أسعارُ البترول تتراجَع 37% منذ أكتوبر.. هل يعني ذلك أيَّ جديدٍ؟

بقلم أحمد رضوان ـ رئيس تحرير جريدة حابي

حتّى أمس، اتسع الفارق إلى ما يزيد عن 12 دولارًا بين سعر برميل البترول في موازنة العام الجاري (67 دولارًا) وسعره في الأسواق العالمية (تحت 55 دولارًا لخام برنت)، هذا الفارق الذي من المتوقع أن يزدادَ لأسبابٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ مختلفة، من شأنه المساعدة في تخفيف الضغطِ على الموازنة العامة للدولة، كما أنّه من المرجّح أن يسرع من وتيرة إبرام اتفاقٍ تحوطيّ ضدَّ مخاطر تقلب أسعار البترول، وفقًا لما سبق وأعلنته وزارة المالية قبل شهورٍ، إلى جانب تحديث خطّة تحرير أسعار المشتقّات البترولية بما يتناسب مع المتغير الأهمّ المتمثل في التراجع الكبير لأسعار الخام.

E-Bank

قبل أسابيع، كنّا نتحدّث عن سيناريو مختلفٍ تمام الاختلافِ، وهو كيف ستتعامل الحكومة مع أسعار بترول تزيد بمتوسط 20 دولارًا في البرميل الواحد عن السعر المدرجِ بالموازنة، أما الآن فقد فقدت الأسعارُ العالميةُ أكثر من 32 دولارًا منذ أوائل أكتوبر الماضي وحتى أمس، بنسبة تراجع تبلغ نحو 37%، ويحتاج هذا الوضع الجديد -حال استقراره والتأكد من كونه اتجاهًا- إلى سيناريو حكومي متكاملٍ يجيب عن مختلف الأسئلة التى تشغل بال الاقتصاديين وغير الاقتصاديين، ومنها تأثير ذلك على أسعار الطاقة لمختلف المستفيدين منها، وعلى مؤشرات الاقتصاد الكلي، وبالتالي على خطط الحكومة، وكذلك على التزاماتها تجاه البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي الذي ترتبط شرائح قرضِه بإجراءات وتوقيتات محددة.

كيف ستستفيدُ الحكومةُ من تراجعِ أسعار البترول وتُفيد أيضًا؟ نعتقد أن مجرد الحديث بوضوح -ولو على مستوى سرد الأفكار الأولية- عن تبعات وتأثيرات انخفاض البترول هي خطوة مهمة وضرورية في هذا التوقيت؛ لأنها لا تعبر فقط عن مرونة وسرعة في التعامل مع المتغيرات الاقتصادية شديدة التأثير، وإنما تساعد أيضًا مختلف القطاعات الاقتصادية في وضع أو مراجعة خططها في بناء السيناريوهات المطروحة من الحكومة، فكلنا على درايةٍ تامّة أن مختلف توقعات تطور معدل التضخم -وهو مؤشر بالغ الأهمية في وضع خطط الشركات- التي أصدرتها بنوك الاستثمار في الفترة الأخيرة، قائمة بالأساس على ما تم إعلانه من خطط لزياة أسعار الوقود حينما تحركت أسعاره بين 75 و 85 دولارًا للبرميل، وخطط الحكومة نفسها وفقًا للموازنة تم وضعها على أساس برميل بترول بسعر 67 دولارًا. وبالتالي وجب ولو على سبيل رصد السيناريوهات فقط أن تلقي الحكومة ولو ضوءًا بسيطًا على الأثر المالي والاقتصادي للتراجع الكبير الذي شهدته أسعار البترول.

في هذا العدد من جريدة «حابي»، فتحنا ملفًّا حول الآثار المرتقبةِ لانخفاضِ سعر برميلِ البترول وتوقعاتِ حركتِه في الفترة المقبلةِ، وشهِدَ الملفُ بعضَ التوصيات الصادرة من رجال البحوث والاقتصاد للحكومةِ كان من أهمِّها ضرورةُ الإسراع في إبرام اتفاق التأمين ضدَّ مخاطر تقلُّب سعر البترول، ولكن وبكلِّ أسفٍ غابت وجهة النظر الحكوميّة عن الملف، وكان من الصعب نظرًا لحيويته تأجيل نشره. نتمنى أن يقدم هذا الملف شيئًا مفيدًا لقراء جريدتنا الأعزاء، على أمل أن تتوالى المتابعاتُ في بوابة «حابي جورنال» وأن نقدّم جديدًا فيما يتعلّق برؤية الحكومة في تعامُلها مع هذا التطوُّرِ.

الرابط المختصر