العقار .. هل مازال ملاذاً آمناً!!

بقلم هانى توفيق ..الرئيس السابق للجمعيتين المصرية والعربية للاستثمار المباشر

لفت نظرى مؤخراً العدد الرهيب من المنتجعات السياحية بطول وعرض سواحل البحرين الأبيض والأحمر، بل وفى القاهرة بالتجمع و6 أكتوبر وغيرهم.

E-Bank

وما لفت نظرى أيضاً، أن هذه المنتجعات السياحية، وغيرها من آلاف الوحدات والشقق السكنية على الطريق الدائرى معظمها مغلق أغلب أيام السنة، بل وبعضها مغلق على الدوام، حتى ليقال إن عدد الوحدات المغلقة فى مصر يزيد على 10 ملايين وحدة!!!
ما علاقة ذلك بالاقتصاد؟

العلاقة سلبية ومتعددة الاتجاهات، ويمكن إيجازها فيما يلى:

1. العمالة فى قطاع المقاولات تعتبر موسمية أو مؤقتة، انتهى بإتمام البناء والانتظار حتى يحصل المقاول على عملية جديدة، وذلك عكس العمل فى مزرعة أو مصنع أو فى التجارة أو السياحة والتى يتسم معظمها بالاستمرارية.

2. تخيل أن لديك وحدة سكنية قيمتها مثلاً 1.5 مليون جنيه معطلة طوال 300 يوم فى السنة. عندما تبلغ قيمة الفائدة السنوية على هذا المبلغ 250 ألف جنيه، فمعنى هذا أن حضرتك تهدر أنت وباقى المالكين غير الشاغلين لوحداتهم مئات المليارات من الجنيهات سنوياً، كانت كفيلة، إذا ما وجهت إلى الاقتصاد الحقيقى وتطوير التصنيع وتشغيل المصانع المتعثرة وخلق صناعات جديدة تناسب القيمة التنافسية للجنيه المصرى بعد التعويم، كانت كفيلة بسد عجز الموازنة، وامتصاص البطالة، وزيادة الإنتاج والتصنيع والتصدير.

3. ومن الناحية الاقتصادية البحتة، فقد كانت فكرة الاستثمار فى العقار (إللى لا بياكل ولا بيشرب) كما يقول العامة، فكرة جيدة عندما كان الطلب يزيد على العرض، وكان التدهور فى قيمة النقود تجعل الناس تفضل «الاختباء» فى العقار كمخزن للقيمة لا يبلى مع مرور الوقت. أما الآن، ومع زيادة المعروض عن المطلوب بشكل يدعو للقلق، ومع تدهور مستوى معيشة القدر الأكبر من السكان، وارتفاع الفجوة بين أسعار الوحدات المعروضة (حتى ان كان السداد دون مقدم وعلى 10 سنين) وبين القوة الشرائية للشباب (إللى أساساً مش لاقى وظيفة)، فإن الأمر أصبح يدعو فعلاً للقلق، وبشكل كبير.

4. وما زاد الطين بلة، أن الدولة بكل مؤسساتها ما زالت تعتبر قطاع المقاولات والتشييد هو قاطرة النمو، فتوسعت فى طرح الأراضى وإقامة المدن الجديدة، وافتقدت إلى حد كبير الرؤية الثاقبة للنمو المتوازن، والمصحوب باستدامة التشغيل والتصنيع والتصدير.

وأختتم هذا المقال بتوجيه تحذير قوي لعله يصل للجميع: الفقاعة العقارية (بمعنى تباطؤ عمليات البيع والشراء، وليس انهيار الأسعار لعدم تفعيل الرهن العقارى فى مصر بعد) قادمة لا محالة، فلا تشترِ عقاراً للاستثمار وإنما للسكن، ولا تغامر بمدخراتك فى إضافة وحدة أو أكثر للغابات الأسمنتية المنتشرة فى طول البلاد وعرضها، لا تجد من يشتريها.

الرابط المختصر