بقلم أحمد رضوان ـ رئيس تحرير جريدة حابي
قبل نحو 12 عاما من الآن، بدأت أكبر عملية إعادة هيكلة فى تاريخ قطاع التأمن المصري، 3 شركات مملوكة للدولة تتنافس فيما بينها بخدمات متشابهة وفروع تكاد تكون فى نفس المناطق، تعانى عجزا فى المخصصات وتحديدا فى فرع التأمين الإجباري على السيارات، ورابعة تمارس نشاط إعادة التأمن بمحفظة تتجه للتراجع عاما بعد الآخر، ثم تحولت الشركات الأربعة مع البرنامج الذى (لم يكتمل) إلي شركتي تأمين،واحدة تمارس التأمين على الحياة، والثانية للتأمين على الممتلكات والمسئوليات، إضافة إلي شركة ثالثة لإدارة الأصول العقارية التى تم نقلها من شركات التأمين، ورابعة لإدارة الاستثمارات المالية.
ومرفق مع هذا المقال رسمان يوضحان هيكل الشركات قبل وبعد الهيكلة التى تأسست خلالها الشركة القابضة للتأمين . (تغير إسمها فيما بعد إلي مصر القابضة للتأمين).
من حسن حظي أننى كنت واحدا من هؤلاء الذين تابعوا أدق تفاصيل هذه العملية منذ الدعوة لاختيار كونسيرتيوم دولي لوضع البرنامج الرئيسي للعملية وكان يضم البنك التجاري الدولي وبنك بى إن بى باريبا كبنوك استثمارية، وشركة مليمان الأمريكية كخبرة إكتوارية، وإرنست أند يونج كمحاسبين ومدققين ماليين، وبيكر آند ماكينزى كقانونين.. وصولا إلي رواج الحديث عن مرحلة كانت بالغة الأهمية فى عمر هذه الشركات، وهي بدء توسيع قاعدة ملكيتها عبر الطرح بالبورصة، وهى المرحلة التى لم تكتمل من برنامج طموح عكف على وضعه وتنفيذه والإشراف عليه 17 فريق عمل، و 5 لجان لمرحلة فصل أنشطة تأمينات الأشخاص وتأمينات الممتلكات.
من حسن حظى أيضا أننى كنت واحدا ممن رأوا ضرورة قصوى فى توثيق مراحل تنفيذ برنامج الهيكلة، وسبب حسن الحظ هنا، أننى بعد سنوات من الغياب عن صحافة التأمين، والإنغماس بين أعمال إشرافية وإدارية ومتابعة عشرات القطاعات الاقتصادية الأخري، تأتى اللحظة التى أتولي فيها إدارة عدد خاص عن قطاع التأمين يتزامن صدوره مع حدث مهم وهو ملتقى التأمين وإعادة التأمين الذى تستضيفه مصر بمدينة شرم الشيخ، ويتزامن أيضا مع تصريحات مهمة أدلي بها وزير قطاع الأعمال هشام توفيق لجريدة حابي تستطيعون مطالعتها فى الصفحة الثالثة من هذا العدد وعلى بوابة حابي جورنال Hapijournal.com ، مفادها إحياء برنامج الهيكلة والإصلاح الذى أشرت إليه فى بداية المقال، وإكمال العناصر التي لم تكتمل منه.
توثيق ما حدث تم بالفعل وبأكبر قدر من المعلومات المهمة والضرورية، ربما غابت عنه الأجواء والصراعات التى شهدتها هذه الفترة، ولكن جميع المراحل بجدولها الزمنى تم رصدها بدقة فى الدراسة أو التقرير الذى وضعه محمود عبد الله الرئيس الأسبق لشركة مصر القابضة للتأمين قائد عملية إعادة هيكلة قطاع التأمين، وبدعم من المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة.
نسيت هذا التقرير التوثيقي الذي سبق وتلقيت نسخة منه عام 2016 ، ولكن حصلت على نسخة أخري قبل 3 أيام فى ذروة إعداد هذا الإصدار الخاص، وسوف نتيحه مجانا على بوابة جريدة حابي بعد الحصول على الموافقة اللازمة ممن قاموا عليه.
هذا التقديم جزء لا يتجزأ من شهادة على هذه الفترة شديدة الحيوية والثراء من عمر قطاع التأمين، ولا أعنى أن ما تلاها كان مواتا أو ركودا، ولكن هى فترة الضربة الأولي والجرأة فى التعامل مع شركات كان أفضل ما تريد نشره على صفحات الجرائد والمجلات هو “أكبر ميزانية فى تاريخ شركة (س) للتأمين”، وكأن الطبيعي والعادي أن تتآكل الميزانيات وأن الأمر الخارق للعادة هو النمو ! ..
أتذكر جيدا أن أرشيف قطاع التأمين كان مكتظاََ بالإشادات والمديح والمواد التحريرية مدفوعة الأجر، باستثناء ما ندر من جهد جهيد لعدد محدود من الصحفيين الذين نبشوا فى القطاع لتحرير مادة صحفية تستحق القراءة وتهتم بالنقد والجدل والمعلومات.
قدمت عملية إعادة هيكلة سوق التأمين مادة خصبة لمختلف وسائل الإعلام وتحديدا المتخصصة فى الشأن الاقتصادي، وصنعت جدلا كبيرا داخل قطاع التأمين وخارجه، ومازال هذا الجدل مستمرا حتى اللحظة بين مؤيد ومعارض للإجراءات التى تمت، فالهيكلة لم تمر فقط بالشركات المملوكة للدولة، بل شملت التشريعات والرقابة واتحاد التأمين أيضا، وصنعت لاعبين جدد، ونبهت الشركات الإقليمية إلي أن سوق التأمين به فرصة للعمل.
للحديث بقية..