دعوى بلتون تستند إلى حكم صدر من القضاء الإداري لصالح بايونيرز عام 2009

مذكرة الدعوى: 11 يومًا كاملًا ما بين إعلان السعر النهائى للطرح وبدء التداول كان بإمكان الهيئة إعمال كامل دورها الرقابي على الشركة خلالها

aiBANK

ياسمين منير ورضوى إبراهيم

لعب غياب الحالات المماثلة لأزمة تدابير شركة بلتون على أثر الطرح الخاص لشركة ثروة كابيتال وفقًا لأحكام المادة 31 من قانون سوق المال، في تعقيد المشهد العام لفترة على مستوى أسباب وتداعيات القرار، خاصة أنها الحالة الأولى من نوعها، فلم تشهد السوق المحلية أي تحقيقات أو جزاءات تتعلق بعملية الطرح الخاص في البورصة.

E-Bank

القضاء الإداري استقر في الحكم السابق على أن المشرع حرص على تدرج تدابير المادة 31 من قانون سوق المال

وفي مفاجأة من العيار الثقيل، استندت شركة بلتون في مذكرة الدعوى المرفوعة أمام محكمة القضاء الإداري، ومذكرة التظلم المقدمة للجنة المختصة بالهيئة العامة للرقابة المالية، إلى حكم سابق لمحكمة القضاء الإداري صدر عام 2009 لصالح شركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، بوقف تنفيذ قرار هيئة سوق المال بعد تفنيدها لما يستوجب إعمال نص المادة 31 من قانون سوق المال، كما أيدت المحكمة الإدارية العليا حكم القضاء الإداري.

واستقرت محكمة القضاء الإداري في الحكم الذي تستند إليه شركة بلتون، في إعمال نص المادة 31 من قانون سوق رأس المال على أنها حددت على سبيل الحصر، التدابير التي يجوز لرئيس مجلس إدارة هيئة سوق المال اتخاذها في مواجهة شركات تداول الأوراق المالية، التي يصدر منها ما يعد خطرًا يهدد استقرار سوق رأس المال أو مصالح المساهمين في الشركة أو المتعاملين معها.

وقد جاءت هذه التدابير متدرجة من حيث شدتها ومدى تأثيرها على نشاط الشركة، وطريقة إدارتها والضمانات المقدمة منها للحصول على الترخيص، فتبدأ هذه التدابير بالتنبيه باعتباره أخف تدبير يمكن أن يوجه للشركة، لتنتهي بإلزام الشركة بزيادة التأمين المودع منها باعتباره أقسى تدبير يمكن اتخاذه تجاه الشركة، مرورًا بمنع الشركة من مزاولة كل أو بعض الأنشطة المرخص بها.

إضافة إلى مطالبة رئيس مجلس الإدارة بدعوة المجلس للانعقاد لمناقشة المخالفات المنسوبة للشركة في حضور ممثلين عن جهة الإدارة، وتعيين عضو مراقب في مجلس إدارة الشركة، ثم حل مجلس الإدارة وتعيين مفوض لإدارتها لحين تعيين مجلس إدارة جديد.

وأوضحت أن الحكمة من حرص المشرع في النص على تدرج التدابير المشار إليها تصاعديًّا من حيث قوتها ومدى تأثيرها على الشركة المخالفة، إلا أن يكون التدبير الذي قد ترى جهة الإدارة تطبيقه على الشركة المخالفة متناسبًا مع مقدار الخطر الذي تمثله المخالفة على استقرار سوق رأس المال أو مصالح المساهمين في الشركة أو المتعاملين معها.

يجب أن يسبق توقيع أي جزاء أو تدبير إنذار الشركة بالمخالفة المنسوبة إليها

وأضافت أنه من المعلوم بالضرورة أن أي جزاء أو تدبير، يجب أن يسبق توقيعه على الشركة المخالفة، إنذار الشركة بالمخالفة المنسوبة إليها، حتى لا تفاجأ الشركة بجزاءات توقع عليها أو بتدابير تتخذ ضدها دون أن تعلم سبب هذه الجزاءات أو التدابير، وحتى تتاح لها الفرصة لتدارك ما قد تكون قد وقعت فيه من أخطاء أو للدفاع عن نفسها وبيان حقيقة التصرفات التي قامت بها وأنها لا تشكل أي مخالفات.

وأشارت إلى أنه إذا كانت المادة 31 من القانون رقم 95 لسنة 1992 لم تنص صراحة على وجوب إنذار الشركة المخالفة بالمخالفات المنسوبة إليها، على غرار ما نصت عليه المادة 30 من نفس القانون بشأن ضرورة إنذار الشركة بإزالة أسباب المخالفة أو استكمال شروط الترخيص قبل إصدار قرار وقف نشاط الشركة، إلا أن حرص المشرع على أن يجعل أول تدبير يمكن اتخاذه تجاه الشركة المخالفة هو توجيه التنبيه، يعنى أنه على جهة الإدارة تنبيه الشركة إلى المخالفات المنسوبة إليها قبل اتخاذ أي من التدابير الأخرى التي نصت عليها المادة.

التنبيه بالمخاطر المتوقع حدوثها ومحاولة منعها أو الحد منها أفضل من انتظار وقوعها

وأكدت أن تنبيه الشركة بالمخالفات التي ترى الهيئة أنها تهدد استقرار سوق رأس المال أو مصالح المساهمين في الشركة أو المتعاملين معهما، لدرء هذه المخاطر والتحوط من وقعها أو الحد منها على الأقل، خير من انتظار وقوع تلك المخاطر، وما يترتب عليها من إضرار بسوق رأس المال وبالمتعاملين بها، ثم اللجوء بعد ذلك إلى اتخاذ أغلظ التدابير تجاه الشركة المخالفة لإصلاح ما أفسدته الممارسات التي قامت بها ومعالجة الأضرار التي ألحقتها بسوق رأس المال.

وأضافت أن ذلك يتوافق مع ما نصت عليه المادتان 43 و44 من قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992، فيما يتعلق باختصاص الهيئة بوضع قواعد التفتيش والرقابة على الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون، ومراقبة سوق رأس المال للتأكد من أن التعامل يتم على أوراق مالية سليمة وأنه غير مشوب بالغش أو النصب أو الاحتيال أو الاستغلال أو المضاربات الوهمية، باعتبار أن هذه الرقابة كفيلة بكشف أوجه العوار التي قد تشوب ممارسات بعض الشركات العاملة في سوق الأوراق المالية، ومنع وقوع أضرار نتيجة لهذه الممارسات غير المشروعة.

كما أشارت مذكرة الدعوى المقدمة من شركة بلتون إلى أن الهيئة لم تراعِ تدرج تدابير المادة 31 بالرغم من عدم توافر حالة الخطر، ولم تخطر الشركة بأي مخالفات رغم إجرائها تفتيشًا عليها، كما لم توجه للشركة أي تنبيه.

وتابعت: «أعلنت بلتون عن السعر النهائي للسهم، وكذلك حجم التغطية منذ 4 أكتوبر الماضي، في حين أن التداول على السهم بدأ يوم 15 أكتوبر، أي هناك 11 يومًا كان بإمكان الهيئة إعمال كامل دورها الرقابي على الشركة خلالها، والتنبيه عليها بإزالة أي مخالفات قبل بدء التداول، وهو ما لم تقم الهيئة بفعله، مما يتعين معه صحة إلغائه لتعسفه في مواجهة الشركة ومخالفته صحيح القانون وما استقرت عليه محكمة القضاء الإداري.

كما لفتت إلى انتفاء حالة الخطر الموجب لتدخل مجلس الإدارة، فالمادة 31 نصت على أنه لمجلس إدارة الهيئة إذا قام خطر يهدد استقرار سوق رأس المال أو مصالح المساهمين في الشركة أو المتعاملين معها أن يتخذ ما يراه من التدابير التي تضمنتها المادة.

وأوضحت المذكرة، أن المشرع استلزم وجود حالة قانونية معينة لجواز قيام الهيئة باتخاذ أي من التدابير المنصوص عليها بالمادة، والمتمثلة في وجود خطر يهدد السوق أو مصالح المساهمين في الشركة أو المتعاملين معها.

وألقت الضوء على أنه نظرًا لجسامة أثر التدابير الواردة بالمادة، فقد قصر المشرع إمكانية لجوء الهيئة إلى اتخاذ أي منها على وجود وقائع محددة من تنذر بوجود خطر يهدد السوق، وأن الاحتياط يقتضي التدخل من الهيئة بأي من التدابير المذكورة.

ونوهت إلى أن المشرع لم يكتفِ باشتراط وقوع مخالفة كما تم في المادة 30 من القانون، بل استلزم أن تكون من شأن تلك المخالفة أن تشكل خطرًا على السوق.

كما لفتت مذكرة الدعوى إلى أن الخطر هو شيء مستقبلي، ويختلف كليًّا عن الضرر الذي يمثل أثر وقع بالفعل وليس متوقع الحدوث كالخطر، حتى وإن كان أثر ذلك الضرر ممتد طالما لا يشكل تهديدًا بوقوع ضرر آخر مستقبلي.

وأضافت المذكرة أن أحكام القضاء استقرت على أن الخطر المقصود بالمادة 31 هو الخطر الجسيم الاستثنائي الذي يتعذر تداركه، وهو بذلك المفهوم متماشي مع خطورة التدابير الاحترازية التي أوردتها المادة.

حكم سابق للإدارية العليا يفيد بعدم جواز تطبيق المادة 31 إلا في حالة وجود وقائع تثبت إحداث خطر استثنائي على السوق

واستندت المذكرة إلى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 51982 لسنة 67 قضائية، والذي يفيد بأنه في حالة وقوع مخالفة من أي من الشركات المخاطبة بأحكام قانون سوق رأس المال، فإن الطريق القانوني للهيئة لمواجهته، هو ما نصت عليه المادة 30، ولا يجوز تطبيق المادة 31 إلا إذا كانت تلك المخالفة من شأنها إحداث خطر استثنائي على السوق.

الرابط المختصر