ع الأصل دور

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم ــ رئيس شركة مصر لنشر المعلومات

يقول المثل العامي «من فات قديمه تاه»، ويعاني معظم المصريين من حيرة شديدة عندما يرتبط الأمر بالهوية، فتتأرجح من العربية إلي الأفريقية للشرق أوسطية، وتختلط بالهوية الدينية أحيانا كثيرة، وتعاظمت هذه الحيرة بثقافة الإغاثة من الشرق، والتي ساهمت في تشويه كثير من مفردات اللغة والتحية والزي علي سبيل المثال لا الحصر.

E-Bank

مصر قد تكون البلد الوحيد الذي يسمي بالعربية «مصر» بينما تسمي بكل لغات الدنيا ما يشابه Egypt بالإنجليزية وأشك أن يكون هذا الاختلاف قد استوقف كثيرين أو دفعهم للبحث عن معني ومصدر الاسمين.

قد يكون ضعف الهوية المصرية والصلة بماضيها العريق وضعف معلوماتنا عن تاريخ مصر الفرعوني هو سبب التوهان الذي نحن فيه. قد يكون هو سبب الإخفاق.. فصلتنا بعظمة ماضينا قد تدفعنا للأمام بطاقة جبارة، منبعها عدم الرضا عن حاضرنا لسعة الهوة بين الحاضر والماضي.

طالعتنا أيضاً الأخبار الأسبوع الماضي بخبر حزين عن احتراق متحف من المتاحف الكبيرة بالعالم يحتوي علي الآلاف من القطع الأثرية المصرية.

كما نعلم يقينا باختفاء آثار مصرية بصفة دورية وظهورها في الغرب كمقتنيات متحف كبير أو مقتنيات ثري مغرم باقتناء ما برعوا فيه الأجداد. وهذا يدل على ولع العالم بالتاريخ المصري واقتناء آثاره حتي لو بطريقة مخالفة للقانون وبأي ثمن.

تطالعنا الأخبار، وخاصة صفحة وزارة الآثار، بانتظام عن اكتشافات جديدة، وأنا أودّ أن أحيي الوزارة علي استخدام صفحتها علي الفيسبوك باللغة العربية في التواصل ونشر أخبار الاكتشافات السعيدة والشيقة.

هذه الاكتشافات ينتج عنها آلاف القطع الأثرية المكتشفة حديثاً بخلاف الآلاف التي ضاقت بها متاحفها ومتاحف العالم التي لا أبالغ إن قلت إن القسم المصري بها هو زينتها وبؤرة اهتمام زائريها.

تقدم التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي خدمة العمر للمصريين والإنسانية وذلك عبر إمكانية توثيق تلك الآثار وكل ما يخصها من قصص شيقة وحقائق تاريخية. هذا التوثيق يبقي آثارنا رغم الحريق ورغم السرقات موجودة ويتحدى محدودية إمكانيات العرض بمتاحف العالم ومتاحفها حتي بعد بناء المتحف المصري الكبير اللذي يترقبه العالم بفاغ الصبر.

هذا التوثيق الرقمي لا حدود لإمكانياته لأنه يعبر بالكتابة والصور والفيديو. كما أنه يعطي المتصفح إمكانية المشاهدة والتجوال في الأثر وكأنه في الموقع بنفسه، الإمكانية الثانية اللتي تقدمها تكنولوجيا المعلومات بخلاف التوثيق هي التوصيل.

توصيل المعلومة لمن يهمه الأمر ولمن يبحث عنها بل وتتبع المهتم علي مواقع أخري لا صلة لها بالآثار لمجرد أنه أظهر اهتمامه. الميزة الثالثة التي تقدمها التكنولوجيا بعد التوثيق وتوصيل المعلومة هي الترويج السياحي وتقديم الخدمات والتي لا تنحصر في الحجز فقط لكن في خدمات الإرشاد السياحي الإلكتروني وفي الحصول علي تعليقات الزائرين التي قد تمكنا من تحسين الخدمات.

هذا بخلاف الألعاب الإلكترونية والألغاز والكارتون القادرة علي ترسيخ الولع بالتاريخ في أذهان الأطفال والكبار.

حاولت قبل كتابة مقالي هذا، البحث عن مواقع ومتاحف مصرية شهيرة ولم أنجح في الوصول إلي الكثير ولم يتناسب المحتوي المعروض من مصر بعراقة وحجم وشغف العالم بآثارها. لدينا آثار ومواقع تخص العالم كله من الحقب المختلفة والرحلات المذكورة في الكتب السماوية والتي قد يرغب الملايين في زيارتها.

نحن مقصرون في توثيق آثارنا وإطلاع أبناء هذا الوطن الغالي علي عظمة الأجداد وما تركوه لنا من فخر واعتزاز يقف أمامه العالم احتراما لأنه يعرف عنه أكثر كثيراً منا.

هذه دعوة لاستخدام تكنولوجيا المعلومات في البحث عن الذات وعن الأصل لعلنا نشتهي بالتكنولوجيا العبور من الحاضر إلي عظمة الأجداد فهل لها من مجيب؟.

الرابط المختصر