تدوينات مريض شجاع

بقلم أحمد رضوان ــ رئيس تحرير جريدة حابي

لم يسبق لى لقاؤه, وكأنى أعرفه من زمان بعيد. أقرأ تدويناته باهتمام بالغ، أراقب لحظات قوته وضعفه، وهج التفاؤل وسطوة الضيق، شجاعة البوح وأنين الكتمان، مقاومة المرض والسكون أمامه.

E-Bank

أخاف أن يكون بين كلماتى ما يسبب له شيئا من الضيق، مجرد الاعتراف بأن هذا المقال قد كتبته له، مسألة تحتاج إلي الكثير والكثير من التفكير والشجاعة أيضا، إذن لن أعترف الآن، ربما غدا أو فى أى يوم آخر.

هل سمعتم ألحان بليغ حمدى فى أغانى السفر، وصور عبد الرحمن الأبنودي للمناطق البعيدة التى لم تطأها أقدامكم؟ هكذا يكتب عن آلامه وصراعاته وأفكاره، يكتب السهل الممتنع، يكتب ما يخترق جدران القسوة والخبرات والعمر، يكتب ليمس مساحة الطفولة فى القلوب، ومناطق الحكمة فى العقول، ومواطن السلامة فى النفوس.

لو كان لى أن أنصحه، لنصحته بالبدء فورا فى كتابة عمل يظل قائما عليه إلي أن يكتمل، يسطر فيه ما يراه مفيدا للبقاء، ولو رأي فى تجربته الذاتية مجالا رحباً، لكانت أصدق ما سيكتب.

الكتابة يا صديقى كالموسيقي، لا تجعلنا نهرب من الحقيقة بل تضعنا أمامها، وأمام أنفسنا، حتى لو حادت الكلمات عنها. نسأل قبل أن نسطر، ماذا نقول وكيف وبأى درجة صراحة وبأى مفردة.. ثم نقرر ما نكتب. وأنت فى درجة صدق وشفافية عالية، عليك أن تغتنمها وتتشبث بها ما دامت حاسة الشعور.

والحقيقة هى أنه لا جديد سوى الرؤية المختلفة لتفاصيل الأمور، كل الأمور، ما كنت تراه بصورة ما بالأمس، أعتقد أنك تراه بتفاصيل أكثر وضوحا اليوم لدرجة قد تجعل الصورة جديدة كليا. بما فى ذلك علاقتك بالناس والأشياء. كل شئ . كل شئ.

وما عدا ذلك، هو قدر كل منا، تحديات وصبر، أملا فى نصر ونهاية سعيدة مطمئنة، التحدي يعنى المقاومة بكل قوة، والصبر يعنى عدم اليأس مهما كانت درجة الألم، فلست وحدك.

أدرك جيدا أن النصائح أسهل كثيرا حينما تأتى ممن يضع يده فى الماء، ولكن لا يملك من حولك سوى النصيحة، سواء كانت أياديهم فى الماء أو فى النار.

ونصيحة أخري لا ترسم وجها آخر مهما حدث، لا تخشَ من إظهار ضعفك ويأسك، لا تتصنع القوة، اترك يدك تكتب وتحكى ما تمر به بكل صدق. وتأكد أن هذه حقيقة كل البشر، صراع مستمر بين الضعف والقوة، واليأس والتفاؤل، والنشاط والخمول.

الرابط المختصر