سِرِّية الحسابات خط أحمر

aiBANK

بقلم مجدي سرحان ـ رئيس مجلس إدارة جريدة حابي

حسم محافظ البنك المركزي طارق عامر.. مبكرا.. هذا الجدل الذي كاد يفجره رئيس مصلحة الضرائب.. حول انتهاك سرية الحسابات المصرفية لتحصيل حقوق الدولة المتمثلة في الضرائب.

E-Bank

قالها عامر.. قاطعة جازمة حازمة في تصريح انفردت به “حابي” ونقلته عنها وكالات الأنباء وعلى رأسها “رويترز”: إن البنك المركزي سيدافع عن استمرار قانون سرية الحسابات.. ولن يسمح مطلقا بالمساس بمدخرات المواطنين.

ونقول نحن: إن عامر كان يعني بذلك إنه لن يسمح بالعبث بسمعة الجهاز المصرفي المصري.. داخليا وخارجيا.. إذا ما استجاب لما قاله رئيس مصلحة الضرائب عماد سامى حول التقدم بمقترح لتعديل المادة 99 من قانون الضريبة على الدخل.. لكى تسمح لوزير المالية بالكشف عن الحسابات المصرفية للشركات التى تقدم بيانات غير واقعية عن ايراداتها.. وقد نصح محافظ “المركزي” رئيس مصلحة الضرائب “بالتريث فيما يقول”.

•• هذا هو “بيت القصيد”

أن يعي رئيس المصلحة مغزى النصيحة التي وجهها له طارق عامر.. وليت باقي “كبار الموظفين” يستوعبونها أيضا.. بأن يلزموا حدودهم.. ويعقلوا كلامهم قبل أن ينطقوا به.. وألا يتدخلوا فيما لا يعنيهم.. أو يبالغوا في إظهار الحرص على مصالح الدولة.. حفاظا على مقاعدهم ومراكزهم الوظيفية.. على حساب أصول وقواعد عامة وقوانين تحفظ للوطن توازنه الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.. وبدلا من ذلك فإذا بهم يسعون الى تدمير ما تم بناؤه في سنين من المكاسب والانجازات.

هذا التصريح الصادر من رئيس مصلحة الضرائب.. يذكرنا أيضا بالتصريحات “العنترية” التي أطلقتها من قبل رئيسة مصلحة الضرائب العقارية.. وتهديدها بالعقوبات والغرامات والحجز على الممتلكات لمن لا يبادرون بسداد الضريبة العقارية الظالمة والمخالفة للدستور ـ من وجهة نظرنا ـ التي تم فرضها على الوحدات السكنية الخاصة.. وهو ما أثار غضب الناس.. وأتى بنتائج سلبية.. فامتنع الكثيرون عن الدفع والتسجيل.. وأدركت الحكومة خطأها وقررت إجراء تعديل على مواد قانون هذه الضريبة لعلاج ثغراته وعيوبه التي حذرنا منها مرارا وتكرارا.. وخصوصا ما يتعلق منها بطريقة تقدير قيمة هذه الوحدات التي تبدو جزافية حتى الآن.. وأيضا ما يتعلق بقواعد وحدود الإعفاء من الضريبة التي تم وضعها على أساس أسعار عام 2013 ولم تعد ملائمة للوقت الحالي.

•• رئيس مصلحة الضرائب

عندما أطلق تصريحه المتسرع.. لم يعط أي اعتبار الى أنه يتخطى حدود اختصاصاته في حديثه عن مسألة تدخل في صميم عمل البنك المركزي وحده.. وهو اختصاص سيادي محصن بالدستور والقانون.. كما تغافل عن أن تنظيم حسابات عملاء البنوك يخضع لقواعد عالمية موحدة متعارف عليها.. وأي مساس بهذه القواعد لا يؤدي الى اهتزاز الثقة في النظام المصرفي للدولة وحده.. وإنما ينال من سمعة الاقتصاد بكامله.. بل بسمعة ومكانة الدولة نفسها.

وعلى رأس هذه القواعد يأتي ضمان سرية بيانات حسابات العملاء.. فهذه السرية هي التي توفر الثقة والطمأنينة لدى أصحاب رؤوس الأموال على أعمالهم المصرفية وعلى البيانات والمعلومات ذات الصلة بثرواتهم.. وهو ما يخلق بالتالي بيئة مناسبة للاستثمار.. كما يحفز على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية.. وتنعكس المحصلة النهائية إيجابا على الاقتصاد الوطني بشكل عام.

•• لذلك

يتعبر القانون المصري سرية الحسابات البنكية “خطا أحمر” لا يجب الاقتراب منه.. وينص على أن “تكون جميع حسابات العملاء وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم فى البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية”.. ويحدد قواعد صارمة للاطلاع عليها أو اعطاء بيانات بشأنها.

ومن أجل ذلك أيضا وددنا لو أن كل “موظف كبير” يحفظ هذه النصيحة الغالية من محافظ البنك المركزى.. حتى لا يعرض نفسه للوقوع تحت طائلة القانون الذي توجد به العديد من النصوص التي تمنع تجاوز الموظف العام لحدود صلاحياته واختصاصاته.. وتعاقبه إذا فعل ذلك.

الرابط المختصر