بقلم محسن عادل ـ الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار
إن مصر خلال الفترة الحالية في حاجة ماسة لتطوير وتحديث سوق السندات فى البورصة المصرية نتيجة حاجة الشركات للتمويل وتوافر السيولة في السوق، بالإضافة إلى انخفاض كلفة الاقتراض من خلال هذه السوق، مما سيشجع الشركات على اللجوء إلى سوق السندات لتمويل مشاريعها التوسعية خاصة وأن حجم سوق ديون مصر لا يزال صغيرًا مقارنة بمناطق أخرى تعتبر من الدول الناشئة، لكن هناك نموًّا في هذا القطاع في مصر على وجه الخصوص كونها تعتزم تنشيط سوق سندات بالعملة المحلية في الفترة المقبلة.
من هنا تأتي أهمية تطوير سوق سندات الشركات وتنشيطه وإنشاء سوق ثانوية للسندات (Secondary Bond Market) بحيث يساهم في تمويل الشركات حيث أصبح من الصعب عملية التمويل عن طريق الإدراج في البورصة الي جانب صعوبات التمويل المصرفي نتيجة الاوضاع الحالية.
أصبح تطوير سوق ثانوية للسندات وتشجيع الإصدارات الأولية من سندات الشركات ضرورة ملحة فرضتها الأزمة المالية والمناخ الاستثماري الذي تغير وتطور في فلسفة الأدوات الاستثمارية، حيث أصبحت السندات أداة أساسية في توزيع الأصول لأي محفظة استثمارية متنوعة، وكذلك فقد كشفت الأزمة المالية عن عيوب التمويل في عدد كبير من الشركات، حيث اعتمدت على التمويل قصير الأجل لشراء أصول واستثمارات طويلة الأجل. وعند أول صدمة في سوق الائتمان، امتنعت البنوك عن التمويل قصير الأجل وداهمت الاستحقاقات قصيرة الأجل لتلك الشركات التي فقدت السيولة وواجهت مشكلة السيولة.
ان سوق السندات تفتقر حاليًا إلى وجود منحنى عائد كامل على الرغم من العدد المرتفع نسبيًّا للإصدارات السيادية. ونظرًا لغياب منحنى العائد ، فإن قرارات تسعير السندات ترجع بصورة أساسية إلى إدراك المستثمرين للمخاطر ومتطلبات العائد التي يحددها هؤلاء المستثمرون حيث إن غياب منحنى العائد السيادي العالمي يفرض تحديًا كبيرًا في تسعير عمليات إصدار السندات بالعملات الأجنبية من قبل الشركات.
ومع ذلك، فإن تطور سوق سندات في البلاد يتسم بالعمق والسيولة يعتبر أمرًا متوقعًا ، حيث يتوقف على تطوير اللوائح الخاصة بالسوق، وكذلك في تشجيع نمو قاعدة مستثمرين تتمتع بالتنوع على المشاركة فيه.
إن وجود هذه السوق النشطة في مصر من شأنه أن يؤثر بشكل إيجابي على الاقتصاد المصري نظرًا لاعتماد الشركات بصفة أساسية في التمويل على الموارد الذاتية وعلى القروض البنكية وهو معوق تمويلي واضح فمع قلة موارد التمويل، أصبحت سوق الديون الطريقة الوحيدة التي يمكن للشركات اتباعها للحصول على التمويل كما أن الطلب على سوق السندات جاء في مرحلة لاحقة من دورة التطور الاقتصادي وتطور الأسواق المالية، إذ يتم عادة دعم المراحل الأولى من تطوير الاقتصاد بالاعتماد على طرق التمويل الذاتي المتاح، ومن ثم يستعان بالتمويل البنكي.
إن أسواق الدين أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجية الجديدة التي باتت تنهجها المؤسسات المالية والبنوك للتحرك إلى الأمام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مما يستدعي تفعيلًا أكثر شمولًا للدور المصري خلال هذه المرحلة.