التواضع

بقلم صالح ناصر رئيس قسم التحليل الفني في بايونيرز

يقال عنه إنه أعظم مضارب عرفته البورصات العالمية، منذ صغره كان يتذكر أسعار جميع الأسهم من نظرة واحدة ودون أي مجهود يذكر (وهذا ما يقال عنه عنده ذاكرة بصرية فولاذية). بدأ يترعرع كمضارب وينتقل من شركة سمسمرة إلى أخرى حيث إن ذاكرته البصرية القوية كانت تقلق شركات السمسرة آنذاك لأسباب كثيرة لا نريد الخوض فيها الآن. المهم أن هذا الرجل استطاع أن يكون إمبراطورية مصدرها الوحيد هو المضاربة في أسواق المال. والأهم من ذلك هو التزامه بالنظام الذي كان يستخدمه مما ساعده في جني الكثير من الأموال.

E-Bank

في عام 1877 ولد ”جيسي ليفرمور“ Jessie Livermore وفي سن الخامسة عشرة ربح أول ألف دولار وكان مبلغًا كبيرًا جدًّا آنذاك. استمر هذا الفتى في المضاربة بنجاح واستطاع أن يربح مائتي وخمسين ألف دولار في عام 1906 جراء بيع سهم “Union Pacific”.

كانت له أيامه الصعبة أيضًا حيث إنه كان مضاربًا يتخذ قرارات بها قدر كبير من المخاطرة ففي عام 1907 ربح ثلاثة ملايين دولار في يوم واحد جراء بيع سلعة القطن ولكنه خسر 90% من هذا الربح عام 1908 حيث بدأ يتخذ قرارات خاطئة وهي الأخطاء التي تكلم عنها في كتابه ”يوميات مضارب“ Reminiscences of a stock operator (نشر أول مرة عام 1923) وهو الكتاب الذي يعتبر في نظر الكثيرين من أهم الكتب في مجال الاستثمار.

الأعوام من 1908 حتى 1912 كانت صعبة على ”جيسي ليفرمور“ حيث أصبح مديونًا بمليون دولار تقريبًا ولكنه سرعان ما استطاع أن يعاود أداءه المميز بعد التغلب على أخطائه واستطاع أن يسدد كل ديونه. أعظم أيام هذا المضارب كانت ما بين 1920 إلى 1929 (وهو التوقيت الذي كتب فيها كتابه العظيم يوميات مضارب الذي نشر عام 1923). منذ عام 1920 كان هناك التزام شديد بأسلوب المضاربة الناجح الذي كان يتبعه ”جيسي“ وكانت الأرباح تزيد بشكل متصاعد حتي جاء عام 1929 وتوقع هذا المضارب شديد الذكاء انهيار الأسواق فقام بالبيع بكثافة (البيع علي المكشوف وهو البيع قبل الشراء إذا كنا نتوقع الهبوط) وكما توقع ”جيسي“ فقد انهارت الأسواق في أسوأ انهيار شهدته أسواق رأس المال في تاريخ البشرية مما أدى إلى انتحار الكثير من الأمريكيين في تلك الفترة. أما جيسي فقد ربح مائة مليون دولار في هذا الانهيار…. (أيوة ميت مليون دولار في 1929).

تابعنا على | Linkedin | instagram

ما حدث بعد عام 1929 مع ”جيسي ليفرمور“ هو خليط من المشاعر المتعارضة. فبرغم شهرته الكبيرة آنذاك قبل انهيار الأسواق فإن نجاحه العظيم في توقع الانهيار عام 1929 جعله أهم أيقونة في أسواق رأس المال في ذلك الوقت مما أثر عليه وجعله أكثر غرورًا من ذي قبل، ولكن أيضًا الإحساس بالذنب كان غالبًا عليه حيث إن الكثير من المتعاملين بالأسواق كانوا يتهمونه أنه من الأسباب المهمة في الانهيار الذي أكل الأخضر واليابس.

منذ عام 1929 وحتى وفاته عام 1940 كانت أيامًا سيئة لهذا الرجل فقد بدأ يتخذ قرارات يشوبها الكثير من المخاطرة حتى اعتقد أنه يمكن أن يؤثر على الأسواق بقراراته وهذا كان أكبر خطأ اقترفه ”جيسي ليفرمور“ حتى خسر كل أمواله عام 1934 وبعدها بستة سنوات قام بالانتحار.

كتاب يوميات مضارب (كما قلت سابقًا) هو من أفضل الكتب وأكثرها إفادة وهذا الكتاب موجود إذا بحثنا عنه في موقع جوجل فالكتاب به الكثير من النصائح والكلمات الخالدة التي نستفيد منها حتي اليوم. ومن ضمن الكتب المهمة التي أنصح بقراءتها هو كتاب عن قصة حياة جيسي ليفرمور
“Jesse Livermore, World’s Greatest Stock Trader. Written by Richard Smitten”
في المقالة القادمة إن شاء الله سنتكلم عن بعض النصائح من كتاب ”يوميات مضارب“ وكيف نستفيد منها.

الرابط المختصر