بيانات التليفون والكهرباء والتمويل والشمول المالي

aiBANK

بقلم د.ماهر عشم رئيس شركة مصر لنشر المعلومات

تدرك الدولة المصرية تماماً أهمية وحتمية تمكين الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتحفيز النمو الاقتصادي وزيادة الناتج المحلي وبذلت وتبذل كثيرا من الجهد لتسهيل الحصول علي تمويل منخفض التكلفة حتي تستطيع هذه الكيانات من البدء في أنشتطتها والتوسع فيها.

E-Bank

لا يمكن لأحد إنكار هذه النية الحسنة والإرادة وبعض ما يبذل من مجهودات في هذا الإطار.

من العوامل المحفزة للنمو أيضاً زيادة الاستهلاك إذ ما فائدة الإنتاج إن لم يكن هناك مستهلك له؟ يحتاج تنشيط الاستهلاك إلي الحصول علي التمويل بالنسبة للأفراد لشراء ما لا يمكن للمواطن شراؤه علي دفعة واحدة ولكن يمكن لدخله أن يتحمل شراء هذه السلع إذا وجد جهة تموله بالتقسيط علي عدة شهور.

أخيراً تتوج منظمة التمويل الهادف لزيادة نمو التمويل متناهي الصغر والذي بالإضافة إلي ما سبق يحارب الفقر ويساهم في إيجاد حياة كريمة للفقراء من خلال تمويل بسيط لمشروعات بسيطة تغنيهم عن البحث المضني عن فرصة العمل في مناطق تندر بها تلك الفرص.

كما يسهم أيضاً التمويل المتناهي الصغر في تمكين المرأة المعيلة لأسرتها دون أن تضطر إلي ترك منزلها وصغارها للعمل خارج المنزل وهو من القطاعات الأكثر نموا في مصر. بناء علي ما سبق لا غني عن تسهيل الحصول علي التمويل لتحفيز النمو الاقتصادي وزيادة نسبة النمو في إجمالي الناتج المحلي.

في نفس الوقت يعاني المواطن المصري من فقر شديد في الحصول علي الخدمات المالية إذ إن طبقا لإحصائيات صادرة من اتحادى البنوك والصناعات بأن نسبة المواطنين الذين لديهم حسابات بنكية لا تتعدي الـ 18% من تعداد السكان.

وفي الوقت نفسه لا يستطيع أي مواطن الحصول علي تمويل إن لم يكن هناك استعلام ائتماني وهذا بديهي لأنه لا يوجد ممول علي وجه الأرض يرغب في تمويل شخص لا يعرف عنه شيئا وبالتالي لا يضمن بنسبة كبيرة أنه سيتمكن من استرداد الأموال التي أقرضها.

والاستعلام في الماضي كان يتم علي أرض الواقع بإرسال موظفين إلي محل عمل وسكن المقترض للاستعلام عنه.

أما الآن فإنه يتم عن طريق شركة متخصصة تمتلك قاعدة بيانات لكل من له حساب بنكي وبطاقة ائتمان وتاريخ تعاملاته وإيراداته ويتم بواسطتها وفقعا لمعادلات رياضة حساب رقم يعكس قدرة هذا الشخص الائتمانية وبالتالي قدرته علي السداد. لذلك تستطيع البنوك استنادا علي هذه المعلومات ومصادر أخري داخل البنك تحديد قدرة الشخص علي السداد من عدمه.

تكمن الإشكالية هنا في أنه كما ذكرنا أن هناك 85% من المواطنين ليس لديهم أي حسابات بنكية وبالتالي لا يوجد لديهم أي تاريخ بنكي وائتماني وبالتالي أي معلومات تخصهم بهذا الشأن. مما يجعل حصول هؤلاء المواطنين علي أي تمويل فردي أو مؤسسي أو متناهي الصغر في منتهي الصعوبة.

مؤخراً أجبر القانون الصادر من هيئة الرقابة المالية التمويل متناهي الصغر علي الاستعلام الائتمانية إلا أنها خطوة تصب في مصلحة الشركة المسؤولة لأنها ستثري قاعدة بياناتها بهذا القطاع دون فائدة له لفقر قاعدة البيانات فيما يخص التمويل المتناهي الصغر علي الأقل في الدورة الأولي.

الأحلام يكمن في وجود قواعد بيانات أخري يمكن أن تثري الموجودة حاليا وتحل هذه الإشكالية وتكمن في المعلومات الخاصة بالانتظام في سداد فواتير التليفونات والغاز والكهرباء والمياه.

هذه البيانات خاصة بعد توافر آليات إلكترونية لسداد معظمها لا غني عن الاستعانة بها لتحقيق الشمول المالي وتوفير التمويل اللازم لتحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق الحياة الكريمة للمواطن المصري فهل للهيئات المختصة أن تتعاون مع البنك المركزي في هذا المجال لإعلاء المصلحة الوطنية فوق المصالح المؤسسية؟

الرابط المختصر