CNN
أثارت مخاوف ضعف الاقتصاد التركي، ومخاطر انتقال الأمر إلى أوروبا، قلق المستثمرين، خاصة بعدما هوت الليرة التركية، الجمعة، إلى مستوى قياسي أمام الدولار الأمريكي.
فالعملة التركية انخفضت بنسبة 17٪ مقابل الدولار، ما يعكس مجموعة من المخاوف تشمل التوترات مع الولايات المتحدة على خلفية قضية القس آندرو برونسون، بالإضافة إلى عدم رغبة السلطات التركية في رفع أسعار الفائدة.
وأمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بزيادة تعريفة الصلب والألومنيوم التركي، بعد أن فرض عقوبات على كبار المسؤولين الأتراك، في وقت سابق من هذا الشهر، لدورهم في احتجاز القس برونسون.
وجاء رد فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان متحديا، إذ قال : “لا تنسوا هذا: إذا كان لديهم دولارات ، فلدينا شعبنا وعدالة الله، وسوف نخرج من الحرب الاقتصادية بنجاح.”
لكن خطاب أردوغان، لم يفعل الكثير لتهدئة الأسواق، إذ استأنفت الليرة طريق الهبوط، لتصل خسائرها إلى 40٪ تقريبًا مقابل الدولار منذ بداية 2018.
وقال رودريجو كاتريل ، كبير محللي العملات في بنك أستراليا الوطني في سيدني، إن المستثمرين يشعرون بقلق متزايد بشأن ارتفاع التضخم، وقدرة البنك المركزي التركي، (الذي شكك المستثمرون في استقلاله)، في القيام بأي شيء حيال ذلك.
وحافظ البنك المركزي تحت ضغط من أردوغان، على أسعار الفائدة منخفضة على الرغم من التضخم الذي تجاوز 15٪ في يوليو.
وجاءت الخطة على عكس توقعات السوق، وترك السياسة دون تغيير في اجتماعه الأخير، لكن الاقتصاديين يقولون إن البنك المركزي من المحتمل الآن أن يضطر إلى اتخاذ إجراءات طارئة.
ويليام جاكسون، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، قال: “هناك أسباب تدفعنا إلى الاعتقاد بأن ارتفاع أسعار الفائدة في حالات الطوارئ خلال أزمة العملة الحالية قد لا يؤدي إلا إلى مسكن عابر”.
وأضاف: “ليس من الواضح أن تركيا ستكون قادرة على التراجع عن حافة الهاوية هذه المرة”.
وخفضت الحكومة التركية بالفعل توقعاتها للنمو لهذا العام إلى 4 ٪ من 5.5 ٪، ولكن الاقتصاديين يحذرون من أن الركود سيكون أسوأ بكثير إذا لم يتم استعادة الثقة بسرعة.
بدوره، قال كارستن هيس، الاقتصادي الأوروبي في بيرنبرغ: “لا يمكن استبعاد الركود وأزمة الديون التي من شأنها أن تفرض على تركيا تطبيق ضوابط مالية وطلب إنقاذ من صندوق النقد الدولي”.
وحث اردغان، الجمعة، الشعب التركي على استبدال الدولار واليورو بالليرة التركية للدفاع عن العملة، فيما زاد ترامب الضغط عبر تغريدة قال فيها إنه سيزيد الضرائب على الألومنيوم والصلب فيما يتعلق بالمعاملات مع تركيا.
وقال في التغريدة: “لقد سمحت للتو بمضاعفة التعريفة الجمركية على الصلب والألمنيوم فيما يتعلق بتركيا.. الليرة التركية، تنزلق سريعاً نحو الانخفاض مقابل الدولار القوي جداً! ستكون تعريفة الألومنيوم الآن 20٪ والصلب 50٪. علاقاتنا مع تركيا هي ليس جيدًة في هذا الوقت”.
وأفادت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية بأن البنك المركزي الأوروبي قلق بشأن مصير بنوك منطقة اليورو التي تتعامل مع تركيا بسبب أزمة الليرة الخانقة.
وبشأن هذا الأمر رفض البنك المركزي الأوروبي التعليق على الأمر، فيما تظهر بيانات بنك التسويات الدولية أن بنوك منطقة اليورو لديها قروض تزيد قيمتها عن 150 مليار دولار في تركيا. وتعد البنوك الإسبانية والفرنسية والإيطالية هي الأكثر تعرضاً لتلك الأزمة.
وتعرضت أسهم بعض أكبر البنوك في أوروبا لضربة قوية، الجمعة. وانخفض UniCredit إيطاليا 5.6٪ وانخفض BBVA الإسباني 5.5 ٪، وانخفض مؤشر BNP Paribas الفرنسي بنسبة 4.3٪، وانخفض سهم Deutsche Bank بنسبة 5.3٪.
وتوسع الاقتصاد التركي بسرعة هذا العام مقارنة مع عام 2017، لكن نموه في السنوات الأخيرة كان مدفوعًا بقطاع البناء الذي يموله المستثمرون الأجانب إلى حد كبير.
والمستثمرون لديهم قلق من قدرة تركيا على جلب النقود خلال الأوقات الصعبة لتسديد ديونها. فيما قال هيس إن “التراجع في الليرة التركية وارتفاع تكاليف الاقتراض يتسبب في صداع كبير للعديد من الشركات التركية، لأنها اقترضت بالعملات الاجنبية رغم تلقي إيرادات بالعملة المحلية”.