رواج سوق السيارات مرهون بنمو الاقتصاد 7% على الأقل

القطاع يتميز بضخامة استثماراته وقدرته على النهضة بالاقتصاد.. وعلينا الاستفادة من تجارب تركيا والمغرب

aiBANK

فريق حابي

قال أحد أكبر مُصنعي السيارات في السوق المصرية أن قطاع السيارات لا زال يُعاني من ركود نسبي نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية وتراجع القوة الشرائية لشريحة كبيرة من المستهلكين المحليين، وأن عودتها لمراحل جديدة من الرواج تتطلب تحقيق معدلات نمو اقتصادي لا تقل عن 7% سنويًّا.

E-Bank

وأوضح أن سوق السيارات المصرية وصلت مبيعاتها في عام 2008 إلى ما يزيد عن 200 ألف سيارة ركوب، وكان من المتوقع وقتها أن تصل المبيعات إلى نصف مليون على الأقل في عام 2018، ولكن لم تعد هذه التوقعات ملائمة لحجم المبيعات التي تم تسجيلها خلال العام الماضي 2017 بواقع 100 ألف سيارة.

وأضاف المصدر أن الانهيار الذي شهدته مبيعات سوق السيارات المحلية هو نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي الذي شهدته مصر منذ عام 2011.

النظام الحالي حقق استقرارًا سياسيًّا وأهَّل المناخ الاقتصادي ولا ينقصنا سوى جذب المزيد من الاستثمارات المباشرة

وقال: “نستطيع حاليًا القول إن مصر استعادت الاستقرار السياسي، وأصبح من اللازم أن تستعيد الاستقرار الاقتصادي والاتجاه نحو تحقيق معدلات نموٍّ مناسبة لحجم ووضع الدولة وبصورة عاجلة”.

وأشار المصدر إلى أن استمرار معدلات النمو الاقتصادي على المستويات الحالية سيترتب عليه استمرار تأثر القوة الشرائية للمواطنين، وهو ما سينعكس بدوره على نشاط وتوسعات عدد من القطاعات الاقتصادية التي يمكنها دفع العجلة بصورة سريعة، خاصة وأن مصر سوق يتسم بتعداد سكاني كبير تجاوز حاجز 100 مليون مواطن، بخلاف الزيادة السنوية والتي تصل إلى نصف مليون مواطن.

وأوضح المصدر أن عودة قطاع السيارات لمراحل الرواج مرهونة بعدة عوامل أهمها، تحسن المستوى المعيشي والقدرة الشرائية للأفراد كمثل باقي القطاعات الأخرى والتي تأثرت نتيجة للإجراءات الخاصة بالإصلاح الاقتصادي وفي مقدمتها تحرير سعر العملة المحلية.

وقال: “أصبحنا بحاجة لتحقيق معدلات نمو اقتصادي لا تقل عن 7% سنويًّا، وعند استقرار هذه المعدلات سيزداد رخاء المواطن وسترتفع قدرته الشرائية من جديد، مما سينعكس على حركة نمو قطاع السيارات، ووقتها ستستطيع السوق تسجيل مبيعات تصل إلى نصف مليون سيارة، وسنعود للمعدلات التي توقعنا قبل الأزمة تحقيقها في 2018”.

وأكد المصدر أن كلمة السر في تحقيق معدلات النمو الاقتصادي المناسبة لحجم السوق المحلية ومقوماتها، هي زيادة الاستثمارات المباشرة سواء الخاصة بالمستثمرين المحليين أو الأجانب.

وتابع: “النظام الحالي نجح بتفوق في إعادة بناء البنية التحتية وإحداث تطور كبير على مستوى الاستقرار السياسي، كما استطاع أن يواجه مجموعة من المشكلات التاريخية التي تمس حياة عشرات الملايين من المواطنين وهذا أمر يحسب له، خاصة وأن كل الأنظمة السابقة له ومنذ عام 1959 لم تجرؤ على حل هذه الأزمات للحفاظ على شعبيتها لدى المواطنين وعلى حساب كفاءة الوضع الاقتصادي مستقبلًا وقدرة الدولة على الاستمرار بنفس الطريقة”.

وأضاف المصدر أن منظومة الإصلاح أهلَّت الاقتصاد المحلي لتحقيق معدلات نمو جيدة، ولكن لا ينقصها إلا النجاح في جذب المزيد من الاستثمارات المباشرة، وهو الأمر الذي يحتاج أن تجتهد الحكومة في معرفة كيف تنجح الدول في جذب استثمارات أجنبية مباشرة؟

وتابع: “الأمر لا يحتاح سوى توفير حزمة من المحفزات لتشجيع المستثمرين على ضخ استثماراتهم بالسوق المصرية بدلًا من دخولها لأسواق أخرى أصبحت تنافسنا بقوة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وعلينا أن نستفيد من تجارب وإجراءات خطط المنافسين”.

وأوضح المصدر أن سوق السيارات المصرية في منافسة مع التجارب الناجحة على المستوى الإقليمي وهي تركيا والمغرب، وهاتان الدولتان نجحتا بفضل تقديمهم للمستثمرين لعدد وصور مختلفة من المحفزات، فهناك من يقدم حوافز مالية من خلال رد ما يتراوح بين 20 إلى 30% من قيمة المشروعات الاستثمارية الجديدة نقدًا للمستثمر بعد التنفيذ، وبالتالي سيشجع ذلك آخرين على الاستثمار في هذه السوق.

كما تقدم دول أخرى حوافز استثمارية في شكل إعفاءات للمشروعات من مصروفات البحث والتطوير، أو ضرائب كسب العمل، أو منح أراضٍ مجانية للمشروعات الجديدة ، وهناك أيضًا دول تقدم مجموعة من هذه الحوافز لنفس المشروع، والأمر هنا يختلف من بلد لأخرى حسب مستهدفاتها من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وقال: “لا أقصد بذكر هذه النماذج، أن تقوم الحكومة المصرية بتوفير هذه الحزمة التشجيعية بكامل صورها للمستثمرين، ولكن علينا أن نقدم منها ما يناسب خطط ومستهدفات الدولة، والأهم في هذا الشأن هو التأكد من أهمية وضرورة تقديم الحوافز الاستثمارية وتشجيع القطاع الخاص في تدوير عجلة الاقتصاد في دول عديدة سبقتنا خلال الوقت الحالي في معدلات النمو الاقتصادي”.

وتابع: “تشجيع القطاع الخاص على زيادة استثماراته ساهم في نهضة عدد من الدول التي عانت من أوضاع متردية لسنوات طويلة وكان مفتاحًا لخروجها من أزماتها، وأذكر أنني أثناء مشاركتي بمعرض جنيف الدولي للسيارات في إحدى السنوات الماضية، وخلال الفترة المخصصة لرؤوساء الشركات قبل استقبال المعرض للزائرين، فوجئت بمقابلة وزير الاستثمار التركي، الذي جاء لمقابلة رؤوساء شركات السيارات والحديث عن الإجراءات والقرارات التى اتخذتها بلاده في ذلك الوقت لتحفيز الاستثمار”.

وأكد المصدر أن هذا اللقاء ترتب عليه عدد من الزيارات والمناقشات التي ساهمت في جذب استثمارات ضخمة لقطاع السيارات بالسوق التركية بعدها، فمما لا شك فيه أن مقابلات المسؤولين مع المستثمرين تساهم بصورة كبيرة في ترسيخ حالة من الطمأنينة لديهم، وتشجيعهم على الاستثمار بهذه الدول، لما في ذلك من رسالة تؤكد على ترحيب الدولة بالاستثمارات الخاصة المباشرة، وتقديرها لدور القطاع الخاص في المشاركة بالتنمية الاقتصادية والمجتمعية أيضًا.

وأوصى المصدر بضرورة اهتمام السلطات المصرية بخلق مناخ دافئ مع مستثمرين القطاع الخاص، وأن أبسط عوامل تهيئة هذا المناخ تتمثل في زيارة المعارض المتخصصة التي يتم إقامتها داخل السوق المحلية، ومقابلة المستثمرين وفتح مجال للحوار والمناقشات وعرض الفرص بصورة غير تقليدية، خاصة وأن مثل هذه المقابلات غير الرسمية قادرة على توجيه رسائل الترحيب بالقطاع الخاص ودوره.

وأضاف أن تركيز مصر على تنفيذ خططها المستهدفة في تطوير صناعة السيارات والإلكترونيات وفقًا لما تم إعلانه على مدار سنوات طويلة ماضية من شأنه تحقيق طفرة كبيرة في حجم الاستثمارات المباشرة، فلا يمكننا عدم الالتفات لتجربة كوريا الجنوبية التي كانت من أفقر دول العالم قبل خمسين عامًا، ولكنها أصبحت من أغنى الدول بفضل التركيز على النهضة بصناعة السيارات والإلكترونيات محليًّا، كما أن نجاح الصين في تحقيق طفرات اقتصادية كان أحد أهم ركائزه صناعة السيارات، وهو ما ساعدها في النهاية على جذب استثمارات شركات عملاقة في التصنيع على مستوى العالم مثل جنرال موتورز وفورد وفولكس فاجن وغيرها.

وفيما يتعلق باستراتيجية صناعة السيارات محليًّا، قال المصدر إن هذه الاستراتيجية بدأ الحديث عنها في يناير 2009 أي ما يقرب من عشر سنوات، وبعد مرورها طول هذه الفترة بمناقشات ومطالبات عديدة وكادت أن تخرج للنور في عهد وزير التجارة والصناعة السابق المهندس طارق قابيل الذى اجتهد وناضل كثيرًا لخروجها بشكل مفيد عمليًّا للصناعة وقادر على وصول مصر إلى مكانة تنافسية مميزة مع الأسواق المحيطة، فوجئنا بأن الوزير الحالي يبدأ العمل في الملف من جديد والحديث عن دراسة بدائل أخرى في نهاية العام الجاري.

إعفاء السيارات الأوربية والتركية من الجمارك بهذا الشكل قاتل لصناعة السيارات المحلية

واعتبر المصدر تزامن الدراسة من جديد مع اقتراب إعفاء السيارات الأوربية والتركية من الجمارك بداية من مطلع العام المقبل، بمثابة حكم بالإعدام على صناعة السيارات محليًّا بدلًا من إنقاذها وتطويرها، وأن خطط شركات السيارات في التصنيع المحلي أصبحت محاطة بالضبابية الشاملة.

وأضاف أنه كان على الحكومة توضيح أزمتها أو طبيعة اتفاقتها مع الاتحاد الأوربي بهذا الشأن، فعلى أقل تقدير كانت الشركات المصنعة ستستطيع تعديل خططها بما يتناسب مع هذا الوضع وتقليل حجم الخسائر التي ستنتج عنه.

الشركات ستتأقلم مع الأوضاع الجديدة وستحقق أرباحًا.. والاقتصاد القومي المتضرر الأول من ضعف الصناعة المحلية

وقال: “المتضرر الأكبر من إعفاء السيارات الأوربية المستوردة من الجمارك هو الاقتصاد المحلي وليس شركات التصنيع المحلية، فالشركات في جميع الأحوال ستتأقلم مع الأوضاع الجديدة والقوانين والقرارات الحكومية وستسطيع تحقيق أرباح بعد فترة من تعديل الخطط أو تحقيق أرباح محدودة، ولكن نهضة الصناعة كانت ستنعش عددًا من مؤشرات الاقتصاد الكلي الهامة كالصادرات والعمالة وتوفير مصادر أوسع للنقد الأجنبي بدلًا من خروجه في عمليات الاستيراد التي من الطبيعي أن تشهد رواجًا كبيرًا مع بداية العام المقبل”.

وتابع: “الغالبية العظمى من الشركات تستطيع الاستمرار والبقاء سواء من خلال الصناعة أو دونها، واستيراد السيارات والاكتفاء ببيعها ليس أمرًا صعبًا، وكنا نأمل المساهمة بصورة أكثر فاعلية في التنمية الاقتصادية”.

الغرف تطالب بالاجتماع مع الوزير لبحث مستقبل القطاع منذ شهر ونصف دون استجابة.. عدم الرد لا يعني إلا تفادي المواجهة

وحول فرص التواصل مع الجهات المعنية بإعداد وصياغة استراتيجية صناعة السيارات بعد تأخر صدورها، أضاف المصدر أنه ومجموعة كبيرة من مستثمري قطاع السيارات في مصر سواء المحليين أو غير المحللين حاولوا التواصل من خلال إرسال غرف التجارة والصناعة لعدد من المخاطبات لطلب اجتماع مع وزير الصناعة الحالي منذ أكثر من شهر ونصف، لبحث تطورات الاستراتيجية وكيفية التعامل مع الوضع الحالي، ولكن لم يتم الرد على أي منها حتى الآن، قائلًا :”أعتقد أنه عدم الرد على المخاطبات هو تفادي للمواجهة”.

نمو المبيعات 2018 تخطى توقعات أكثر المتفائلين بحوالي 15% .. و20% زيادة متوقعة في 2019

وفيما يتعلق بمعدلات النمو المتوقعة لسوق السيارات خلال العام المقبل، قال: “أتوقع أن تسجل المبيعات نموًّا نسبته 20% خلال 2019، وهذا أمر جيد جدًّا”.
وتابع: “مبيعات سوق السيارات خلال العام الجاري سجلت نموًّا نسبته 35% مقارنة بعام 2017 وذلك لأن حجم مبيعات العام الماضي كان متأثرًا بصورة كبيرة بتراجع القوة الشرائية وهو ما جعل من هذه النسبة المحققة أمر إيجابيًّا، فتوقعات أكثر المتفائلين في القطاع كانت لا تتعدى نسبة 20% فقط”.

الرابط المختصر