تشارلير: رينيسانس كابيتال ينافس على الطروحات الحكومية.. والبرنامج أهم أسباب التواجد في مصر
نشاطنا بإفريقيا بدأ من 2007 في نيجيريا وكينيا ثم جنوب إفريقيا.. ومكتب القاهرة آخر التوسعات
ياسمين منير ورضوى إبراهيم
يراهن بنك الاستثمار العالمي «رينيسانس كابيتال» على شبكة الانتشار الجغرافي في عدد من الأسواق المتقدمة والناشئة حول العالم، في المنافسة بقوة على خدمات بنوك الاستثمار في مصر، وفي مقدمتها الطروحات الحكومية والخاصة، وصفقات الدمج والاستحواذ، إلى جانب الاستفادة من خبرته الواسعة في مجال أدوات الدين الخاصة.
وفرض اقتحام رينيسانس كابيتال كبنك استثمار عالمي للسوق المصرية من خلال تأسيس ذراع لديها تواجد على الأرض في مصر والحصول على تراخيص لمزاولة حزمة من الخدمات المالية في هذه المرحلة المؤثرة في عمر الاقتصاد، أهمية إجراء أكثر من حوار موسع مع قيادات البنك العالمي وذراعه المحلية، وهذه الحوارات لا تكشف فقط عن اهتمامات وخطط رينيسانس كابيتال أمام منافسيها وإنما تفتح أيضًا أبوابًا واسعة أمام كيفية جذب لاعبين عالميين إلى مصر عبر توفير البيئة المناسبة لتوسعة الملعب.
وحاورت «حابي» كريستوف تشارلير رئيس مجلس إدارة رينيسانس كابيتال الذي كشف عن أهم أسباب التواجد بالسوق المحلية، ووضع مصر التنافسي بين قائمة الأسواق الناشئة والإفريقية التي تجذب اهتمام المستثمرين على المستوى العالمي، علاوة على إلقاء الضوء على التحديات التي ما زالت تواجه الاقتصاد المصري، وفرص التوسع والنمو المرتقبة سواء على المستوى الداخلي أو التوسع الإقليمي للشركات المصرية.
كما كشف كل من عمرو هلال، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار رينيسانس كابيتال بشمال إفريقيا، وأحمد حافظ، رئيس قسم الأبحاث بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حوار موسع تفاصيل استراتيجية العمل في مصر، وخطة الاستفادة من ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يبشر بمرحلة من الرواج لعدد من القطاعات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.
وتطرقت النقاشات مع قيادات «رينيسانس كابيتال» إلى رصد وتحليل نقاط الضعف والقوة في الاقتصاد المحلي خلال الوقت الحالي، مرورًا بالقطاعات الأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية، والقطاعات التي بدأت الدخول في مرحلة تباطؤ بالنمو، وصولًا إلى توقعاتهم لتطورات بعض المؤشرات الكلية وبنود الموازنة العامة.
كما كشفت القيادات عن الملامح الرئيسية للعمليات التي يتولاها «رينيسانس كابيتال – مصر» خلال الوقت الحالي، وتتضمن طرح إحدى الشركات الخاصة في البورصة، إلى جانب إصدارين على الأقل بمجال أدوات الدين، والتفاوض على إصدارين آخرين، علاوة على عدة صفقات دمج واستحواذ، إحداها تتعلق بكيان إقليمي.
حابي: في البداية نود التعرف على طبيعة أنشطة البنك الاستثماري “رينيسانس كابيتال” بقارة إفريقيا خاصة في ظل تواجده في أكثر من سوق إفريقية على مدار السنوات الأخيرة؟
تشارلير: لدينا عدد من المكاتب في إفريقيا، بدأت بمدينة لاجوس في نيجيريا و نيروبي في كينيا في عام 2007، ثم في عام 2010 استحوذنا على شركة في مجال وساطة الأوراق المالية في مدينة جوهانسبرج في جنوب إفريقيا، وعقب ذلك تم افتتاح مكتب آخر بمدينة كيب تاون لدعم مكتب جوهانسبرج. وفي عام 2017، افتتحنا مكتب في مدينة القاهرة.
حابي: هل يعتزم بنك “رينيسانس كابيتال” اختراق أسواق إفريقية جديدة خلال الفترة المقبلة؟
تشارلير: في هذه المرحلة، يمكننا من خلال مكاتبنا في إفريقيا والمدعومة من قبل مكاتب البنك في كل من نيويورك وموسكو ولندن، أن نغطي كل دول القارة، كما انضم إلى مكتب بنك “رينيسانس كابيتال” في لندن مصرفيون يغطون الدول الناطقة بالفرنسية في قارة إفريقيا.
حابي: ما هو تقيمك للتحديات التي تواجه فرص الاستثمار بدول إفريقيا في ظل تأكيد رؤوس الأموال دائمًا على كونها منجمًا للفرص في حين ما زالت حركة جذب الاستثمارات للقارة محدودة؟
تشارلير: يعمل بنك “رينيسانس كابيتال” في أكثر من دولة إفريقية، ما يجعلنا على دراية تفوق الكثير فيما يتعلق بالأسواق والاقتصادات الإفريقية.
لا ننظر إلى إفريقيا ككيان موحد.. فهناك 54 دولة لكل منها تاريخ وثقافة وظروف سياسية واقتصادية
ونحن لا ننظر إلى إفريقيا ككيان موحد، وإنما ننظر للأربعة وخمسين دولة كل على حدة، ونرى أن لكل دولة تاريخها الخاص وثقافتها وظروفها السياسية والاقتصادية الماضية والحالية التي تختلف عن باقي الدول.
فبعض الدول لديها مقومات جيولوجية جاذبة جدًّا مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا والجابون، بجانب تزايد جاذبية كوت ديفوار والسنغال وغانا.
كما يوجد عدد من الأسواق الاستهلاكية، فنيجيريا على سبيل المثال تحتوي على 180 مليون نسمة، وكذلك تضم مدينة لاجوس الذي يتجاوز تعدادها حاجز 20 مليون نسبة، وهو عدد كبير جدًّا على مدينة واحدة، وهو ما يزيد من جاذبيتها.
حابي: لكن من المعروف أن معدلات الفقر مرتفعة بأغلب دول إفريقيا.. هل يؤثر ذلك على جاذبيتها كأسواق استهلاكية؟
تشارلير: يوجد مستويات اقتصادية وتعليمية متنوعة في نيجيريا، في حين أن مدينة مثل لاجوس تتمتع بمستويات تعليم عالية وسوق استهلاكية كبيرة، ما فتح المجال بها أمام فرص متنوعة في مجالات عدة مثل الخدمات المالية والاستهلاكية والاتصالات وبالتالي تعد من أكثر المدن جاذبية في نظر المستثمرين.
حابي: هل تديرون صفقات حاليًا لصالح مستثمرين بأسواق إفريقيا؟
تشارلير: نعم بالطبع، في العديد من البلدان. ونحن نتولى الآن تنفيذ عملية طرح في مصر.
اتفاق على تنفيذ طرح في مصر تم إرجاؤه على خلفية تباطؤ الأسواق الناشئة
ولكن بسبب موجة التباطؤ التي اجتاحت الأسواق الناشئة، قررت الحكومة المصرية إبطاء تنفيذ برنامج الخصخصة والذي بات من المرجح تأجيله إلى العام المقبل.
حابي: متى تتوقع عودة أسواق المال للاستقرار والرواج مرة أخرى؟
تشارلير: على مستوى الاقتصاد الكلي، نرى أن الحكومة المصرية نفذت قرارت صعبة جدًّا ولكنها صحيحة، بما سيساعد الدولة بصورة قوية على المدى المتوسط.
الحكومة المصرية نفذت قرارت صعبة جدًّا ولكن صحيحة.. ستنعكس بقوة على المدى المتوسط
وعندما نتحدث عن سوق الأسهم، يجب أن نفكر أيضًا فيما يحدث على الساحة العالمية، ومع الزيادات الأخيرة في سعر الفائدة على الدولار التي يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على الأسواق الأخرى.
ففي وقت مبكر من هذا العام شاهدنا أسواق الدين تنتعش، واستطاعت بعض البلدان والشركات من إصدار سندات باليورو بلغت معدلات عائد لم تصلها من قبل.
فنحن على سبيل المثال، تمكنا من إصدار سندات باليورو فينيجيريا تتعلق بشركة صغيرة، ولكن هذا الأمر كان قد يكون غير قابل للتنفيذ وفقًا للأوضاع الحالية، ونتمنى أن تكون الأمور أفضل في العام الجديد.
من الصعب التكهن بالأجل الزمني لعودة انتعاش أسواق المال.. ونأمل التحسن خلال النصف الأول
ومن الصعب التكهن بالأجل الزمني لعودة انتعاش الأسواق، ولكننا نتعشم أن تتحسن الأوضاع خلال النصف الأول.
حابي: هل ترى أن هناك إجراءات مطلوبة لعودة جذب الاستثمارات بالأسواق الناشئة بشكل عام، ومصر على وجه التحديد؟
تشارلير: على مستوى الأسواق الناشئة، أرى أنه من الضروري تفهم واستيعاب تحركات البنك الفيدرالي الأمريكي تجاه سعر الفائدة، هل سيستمر في انتهاج سياسة رفع أسعار الفائدة لفترة طويلة أم يعتزم رفعها مجددًا مرة أو مرتين فقط؟
برنامج خصحصة الشركات الحكومية مثير للاهتمام.. وعامل قوي في دفع عجلة الرواج بالبورصة
أما على صعيد مصر، من المثير للاهتمام وجود برنامج لخصحصة الشركات الحكومية، والذي يعد عاملًا قويًّا جدًّا في دفع عجلة الرواج بسوق الأسهم المحلية.
حابي: هل ترى من الأفضل البدء فورًا بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لاستعادة رواج السوق أم الانتظار لحين استقرار الأوضاع وتوافر مناخ ملائم لإنجاح البرنامج؟
تشارلير: دائمًا ما يكون القرار السياسي بتنفيذ برنامج الطروحات الحكومية صعب، خصوصًا عندما يكون تنفيذ برنامج خصخصة في وقت تعاني فيه الأسواق من التباطؤ، وتقوم بعض الدول باستكمال برامجها بغض النظر عن وضع السوق في حين تؤثر العوامل السياسية على قرارات دول أخرى.
ولكن من وجهه النظر الاستثمارية يكون من الأفضل المضي في التنفيذ، خاصة بالنسبة لمصر بعد الإجراءات الصعبة التي اتخذتها على مدار السنوات القليلة الماضية، والتي حسنت بصورة كبيرة من مؤشرات الاقتصاد الكلي وجذبت اهتمام المستثمرين الدوليين.
يضم برنامج الحكومة العديد من الشركات الجذابة، وبالتالي بمجرد عودة استقرار السوق واستمرار الحكومة لبرنامج الإصلاح، سيهتم المستثمرون جدًّا بالمشاركة.
حابي: هل يعتزم مكتب بنك “رينيسانس كابيتال” بمصر المنافسة على إدارة الطروحات الحكومية المرتقب؟
تشارلير: بالتأكيد، ونعتزم التقدم للمنافسة على إدارة الطروحات الحكومية، ونحن واثقون من أن خبرتنا ستساعدنا للمشاركة في البرنامج.
فبرنامج خصخصة الشركات الحكومية في مصر كان أحد أهم الأسباب وراء افتتاح مكتب بالقاهرة، خاصة لما لهذا البرنامج من تأثير إيجابي على تحفيز شركات القطاع الخاص.
عندما نتحدث عن أسواق استهلاكية جذابة في المنطقة، فإن مصر لديها سوق استهلاكية واسعة، تمامًا مثل نيجيريا. كما أن التطورات في إثيوبيا هي أيضًا مثيرة للاهتمام، وهذه البلدان الثلاثة هي أكبر الأسواق الاستهلاكية في إفريقيا من حيث عدد السكان.
حابي: هل يمكن لك أن ترتب الدول الإفريقية من حيث الأكثر جذبًا من منظور المستثمر الأجنبي خلال هذه المرحلة؟
تشارلير: هناك أنواع مختلفة من المستثمرين، فدولة مثل المغرب على سبيل المثال تتمتع بمؤشرات اقتصادية جيدة جدًّا من وجهه نظرنا، ومن المتوقع ابتداءً من عام 2020 أن تتجاوزعدد السيارات المصنعة بها تلك المصنعة في إيطاليا، وهو أمر كان يصعب تصديقه إذا قيل قبل نحو 20 عامًا.
المغرب متطورة بشكل جيد على صعيد الخدمات المالية المختلفة مثل التأمين والبنوك وإدارة الأصول، ولكن لا يوجد عدد كافٍ من الشركات المتداولة ببورصة كازابلانكا، في حين أن العديد من الشركات المغربية تتمتع بتقيمات عالية تجعلها أقل جاذبية من منظور مستثمري الأسهم.
حابي: ما هي القطاعات المفضلة من وجهة نظركم في مصر وبإفريقيا على وجه العموم؟
تشارلير: القطاع الاستهلاكي، نرى أن أي نشاط مرتبط بالاستهلاك يعد مثيرًا للاهتمام في ظل كبر حجم السوق المصرية.
كما أن القطاع المصرفي ما زال غير متطور بالقدر الكافي في مصر، فالعديد من الابتكارات المتعلقة بالتكنولوجيا تشهد نموًّا في مختلف أنحاء إفريقيا
حابي: ما هو الدور الذي سيلعبه بنك “رينيسانس كابيتال” لتسهيل حركة تبادل الاستثمارات بين مصر ودول إفريقيا؟
تشارلير: نرى أن مصر أمامها فرصة قوية لتحقيق نجاحات استثمارية قوية على غرار دول مثل المغرب وجنوب إفريقيا، فمصر سوق كبيرة ولديها أسواق رأس مال متطورة، وكيانات عائلية كبرى لديها استعداد لضخ الاستثمارات.
مصر أمامها فرصة قوية لتحقيق نجاحات استثمارية على غرار المغرب وجنوب إفريقيا
وبالنسبة لبنك “رينيسانس كابيتال”، نغطي حاليًا بصورة نشطة الشركات الإفريقية التي تبحث عن فرص للاستثمار وكذلك المتاحة للبيع، ونقوم بعرضها على المستثمرين من المغرب وجنوب إفريقيا، وكذلك بأوربا وأمريكا.
ونتطلع مع تطور أعمالنا في مصر التعرف أكثر على خطط وأهداف الشركات العائلية والخاصة، بهدف إدراجهم ضمن قائمة الفرص التي يتم ترويجها للمستثمرين.
حابي: ما هي الصفقات التي يعمل عليها بنك “رينيسانس كابيتال” حاليًا بأسواق إفريقيا؟
تشارلير: أحب أن أستخدم المغرب كمثال في ظل الأداء المتميز الذي حققه ملك المغرب في خطتته لتنمية الاقتصاد على مستوى إفريقيا.
وتتجه البنوك المغربية حاليًا إلى توسيع نشاطها داخل إفريقيا، وكذلك هناك توسع من قبل شركات التأمين، وخدمات التجزئة، ويوجد سلسلة بيع تجزئة كبيرة بالمغرب توسعت مؤخرًا بدولة كوتيفوار كما تبحث عن فرص بأسواق إفريقية أخرى.
فهناك العديد من الفرص الجاذبة، ولكن الأمر في النهاية يتوقف على استراتيجية الشركات والمستثمرين.
حابي: ما هي نسبة مساهمة أسواق إفريقيا بإيرادات بنك “رينيسانس كابيتال”؟
تشارلير: أتمنى أن أراها تدور حول 50%، حاليًا لم تصل بعد إلى هذا المستوى ولكن هناك فرصة حقيقية لإفريقيا أن تستحوذ على هذه الحصة من إيرادات البنك، خاصة عند جمع عوائد مكاتبنا بإفريقيا مع الإيرادات المحققة من تداول الأسهم والسندات عبر مكاتبنا في لندن ونيويورك لصالح مستثمرين من أوربا وأمريكا.
حابي: كيف ترى التحديات والفرص التي تواجه مصر خلال العام الجديد في ظل استمرار الضغوطات الاقتصادية؟ وما هي توصياتك للحكومة المصرية لتحقيق أفضل استفادة من برنامج الإصلاح الاقتصادي؟
تشارلير: من الصعب على بنك استثمار أن يعطي نصائح للحكومة.
لكن من المهم للغاية بالنسبة لمصر التواصل مع المستثمرين، فنحن نرى أن العديد من الدول لم تستطع تنفيذ الخطوات التي نجحت مصر في اتخاذها سواء على صعيد سعر صرف العملة أو تعريفة البنزين، وهذه الدول أصبحت خلف مصر الآن.
ورغم أن الشعب المصري عانى من الضغوط الاقتصادية المترتبة على هذه الإجراءات إلا أننا نأمل أن يكون العائد في المقابل كبير، ولكن من الصعب التكهن بالأجل الزمني لاستشعار هذا التحسن المرتقب.
حابي: لماذا ما زال من الصعب التكهن بالأجل الزمني لظهور عوائد إجراءات الإصلاح الاقتصادي رغم أن التوقعات في البداية كانت تبشر بحدوث رواج؟
تشارلير: التأخر جاء نتيجة تداخل العديد من العوامل، فمصر ضخت استثمارات كثيرة لزيادة إنتاجيتها من الغاز والبترول ولكن لسوء الحظ تراجعت الأسعار العالمية لمستويات ضعيفة على غير التوقع.
استمرار ارتفاع أسعار الفائدة عطل خطط تمويل توسعات المستثمرين
كما أن استمرار ارتفاع أسعار الفائدة عطل خطط المستثمرين تجاه تمويل توسعاتهم.
ولكن من الناحية أخرى، فقد دفعنا خلال السنوات القليلة الماضية تجاه جذب مستثمرين من دولة جنوب إفريقيا للاستثمار في الأسهم المصرية، ولدينا مؤتمر خاص للمستثمرين المصريين يقام سنويًّا بمدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا.
دعوة شركات مصرية لحضور المؤتمر السنوي بكيب تاون.. إبريل المقبل
ونشعر بالفعل باهتمام المستثمرين بجنوب إفريقيا بما يتم من إصلاحات في مصر، ونسعى لدعوة المستثمرين من مصر لحضور المؤتمر الذي ينعقد في إبريل المقبل بكيب تاون لتشجيع حركة جذب وتبادل الاستثمارات بين البلدين.
حابي: كيف يقيم المستثمر الأجنبي فرص الاستثمار المباشر في مصر فيما يتعلق بصفقات الاندماج والاستحواذ؟
تشارلير: ما يهم مستثمري الملكية الخاصة في الأساس هو فهم حركة صرف العملة، فعند الاستثمار في أسواق الأسهم يكون من السهل الخروج في حال اتخاذ قرار خاطئ، في حين أن الاستثمار المباشر يعتبر طويل الأجل حيث يستغرق عددًا من السنوات قبل أن يتم الخروج وبالتالي من الضروري بالنسبة إلى المستثمرين أن تكون الرؤية حول حركة صرف العملة واضحة.
وبالمقارنة بين مصر ونيجيريا لتوضيح الصورة، نجد أن مصر عندما قررت تحرير سعر الصرف وهو إجراء صعب على المدى القصير ولكن نتائجه الإيجابية كبيرة على المديين المتوسط والطويل.
في حين تلجأ نيجيريا لحماية عملتها من التراجع، ما يحقق نوعًا من الحماية المؤقتة للمواطنين وللمستهلكين ولكن في النهاية لن تكون احتياطات كافية للاستمرار على نفس المنوال لفترات طويلة ما يزيد من تفاقم المشكلة على مر الزمن.
وأرى أن اتخاذ مصر لهذا القرار دعم ثقة المستثمرين بصورة كبيرة، وبالفعل بدأ العديد من المستثمرين يبحث عن فرص للاستثمار.
فدولة مثل إثيوبيا بما تتمتع به من فرص نمو قوية جذبت بالفعل استثمارات كبيرة من الصين، بما يجعلها مرشحة لحدوث طفرة بالمجالات الصناعية المختلفة، إلا أن القيود المفروضة على العملة تحد من جاذبية هذه السوق أمام مستثمري الملكية الخاصة وهو ما يجعلهم غائبين عن المشهد هناك حتى الآن.
مصر لديها سوق مال متطور وكيانات عائلية كبرى مستعدة لضخ الاستثمارات
وبجانب سعر الصرف، هناك حاجة دائمًا لتوافر آليات سهلة للتخارج، ومصر مقارنة بباقي أسواق إفريقيا تتمتع بوجود سوق مال متطور ونشط، بالطبع ما زال أقل من المأمول ولكنه في النهاية أفضل بكثير من باقي دول إفريقيا.
ولهذا نعول على برنامج الخصخصة بما يجذب مزيدًا من المستثمرين والسيولة، بما ينعكس في النهاية على تشجيع مستثمري الاستثمار المباشر لتنفيذ استحواذات مع ضمان وجود سوق نشطة توفر منفذًا جيدًا للتخارج بنهاية آجل الاستثمار.
حابي: هل تتوقع أن تجذب مصر استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة خلال العام المقبل؟
تشارلير: نعول على ذلك بالفعل، هذا ما دفعنا لفتح مكتب في القاهرة، وبدأنا بالفعل في بحث جذب الاستثمارات للسوق المصرية لكن ما زال من المبكر الحديث عن صفقات محتملة.
حابي: ما هي توصياتك لدعم دور مصر الاستثماري بدول إفريقيا خاصة أن الرئيس بصدد رئاسة الاتحاد الإفريقي لعام 2019 ما يضع على عاتق مصر تكثيف جهودها بالقارة خلال هذه الفترة؟
تشارلير: أعتقد أن القرارات الصحيحة تم اتخاذها في مصر، وبالنظر إلى رئيس الاتحاد الإفريقي حاليًا وهو رئيس دولة رواندا، نجد أن ما أحدثه بالاقتصاد الواندي على مدار 15 إلى 20 عامًا أمر مذهل.
فهو تحرك تجاه حل كل المشاكل التي قد تواجه المستثمرين في أي دولة، ودفع ذلك باقي قادة الدول الإفريقية للإقتداء بما قام به في رواندا وكذلك دعمه للعب دور مؤثر برئاسة الاتحاد.
حابي: أيهما أفضل من وجهه نظرك.. ضخ استثمارات مباشرة في دول إفريقيا سواء عبر مشروعات حكومية أو من خلال بناء مصانع وشركات تابعة للقطاع الخاص المصري أم الاكتفاء بتحفيز حركة التبادل التجاري والتصدير لدول إفريقيا؟
تشارلير: الأمر يتوقف على طبيعة الصناعة والاقتصاد.
كما أن حجم التجارة البينية بين أسواق القارة متأخرة جدًّا، وجزء من المشكلة يكمن في أن أغلب الدول تنتج مواد خام، ولا تدخل في مراحل تصنيع جزئية أو نهائية، ونتج عن ذلك تحويل جزء كبير من المواد الخام إلى أوربا وغيرها للتصنيع ثم إعادة توريدها مرة أخرى لأسواق إفريقيا.
فخام الكاكاو على سبيل المثال الذي ينتج في غانا و كوت ديفوار لا يمكن بيعه كمنتج خام بالسوق، لذلك يصدر للخارج لتقوم شركة مثل نيسلا بتصنيع منتجات الشيكولاته ثم إعادة بيعها مرة أخرى لنفس السوق.
وبالتالي إذا كان هناك خطة لتشجيع التجارة البينية بين دول إفريقيا، فعلى الدول اتخاذ خطوات فعالة لرياد الصناعة بالقارة للخروج بمنتجات تامة الصنع يمكن تصديرها لأسواق إفريقيا.
حابي: هل مصر لديها القدرة على لعب هذا الدور؟
تشارلير: بالطبع، فمصر واحدة من الدول التي لديها ميزة تنافسية جيدة على مستوى الطاقة والعديد من المقومات الأخرى.
كما أن تواجد مقر لـAfreximbank بالقاهرة يمثل دفعة قوية في هذا الاتجاه، لما سيوفره من معلومات ودراية بأسواق إفريقيا وكذلك دعم في تمويل الصفقات المحتملة، ويبدو أن لدى الشركات والحكومة المصرية الرغبة في التوسع بإفريقيا.
حابي: كيف تقيم فرص مصر في تصدير خدمات التكنولوجيا المالية لدول إفريقيا الأقل تطورًا في هذه المجالات؟
تشارلير: بعض دول إفريقيا وكينيا على سبيل المثال كانت متأخرة جدًّا على صعيد الخدمات المالية، ما دفعها للعمل بقوة على تجاوز هذه المشكلة من خلال ابتكارات التكنولوجيا المالية، ما أثمر عن نماذج ناجحة في مجال تحويل الأموال.
أعتقد أن مصر أمامها فرص نمو داخلية كبيرة في هذا المجال، في حين من الصعب عليها منافسة دول إفريقية أخرى تطورت بقوة في الخدمات المتربطة بالتكنولوجيا بشكل عام والتكنولوجيا المالية على وجه الخصوص.
ولكن دائمًا ما يوجد فرصة للابتكارات المتميزة، وبمؤتمر الاستثمار بإفريقيا المقام في شرم الشيخ هذا العام، يوجد العديد من نماذج المشروعات والأفكار الجيدة كما يحظى القطاع باهتمام متزايد من الشركات الناشئة ما قد يثمر في النهاية عن ابتكارات قادرة على التصدير لأسواق أخرى.
حابي: ما هي توقعاتك لأسعار الفائدة في مصر والتي كان من المنتظر أن يتم تخفضها قبل نهاية العام الجاري في حين دفعت الاضطرابات التي شهدتها الأسواق الناشئة تجاه تجميد القرار لأجل غير مسمى؟
تشارلير: أعتقد أن ارتفاع أسعار الفائدة بالولايات المتحدة الأمريكية لسوء الحظ لم يساعد على تخفيض أسعار الفائدة التي ارتفعت بصورة كبيرة عقب تخفيض العملة.
والأمر لا يتوقف فقط على معدلات الفائدة الدولار وإنما أيضًا على معدل الطلب المحلي على العملات الأجنبية، وبالتالي إذا نجحت مصر في زيادة الإنتاج والتصدير، بالتوازي مع تقليل الاستيراد بما يخفف الضغط على العملة الصعبة وتقوية العملة المحلية، ستكون في وضع أفضل يتيح لها خفض الفائدة لتشجيع ضخ الاستثمارات.
حابي: ما هي توقعاتك لعام 2019 على مستوى وضع الاقتصاد العالمي وانعكاساته على اقتصادات الدول التي يعمل بها بنك “رينيسانس كابيتال”؟
تشارلير: نتمنى أن تحظى الأسواق الناشئة بعام جيد، فما زال هناك توترات تتعلق بالحرب التجارية المحتملة بين الصين وأمريكا ولا يعلم أحد إلى أين ستنتهي.
وإذا تطورت الحرب التجارية بين الصين وأمريكا ولا أحد بالطبع يتمنى ذلك، ستكون هناك فرصة جيدة تتمثل في أن الشركات الأمريكية ستبدأ في البحث عن أماكن جديدة لتصنيع منتجاتها.
وهذا الأمر يوفر فرصة كبيرة ليس فقط لأسواق إفريقيا والدول الناشئة ولكن أمام الشركات الامريكية أيضًا، والأمر في النهاية سيتوقف على مدى جاهزية الدول لجذب هذه الاستثمارات على مستوى مدى توافر بنية تحتية ملائمة، وطاقة كهربائية للتصنيع، وسهولة تعاملات التصدير والاستيراد، وفوق هذا كله تأتي كفاءة التعليم، حيث لا يمكن خلق مناخ تصنيع في دولة لا تتوافر بها الكوادر المؤهلة علميًّا وفنيًّا ليتولوا قيادة وإدارة المشروعات المستهدفة.
قيادات رينيسانس كابيتال – مصر: الرهان على الشبكة الدولية لبنك الاستثمار وخبرة الأسواق الناشئة