المصرفيون قلقون من بلوغ أسعار العقارات التجارية عنان السماء

aiBANK

بقلم نوح بحيار..نقلا عن بلومبرج

قبل رحيلها عن رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، في فبراير الماضي، حذرت جانيت يلين من الارتفاع الكبير واللافت للنظر في أسعار العقارات التجارية، وهو نفس التحذير الذي كرره جيروم باول، الرئيس الحالي للفيدرالي الأمريكي.

E-Bank

هكذا بدأ نوح بحيار الصحفي المتخصص بالشأن العقاري بصحيفة بلومبرج مقاله عن مخاوف مسئولي البنوك والقطاع المالي من ارتفاع مستوى تسعير العقارات وبلوغ الإيجارات مستويات مرتفعة تهدد مستقبل الاستثمار في القطاع، راصدًا العديد من المؤشرات التي تكشف تغيرات قوى العرض والطلب بالولايات المتحدة الأمريكية.

كما أكد في نهاية المقال أن هذه التحذيرات لا تقول صراحة إن هناك أزمة بدأت تنكشف بالفعل، لافتا إلى تقرير ديلويت الأخير الذي توقع نموا في حجم المعاملات العقارية التجارية بنحو 13% خلال العام ونصف المقبلين.. وإلى نص المقال:

«حاول المحللون في جولدمان ساكس خلال مايو أن يضعوا رقمًا يعبر عن الوضع، فقالوا إن أسعار العقارات ربما تكون أعلى من قيمتها بنحو 16%.

وبعد ذلك أكد تيم سلوان، الرئيس التنفيذي لشركة «ويلز فارجو» للخدمات المالية، في تصريحات تليفزيونية أن بعض الصفقات تبدو مبالغا فيها، وتم التراجع عنها.وخلال الشهر الماضي ، أقدم مدراء إقليميون في بنوك منها: Bancorp وKeyCorp، على التحذير من نفس المخاوف.

ولكن من خلال بعض المقاييس الرئيسية ـ ومنها معدلات التخلف عن السداد ـ قد تبدو السوق هادئة فلماذا ظهرت هذه التحذيرات؟

سنوات النمو الاقتصادي وسهولة التمويل دفعت أسعار أبراج المكاتب والشقق والمخازن لتسجيل أرقام قياسية.

يقول مدراء البنوك إنهم قلقون من أن بعض المشترين يراهنون بشكل جريء بزعم أنهم قادرين على الاستمرار في زيادة الإيجارات.لكن هذا ليس كل شيء، ففي الطبيعي، تلجأ البنوك إلى وقف الإقراض والأسواق تهدأ بعد ذلك، ولكن منذ الأزمة المالية عام 2008- عندما أصبحت البنوك أكثر انضباطا- انضم مقرضون آخرون إلى صفوفهم، ويبقى التمويل يتدفق.

من أبرزهم هذه الكيانات: صناديق الديون التي تحتوي على بلايين الدولارات التي لا تخضع لنفس مستوى الرقابة المتبع بالبنوك، والبعض يتنافس بقوة في تقديم معدلات فائدة وشروط منخفضة، والآن حتى بعض البنوك خففت المعايير في الأرباع الأخيرة تحت ضغط التنافس.

صناديق الديون تكتسب حصة من القروض العقارية التجارية

توافر الديون الرخيصة يساعد المستثمرين على التمدد فى السعر، ويمكن للمراقبين رؤية ذلك في معدلات الرسملة.

مع العلم أن معدلات الفائدة القصوى هي عوائد الاستثمار في العقارات- مما يجعلها المقياس المفضل لقياس أسعار العقارات- وهي عملية حسابية بسيطة: تقسيم صافي إيرادات التشغيل (الإيجار ناقص المصروفات) حسب قيمة المبنى، وهذا المعدل يتراجع بشكل كبير لمعظم أنواع العقارات.في هذه المستويات، فإن المشترين في العقارات التجارية اليوم، في الواقع يستقرون مقابل عوائد ضئيلة أو يراهنون على أنهم يستطيعون تحسين العوائد بمرور الوقت عن طريق إقناع المستأجرين بدفع المزيد.

وفي الاونة الأخيرة جرى بيع حديقة مساحتها 47 فدانا في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا، بسعر مرتفع للغاية بحيث أن العائد المتوقع أقل بقليل من تكلفة الديون المترتبة على المشتري، وهذا يعني أن المالكين الجدد، بقيادة شركة بوسطن بروبرتيز، سيتعين عليهم تعزيز دخل الإيجار.

ويمكن لمستثمر كبير ومتنوع أن يتمركز ويرى من خلال هذه الرهانات المحسوبة، ولكن الأمر صعب بالنسبة للمضاربين الأصغر.

منحنى العائد يغرق

انخفضت معدلات العائد لمعظم أنواع العقارات التجارية، ودفعت المعدلات المنخفضة بعض المستثمرين إلى زوايا أقل شعبية في السوق.

وتضاعفت مبيعات المكاتب في كليفلاند في العام الماضي أكثر من الضعف في عام 2016 . ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن المدينة، حزام الصدأ، تقدم عوائدا أعلى من مدن المترو سريعة النمو.

أما المنتجعات- وهي فئة من العقارات تضررت بشدة خلال فترة الركود– بدأت أخيرا تعود، وشهدت منافذ مثل السكن الطلابي ومجتمعات التقاعد زيادة في الاستثمار إلى حد أن معدلات العائد قد انخفضت أيضًا، فيما يقوم بعض المستثمرين الآن بالتهافت واقتناص المستشفيات ودور رعاية المسنين.

كما عززت الأسعار انخفاض العرض في العديد من الأسواق، مما أدى إلى تفاقم التباطؤ الشديد في البناء الجديد بعد الأزمة المالية، وعلى مدى العقد الماضي- ولا يزال – تم الحفاظ على معدلات إشغال عالية بالنسبة للعديد من أنواع العقارات.

وعلى الناحية الأخرى هناك قطاعات شهدت تحولات واضحة، خاصة المتعلقة ببيع التجزئة، حيث يشتري المتسوقون عبر الإنترنت وتفلس السلاسل.
المستثمرون يتجنبون التجزئة

يكون قطاع التجزئة جزءا صغيرا من سندات الرهن العقاري التجاري
في مناطق أخرى، يواجه العرض إقبالاً في الآونة الأخيرة.

هذا هو الحال مع المباني السكنية، حيث استقرت الإيجارات في العديد من مدن المترو الكبرى.

والأسباب متباينة؛ ففي بعض الأسواق لا يمكن للمستأجرين تحمل المزيد.

كما سعى البناة إلى تحقيق الأرباح عن طريق تجاهل توفير مساكن بأسعار معقولة وجلب الكثير من الوحدات الراقية عبر الإنترنت؛ فمالكي العقارات في سياتل، الذين كانوا يشتغلون منذ فترة طويلة في سوق الإيجار الساخن، يجتذبون المستأجرين ببطاقات هدايا بقيمة 6000 دولار وإلكترونيات مجانية.

ولكي أكون واضحًا، لا يقول قادة الصناعة المالية إن الأزمة بدأت تتكشف بالفعل- فقط لأنهم لن يتابعوا صفقات كثيرة في البيئة الحالية- كما لم يعد أصحاب المباني يتدافعون تحت وطأة الديون كما فعلوا قبل عقد من الزمان، عندما أدى الانكماش العقاري إلى الإطاحة بالنظام المصرفي العالمي.

افتراضيات القروض لا تزال نادرة

وهكذا تستمر الأموال في التدفق إلى السوق. كما تنبأ ديلويت مؤخرا بأن حجم المعاملات العقارية التجارية سوف يقفز بنسبة 13٪ في الأشهر الـ 18 المقبلة، وشركات الأسهم الخاصة ستواصل الحصول على الممتلكات، وترجح هذه العوامل أن كلا من المشترين والسيولة المالية في حالة ترقب».

الرابط المختصر