ليس بالنوايا وحدها تنجذب الاستثمارات
د. ماهر عشم رئيس شركة مصر لنشر المعلومات
كثر الكلام الحكومي عن جهود كثيرة ونوايا طيبة لجذب الاستثمار الأجنبي، وصدر قانون الاستثمار الجديد، وتم افتتاح مركز راقٍ لخدمة المستثمرين، وهو جهد طيب مطلوب ولا يمكن إغفاله. هذا وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري، تراجع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر خلال أول 9 أشهر من العام المالي الحالى بنسبة 8.3% مقارنة بنفس الفترة من عام 2016-2017. وبغض النظر عن أن البيانات الرسمية تأخذ في اعتبار أرقامها الاستثمار في الدين الحكومي فإن لم يتراجع الاستثمار الاأجنبي فهو قطعا لم ينمُ بالدرجة المطلوبة.
الاستثمار الأجنبي نوعان: استثمار غير مباشر عن طريق شراء أوراق مالية كالأسهم والسندات أو مباشر عن طريق الشراكة المباشرة أو الاستحواذ علي أو الاندماج مع شركات محلية.
وأيا كان الاستثمار محليا أم أجنبيا فكلاهما يحتاج إلي معلومات وتحليلات ودراسات مالية حتي يتسني لهم التحقق من جدوي استثماراتهم قبل الدخول فيها. ولا يتعدي عدد الشركات اللتي يمكن لأي مستثمر الحصول والاطلاع بالتفصيل علي دراسات وتحليلات مالية خاصة بها الخمسين شركة.
السبب في ذلك هو أن القوائم المالية والتي تعتبر الأساس والمكون الرئيسي لتلك الدراسات تصدر في صورة ورقية وتكلفة إعداد الدراسات تكون مرتفعة لا يوجد لها سوق أو مبرر في الشركات الأصغر.
العنصر الأساسي في ارتفاع تكلفة التحليل المالي هو العنصر البشري لصعوبة الحصول علي البيانات وارتفاع أجور المحللين الماليين المهرة وذوي الخبرة والذين يمكن لهم إصدار تحليلاتهم بالإنجليزية أيضا.
في أواخر القرن الماضي ابتكر المعهد الأمريكي للمحاسبين والمراجعين لغة اسمها XBRL وهي لغة يمكن بواسطتها للكمبيوتر قراءة التقارير المالية. تعتمد اللغة علي قاموس تصدره هيئة الرقابة المالية بالدولة بالتعاون مع جمعية المحاسبين والمراجعين بنفس الدولة. يتضمن القاموس جميع المصطلحات المحاسبية المستخدمة في القوائم المالية للشركات.
يتم بعد ذلك الاتفاق مع أو إجبار الشركات بإصدار القوائم المالية بشكل محدد ومنظم. يمكن بعد ذلك كتابة برامج تستطيع بسهولة قراءة البيانات المالية من وسط القوائم والاستفادة بها في أي معاملات وتحليلات. باستخدام لغة ال XBRL يمكن كتابة برامج تقوم بقراءة القوائم المالية للشركات ومقارنتها ببيانات سنوات سابقة بل والقطاع الخاص بنشاطها وإصدار تحليلات مالية خاصة بتلك الشركات ونشرها.
وقتها تكون التكلفة الوحيدة هي تكلفة تطوير البرنامج ويمكن استخدامه لإصدار تحليلات مالية عن حتي الشركات الصغيرة والمتوسطة الراغبة في جذب رؤوس الأموال ونشرها لمن يرغب من المستثمرين اللذين يستخدمون بدورهم تطبيقات دعم صناعة القرار لاختيار الشركات ذات الجدوي المرتفعة بالنسبة لهم.
تم إفراد مؤتمرات وموائد مستديرة حضرها كثير من المسؤولين تناولت بشكل أو بآخر هذا الموضوع لكن حتي الآن لم تتبنَّ هيئة الرقابة المالية الخطوة الأولي والأهم وهي إعداد القاموس الخاص بالمصطلحات.
نحن في أشد الحاجة لأن نكون دولة جاذبة للاستثمار حتي نحقق معدلات نمو مرتفعة ونقضي علي الفقر والبطالة ولكن لا استثمار بدون معلومات والعالم يجري من حولنا ورؤوس الأموال حتي المحلية لن تنتظر كثيرا، خاصة في بيئة استثمارية معقدة وضرائب مرتفعة فهل نتطور قبل فوات الأوان؟ أم نستمر في إرسال القوائم المالية باللغة العربية بالفاكس غير واضحة وكأنها رسالة تصرخ للمستثمر «لا نريدك»؟
استخدامات الـXBRL متعددة ومفيدة أيضا لمصلحة الضرائب ووزارة المالية التي تحدد الضريبة ومن القوائم المالية ولإدارات الائتمان بالبنوك، وهذا علي سبيل المثال لا الحصر.
