لماذا نتجاهل الاستفادة من موقع مصر؟

aiBANK

 

بقلم د. ماهر عشم ــ رئيس شركة مصر لنشر المعلومات

E-Bank

مصر حباها الله بموقع جغرافي متوسط بين قارات العالم، هكذا علمونا منذ الطفولة، وهي حقيقة لا جدال فيها جعلت مصر مطمعا سياسيا واقتصاديا علي مر العصور وحجر زاوية إن اهتز اهتزت المنطقة كلها. هذه الخصوصية جعلت من مصر مركزا لمسار الكابلات البحرية اللتي تربط أوروبا بل وأمريكا بدول الخليج وبشرق وجنوب أفريقيا والشرق الأقصي. وعند انقطاع الكابلات البحرية التي تربط أوروبا بمصر وتمر بالبحر المتوسط من بضع سنوات انقطع الاتصال بالإنترنت عن معظم الدول التي سبق ذكرها.

في الوقت الذي لم يعد فيه ترفا بل ضرورة لكل شركة أن يكون لها موقع إلكتروني وتكون لها صناديق بريد إلكتروني وأنظمة محاسبية وأخري لإدارة العملاء ظهر ما يسمي بالحوسبة السحابية Clod Computing وهي ببساطة أنه بدلا من شراء أجهزة حاسب وشبكات وتأمين وتوفير بيئة مستدامة لتشغيل تلك الحواسب مما يمثل تكلفة مرتفعة تقوم الشركات العملاء كميكروسوفت وجوجل بتطوير الأنظمة وحفظها وتشغيلها في مراكز بيانات توفر البيئة الملائمة وتساهم في خفض التكلفة للاشتراك في كل موارد مراكز البيانات من كهرباء وتكييف واتصالات وشبكات وتأمين.. إلخ.

نفس الموضوع للمواقع الإلكترونية وتخزينها وإدارتها. بل وأصبح استخدام السحابة فرديا بتخصيص مصنعي التليفون المحمول مساحة لتخزين البيانات لكل مستخدم مثل الـ I Cloud من Apple.

تحاول تلك الشركات جاهدة اقتناص جزء كبير من السوق المصرية لتكنولوجيا الشركات بمصر والشرق الأوسط وأفريقيا ومعظم مراكز البيانات المستخدمة للأسف خارج مصر مما يكلفنا مبالغ طائلة من العملة الصعبة اقتصادنا أولي بها في صناعة تنمو يوما بعد يوم بنسب غير مسبوقة.

في نفس الوقت يعتبر موقعنا الجغرافي والكابلات البحرية اللتي تمر به مؤهلا فريدا لنكون مركزا عالميا لصناعة مراكز البيانات واحتضان تلك الشركات والخدمات وتحويلها من صناعة مستنزفة للعملة لمصدر قومي للعملة الصعبة.

هناك عدة تحديات من السهل تخطيها فورا إذا رأت الدولة أن تلك الصناعة مهمة وإستراتيجية بل وعمود فقري لأي اقتصاد وصناعة أخري ووسيلة لتنمية الصادرات لا تحتاج لإنشاءات ونقل وطرق وسفن لأن طرق تلك الصناعة وهي الكابلات موجودة بالفعل.

أبرز تلك التحديات توافر شبكة داخلية سريعة وبيئة تنافسية عادلة لشركات الاتصالات لأن تلك الصناعة مستحيل أن تقوم علي تواجد أحادي لأي من الخدمات وخصوصا الاتصالات.

ثانيا الكهرباء وقد بذلت الدولة فيه موخرا جهدا خارقا يقرب إلي المعجزات في إنتاج الطاقة ولكن مازالت شبكات التوزيع تعاني من عدم استقرار وتحتاج لرفع كفاءتها إذ وجب تنوع مصادر الطاقة لمراكز المعلومات أيضا وصدق أو لا تصدق أن معظم مراكز المعلومات يلجأ للسوق السوداء لشراء الكيروسين اللازم للمولدات الاحتياطية.

ثالثا نحتاج إلي اتفاقيات مع الشركات العالمية والجمارك لخفض تكلفة الحواسب والأجهزة اللتي تعتبر كمستلزمات صناعة لتلك الأجهزة. الأرض اللازمة لمراكز المعلومات يجب توفيرها قريبة من مراكز الاتصالات والسنترالات فالقرية الذكية مثلا عانت سنوات من اعتمادها علي سنترال واحد فقط.

أخيرا الكوادر البشرية المدربة والتي كانت مصر غنية بها ولكن بعد انخفاض قيمة الجنيه صارت مطمعا وسهل اجتذابها لأسواق العمل بالخليج بل وأوروبا. لذلك نحتاج إلي تدريب أعداد أكبر منها.

مركز المعلومات صناعة عالمية مربحة إن اخترنا أن تكون صناعة إستراتيجية وتبنتها الدولة والحكومة ستجعل من مصر دولة أكثر قوة وتحافظ علي مواردنا وتكون مصدرا للعملة الصعبة، فلا يجب إهمالها لأن استعادة المواقع والخدمات والبيانات والعقول المهاجرة سيكون من رابع المستحيلات.

الرابط المختصر