آليات مهمة لزيادة الكفاءة بسوق الصرف

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم ــ رئيس شركة مصر لنشر المعلومات

الدولار وسعر الدولار هم من هموم المواطن البسيط اليومية إذ يدرك مهما كان مستوى تعليمه أنه حتى سعر ساندوتش الفول الصباحي أو رغيف الخبز مرتبط بسعر الصرف.

E-Bank

كما أنه هم للمؤسسات جميعًا إذ إن المستثمر يرغب في معرفة السعر اللذي سيبدأ وينهي به استثماراته، وهو أيضًا هم للحكومة لأنه كلما ارتفعت قيمة العملة المحلية قل التصدير وتأثرت السياحة في جانب وقل العبء على موازنة الدولة وانخفضت الأسعار في الجانب الآخر.

و كم كان الدرس قاسيًا على الجميع في أعقاب التعويم إن جاز أن نطلق عليه هذا المصطلح، فالتعويم هو تحديد السعر علي أساس نقطة تلاقي بين كميات العرض والطلب في تداول حر.

ولا ننكر في البداية دور البنك المركزي في إدارة الأزمة ووصول الاحتياطي إلى أرقام قياسية بغض النظر عن العلاقة بينها وبين الدين الخارجي وليس موضوع هذه المقالة تقييم سياسات سعر الصرف من بعيد أو قريب أو التعليق عليها إنما أود أن أتناول الآليات المتاحة لاستبدال العملات الأجنبية وأتقدم باقتراح كالعادة مبني على التكنولوجيا المالية لرفع كفاءة المنظومة.

مصادر العملة الأجنبية معروفة وتتلخص في إيرادات قناة السويس والسياحة والصادرات وتحويلات العاملين في الخارج وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، واستخدامات العملة أيضًا معروفة سواء كانت استيراد مستلزمات إنتاج وآلات وسلع خدمات أو استثمار في دول أخرى أو استهلاك فردي مثل إنفاق في الخارج إلخ.

ولا يخفى على أحد أن الاقتصاد الرسمي في مصر هو الجزء المنظم والأصغر أما الجزء الأكبر فهو الاقتصاد غير الرسمي الذي يحتاج إلى العملة واستخداماتها تمامًا كالاقتصاد الرسمي.

وعندما كانت الأزمة في أشدها نشطت التجارة غير المشروعة للعملة وكان هناك سماسرة منتشرين في الدول العربية والصين إلخ ممن تربحوا أرباحًا طائلة من اصطياد الدولار والعملات الأخرى خارج حدود القطر بسعر مميز وبيعه خارج حدود القطر أيضا بأرباح رهيبة.

ومع أن المشكلة باتت أقرب إلى الزوال لتوافر العملة إلا أنها لا تزال موجودة من الطرفين البائع والشاري وخاصة لتسديد احتياج الاقتصاد غير الرسمي واحتياجات الأفراد وهي أرقام وإن كانت غير معروفة بالتحديد إلا أنها أرقام مهمة ومؤثرة.

في هذا المشهد أتعجب من اعتماد البنوك الوطنية على الشبكات الدولية في تحويلات المصريين في الخارج مثلًا كمصدر أساسي للعملة خاصة من منهم يملك تمثيلًا في الدول التي بها عمالة مصرية كثيفة وأقترح عليهم بند تطبيق يمكن عن طريقه للمصري تحويل أمواله من بنكه بالدولة التي يعمل بها إلى البنك المصري الممثل بهذه الدولة بعد فتح حسابات لهم وإعطائهم ميزة إما في سعر الصرف أو في خدمات قد يحتاجون لها مثل برنامج نقاط يمكن استبدالها بتذاكر العودة السنوية لأرض الوطن.

ومن المؤكد أن أي تكلفة لهذه البنوك ستكون أقل من الأرباح التي سوف تحققها والتي تحققها شركات تحويل الأموال الاجنبية، ولمن لا يزالون يتعاملون نقدًا يمكن فتح منافذ في أماكن تجمعاتهم تقبل النقد وتحولهم تدريجيًّا للخيار الإلكتروني.

أيضًا يجب علي البنك المركزي إصدار لوائح خاصة لكل من يعمل بالصرافة أو البنوك في تغيير العملة تصف الحد الأدنى من آلية إلكترونية لتغيير العملة وإلزام الجهات المرخص لها التجارة في العملة بها، فإذا كنت بائعًا أو شاريًا يمكن لك من خلال تطبيق خاص بالصرافة تحديد الكمية التي ترغب في بيعها أو شرائها وعند إتمام عملية البيع أو الشراء يتم تعديل الأرصدة الخاصة بك في البنوك.

بل ويمكن إنشاء شبكة من تلك التطبيقات والآليات لتتوافر فيها السيولة بصورة أفضل من تطبيقات صغيرة مفككة.

سيتيح هذا النظام آلية تقي الوطن من صدمات المستقبل وتوفر العملة بصورة أفضل للجميع وتمكن البنك المركزي من التدخل في السوق بكفاءة وتحقق تحسنًا ملموسًا في قدرته علي قياس ما يحدث خارج المصارف.

كما سيساهم في التحول من مجتمع لا نقدي إلى مجتمع نقدي ويحقق تقدمًا على ملف الشمول المالي. الموسسات التي تعمل في هذا المجال هي المستفيد الأكبر إذ ستتمكن من جذب شرائح جديدة من المتعاملين أيضًا مما سيعظم الأرباح الناتجة عن أنشطة الصرافة.

أنا علي يقين بأن الأمر لا يخلو من تفاصيل معقدة لوجستية وتفاصيل خاصة بالمقاصة بين البنوك والحسابات المصرفية عبر البنوك ولكن ليس منها بجديد أو غريب على البنوك وليس منها بلا حل أو حلول.

الرابط المختصر