ارتفاعات قياسية لدرجات الحرارة فى معظم دول العالم.. ماذا يحدث؟

عمان سجلت أعلى دجة حرارة "صغرى" في العالم عند 42.6 درجة مئوية في الليل

  • موجات الحر الطويلة رافقها طول فترة هطول الأمطار في بعض المناطق وتركز الرياح
  • الجزائر شهدت تسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ افريقيا عند 51.3 درجة مئوية
  • زيادات قياسية في التمويلات الموجهة لمكافحة تغير المناخ

 

ارتفعت درجات الحرارة بشكل قياسي منذ نهاية يونيو وبداية يوليو الجاري في معظم أنحاء الكرة الأرضية مخلفة الكثير من الكوارث وأزكت المخاوف بشأن تأثير تغير المناخ على العالم.

E-Bank

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) التي تتخذ من جنيف مقرا لها قالت إن درجات الحرارة، اليوم،  ارتفعت إلى مستوى قياسى في معظم دول العالم من اليابان إلى النرويج بسبب ظاهرة تكتل الطبقات الجوية، وقال أندرو كنج ، عالم المناخ في جامعة ملبورن إن طول مدة هذه الموجة الحارة “استثنائي تماما”.

موجة الطقس الحار الطويلة واسعة النطاق على نحو غير معتاد، رافقها ظواهر أخرى مدمرة مثل طول فترة هطول الأمطار في بعض المناطق بشكل أدى إلى انهيار سدودها، وتركز الرياح واستمرارها على مناطق أخرى، والأخيرة كانت السبب وراء أسوأ كارثة حرائق غابات واجهت اليونان منذ سنوات بعد أن أودت بحياة 74 شخصا على الأقل في ليلة واحدة، أمس.

 

درجات حراراة قياسية .. وكوراث

 

تابعنا على | Linkedin | instagram

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاما قياسية في مناطق كثيرة بالعالم، فقد شهد 5 يوليو الجاري تسجيل محطة طقس في ورقلة بالصحراء الكبرى في الجزائر درجة حرارة قصوى بلغت 51.3 درجة مئوية ، وهي أعلى درجة حرارة تم تسجيلها بشكل موثوق في إفريقيا، وفي 8 يوليو سجلت محطة “فرينك كريك” للطقس في كاليفورنيا درجة حرارة قياسية عند 52 درجة مئوية وهي أعلى درجة يتم تسجيلها منذ أكثر من قرن، إذ سجلت المحطة نفسها أعلى درجة حرارة على كوكب الأرض في 10 يوليو 1913 عند 56.7 درجة مئوية، كما أبلغت تايوان عن ارتفاع قياسي في درجة الحرارة إلى 40.3 مئوية.

وحتى في المناطق الباردة من العالم، وصلت درجات الحرارة إلى 33.4 درجة مئوية في مدينة كيفو بفنلندا، وإلى 33.5 درجة مئوية في بادوفوس بالنرويج في 17 يوليو الجاري.

وشهدت السويد نحو 50 حريق غابات في منتصف يوليو.

وشهدت اليابان أسوأ فيضانات وانهيار أرضي منذ عقود، حيث تم كسر العديد من الأرقام القياسية لسجلات الأمطار اليومية في الفترة بين 28 يونيو و 8 يوليو، وقتل أكثر من 200 شخص وتم تدمير أو غرق حوالي 10 آلاف منزل. وفي الأسبوع التالي أدت موجة الحر إلى تسجيل 200 محطة من أصل 927 محطة للأرصاد الجوية درجات حرارة قصوى فوق 35 درجة مئوية يوم 15 يوليو. وقد رصدت مدينة كوماجايا بالقرب من طوكيو رقما قياسيا جديدا لدرجة الحرارة اليومية عند 41.1 درجة مئوية.

في مانيلا بالفلبين والمحافظات المجاورة تم إغلاق المدارس يوم الجمعة وتحويل بعض الرحلات الجوية أو إلغاؤها بسبب الأمطار الغزيرة التي أغرقت الشوارع.

وتجاوزت درجات الحرارة القصوى اليومية في كوريا الجنوبية 35 درجة مئوية في بعض الأماكن ، محطمة الأرقام القياسية اليومية.

في روسيا، تسببت الموجة في حرائق غابات أثرت على 80 ألف هكتار من الغابات بالقرب من منطقة كراسنويارسك بروسيا، والتي سجلت حالات ارتفاع درجات حرارة قياسية يوميا تفوق 7 درجات مئوية في المتوسط، وأصدر مركز غرب سيبيريا الهيدرولوجي تحذيرات من عاصفة بعد أن تجاوزت درجات الحرارة أكثر من 30 درجة مئوية لمدة 5 أيام.

وفي كندا تسببت موجة الحر الطويلة والرطوبة العالية في كيبيك في 54 حالة وفاة على الأقل، وشهدت مونتريال درجة حرارة قياسية عالية جديدة عند 36.6 درجة مئوية في 2 يوليو.

وأبدى مراقبو المناخ خشيتهم من أن تؤدي حرائق كراسنويارسك إلى تسريع ذوبان التربة الصقيعية وإطلاق غاز الميثان وهو غاز دفيئ أكثر قوة من غاز ثاني أكسيد الكربون.

وفي أوروبا ، حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من حالات الجفاف والحرائق الهائلة وخسائر المحاصيل، على مدى الأسبوعين الماضيين ، وتم تسجيل درجات قياسية في تبليسي (40.5 درجة مئوية) وشانون (32 درجة مئوية) وبلفاست (29.5 درجة مئوية).

وشهدت بريطانيا ثالث أطول موجة حر على الإطلاق بعد 17 يوما من درجات الحرارة التي تجاوزت 28 درجة مئوية، وكانت قد سجلت موجتين حارتين طويلتين لمدة 19 يومًا في عام 2013 و18 يوما في صيف عام 1976.

وقال دين هول من مكتب الأرصاد البريطاني إن درجات الحرارة في بريطانيا من المتوقع أن ترتفع مرة أخرى في نهاية الأسبوع الجاري.

وفي هذا الأسبوع ، فقد مئات الأشخاص في فيضانات مميتة سببها انهيار سد في دولة لاوس بعد سقوط أمطار غزيرة .

وتضيف هذه الكواث إلى إلى 6 أحداث طقسية ومناخية قاتلة في الولايات المتحدة خلال العام الجاري تسبب كل منها في خسائر تتجاوز المليار دولار.

وحتى عندما تغرب الشمس ، لا يوفر الليل البرودة المعتادة، ففي بلدة قريات جنوب العاصمة العمانية مسقط كانت درجة الحراراة الصغرى (اقل درجة حرارة سجلت في تلك الليلة) فوق 42.6 درجة مئوية يوم 28 يونيو، ويعتقد أن هذه أعلى درجة حرارة صغرى تم تسجيلها في العالم.

 

يبدو أن المناخ يتغير !

 

المنظمة العالمية للأرصاد الجوية قالت إن ارتفاع درجات الحرارة يتعارض مع ظاهرة دورة المناخ العالمية المعروفة باسم La Niña والتي عادة ما ترتبط بالتبريد، وأوضحت كلير نوليس المسئولة بالمنظمة أن الأشهر الستة الأولى من السنة جعلت من العام الحالي أكثر أعوام La Niña سخونة في تاريخ سجلات المنظمة.

كذلك، كان يونيو الماضي هو ثاني أسخن يونيو على الإطلاق ، وفقاً للمركز الأوروبي للتنبؤات المناخية متوسطة المدى، وقد تأكد أن السنوات الثلاث السابقة هي أشد الأعوام حرارة في التاريخ .. يشير هذا إلى استمرار تغير المناخ على المدى الطويل بسبب زيادة تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي.

وشهدت أجزاء من نصف الكرة الشمالي دفءًا مستمرًا على نحو غير معتاد، بعد أن أدت طبقات الضغط العالي القوية والمستمرة إلى تكوين “قبة حرارية” على معظم أنحاء أوراسيا.

مايكل مان ، مدير مركز علوم نظام الأرض في جامعة بنسلفانيا، قال إن نصيب نصف الكرة الغربي من تلك الموجة الحارة لم يكن معتادا، وأوضح:”ليس من حيث ارتفاع درجة الحرارة فقط لكن أيضا اتساع نطاق تلك الموجة على على هذه المساحة الكبيرة.”

ويتزايد القلق من أن يؤدي تكرار ظاهرة تكتل الطبقات وحظر التبادل المعتاد بين التيارات الجوية الساخنة والباردة إلى تغير المناخ، إذ قد تؤدي تلك الظاهرة إلى طول فترات الجفاف في مناطق واستمرار العواصف في مناطق أخرى وهطول الامطار إلى حد الفيضانات المدمرة في مناطق أخرى كما حدث مؤخرا في اليابان حيث لقي ما لا يقل عن 150 شخصاً حتفهم بعد سقوط الأمطار بأربعة أضعاف المعدل الطبيعي.

باولو روتي المسئول بالمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، قال إنه من الصعب وصف حدث جوي يحدث لمرة واحدة بأنه تغير المناخي، لكنه أضاف أن درجات الحرارة المرتفعة الأخيرة والأمطار الشديدة والتبادل البطيئ بين البرودة والحرارة يتماشى مع التوقعات الخاصة بكيفية تأثير الانبعاثات المتزايدة على المناخ.

وتابع :”التحليلات الأخيرة تعتقد أن التأثير البشري قد بدأ يؤثر بالفعل على خصائص المناخ”.

ويصنف المنتدى الاقتصادي العالمي “تطرف المناخ” باعتباره الخطر العالمي الأعلى من حيث الاحتمال والثاني من حيث الأثر.

آندي بيتمان ، مدير المركز المتميز في بحث المناخات المتطرفة بجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، قال إن نمط الطقس الذي كثر فيه تكتل الطبقات بشكل يضعف قدرة الهواء على التوغل في الغلاف الجوي العلوي (بحيث يبقى نفس النوع من الطقس لفترة طويلة في منطقة معينة) يعرف على نطاق واسع بأنه نمط يقود إلى الموجات الحارة.

وأضاف إن وتيرة وحجم ومدة موجات الحر تزداد سوءًا.

 

حرارة أعلى .. سخاء أكبر !

 

على أي حال، تؤدي تغييرات المناخ إلى زيادات في التمويلات الموجهة للتخفيف من حدة هذا التغير.

إذ قال بنك التنمية الآسيوي بمانيلا، خلال الشهر الجاري، إن التمويل لهذا الغرض ارتفع بنسبة 21% ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 4.5 مليار دولار في عام 2017.

كما وصل التمويل المناخي من قبل 6 بنوك إنمائية متعددة الأطراف في العالم إلى أعلى مستوى له منذ 7 سنوات بقيمة 35.2 مليار دولار في عام 2017 ، بارتفاع 28 % من 2016.

“كل دولار ينفق على الحد من المخاطر وتأثيراتها قبل وقوع كارثة ينقذ 5 دولارات من الخسائر في المستقبل”، قالت أليسون مارتن ، رئيس قسم المخاطر في مجموعة AG  للتأمين، في بيان الشهر الماضي.

 

 

الرابط المختصر