المواطن والطبيب والتكنولوجيا

aiBANK

بقلم د.ماهر عشم رئيس شركة مصر لنشر المعلومات

يزداد ارتباط الطب بالتكنولوجيا يومًا بعد يوم ولا أبالغ إن استبدلت ارتباط باعتماد الطب على التكنولوجيا. تبدأ هذه الصلة بطالب الطب والباحثين والعلماء واعتمادهم على تكنولوجيا المعلومات وتحليل البيانات والإحصاء للتوصل الي أسباب الأمراض ودراسة العلاقة بينها وبين عوامل انتشارها وإيجاد العلاج المناسب لها، وتشمل أيضًا الأجهزة الطبية المعقدة والتي تساعد علي تشخيص الأمراض وتعمل وفق برامج معقدة وتمتد لتصل إلى تجارب لإجراء عمليات جراحية عن بعد عبر الإنترنت وباستخدام آليات وبرامج وشبكات معقدة.

E-Bank

لن أتطرق في مقالي هذا لدور التكنولوجيا في البحث العلمي لمحدوديته وضعف الإمكانيات المادية المخصصة له وغياب الشركات الكبيرة التي تتبناه. كما لن أتطرق إلى دوره في الأجهزة والتشخيص لأننا نستوردها بالتكنولوجيا المصاحبة لها ولن أحلم بالتطريق إلى تجربة آخر ما توصل إليه العلماء ولكن أودّ أن أتناول ثلاثة جوانب إن تبناهم أحد المسؤولين لصارت حياتنا أكثر سهولة وصارت العلاقة بين المرض والطبيب أكثر ألفة.

قبل أن أتناول الجانب الأول أودّ أن أذكر كل من جاوز الثلاثين من عمره بذكريات أليمة كانت البنوك وقتها تعتمد اعتمادًا كليًّا على الدفاتر الورقية، فإذا كان حسابك في فرع مصر الجديدة واحتجت إلى دفع أحد الالتزامات في المهندسين لوجب عليك الرجوع إلى الفرع الخاص بك لأن الدفاتر موجودة هناك وموظف المهندسين لا يعرف شيئًا عن أرصدتك، تخيلوا يا سادة أن هذا لا يزال الحال في عام ٢٠١٨ بالنسبة للسجلات الطبية، فإذا زرت طبيبًا وطلب منك تحاليل وفحوصات أخرى يجب عليك أن تكون كعب داير على التقارير والتحايل والنتائج حتى ترجع بهم إلى الطبيب مرة أخرى لإبداء الرأي في التشخيص والعلاج، وإن استشرت طبيبًا آخر فلن يعرف أي شيء عن رأي الطبيب الأول إلا إن اتصل به وهذا قرب من الغول والعنقاء والخل الوفي.

كل هذا العذاب والحل يكمن في تبني وزارة الصحة لمشروع قومي بتنظيم إنشاء السجلات الطبية الموحدة. هذه السجلات هي قاعدة بيانات تحتوي على كل المعلومات والتشخيصات والفحوصات الخاصة بكل مواطن مربوطة برقمه القومي، وقتها يمكن لأي طبيب بعد إذن المواطن الاضطلاع من هاتفه المحمول علي تلك البيانات والتعرف علي تاريخ المريض الطبي اللازم للتشخيص والإضافة لها ببيانات جديدة ويمكن لأي معمل تحاليل أو مركز إشاعة إضافة أي نتائج خاصة بأي مواطن إلى السجل الطبي الخاص به، يمكن أيضًا ربط هذه السجلات بشركات التأمين الصحي والصيدليات لصرف العلاج الخاص بالمريض وتوفير المشواير والتكلفة التي هو في غنى عنها.

الجانب الثاني خاص بالساعات التي يقضيها المريض وهو متألم ويعاني، ومنا من هم كبار السن الواجب مراعاتهم والعمل علي راحتهم بدلًا من تعذيبهم بساعات الانتظار لكشف الطبيب.. الحل بسيط جدًّا يا سادة فيجب أن يكون لدى كل طبيب تطبيق خاص به يمكن للمريض الحجز من خلاله ومعرفة دوره وعدد المنتظرين والذهاب في الموعد الخاص به.

هذا التطبيق يقضي علي فساد التمرجي الذي دائمًا ما يرحب الدرج الخاص به بأموال المرضى حتي يتمكنوا من الحصول علي فرصة مريحة للدخول إلى الطبيب، كما يمكن لهذا التطبيق أن يقوم بتحليل البيانات وإمداد الطبيب بمعلومات دقيقة عن متوسط مدة الزيارة لكل مريض وتنظيم الأدوار والمساهمة في دقه هذه العملية فيما بعد.

أما الجانب الثالث والأخير ينحصر في دور شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع المتخصصة في تصنيف الأطباء بحسب تجارب المرضى ومشاركة الآخرين بتجاربهم الشخصية مع هؤلاء الأطباء مما سيرفع بلا شك من كفاءة المنظومة كما أنها ستفيد الأطباء وتسهل من مهمتهم ومعاناتهم في الحصول علي المعلومات الخاصة بمرضاهم وإرضائهم.

هناك بالفعل محاولات جادة من رواد الأعمال إلى الدخول في هذه المجالات وسمعنا عن شركة نجحت في اقتناص تمويل كبير نسبيًّا لحجمها للتوسع وزيادة الخدمات في هذا المجال إلا أننا نحتاج إلى اهتمام حكومي وتطبيق وتعميم للسجلات الطيبة الموحدة والتي تأخرنا كثيرًا في تبنيها وتطبيقها.

 

الرابط المختصر