وليد زكى: بايونيرز تراهن على الصناعة

تحولنا من بنك استثمار لشركة.. لكن ليس بنموذج الاستثمار المباشر

توافر سيولة زيادة رأس مال خلال الأزمة العالمية ساعدنا على تكوين محفظة جيدة

E-Bank

2009 بداية تنفيذ خطة الشراء من السوق عبر الاستحواذ على 33% من القاهرة و 24% من «آراب داري»

مفاوضات صفقة «بلتون» استغرقت 2010 بأكمله.. وفشلها وفر سيولة لاقتناص الفرص بعد الثورة

استهدفنا الأفراد عقب أزمة أسواق المال فى 2001 لاستغلال انكماش الكبار

تابعنا على | Linkedin | instagram

الضغوط على البورصة فى 2011 ضاعفت جدوى الاستثمار بالقطاعات الأخرى مقارنة بـ«المالي»

نفذنا 90% من المحفظة المستهدفة بسوق المال.. وتعافى البورصة أوقف الباقي

ننتقي استثماراتنا بعد دراسة لدورات نشاط الاقتصاد.. وصناعة الكابلات أبرز النماذج

نسير وفقا لخطة عمل ومستهدفات محددة.. ونتجاوزها للأفضل فى أحيان كثيرة

مستمرون فى زيادة حصصنا بالاستثمارات الحالية وفقا للمعدلات القانونية

دورة التنمية فى مصر تتجه للصناعة.. والفرص شاسعة أمام من يوفر بدائل للمستورد

معدلات الطلب على العقارات مازالت جيدة لكن هدأت وتيرتها مقارنة بالصناعة

لا نفكر فى استحواذات جديدة من السوق.. وندرس الفرص المتاحة بالشركات المغلقة

التوسعات المستهدفة قد تشمل إضافة خطوط إنتاج أو تأسيس مصانع لإحداث تكامل بالشركات التابعة

زيادة رأس المال تستهدف تنمية قطاعي الصناعة والعقارات

الخدمات المالية والعقارات والإنشاء قطاعات إستراتيجية لن نتخارج منها

الاستحواذ علي شركة صناعية كبري بالكامل.. وكشف القيمة حالياً «صعب»

دورة الاستثمار فى الشركات المغلقة تستغرق من عامين إلي ثلاثة بعد الاستحواذ وقبل الطرح بالبورصة

رفع الحصص بشركاتنا أكثر فائدة إذا لم تتوافر فرص استحواذ جاذبة

نحاول تنويع الشرائح المستهدفة بشركات الإسكان التابعة..والأمر ليس سهلا

طفرة مرتقبة فى نمو الأنشطة الصناعية.. وأعتبرها محرك دورة التنمية فى مصر

القطاع الصناعى الأجدر على رفع مستوى دخول المواطنين خلال الوقت الحالى

ياسمين منير ورضوى إبراهيم

تراهن بايونيرز فى رحلتها الاستثمارية القادمة على التوسع فى القطاع الصناعي، عبر استحواذ جديد تستهدف من خلاله توفير سلعة أساسية كبديلة عن المستوردة، إلي جانب استكمال خططتها التوسعية فى استثماراتها الصناعية الحالية، وفى مقدمتها الكابلات الكهربائية.

كما تستهدف الشركة تنمية استثماراتها بقطاع العقارات والإنشاءات، عبر تنويع الشرائح المستهدفة بكل شركة تابعة بمحفظتها، علاوة على التركيز على العقارات الإيجارية على المستويين الإدارى والتجاري، لتوفير استقرار فى مستويات نمو الإيرادات والربحية.

كشف وليد زكي، رئيس مجلس إدارة شركة بايورنيرز القابضة للاستثمار، فى حوار موسع مع جريدة «حابي»، عن رحلة تحول شركته من بنك استثمار متخصص فى الخدمات المالية، لكيان استثماري يتبني منهج المستثمر الإستراتيجي لاختراق قطاعات حيوية خاصة بالصناعة والإسكان..

وليد زكي
وليد زكي، رئيس مجلس إدارة شركة بايورنيرز القابضة للاستثمار

حابي: بايونيرز شهدت عددًا من المحطات والتحولات الجوهرية في رحلتها الاستثمارية، فبعد أن كانت تركز في الأساس على خدمات بنوك الاستثمار والسمسرة في الاوراق المالية، وبالفعل نجحت في الاستحواذ على حصة سوقية جيدة بدعم من الاهتمام بتعاملات الأفراد، تحولت إلى اقتناص شركات مباشرة من البورصة، وهو نموذج انفردت به شركتكم وأهلها للسيطرة على عدد من الشركات خاصة بالقطاع العقاري والصناعي، وكان يتميز بعضها بتوافر نقدية كبيرة مثل شركة القاهرة للإسكان.
هل تحكي لنا من البداية عن هذا التحول، وخططتكم المقبلة بسوق المال؟
زكي: شركة القاهرة للإسكان نموذج قوي على الشركات ذات النقدية المرتفعة، فعندما استحوذنا عليها كانت تمتلك زيادة رأسمال حديثة بقيمة 400 مليون جنيه وكذلك أصولًا عقارية.

وقبل أن أحكي كيفية تحول بايونيرز من بنك استثمار إلى شركة استثمارية، أحب أن أؤكد أننا لسنا أيضًا شركة استثمار مباشر، فأنا لا أستثمر أموال أحد، والأموال التي يتم استثمارها تتبع بايونيرز دون وجود شركاء آخرين.

أعمل في هذا المجال منذ عام 1993، أي نحو 25 عامًا، كان التركيز فقط على مصر حتى عام 2004، ومنذ عام 2005 بدأنا في التوسع بعدد من الدول العربية منها الإمارات والسعودية والبحرين، وأبرمنا شراكات هناك في مجال الخدمات المالية، مثل إدارة المحافظ والصناديق والاستشارات المالية وغيرها من الأنشطة غير المصرفية.

وفي عام 2007 تم تأسيس الشركة القابضة، وعقبها عام 2008 زيادة رأسمال القابضة وطرحها في البورصة، إلا أن ذلك تزامن مع اندلاع الأزمة المالية العالمية، التي ضربت اقتصادات العالم بأكمله، ولكني أعتقد أننا كنا أفضل حالًا في مواجهتها مقارنة بغيرنا من المنافسين.

فقد ساعدنا توافر سيولة كبيرة بالشركة ناتجة عن زيادة رأس المال، في اقتناص فرص استثمارية وتكوين محفظة جيدة، فمع مطلع 2009 كنا قد وضعنا خطة جيدة للاستثمار وبدأنا في عمليات الشراء.

كانت البداية بشراء حصة مؤثرة بشركة القاهرة للاستثمار حتى وصلنا إلى 33%، فنحن نتوقف عند الحدود التي نص عليها القانون، فتخطي هذه النسبة يترتب عليه إجراءات أخرى مثل تقديم عرض شراء إجباري لكامل الشركة.

كما اشترينا خلال نفس الفترة حوالي 24% من شركة العربية لمنتجات الألبان «أراب داري».

وفي عام 2010 سعت الشركة لتنفيذ أكثر من صفقة، أحدها كان بقطاع الخدمات المالية ولكننا لم نوفق فيه.

حابي: هل تقصد صفقة الاستحواذ على شركة بلتون؟
زكي: نعم بالفعل، ولكن الصفقة لم تتم وأخذت وقتًا طويلًا، ولكن هناك ميزة في عدم إتمام هذه الصفقة، إنها استغرقت عام 2010 بأكمله، ما حافظ على السيولة بالشركة أثناء عام الثورة، الذي كان يعد أفضل الأوقات على الإطلاق لبناء محفظة استثمار، والتي كانت زاخرة بالفرص الجاذبة نتيجة للضغوط التي تتعرض لها الأسواق في مثل هذه الحالات.

حابي: في الفترة اللاحقة لثورة 2011، لماذا تم استبعاد القطاع المالي من صفقات بايونيرز؟ وما هي أسباب اختياركم للقطاعات التي تم استهدافها؟
زكي: عندما تحدث مشكلة نفكر جيدًا في انعكاساتها وحدود تأثيرها علينا، بهدف عدم التسرع في الاعتماد على الحلول التي تم اختبارها من قبل حتى وإن تشابهت الظروف، حتى نصل إلى القرار الاستثماري المناسب.

ففي عام 2001 كان هناك أزمة عنيفة ضربت أسواق المال، وانعكس ذلك على مصر ومختلف المؤسسات المالية حول العالم، في حين أننا عالجنا هذا الوضع بطريقة مختلفة بعض الشيء، فقد اتجهنا للتوسع في الخدمات المالية ولكن لشريحة الأفراد في ظل استحواذهم على نحو 80% من تعاملات السوق في ذلك الوقت.

وبالتالي في الوقت الذي كان تتجه فيه الشركات العشر الكبار في السوق لتقليص عدد فروعهم، توسعت بايونيرز خلال عام 2001 وحتى منتصف 2003 إلى نحو 12 فرعًا مقارنة بأربعة فقط قبل الخطة، وبالتالي استحوذت على حصة سوقية مؤثرة من تعاملات الأفراد التي أهلتها لتقوية وضعها التنافسي بالسوق المحلية.

لكن هذه الأزمة تختلف كليًّا عن 2011، فالأزمة العالمية تتسم بأن العالم بأكمله سيسعى للتعافي وسيتم ذلك في أسرع وقت، في حين أن الثورة وضع خاص بمصر، وبالتالي أدركنا أن سوق المال ستمارس عليها ضغوط كبيرة جدًّا تؤثر على عوائدنا من النشاط المالي سواء على صعيد التداول أو الاستشارات المالية، وهذا كان واضحًا في صعوبة اتخاذ قرار فتح البورصة بعد الثورة.

ومن هنا كان التفكير في التحول إلى اقتناص فرص استثمار مباشرة بالقطاعات الأخرى وليس القطاع المالي، ولكن دون أن ننكمش أو نقلل نشاطنا به.

حابي: ولكن الصفقات التي تمت بالبورصة لصالحكم بدأت قبل اندلاع الثورة؟
زكي: كان لدينا حينها نحو 900 مليون جنيه زيادة رأسمال، وتم شراء حصص في شركتي القاهرة للإسكان وآراب داري فقط.

ولكن عقب 2011 تم وضع خطة استثمارية تضم عددًا محددًا من الشركات، نفذنا نحو 90% منها، والعشرة في المئة الباقية لم تنفذ نتيجة لبدء تعافي السوق ووصول الأسعار إلى مستويات قلصت من جاذبية الفرص المستهدفة.

حابي: كم عدد الشركات التي تم الاستحواذ عليها وفقًا لهذه الخطة، وهل بلغت نسبكم فيهم جميعًا حدود 33%؟
زكي: مع نهاية عام 2012 كنا بالفعل اقتربنا من هذه النسبة في كل الشركات، والقائمة ضمت كلًا من شركة الصعيد العامة للمقاولات، والجيزة للمقاولات، والمتحدة للإسكان، علاوة على رفع نسبتنا في القاهرة للإسكان، وكذلك في آراب داري، تم رفع الحصة لأكثر من 70%، وبعد ذلك أخذنا شركة يوني باك-يونيفيرسال، وكذلك شركة الكابلات بالقطاع الصناعي.

وتم انتقاء هذه الشركات بناء على دراسات وافية، فصناعة الكابلات على سبيل المثال من أهم القطاعات التي تنشط حال وجود خطة للتنمية، وهو ما حدث بتحركات وزارة الكهرباء لتأهيل البنية التحتية ومد الكابلات لمختلف المدن السكنية والصناعية والمشروعات التي يتم تنفيذها.

خطتنا نجحت، وربحية الشركات التابعة في نمو وزيادة مستمرة، فنحن نسير وفقًا لخطة عمل ومستهدفات محددة، وفي كثير من الأحيان نحقق معدلات أفضل من المستهدف.

حابي: أي من هذه الشركات تستهدف استكمال رفع حصتكم بها؟
زكي: من الصعب الإجابة عن هذا السؤال لأنها شركات مقيدة في البورصة، وحتى إن كانت غير مقيدة فلدينا التزامات إفصاح تجاه البورصة تخص الشركة القابضة، والوضع هنا أعقد لأنه يمس القابضة وشركات أخرى متداولة، خاصة أن هذه التصريحات من شأنها التأثير على أسعار الأسهم.

ولكن بالنظر إلى نسب مساهمتنا الحالية بالشركات، نمتلك أكثر من 70% بشركة آراب داري، وأكثر من 80% من شركة يوني باك، ومثلهم في القاهرة للإسكان.

ولدينا حاليًا حوالي 42% بشركة الجيزة، وفي الشركات الأخرى حصتنا في أواخر الثلاثينات، والقانون يسمح بزيادة الحصة بواقع 2% سنويًّا، كما أن التعديلات المتداولة المرتقبة باللائحة التنفيذية الجديدة من المتوقع أن ترفع هذه النسبة إلى 5%، بما يتيح زيادة تدريجية في حصصنا، وشركاتنا واعدة وبالتالي مهتمين برفع حصصنا بها طبقًا لمتطلبات الحال.

حابي: هل بايونيرز تستهدف اقتناص شركات جديدة من السوق؟
زكي: لا نفكر حاليًا في شركات مقيدة.

حابي: ماذا عن الشركات المغلقة غير المقيدة بالبورصة؟
زكي: لا نتوقف عن الفحص.

حابي: ما هي القطاعات؟
زكي: القطاع الصناعي.

حابي: هل هناك مجالات صناعية معينة تستهدفون اختراقها أم تنوون تعظيم محفظتكم بالصناعات التي تستثمرون بها مثل الصناعات الغذائية والكابلات؟
زكي: الصفقات تستغرق فترات طويلة للتفاوض تصل إلى 7 أو 8 أشهر.

وبايونيرز لديها زيادة رأسمال، ووفقًا للأسباب المذكورة بطلب الزيادة والمرسلة بنموذج الإفصاح الخاص بها، تم إعداد نموذج بهذه الأسباب وتضمنت احتياج الشركة لسيولة لدعم قطاع الخدمات المالية، وكذلك احتياجات لتنمية القطاع الصناعي ومجال التطوير العقاري.

أما بالنسبة لخطة الشركة للتخارج من أي من الاستثمارات التابعة، فإننا نتخارج إذا توافر العرض المناسب للقطاعات التي نريد التخارج منها، فمن الطبيعي أن لدينا شركات تمارس أنشطة مهمة وتحقق ربحية جيدة، ما يجذب بعض المستثمرين للتقدم لبحث فرص شراء حصتنا، فإذا وصلنا إلى اتفاقات يتم الإعلان عنها في حينها لعدم التأثير على أسعار الشركات المقيدة.

فقطاع الخدمات المالية من القطاعات الاستراتيجية للشركة ولن تتخارج منه، وكذلك قطاع التطوير العقاري والإنشاءات.

ومن يتابع نشاطنا يجد أننا مهتمون بزيادة حصتنا بشكل مستمر في هذه الشركات التابعة، فمن غير المنطقي أن تكون الشركات التي لدينا سيطرة إدارية عليها تنمو وتحقق الخطط المستهدفة، ويتم توجيه السيولة للاستحواذ على شركات جديدة، فرفع الحصص قد يكون أكثر فائدة لنا إلا في حالة وجود فرص أكثر جاذبية، كما نسعى حاليًا لطرح شركة عقارية جديدة بالسوق وهي شركة رؤية.

حابي: يفضل لنشاط الشركات بالبورصة أن يتم المحافظة على حصة جيدة للتداول، وبعض الشركات التابعة بلغت بها حصصكم أكثر من 70 و80%، لماذا يتم رفع الحصص على حساب سيولة السهم طالما أن السيطرة الإدارية متوفرة؟
زكي: الهدف ليس السيطرة أو التحكم، فحتى بعد القرارات الجديدة الخاصة بتفعيل التصويت التراكمي فأن امتلاك 50% كفيل بمنح أغلبية بمجلس الإدارة، كما أن الاداء الإيجابي المحقق بالشركات يدعم انتخابنا لاستكمال خطط التطوير والتنمية التي وضعت.

فمنطق رفع الحصص يأتي من باب المنفعة الاقتصادية للشركة القابضة، والشركات التي تحقق أرباحًا جيدة أو تتمتع بأفق نمو وفقًا للخطط الموضوعة تكون جاذبة لرفع الحصص.

حابي: هل تعتزم شطب شركات من السوق وفقًا لسياسة رفع الحصص؟
زكي: التعديلات المرتقبة المتداولة باللائحة التنفيذية جيدة للغاية خاصة على صعيد بندين، الأول تم ذكره وهو رفع النسبة المتاح زيادتها سنويًّا إلى 5% وهو ما يساعد على ضخ سيولة في السوق، كمل يدعم اهتمام المستثمر الاستراتيجي بالشركات بحوزته.

أما الثاني فهو إمكانية تقديم عرض شراء مشروط، حيث إنه في السابق كان بعد تنفيذ عرض الشراء على كامل الأسهم بالبورصة، يتم الرجوع للمستثمر في حالة رغبته تجاه التواجد بالبورصة لتوفيق الأوضاع، هل سيتجه للشطب أم سيطرح نسبه منها مرة أخرى لتوفيق الأوضاع.

في حين أن الوضع الجديد يتعرف على رغبة المستثمر من البداية، إذا كان لا ينوي شطب الشركة يكون الحد الأقصى للاستحواذ هو 90% مع وجود تخصيص إذا تجاوزت العروض هذه النسبة، بما يضمن استمرار سيولة الشركة.

حابي: ولكن 10% فقط لا تسمح بسيولة جيدة للأسهم؟
زكي: هناك شركات كبيرة نشطة بالسوق دون ذكر أسماء يتداول منها 10% أو أقل، فالنسبة التي كانت مقررة كحد أدنى للتداول الحر كانت 5%، وتم رفعها مؤخرًا مع إلزام الشركات بتوفيق الأوضاع.

أما بالنسبة لوضع استثمارات بايونيرز، فلسنا في موضع لتوفيق الأوضاع أو تجاوز هذه النسبة، فأعلى نسبة نمتلكها هي 82%.

حابي: أيهما أفضل من وجهه نظرك.. البقاء في البورصة وما يتبع ذلك من التزامات، أم شطب الشركات وفقد ميزة سهولة الخروج والدخول؟
زكي: لا يوجد وضع أفضل من الآخر.. فنحن شركة تسعى للنمو، وخلال ذلك تجذب شراكات، ومن المهم عند هذه المرحلة أن يتوافر سهولة للخروج لتوفير المرونة الكافية للمستثمر الشريك لتسييل استثماراته إذا واجهته ظروف خاصة أو أي شيء استدعى بيع حصته، كما أنه في حالة زيادة رأس المال يكون للجميع الحق في المشاركة أو بيع حقه.

وهذا ما دفعنا للاتجاه لطرح شركة رؤية، وهي لديها أراضٍ ومشروعات وفرص نمو جيدة، وبالتالي نسعى لجذب مساهمين جدد، مع طرح جزء لزيادة رأس المال لتنميتها وضخ سيولة للتوسع.

بالفعل القيد في البورصة يتطلب مجهودًا، مرتبطًا بمراعاة كل التفاصيل والإجراءات، والالتزام بالإفصاحات المستمرة عن أي شيء، بهدف تعريف المساهمين بوضع الشركة، فإذا كانت نسبة المساهمين ضئيلة فلا يوجد سبب لتحمل هذه الأعباء، وبالتالي إما أن نحافظ على وضع سيولة جيد يتيح جذب استثمارات وسهولة الدخول والخروج، وإذا لم تتوافر هذه الرغبة يكون من الأفضل شطب الشركة.

حابي: هل الصفقات الجديدة المستهدفة بالقطاع الصناعي سيتم طرحها بالبورصة عقب الاستحواذ؟
زكي: نذهب إلى البورصة في حالة الرغبة في التخارج الجزئي، أو سعيًا لزيادة رأس المال عبر استدعاء مستثمرين من المؤسسات والأفراد، فإذا لم يتوافر أحد هذين الهدفين لا يتم اللجوء للبورصة.

حابي: هل الصفقات المرتقبة لا تتوافر فيها هذه الأسباب؟
زكي: بايونيرز لديها زيادة رأسمال توفر لها السيولة الكافية لإتمام الصفقة، علاوة على المضي في خطوات طرح حصة من شركة تابعة، فأرى أن مواردي المالية على المدى المنظور تجعلني غير محتاج إلى قيد شركة جديدة بالبورصة بهذه السرعة.

يمكن إذا أصبح لدي احتياج لصفقات أكبر في قطاعات أخرى، قد ألجأ للتخارج الجزئي من الشركة المرتقبة عبر طرحها بالبورصة، ولكن على المدى القريب الذي يمتد لنحو عامين، لا يوجد مثل هذا الاحتياج.

كما أن الشركة تقوم بعد إتمام صفقة الاستحواذ بالعمل داخليًّا على تطوير الشركة ووضع خطط للتوسع والنمو، فرؤية على سبيل المثال تم الاستحواذ عليها عام 2015 ونسعى للتخارج الجزئي عبر الطرح عام 2018، أي بعد 3 سنوات، وكذلك أي استحواذ مرتقب، سيستغرق من عامين إلى ثلاثة قبل التفكير في الطرح.

ففي رؤية أتممنا خلال فترة الاستثمار زيادة رأسمال بقيمة مليار و300 مليون جنيه نقدًا، من بايونيرز وباقي مساهمي الشركة، واستطعنا خلال هذه الفترة نكبر الشركة دون اللجوء للبورصة، لحين اكتمال النمو والوصول إلى المستوى الذي نرى عنده أن الشركة أصبحت مناسبة للطرح في البورصة، وأعتقد أن أي استحواذ مرتقب سيمر بمثل هذه المراحل لحين الوصول إلى المرحلة المناسبة، وعندها يتحدد القرار بناء على عاملين، هل نحن بحاجة لهذه الخطوة، والثاني يتعلق بهل أوضاع السوق مناسبة أم سيتم تقديم تنازل في سعر التخارج.

حابي: كم صفقة تستهدفها بايونيرز؟ وما هي القطاعات الصناعية محل الاهتمام؟
زكي: حاليًا نستهدف استحواذًا واحدًا ذا حجم كبير.

فالتوسعات المستهدفة ليس شرطًا أن تكون كلها عبر الاستحواذات، ولكن نعمل على تنمية الاستثمارات لدينا، والقطاع الصناعي على سبيل المثال، قد تتضمن إضافة خطوط إنتاج، أو تأسيس مصنع لإنتاج سلع وسيطة يتم استيرادها للعملية الإنتاجية، وغيرها من الأفكار التي تستهدف أحداث تكامل بالاستثمارات التابعة بما يساعد الشركات على النمو وزيادة الربحية.

وفي قطاع الاستثمار العقاري، هناك فرص واعدة وعروض مقدمة للشركة، ونحن مهتمون بدراسة كل الفرص، وكذلك لم نغلق الباب أمام الاستحواذات، في حال ظهرت فرص جيدة.

نرى أن القطاع العقاري كان من القطاعات التي نمت بقوة خلال الفترة الأخيرة، ونحن لدينا محفظة مميزة وتتمتع بالتنوع المناسب والانتشار الجغرافي، فلدينا شركات تمتلك أراضي في الإسكندرية وأخرى بالساحل الشمالي، وكذلك في مرسى علم والعين السخنة وغرب القاهرة، كذلك لدينا التنوع على مستوى الشرائح في الفئات الثلاثة A،B،C، وهذا يوفر قدرًا من الاستقرار إذا ما حدثت ضغوط على أي من هذه الشرائح الاجتماعية نتيجة لزيادة الأسعار.

حابي: كل شركة تابعة بالقطاع العقاري تعتبر كيانًا مستقلًا، وكل منهم معرضة لهذه الضغوط، ألا ترى أنه من الأفيد أن يتم تجميع الشركات ذات الأنشطة المتشابهه تحت مظلة شركة قابضة متخصصة؟
زكي: أولًا، إذا كانت الشركات غير مقيدة ومملوكة بالكامل لنا، سيكون هذا القرار سهلًا جدًّا، ولكن لنا مساهمون شركاء ولا نستطيع أن نقول إنهم أقلية صغيرة بل يملكون حصصًا مؤثرة في بعض الشركات، وبالتالي لا يمكن سوى التحدث باسم حصصنا المباشرة، لأنه من الصعب إقناع مساهمي كل شركة على حدة بالانضمام تحت مظلة شركة قابضة.

ولكن أنا كشركة قابضة مستقر في ظل امتلاكي التنوع بين الشرائح المختلفة التي تغطيها الشركات، وعلى المستثمر أو المساهم السعي للوصول إلى هذا التنوع بمحفظته، فهى شركات غير مغلقة ويمكن لأي مستثمر الاقتداء بمحفظة بايونيرز.

ونحن نحاول حاليًا بالشركات المقيدة، ولكن هذا أمر ليس سهلًا، نبدأ في تنويع الشرائح بداخل الشركة نفسها، مثل إدخال شركة متخصصة في الشريحة C في كونسورتيوم مع شركة أخرى تابعة متخصصة في شريحة أعلى لإنشاء مشروعات أو الاستحواذ على أراضٍ لتطويرها سويًّا، بهدف إضافة منتجات جديدة لكل شركة مستقلة بشكل تدريجي تحوطًا من أي تقلبات سوقية.

وبشكل عام أرى أن معدلات الطلب جيدة بالسوق العقارية وأنا غير قلق، لكني أرى في الوقت ذاته أن الطفرة المرتقبة ستكون بالقطاع الصناعي، ويجب أن ننتهي عن قول إن القطاع الجيد في مقابله قطاع آخر أصبح سيئًا، ولكن الوضع أن الطفرة التي شهدها القطاع العقاري هدأت وتيرتها في مقابل بدء بزوخ مؤشرات طفرة في النمو الصناعي.

وأرى أن دورة التنمية في مصر ستتجه إلى الصناعة، فلكي يجد المستثمر العقاري من يشتري وحداته، يجب أن يكون هناك حراك اقتصادي بمختلف القطاعات بما يرفع مستوى الدخول والقدرة على الادخار، وأعتقد أن القطاع الصناعي هو الأجدر على ذلك حاليًا، خاصة أنه بعد تحرير سعر الدولار وارتفاع التضخم أسفر عن فرص شاسعة لمن يقدر على خلق بديل محلي لأي من السلع التي يتم استيرادها، في ظل ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة إلى مستويات استفزازية.

وهذا الرأي ينعكس على تحركاتنا، كما أجرينا مؤخرًا زيادة في رأسمال شركة الكابلات بهدف التوسع لمواجهه ارتفاع الطلب على منتجاتها، فدورة التنمية بأكملها تعتمد على البينة التحتية، وهذا وضع اقتصادات العالم، فأنا لست خبير كهرباء ولكنه النواة لأي دورة تنمية مثلما يحدث في مصر.

حابي: هل الاستحواذات المرتقبة ستكون بنفس القطاعات الصناعية التي تستثمر بها بايونيرز؟
زكي: لا، نسعى لدخول قطاع جديد.

نحن لا نستهدف بشكل عام زيادة القطاعات التي نعمل بها، ولكن القطاع الصناعي قطاع واعد وآمن، أي لا يتعرض لتقلبات عنيفة، وسيمثل لبايونيرز شكلًا من أشكال استقرار الإيرادات بالمجموعة، باعتبارها إيرادات منتظمة ومتنامية بمعدلات معقولة.

حابي: هل سيتم الاستحواذ على كامل الشركة الصناعية أم حصة فقط؟ وما هي القيم المبدئية للصفقة؟
زكي: سيتم الاستحواذ عليها بالكامل، ومن الصعب الكشف عن القيم في هذه المرحلة لعدم التأثير علي السهم.

حابي: ما هي المجالات الصناعية التي ترشحها أن تشهد معدلات نمو كبيرة على المديين القصير والمتوسط حتى وإن كانت خارج دائرة مستهدفات بايونيرز؟
زكي: كل القطاعات في دورة التنمية من المفترض أن تتحرك، والقطاع العقاري بدأ النحرك منفردًا لأنه الأكثر مرونة على عكس خفض سعر العملة بسرعة على عكس قطاعات أخرى.

فصناعة الألبان على سبيل المثال، إذا حدث اليوم سبب ما يستدعي زيادة السعر، لن تجد كل الشركات في اليوم التالي أقرت زيادة في الأسعار، فهذه الصناعة تتسم بأن العملية التحويلية ليست بسيطة وكذلك عوامل المنافسة بها قوية.

في حين أن الكابلات تتكون من سلك نحاس مجدول ومغطى بمادة بلاستيك، والنحاس به يمثل أكثر من 95% من التكلفة، وبالتالي من السهل تعديل سعره وفقًا للأسعار العالمية للمادة الخام، فقبل الموافقة لعميل على شراء كمية من الكابلات يتم أولًا الرجوع إلى السعر العالمي وتحديث السعر قبل الصفقة، وهذه قدرة لحظية على رفع التكلفة.

وقطاع العقارات لديه قدرة تصل إلى نحو 70-80% على عكس التغير في الأسعار وقيمة الوحدات وهذا ما دفعنا للقطاع العقاري، ومن هذا المنطلق يتم ترجيح القطاعات الأكثر مرونة لعكس الأسعار وبالتالي استقرار النشاط ونموه.

حابي: هل ترى أن القطاع العقاري مهدد بحدوث ركود في المبيعات؟
زكي: الكثير يتناقل هذا الكلام، وللأسف كثرة الحديث عن السيناريو السيء قد تتسبب في تحقيقه نتيجة لبث موجة سلبية تدفع العملاء للتحفظ عن الشراء.

في بايونيرز اتجهنا لرفع استثماراتنا بالعقارات منذ عام 2012 تأهبًا لعملية تعويم العملة التي كانت أمرًا حتميًّا، وهذا القطاع قادر على امتصاص التأثير بمعدل يصل إلى 80%، وقد يكون تجاوز ذلك أيضًا على أرض الواقع.

ووصل القطاع إلى مرحلة من الاستقرار واستعادة التوازن، التي ستعيده لمعدلات النشاط التقليدية قبل الرواج، حيث تستقر ارتفاعات الأسعار وتنمو بمعدلات ١٠ إلى ١٥% سنويًّا، وتعود معدلات الربحية إلى طبيعتها دون قفزات استثنائية مثلما حدث خلال الفترة الماضية لكنه ما زال من القطاعات الواعدة جدًّا.

وعلى المطورين خلال المرحلة الحالية التركيز في سعر الأرض حتى لا يتورطوا في تكلفة مبالغ فيها وكذلك السعي لبناء وحدات مبتكرة تخاطب القدرة الشرائية بالشرائح المختلفة.

وكذلك علي العميل التأكد من سمعة الشركة التي يتعامل معها على صعيد سابقة أعمالها ودرجة الالتزام والكفاءة.

والوقت الآن أصبح سانحًا لرواج النشاط الصناعي، حتى يحدث نشاط اقتصادي حقيقي يرفع من مستوى الدخول ويوفر فرص عمل بما يضاعف من النشاط بباقي القطاعات وفي مقدمتها العقارات، التي ستستفيد من ارتفاع الطلب علي الشقق سواء بهدف الزواج أو الترقي الاجتماعي أو لأغراض الاستثمار.

حابي: ما هي الصناعات الأجدر على قيادة عجلة التنمية المرجوة؟
زكي: دون تسمية صناعة بعينها، يمكن القول إنها كل الصناعات التي تتصف بأن لها بديلًا للمستورد.

حابي: لكن مصر تستورد تقريبًا كل شيء.. ما هي المقومات الأخرى للصناعات المرشحة للرواج وقيادة النمو؟
زكي: يجب التركيز على الاحتياجات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها، والتي لا يمكن التوقف عن شرائها حتى وإن ارتفع سعرها كسلعة مستوردة.

وهذا ينطبق على المنتجات الغذائية والدواء والعديد من الأشياء الأخرى التي تستهلكها مصر بكميات كبيرة مستوردة، فإيجاد بديل للمستورد وتوفيره بسعر أقل بنسبة جيدة قادر على تحقيق أرباح استثنائية خلال هذه المرحلة.

وهذه هي المنهجية التي ارتكزنا عليها في خطتنا، وطلبنا من فريق بايونيرز تحديد هذه القطاعات والشركات العاملة بها، وتم انتقاء قطاعين تحديدًا، وبدأنا مباحثات حول أحد الفرص ونترقب حسم الصفقة قريبًا.

حابي: هل تفكرون باختراق قطاعات خدمية مثل التعليم والصحة في ظل الاهتمام الاستثماري الكبير بهما وفقًا لأغلب التصريحات، خاصة أن جزءًا كبيرًا من التكلفة الاستثمارية بالقطاعين يتعلق بالعقار والأرض وهي أصول متوافرة بشركاتكم التابعة؟
زكي: التعليم من القطاعات الواعدة وعرض علينا أكثر من فرصة وتمت دراستها، ولكن ليس لدينا النية لهذا الاستثمار حتى الآن.

كذلك عرضت علينا شراكات في مجال الرعاية الصحية والمستشفيات، لكن حاليًا نفضل التركيز في تنويع أنشطة الشركات العقارية للتوسع في العقارات الإدارية والتجارية، ولدينا حاليًا مراكز تجارية نملكها أحدهم بجوار الجامعة الأمريكية، وآخر في الإسكندرية، كما لدينا مبان مؤجرة من قبل شركات عالمية، وبالتالي نسعي حاليًا لزيادة حصتنا السوقية من الأنشطة الإيجارية، سواء للأغراض التجارية أو المكاتب الإدارية، فهذا سيوفر قدرًا جيدًا من الاستقرار في إيرادت الشركات.

ولكن على صعيد الرعاية الصحية أفضل ألا أدخلها حاليًا، وهذا يتعلق بحدود قدرتنا على الدخول في عدد محدد من القطاعات نكون ملمين بتفاصيلها.

فهناك العديد من الفرص القادرة علي تحقيق مكاسب جيدة في قطاعات مختلفة، وقطاع الرعاية الصحية من أبرزها خاصة بعد التشريعات الجديدة وقانون التأمين الصحي، ولكن الأمر مرتبط بأولوياتنا الحالية وخبراتنا التراكمية في قطاعات قائمين عليها، مهما تعرضنا لإغراءات للدخول في قطاعات جديدة، فلتحقيق أداء جيد الأمر يحتاج إلى كوادر وتركيز ومتابعة.

حابي: ما رأيك في نموذج الشراكات مع مستثمر متخصص لتولي الإدارة بالقطاعات التي تتوافر فيها الخبرات الكافية؟
زكي: في هذه الحالة أكون تحولت لمستثمر مالي، مشارك بالأرض أو العقار مقابل نسبة، وبالتالي هذه المعادلة نحسبها أنه عرض إيجاري أو مشاركة بأصل ونحسب الفرص البديلة، فهذا لا يمثل اختراقًا لنشاط الرعاية الصحية.

حابي: هل بايونيرز ترفض الدخول كمستثمر مالي بصفقاتها؟
زكي: لا نريد مشاركة أحد يملك 90% من تفاصيل الصناعة وافاجأ أنا في النهاية بنتائج الأعمال، فعندما فمقاعد مجلس الادارة لدينا مؤثرة وتعتمد على الفهم في الأساس، ومن الممكن أن نعين رئيسًا تنفيذيًّا متخصصًا لتولي القيادة بشرط أن يفهمنا الوضع بالكامل، ويضع خطة عمل ومستهدفات واضحة.

ومن المستبعد نهائيًّا أن أستثمر في قطاع بمبدأ توافر سيولة زائدة والرهان فقط على إدارة الشركات.

ونظامنا في بايونيرز أننا نجتمع في شهر نوفمبر من كل عام بإدارات الشركات التابعة، ونستغرق نحو شهر ونصف في التعرف على خطة العام الجديد، ونطلب مستهدفات الأرباح السنوية والقيمة المتوقعة لكل ربع، في حين تكون المتابعة شهرية حتى لا نُفاجأ بعد ثلاثة أشهر باختلاف النتائج عن المستهدفات، ولضمان التدخل لتعديل المسار إذا لزم الأمر، عبر توفير احتياجات الإدارة على مستوى توفير زيادة رأس مال أو كوادر متخصصة في التسويق أو غيره من المتطلبات التي تساعد على رفع الأداء.

كما نستقطب خبرات متخصصة بمجالس الإدارات، وتوسعنا منذ نحو عامين في اقتناص الكفاءات بمختلف التخصصات لتدعيم الشركات بالخبرات والمهارات اللازمة للنمو، فالشركات لا تقيم فقط بالأصول ولكن بمهارات من يقف وراءها.

حابي: قلت إن بايونيرز تركز على التوسع في القطاعات التي أصبحت تمتلك فيها خبرة خلال السنوات الأخيرة ولا تتعجل في دخول قطاعات جديدة لمجرد أنها مرشحة لتحقيق معدلات نمو كبيرة، وبالفعل توسعت في القطاع العقاري عبر الاستحواذ على حصص مختلفة بعدد من الشركات.. فلماذا لم تتوسع في القطاع الغذائي رغم دخولها فيه منذ عدة سنوات؟
زكى: طبيعة القطاعات مختلفة، وفي بعض الأحيان تتطلب بعض القطاعات إجراء توسعات داخلية في الشركات المستحوذ عليها قبل الإقدام على توسعات عبر صفقات جديدة.

كما أن حجم الأعمال المطلوب داخل كل شركة يختلف من كيان لآخر، خاصة على مستوى هيكلتها الداخلية وتصحيح مسارها الاستثماري والإداري، والتأكد من وضعها على طريق النمو المناسب لحجم استثماراتها وبالمقارنة مع الشركات المتشابهة النشاط، ووفقًا للسياسة الاستثمارية لبايونيرز.

فعلى سبيل المثال، بعد استحواذنا على إحدى الشركات العقارية منذ سنوات وجدنا إدارة الشركة تعتمد في أعمالها على التمويل الذاتي والمسبق لمشروعاتها، وهو ما يعطل توسعاتها نظرًا لعدم تسويقها لوحدات المشروع إلا بعد الانتهاء منه.

وهذا أمر يحجم فرص نموها، خاصة وأنها تستطيع توزيع تلك الاستثمارات على أكثر من مشروع لتنويع محفظتها وفتح باب حجز الوحدات بالتوازي مع إنجاز كل مرحلة من المشروع، وبالفعل بعد تعديل نظام أعمالها استطاعت تحقيق معدلات نمو كبيرة في مبيعاتها وعدد مشروعاتها.

وأرى أن متوسط الفترة الزمنية اللازمة للإلمام بتفاصيل نشاط كل شركة يصل إلى عام ونصف تقريبًا، وضمن هذه الفترة نراجع أيضًا قراراتنا بعد اختبار تنفيذها وقد نتراجع عن بعضها في سبيل تحقيق الأهداف الرئيسية والذي يعد محركها الأول هو حجم العائد على الاستثمار.

وأود الإشارة إلى أن إضافة منتج واحد جديد لشركة تعمل في مجال التصنيع الغذائي تحديدًا، تستغرق فترة زمنية تصل إلى عشرة أشهر منذ إقرار الفكرة وحتى الوصول لمنتج قادر على المنافسة.

ومن هنا تبدأ مرحلة جني الثمار وأولها رفع مستوى كفاءة المنتج الذي نقدمه والتأكد من زيادة قدرتنا على المنافسة في السوق، ثم التفكير في التوسعات الجديدة سواء على مستوى نفس الكيان من خلال إضافة مشروعات أو خطوط إنتاج أو التوسع على مستوى القطاع من خلال صفقات جديدة.

لذلك نرى أنه لا يوجد ما يستدعي التعجيل بصفقات جديدة في نفس القطاع طالما نرى أننا لا زلنا قادرين على تعظيم العائد من خلال الشركات الحالية، لأن التسرع قد يترتب عليه حالة من التشتت التي قد تقلل استفادتنا من ما تم إنجازه بالفعل، ولكننا ندرس ونبحث فرصًا عديدة باستمرار لنصل إلى الأفضل بينها.

حابي: هل تخطط بايونيرز للاستثمار في الصناعات التكميلية لنشاط تصنيع منتجات الألبان في إطار خفض تكاليف مدخلات ومراحل الإنتاج وما يتعلق بها خلال الفترة المقبلة؟
زكي: بالفعل التفكير في الصناعات التكميلية للأنشطة القائمة لدينا أمر جيد ومفيد ويعظم العائد، ولكن بعد تنفيذ ما يقرب من 80% من الخطة الاستثمارية الموضوعة لهذه الأنشطة، كما يسبقها في الأولويات حسم التوسعات الداخلية وفي مقدمتها خطوط الإنتاج الجديدة، حتى نتلافى الوقوع في أزمات التشتت.

وعلى سبيل المثال فيما يتعلق بالصناعات التكميلية للأنشطة القائمة لدى بايونيرز، فشركة يونيفرسال تعمل جيدًا وتحقق معدلات عائد مقبولة وتستهلك في أعمالها كميات كبيرة من الورق ونتحمل تكاليف كبيرة في هذا البند، ولكن لا يمكن اللجوء لشراء مصنع للورق خلال الوقت الحالي، ولكن بعد بلوغ مرحلة أقوى من النمو سنفكر في ذلك.

فطالما السوق قادرة على استيعاب طاقتي الإنتاجية المحملة بهذه التكاليف مع الحفاظ على هامش ربحية جيد ومقبول، لا بدَّ وأن أستكمل أعمالي على نفس النهج، لحين الوصول لمرحلة ما من التشبع تحتاج اكتساب ميزة تنافسية جديدة بخفض تكلفة الإنتاج عن طريق التوسع في بعض الصناعات التكميلية والمغذية، بجانب إيرادات هذه الأنشطة الجديدة.

ونحن نراهن في التوسعات الصناعية المقبلة على محور رئيسي وهو تصنيع منتجات بديلة للمستوردة، خاصة وأن سلوك المستهلك المحلي بمختلف شرائحه تغير خلال الفترة الأخيرة، وأصبح أكثر إقبالًا على المنتجات المحلية مرتفعة الجودة منذ تعويم العملة المحلية.

حابي: إمكانيات الصناعة بوجه عام في السوق المصرية محدودة سواء على مستوى الخبرات المتنوعة للكوادر أو التكنولوجيا اللازمة لتطويرها وهذا ما يدفع عددًا من المستثمرين الماليين للشراكة مع مستثمرين استراتيجين أجانب في بعض الصناعة خاصة الثقيلة.. هل تفكر بايونيرز في الإستعانة بمستثمر استراتيجي في خطة توسعاتها الصناعية المقبلة حتى وإن كانت تنتهج سياسة المستثمر الاستراتيجي وليس المالي؟
زكى: لا زال هناك فرص صناعية متعددة وبسيطة بالسوق المصرية ولا تحتاج لخبرات الأجانب، خاصة وأن مصر تستورد سلعًا كثيرة، ولكن في حال إقرارنا الدخول بإحدى الصناعات التي تحتاج مشاركة مستثمرين أجانب لهم خبرة استراتيجية فيها فلا يوجد ما يمنع ذلك في إطار تعظيم العائد من الفرصة الاستثمارية.

وما أفكر فيه خلال الوقت الراهن على مستوى التوسعات المقبلة في المجال الصناعي لا يحتاج لمشاركة مستثمر استراتيجي متخصص.

وأرى أن أهم المزايا التي قد يوفرها لي شريك محتمل على مستوى المجال الصناعي، هى فتح أسواق جديدة أمام المنتجات وليست الخبرات الفنية التي تستطيع الإدارة شراءها عبر استقطاب الكوادر المؤهلة حتى وإن كانت تعمل خارج مصر أو إضافة الآلات والمعدات الأكثر تطورًا.

حابي: على صعيد فتح أسواق جديدة أمام منتجات شركاتكم التابعة.. هل بدأت بايونيرز التحرك على اتفاق تؤمن دخولها لأسواق جديدة أم لا زالت في مرحلة التركيز على السوق المحلية؟
زكى: حاليًا لا توجد اتفاقات بهذا الشأن، ولكننا نستهدف هذا النوع من الشراكات التي ينتج عنها فتح أسواق جديدة تساهم في زيادة حجم المبيعات وتوفر عملة أجنبية بصورة كبيرة ومنتظمة.

ونرى أن الشراكات القادرة على خلق نقلات نوعية هي الأهم خاصة في ظل عدم احتياجنا للدخول في أي شراكات بغرض توفير تمويل.

فعلى مستوى صناعة الجبن -إحدى منتجات الألبان– فشركتنا التابعة «آراب ديري» تحتل المرتبة الأولى بين الشركات المحلية على مستوى حجم صادراتها للخارج، وتحتل المركز الثالث أو الرابع على مستوى مبيعاتها المحلية.

وعلى مستوى صناعة الكابلات الكهربائية، فالسوق المصرية لا زالت تتمتع بحجم طلب كبير عليها، قد يدفع اللاعبين في هذه الصناعة بالخارج للرهان على السوق المصرية في تسويق منتجاتهم، لذلك لا نحتاج فتح أسواق جديدة لمنتجاتنا من الكابلات خلال الوقت الحالي.

حابي: ما هو الموقف الحالي للقروض على مستوى ميزانية بايونيرز القابضة أو شركاتها التابعة؟
زكى: لم نتعاقد على قروض مصرفية جديدة للشركة القابضة أو أي من شركاتها التابعة بعد القرض الذي حصلت عليه شركة «رؤية» مؤخرًا.

حابي: تمتلك بايونيرز القابضة حصصًا متفاوتة بعدد من الشركات العقارية التى تحتاج لأنماط مختلفة من التمويل غير المصرفي، كما تمتلك ذراعًا استثمارية في مجال الخدمات المالية.. فلماذا لم تتوسع المجموعة حتى الآن في أنشطة التمويل العقاري أو التأجير التمويلي لتوفير احتياجات شركاتها بجانب المنافسة على فرص النمو المرتقبة بهذه المجالات؟

زكى: لا نفكر في التوسع عبر أنشطة التمويل العقاري أو التأجير التمويلي خلال الوقت الحالي، ونرى أن محفظتنا الاستثمارية حاليًا لا تحتاج ذلك، ووتيرة مبيعات الوحدات العقارية لشركاتنا التابعة ملائمة لمستهدفات خطتنا الاستثمارية، خاصة وأننا نقدم تسهيلات سداد مناسبة للعملاء.

حابي: ما هي توصياتك للحكومة المصرية على مستوى الملف الاقتصادي بعد تنفيذ جزء كبير من برنامج الإصلاح وحل أزمات توافر العملة الأجنبية ونقص الطاقة، هل هناك قطاعات اقتصادية محددة ترى أنها بحاجة لحزمة من المحفزات الاستثمارية أو تعديلات تشريعية لتهيئة المناخ الاستثماري بما يسمح بجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة؟
زكى: أعتقد أن الصناعة تحديدًا بمختلف مجالاتها لا زالت بحاجة إلى حزمة من الحوافز الاستثمارية من الحكومة المصرية؛ لأنها أكثر القطاعات القادرة على تحقيق نمو كبير ومستدام بالسوق المصرية، في ظل اتساع القاعدة الاستهلاكية المحلية بجانب فرص التصدير الواعدة والتي زادت بعد حل أزمات الطاقة علاوة على أن تعويم العملة المحلية سيدعم تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الخارجية.

وأرى أنه لا بدَّ من النظر إلى العائد من هذه الحوافز دون حساب تكلفتها في بداية الأمر؛ لأنها ستؤدي لتحسن أهم المؤشرات الأساسية للاقتصاد وعلى رأسها البطالة ومستوى معيشة الفرد والصادرات وغيرها، ونحن بحاجة ملحة لها خلال الفترة الحالية، حتى وإن كانت مشروطة بإقامة مصانع في مجالات محددة أو بمناطق معينة، سواء كانت إعفاءات ضريبية لعدة سنوات أو إعفاءات جمركية على مدخلات الإنتاج أو أراضي مجانية.

ففي عدد من الدول هناك إعفاءات ضريبية مرتبطة بإعادة استثمار الأرباح في التوسعات الرأسمالية لفترة زمنية محددة تصل في بعضها إلى 5 سنوات، وكان هذا عامل جذب لاستثمارات أجنبية ضخمة وساهم في تحقيق نهضة صناعية واقتصادية في هذه الأسواق.

كما أرى أن الصناعات كثيفة العمالة لا بدَّ أن تتصدر قائمة الأولويات خلال الفترة المقبلة؛ لأنها ستساهم بصورة جوهرية في شعور المواطنين بتحسن الأوضاع الاقتصادية وليست على مستوى المؤشرات الكلية فقط، وفقًا للتجارب الدولية على مستوى خطط التنمية المستدامة.

وليد زكي وحابي
وليد زكي، رئيس مجلس إدارة شركة بايورنيرز القابضة للاستثمار، فى حوار موسع مع جريدة «حابي»
الرابط المختصر