الأماني واكتشاف الواقع متأخراً

aiBANK

بقلم صالح ناصر رئيس قسم التحليل الفني بشركة بايونيرز

المشكلة الرئيسية في الاستثمار في أوراق المال تكمن في عدم حيادية المستثمر في نظرته لأسهمه بعد اتخاذ قرار الشراء.

E-Bank

وهذه المشكلة تظهر جلياً إذا كان قرار الشراء خاطئاً أو إذا تحركت الأسهم عكس توقعات المستثمر.

في هذه الحالة تتحكم العاطفة في قرار المستثمر حيث إنه يرفض الاعتراف بواقع الأمر وأن قراره كان خاطئاَ.

فيقوم المستثمر باتخاذ القرار المتماشي مع ما يتمناه أو ما يريده ولا ينظر إلي واقع الأمور التي قد تكون مخالفة لما كان يتمناه.

من ضمن أعراض هذه المشكلة أن يقوم المستثمر بتعظيم خطئه ويبدأ بعمل ما يسمي “متوسط أسعار“ فيشتري كمية أكبر بسعر أقل ليقلل من متوسط السعر ولكنه للأسف لا يعلم أنه بهذا التصرف يعظم من خسائره لأن كمية الأسهم المشتراة تزيد.

ومن ضمن الأعراض الأخري أن يبدأ بالبحث عن أي أخبار إيجابية للسهم ويحاول أن يتعلق بأي قشة قد تنقذه (من وجهة نظره) من الغرق.

وآخر هذه الأعراض أن يبدأ باكتشاف الواقع ولكنه بدلاً من أن يفكر كيف يتصرف في مشكلته يقوم بتعليق أخطائه علي الشركة التي أعطته النصيحة أو المحلل المالي أو الفني والذي كان السبب في دخوله هذا السهم.

وعندما يقرر المستثمر أن يتخذ قراراً بالتخلص من هذا الاستثمار الخاسر يكون الوقت متأخراً جداً ويكون قرار البيع في هذا التوقيت المتأخر خاطئاً حيث يبدأ السهم في الارتفاع مرة أخري بعد أن يكون قد أجبر صديقنا المستثمر علي البيع. من منا حدثت معه هذه الأعراض بنفس الترتيب؟ الكثير!

الحقيقة أن هذه المشكلة لا يعاني منها فقط المستثمر الصغير، فأغلب من يشتغلون بهذه الصناعة يعانون من هذا العرض بطريقة أو بأخري، فمثلاً المحلل المالي أو الفني يحاول أن يدافع عن توصياته بشدة حتي لو لم تكن صحيحة. المستثمر ذو الملائة المالية العالية أيضاً يحتفظ بأسهم بها خسائر فادحة لأنه رفض أن يتخلص منها آنفاً بخسائر صغيرة إلخ إلخ …

ما هو أفضل حل لهذه المشكلة إذن؟ لا يوجد حل قطعي أو جزري، ولكن يجب أن نغير من طريقة تفكيرنا عندما نقرر الشراء.

فبداية يجب أن نكون مستعدون لكل الاحتمالات عند اتخاذ قرار الشراء، وتكون هناك خطة بديلة في حالة ما إذا تحرك السهم عكس مبتغانا.

من ضمن الحلول أيضاً محاولة الابتعاد عن أدوات تساعد علي تعظيم الخسائر كاستخدام الشراء الهامشي أو كالتصميم علي شراء كميات أكبر بغرض تقليل سعر الشراء.

وأخيراً يجب الاعتراف بأننا أخطأنا في قرارنا ونتقبل الخسائر وهي صغيرة (و هذه النقطة بالذات تكلمنا عنها في أول مقال لنا) قبل أن تكون عبئاً علي المحفظة.

أخيراً وليس آخراً لا أحد منا بمنأي عن هذا المرض وأذكر نفسي أولاً قبل أن أذكركم وبالله التوفيق.

الرابط المختصر