بقلم صالح ناصر رئيس قسم التحليل الفني في بايونيرز
دائمًا ما نبني قراراتنا الاستثمارية بناءً على توقعاتنا لحركة الأسواق المستقبلية. فمثلًا إذا توقعنا ارتفاع السوق في المستقبل القريب فإننا نقوم بالشراء، والعكس صحيح فإذا توقعنا هبوطًا شديدًا نقوم ببيع ما بحوزتنا من أسهم.
اتخاذ القرارات الاستثمارية بناءً على نظرتنا للأسواق وبناءً على توقعاتنا للمستقبل ليس خطأً ولكن أن تكون توقعاتنا هي العامل الأول والأخير في قراراتنا (كما نفعل جميعًا) فهذا هو الخطأ بعينه والسبب الرئيسي في الخسائر الكبيرة التي يتكبدها المستثمرون.
لنأخذ مثالًا قد يكون غريبًا بعض الشيء، هل يمكن أن يكون قرار شراء سهم هو القرار الصحيح وقرار بيعه هو القرار الصحيح أيضًا؟ الإجابة قولًا واحدًا: نعم بالتأكيد. فمن يقوم بالشراء فإنه يبني مراكز جديدة حيث إنه يتوقع صعود السهم على المدى المتوسط وأما من باع فقد اتخذ هذا القرار لحماية الأرباح المحققة لمحفظته الاستثمارية.
وهذا يأخذنا إلي موضوع مهم جدًّا يخص محفظتنا الاستثمارية وكيف يجب أن نراقب أداءها باستمرار ونتخذ القرارات التي تحافظ على أدائها. بمعنى آخر يجب أن يتحول انتباهنا من التركيز على السهم الذي نشتريه إلى التركيز على المحفظة الاستثمارية نفسها وتأثير الأسهم التي نشتريها على أداء المحفظة ككل.
فمثلًا خلال انخفاض السوق خلال المرحلة السابقة فإن الكثير من المستثمرين خسروا خسائر كبيرة في حين أن بعض المستثمرين الآخرين قاموا بتخفيف مراكزهم قبل الهبوط الحاد لسبب أو لآخر.
كما نعلم جميعًا فقد ارتفعت السوق خلال الأسبوع الفائت حيث إن المؤشر الرئيسي تحرك من 12000 إلى مستوى الـ13000 الذي قد يمثل مقاومة طفيفة لهذا الصعود.
بالنسبة للمستثمرين ممن عانوا بشدة خلال الهبوط السابق وبدأ أداؤهم يتحسن بعد صعود السوق الأخير فمن البديهي والمنطقي أن يفكروا في تقليل المخاطر والبدء بالتفكير، وبطريقة أكثر اتزانًا، في نقاط الدخول الجديدة. فهؤلاء قد يكون تخفيف بعض المراكز الاستثمارية أفضل لهم حتى يتمكنوا من التفكير بطريقة أكثر اتزانًا.
وعلى الجانب الآخر فالذين باعوا قبل هبوط السوق الشديد فقد يكون قرار الشراء بالنسبة إليهم قرارًا صحيحًا حتى لو انخفض السوق قليلًا قبل أن يكمل صعوده.
والسؤال الذي يطرحه قارئ هذا المقال الآن هو: ”طيب ماهو لو السوق متوقع إنه يطلع حتى لو نزل شوية الأول ليه يبيع ما يحتفظ بالأسهم ما دام شايفين السوق حيطلع“ ومن المهم الإجابة على هذا السؤال بطريقة مبسطة وواضحة.
أولًا وقبل كل شيء التوقع بأن يكمل السوق صعوده هو مجرد توقع لم يصل إلى درجة اليقين فالتعامل بما يحافظ على أداء المحفظة أهم بكثير من التعامل فقط بناءً على التوقعات.
والأمر الآخر هو أن هبوط السوق ولو بشكل مؤقت سيشكل عامل ضغط كبير للمستثمرين ممن عانوا الأمرين خلال الهبوط السابق وهو ما سيدفع بعضهم إلى البيع إذا اقتربت السوق مرة أخرى لمستوى الـ12000 بدلًا من التفكير في الشراء.
أما من يشترون مراكز جديدة فسيكون تعاملهم أكثر عقلانية إذا هبط السوق من المستويات الحالية حيث إنهم سيتعاملون مع الهبوط كفرصة للإضافة للمراكز القائمة.
أخيرًا وليس آخرًا، شراء مراكز جديدة سيتيح لك استخدام حد خسارة واضح أدنى مستوى الـ12000 مثلًا. أما من عنده خسائر وما زال يحتقظ بالأسهم فسوف يكون انتحارًا بالنسبة إليه أن يبيع تحت الـ12000 بالذات أن السوق أعطته فرصة ليخفف مراكزه عند الـ13000 أو حتى عند مستويات أعلى.