أخطاء تعلمت منها (2)

بقلم صالح ناصر رئيس قسم التحليل الفني في بايونيرز

عندما تهبط السوق نكون في وضع صعب لا نحسد عليه وكلما زادت خسائرنا مع الهبوط الشديد للسوق قل الأمل في حدوث أي ارتداد حتى يتبخر الأمل تمامًا ونفقد الثقة في أننا يمكن أن نعوض ولو جزءًا من خسائرنا.

ثم تبدأ السوق بعد ذلك في الصعود قليلًا وتتخذ بعض الحركات العرضية والتي تزيد من تخبط المستثمرين حيث يأتي الأمل ثم يذهب الأمل وهكذا مع كل حركة عرضية صعودًا وهبوطًا.

وأخيرًا….. يأتي الفرج من عند الله وتبدأ بعض الأسهم في الصعود وتبدأ السوق في الصعود بعد فترة الحركات العرضية هذه وتبدأ بعض الأخبار الإيجابية في الظهور وتصعد السوق صعودًا قويًّا يكسر به مقاوماته وينتقل المستثمر من حالة اليأس إلى حالة الفرحة الشديدة والثقة بالنفس. انتقال المستثمر من حال إلى حال هو انتقال سريع، أي أسرع مما ينبغي أن يكون عليه، حيث إنه مر بمرحلة شك مع بداية الصعود ولكن عندما تم تأكيد الاتجاه الصاعد أحس المستثمر بالأمان التام في السوق وهو أخطر وأسوأ شيء يمكن أن يحدث للمستثمر.

منذ عدة سنوات وكانت السوق في اتجاه هابط كنت أتحدث مع أحد الموظفين في الشركة التي كنت أعمل بها وهو شاب من حديثي التخرج يعمل في الـ “Dealing Room”. قال لي هذا الشاب الواعد إن حظه سيئ لأنه بدأ بالعمل في هذه المهنة مع وجود اتجاه هابط، كان ردي عليه هكذا ”يا…. إنت حظك كويس مش وحش عشان مش حتتعلم إلا في نزول السوق. خد بالك السوق لما يكون طالع وتلاقي نفسك بتعمل فلوس كويسة مش حتهتم تتعلم بس الاتجاه الهابط دة هو اللي مخليك عايز تتعلم عشان تعرف تتعامل إزاي مع وضع السوق في جميع أحواله“.

وعندما اهتم هذا الشاب بالتعلم أصبح اليوم من أعمدة الشركة التي يشتغل بها رغم صغر سنه وأصبح مطلوبًا في عدة شركات بسبب إمكانياته الكبيرة.
الشاهد من القصة هو الآتي: عندما تتخذ الأسواق اتجاهات صاعدة قوية تتزايد درجة الكسل عند المستثمرين حيث إن الأرباح سهلة. هذا الكسل نابع من الإحساس بالأمان وهو أخطر إحساس يمكن أن يقابل أي مستثمر في السوق. عندئذ تتزايد نسب الشراء الهامشي في السوق ومع تزايد سرعة وحدة الصعود تزيد الثقة بالنفس وتكون القرارات هي قرارات عالية المخاطر لا تراعي أي أبعاد أخرى للسوق. في هذه الأوقات كلما دخل المستثمر في سهم معين ربح فيه وتتزايد الأرباح بشكل كبير مما يؤجج أكثر وأكثر من الإحساس الخادع بالأمان.

لذلك فمن ضمن النصائح المهمة التي يمكن أن ننصح بها المستثمر هو الآتي: إذا كانت كل قراراتك سليمة دون أي أخطاء، أي أن كل قرارات الشراء مربحة، فمن الأفضل أن تتوقف عن المضاربة لفترة من الوقت كي تحاول أن تتغلب على الأنا التي قد تتملكك حيث إن الواقع هو أن هذه الأرباح المتتالية هي نتاج حركة السوق وليست نتاج أداء استثنائي.

هذه النصيحة هي عكس المنطق حيث إن المستثمر أو المضارب الذي يأتي عليه وقت ويربح أرباحًا متتالية دون خسائر سيتخذ إجراءات أكثر خطورة وهو ما سيعرضه لخسائر فادحة في المستقبل القريب.

كلما زادت أرباحك وتحسن أداؤك، تحسس خطواتك فالآتي ليس بالضرورة جميلًا!!!