لم تعجز مطلقًا عن الوفاء بديونها.. بل إنها مازالت تتلقى المزيد من القروض فى الحدود الآمنة التى تعكس قوة جدارتها الائتمانية.. وقدرتها على السداد.. والأرقام الرسمية الصادرة من البنك المركزى تقول إن قيمة الديون الخارجية المستحقة على مصر حاليًا لا تدعو للقلق.. بدليل حصول مصر على قرض الـ12 مليار دولار من صندوق النقد الدولى.. والذى يتنافى تماما مع القول إن الدولة مقبلة على الإفلاس.. فالمؤسسات الدولية المانحة لا تعطى لأى دولة دولارا واحدا.. إلا إذا تأكدت من الجدارة الائتمانية لهذه الدولة المقترضة.. أى قدرتها على سداد أقساط وفوائد ما تحصل عليه من قروض.
•• أما ثانى المؤشرات
فهو أن المناخ العام الذى يحيط بالإصلاحات الاقتصادية القاسية التى تجريها الدولة.. مازال غير واضح المعالم.. وغير مطمئن بالنسبة للقطاع الأكبر من الشعب.. لأن أحدا لم يشعر حتى الآن ببوادر جنى لثمار هذا الإصلاح.. أو تأثير إيجابى له على حياة الناس.. بل إن ما يحدث هو العكس.. والشعب لا يشعر إلا بالمزيد من الضغوط المعيشية والغلاء والفقر وتدهور الخدمات.
ويأتى ذلك رغم ما تحقق بالفعل من مضاعفة النمو الاقتصادى خلال الفترة ما بين 2013 و2015.. إلى 4.3%، مقابل 2% إبان حكم الإخوان.. وكذلك تراجع عجز الموازنة إلى 11.7% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل 13% فى الفترة السابقة.. وهو ما يؤكد أن الدولة تسير فى الطريق الصحيح لتحقيق هدف برنامج الإصلاح الاقتصادى.. المتمثل فى رفع معدل النمو إلى 6%، وتقليص عجز الموازنة إلى 10% وخفض الدين العام لمستويات أقل من 88% من الناتج المحلى الإجمالى بنهاية العام 2018.
•• وثالث المؤشرات
يتمثل فى أن هناك أصابع مازالت تواصل العبث فى الخفاء بعقول الناس.. وخاصة البسطاء منهم.. استغلالا لطبيعة المرحلة الصعبة الحالية من برنامج الإصلاح.. ولأغراض معلومة لدى الجميع.. وهنا ننبه مرة أخرى إلى خطأ استمرار غياب «إعلام الدولة» القادر على إيضاح الحقائق ومواجهة الخطاب التشكيكى والتخريبى الذى يستهدف المجتمع.. والذي تبثه بشكل ناجح منصات إعلامية معروفة الولاء والانتماء والغرض.. تديرها وترعاها تنظيمات ارهابية في الداخل وأجهزة رسمية تابعة لدول معادية.. وللأسف أن هذه الجهات مازالت قادرة على تحقيق أهدافها الخبيثة.. في ظل ضعف وسائل وحملات المواجهة المدروسة والمخططة.