أحمد أبو السعد: قوة الدولار السبب الرئيسي في الاضطرابات.. ومصر لديها مقومات الصمود
سعر الصرف العادل بين 15.5 إلى 16 جنيه.. وارتفاعه سياسي لتحجيم سحب السيولة
فريق حابي
قال أحمد أبوالسعد، رئيس شركة رسملة مصر لإدارة الأصول، ورئيس الجمعية المصرية لخبراء الاستثمار، إن وضع الاقتصاد المصري يتمتع بعدد من العناصر الإيجابية التي توفر له قدرًا عاليًا من المناعة في مواجهة الاضطرابات العنيفة التي تعاني منها الأسواق الناشئة حاليًا.
وأوضح أبوالسعد أن موجة الاضطرابات بدأت منذ حوالي 5 أشهر، وتغطي أغلب الأسواق الناشئة، نتيجة لأسباب متعددة ومعروفة، منها السياسية ومنها انعكاسات الحرب التجرية الحالية، والتي تؤدي جميعها في النهاية إلى قوة الدولار.
وأضاف أن قوة الدولار تظهر حاليًا على كل شيء، فهو قوي على السلع والعملات والذهب، مما يتسبب في موجات البيع التي تسمي «Flying To Quality”، بهدف الهروب من المخاطرة للأسواق الأكثر أمنًا، وهو ما انعكس بالفعل على أداء السوق الأمريكية، وصعود الأسعار السوقية لأسهم الشركات الكبرى لمستويات قياسية.
وأكد أبو السعد درجة التأثر من تداعيات السياسات الأمريكية على الأسواق الناشئة يختلف من سوق لآخر وفقًا لدرجة الاعتماد على الاستثمارات الأجنبية، خاصة تلك التي لا تتحوط بقدر كافٍ وتستخدم السيولة الأجنبية قصيرة الأجل في تمويل متطلبات طويلة الأجل، مما قد يسفر عن فجوة تمويلية في حال سحب السيولة مثلما حدث في تركيا والأرجنتين.
تركيا ليست في وضع سيئ اقتصاديًّا.. والخلاف بين السياسة المالية والنقدية وراء ما حدث
وأشار إلى أن الاقتصاد التركي ليس بالسوء الذي يستدعي حالة التدهور التي تشهدها حاليًا، في ظل وضع اقتصادي ينمو بمعدل 7%، وحتى بعدما اشتدت الاضطرابات سجل نموًّا بواقع 5% في آخر ربع.
واعتبر أن اللغط الدائر بين سياسات الدولة والبنك المركزي التركي تعد السبب الرئيسي في تأثر السوق التركية بهذه الحدة، لإعطائها مؤشرات سلبية تسببت في زيادة المخاوف وحالة الارتباك.
مصر لديها مناعة في مواجهه الضغوط الخارجية.. والاحتياطي في المقدمة
وأكد رئيس شركة رسملة أن وضع العملة الأجنبية بمصر مطمئن ويمثل أحد مقومات مناعة الاقتصاد المحلي في مواجهة هذه الاضطرابات، في ظل توافر احتياطي نقدي يتجاوز 44 مليار دولار إلى جانب نحو 12 مليار دولار أخرى في الجيب الخلفي المسمى بصندوق ضمان خروج استثمارات الأجانب، علاوة على ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج والتي سجلت 26 مليار دولار.
وأشار إلى أن حركة سحب السيولة من الأذون وأدوات الدين أثرت سلبًا على أرصدة البنوك من النقد الأجنبي إلا أن هذه الوضعية لا تمثل مشكلة على الإطلاق حتى الآن، لافتًا إلى أن درجة تأثر البنوك ستتوقف على طول الفترة التي ستسغرقها هذه الاضطرابات.
وأكد أن الوضع الاقتصادي بشكل عام لم يدخل بعد في مرحلة الرواج التي قد تتأثر بموجة الاضطرابات الناتجة عن قوة الدولار، خاصة مع استمرار العمل بالسياسات المحجمة للاستيراد والتي تمثل أيضًا عنصر دفاع جيد، علاوة على ضعف الطلب على الاقتراض في ظل مستويات الفائدة المرتفعة.
وعلى صعيد سعرالصرف، أكد أبو السعد أن الحسابات المالية تضع القيمة العادلة للجنيه في مواجهه الدولار ما بين 15.5 جنيه، و16 جنيهًا، مرجحًا أن تكون للسياسات النقدية دور في تحركه فوق هذه المستويات منذ شهور تحوطًا من زيادة حركة سحب السيولة التي تواجه الأسواق الناشئة.
وقال: “هذا هو تحليلي للسياسة النقدية، خاصة أن سعر صرف الجنيه كان من الطبيعي أن يرتفع مع نهاية العام لاستيعاب فارق التضخم سنويًّا».
وأضاف أن خطوات التعامل مع ملف الدين تحمل أيضًا فكر جيد، في ظل التوسع منذ نحو عامين في الاعتماد على التمويلات الدولارية بفائدة منخفضة تدور بين 5-6% .
وأشار إلى أن الاتجاه حاليًا بدأ يميل أكثر إلى الديون قصيرة الأجل لمواجهة الفائدة المرتفعة، وهو ما يظهر في إلغاء المزادات الأخيرة التي رفضت بسبب ارتفاع الفائدة، مع البحث عن بدائل تمويلية أخرى لحين تحسن معدلات الفائدة، خاصة أن خدمة الدين تمثل التحدي الرئيسي في ظل تحقيق فائض أولي إيجابي بالناتج المحلي.
وأكد أن مستوى الدين في مصر لا يدعو للقلق، ولكن في الوقت نفسه لا يدعو للتوسع في الاقتراض وتمويل شراء السلع.
وعلى صعيد أسواق الأسهم، أوضح رئيس شركة رسملة لإدارة الأصول أنه من المعروف أن أسواق الأسهم هي الأكثر سيولة بين مختلف الأسواق، وبالتالي تتأثر بصورة قوية بأي اضطرابات أو أحداث محيطة حتى إن لم يمتد لها الأثر المباشر.
وأضاف أن مشكلة السوق المحلية ترجع في الأساس إلى موجة الصعود الجماعية التي شهدتها الأسهم بالتزامن مع قرار التعويم لاستيعاب فروق العملة، موضحًا أن هذه الموجة دفعت بأسعار الأسهم لمستويات تفوق أداءها المالي خلال هذه المرحلة.
وقال: “التسعير السوقي كان قد استوعب بالفعل كل الإجرءات الإصلاحية التي شهدتها هذه الفترة، في حين لم تجذب السوق سيولة جديدة نتيجة لارتفاع مستويات الأسعار وصغر حجم السوق وقلة التنوع، والأسواق في هذه الحالة إما أن تصحح نفسها وتنخفض بما يعكس الأداء المالي للشركات، او تهدأ لحين تطور الأداء بما يتلاءم مع الأسعار».
وأوضح أنه أثناء هذه المرحلة الانتقالية بدأت أزمة الأسواق الناشئة، وتزامنت مع مواسم رمضان والأعياد والصيف التي تشهد شحًّا في السيولة وضعفًا في الأداء، ما ساهم في تراجع السوق عبر أحجام تداول ضعيفة.
وتوقع أبو السعد أن تبدأ السوق في التعافي اعتبارًا من الشهر المقبل خاصة أن أسعار بعض الأسهم بلغت مستويات متدنية، قائلًا: «هبوط السوق هذه المرة كان قويًّا وكاشفًا لكثير من الأسهم، التي بلغت مستويات أقل بكثير من التي كانت سجلتها من قبل عند بلوغ المؤشر الرئيسي لمستوى 15300 في الموجة السابقة».
وأكد أن ضعف السوق الحالية يمثل تحديًا كبيرًا على الشركات المروجة للطروحات الخاصة التي تنتظرها السوق خلال الشهور القليلة، مقللًا في الوقت نفسه من تأثير الاضطرابات على الطروحات الحكومية المرتقبة.
وأوضح أن الطروحات الحكومية يجب أن تستهدف جذب سيولة من خارج السوق لتحقيق الهدف من الطروحات في تنشيط البورصة، خاصة أن أحجامها متواضعة ما يجعلها بعيدة عن العوامل السلبية المحيطة.
وقال: “أنتمي لمدرسة تركز على طرح بضاعة جديدة والعمل على التطوير المستمر في إطار خطة ممتدة لجذب السيولة، فالاضطرابات مهما كان تأثيرها ستنتهي بعد فترة وتكون السوق هي المستفيدة إذا لم ترجئ خططها”.
وأشار إلى أن برنامج الطروحات يتم الحديث عنه لما يقرب من عامين حاليًا منذ إعلان قرارات المجلس الأعلى للاستثمار نهاية 2016، في حين أن البورصة المصرية شهدت موجات انتعاش قوية خلال هذه الفترة كانت قادرة على استيعاب طرح كل الشركات المدرجة بالبرنامج.