التنمية المستدامة لم تعد رفاهية

محسن عادل  نائب رئيس البورصة المصرية

شرفت منذ أيام قليلة بالمشاركة كمتحدث ومدير لإحدى الجلسات بمؤتمر اتحاد المصارف العربية حول الصيرفة الخضراء الطريق إلى التنمية المستدامة حيث ظهر بجلاء للجميع أنه رغم الاتجاه العالمي نحو هذا المجال إلا أننا قد تأخرنا بصورة واضحة عن اللحاق بهذا الركب خاصة في ظل اعتقاد البعض أن ارتفاع تكلفة التنمية المستدامة يحول دون تحقيقها رغم أن عدم الاتجاه إليها أصبحت تكلفته أكبر بكثير على المستقبل.

E-Bank

وأتصور أنه من منطلق ذلك فإن أبرز ما يجب أن يتم الآن يتمثل في ضرورة توجه القطاع المصرفي لتمويل مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة مع ضرورة تدعيم تحول البنوك لاستخدام هذا النوع من أنواع الطاقة في عملياتها التشغيلية وتبني مفهوم المباني الخضراء في منشآتها، كذلك دراسة إطلاق مبادرة للتمويل الأخضر من القطاع المصرفي لتمويل المشروعات الأكثر التزامًا بيئيًّا والتي تحقق أهداف التنمية المستدامة وتقديم حوافز لمثل هذا النوع من المشروعات ضمن المبادرات التي تطلقها البنوك المركزية.

أيضًا أصبح من الهام وضع أحد شروط اعتماد تمويل المشروعات أن تكون متوافقه بيئيًّا ولا تؤدي إلى إهدار الموارد مع الالتزام بحماية البيئة والمحافظه عليها مع الإسراع بعمليات تقليل تداول النقد وتدعيم التحول الرقمي لما له من آثار إيجابية على الحد من إهدار الموارد ورفع مستويات التنمية المستدامة.

وذهبت توصيات المؤتمر إلى ضرورة العمل على تدعيم الدور الذي تقوم به أسواق المال والبورصات في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين الأوضاع البيئية من خلال أدوات مالية مثل تداول شهادات الكربون وإصدار السندات الخضراء في الأسواق، مع أهمية دراسة إنشاء صندوق أو كيان مؤسسي استثماري تشارك فيه الوحدات المصرفية لإقامة وتنفيذ المشروعات الخاصة بالتنمية المستدامة وعلى الأخص المشروعات البيئية ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.

تابعنا على | Linkedin | instagram

كما أصبح جليًّا أهمية تجميع المبادرات التي تقوم بها البنوك في مجالات التنمية المستدامة والبيئة تحت مظلة واحدة بغرض زيادة الأثر المتعلق بها وتحقيق الاتساق المطلوب فيما بينها مع ضرورة توجيه جانب أساسي من التبرعات التي تندرج تحت باب المسؤولية الاجتماعية للمصارف نحو تمويل هذا النوع من المشروعات التنموية.

علي جانب آخر فقد أبرز المنتدى ضرورة إجراء دراسة شاملة لتحليل أعمق للمخاطر التي تتحقق نتيجة لتمويل مشروعات لا تلتزم بيئيًّا أو تؤدي لإهدار الموارد أو عدم تحقيق التنمية المستدامة، مع التوسع في تمويل عمليات تحويل المشروعات القائمة حاليًا بالفعل لتتوافق مع معايير البيئة ومع مفاهيم التنمية المستدامة.

إلى جانب ذلك فإنه من الضروري إطلاق حملة مكثفة بالقطاع المصرفي للتوعية بمفهوم التنمية المستدامة وحماية البيئة مع التوصية بإنشاء وحدات متخصصة لدى البنوك في هذه المجالات، مع الاستفادة من تجربة البورصة المصرية في إنشاء مؤسسة البورصة للتنمية المستدامة في إنشاء نماذج شبيهة لدى وحدات القطاع المصرفي بالإضافة إلى دراسة سبل التعاون في إنجاح هذه التجربة.

أتصور أن أبرز ما انتهى إلى هذا المنتدى الحافل إلى أنه قد أجاب للجميع وبما لا يقبل الشك أننا ونحن نستثمر في الأساس للمستقبل فإن التنمية المستدامة قد أصبحت ضرورة حتمية وليست رفاهية وأن الانفاق عليها هو بمثابة تكوين وبناء قاعدة جديدة لمستقبل أقوى اقتصاديًّا واجتماعيًّا وبيئيًّا.

الرابط المختصر