قيادات رينيسانس كابيتال – مصر: الرهان على الشبكة الدولية لبنك الاستثمار وخبرة الأسواق الناشئة

وضع السوق المصرية جيد حاليًا.. والاضطرابات لا تتعلق بأسباب محلية

aiBANK

ياسمين منير ورضوى إبراهيم

كشفا عمرو هلال، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار رينيسانس كابيتال بشمال إفريقيا، وأحمد حافظ، رئيس قسم الأبحاث بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في حوار موسع مع جريدة “حابي”، تفاصيل استراتيجية العمل في مصر، وخطة الاستفادة من ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يبشر بمرحلة من الرواج لعدد من القطاعات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة.

E-Bank

كما كشفا عن الملامح الرئيسية للعمليات التي يتولاها “رينيسانس كابيتال – مصر” خلال الوقت الحالي، وتتضمن طرح إحدى الشركات الخاصة في البورصة، إلى جانب إصدارين على الأقل بمجال أدوات الدين، والتفاوض على إصدارين أخرين، علاوة على عدة صفقات دمج واستحواذ، إحداها تتعلق بكيان إقليمي.

أحمد حافظ، رئيس قسم الأبحاث بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

حابي: كيف ترون وضع السوق المصرية وسط أسواق المنطقة خلال الوقت الحالي، خاصة وأن قرار تواجد البنك الاستثماري “رينيسانس كابيتال” في مصر سبقه انتشار إقليمي واسع للمكاتب والشركات التابعة، وما هي خطتكم للمنافسة بالسوق المحلية؟
حافظ: وضع السوق المصرية بصورة عامة جيد خلال الوقت الحالي، وأرى أن هناك تحسنًا ملحوظًا على مستوى الاقتصاد، وأعتقد أن الاضطرابات التي شهدناها بالسوق المحلية خلال الفترة الماضية كانت تأثرًا بما يحدث بالأسواق العالمية ولا تتعلق بأي أسباب محلية.

اتجاه سعر الفائدة العنصر الوحيد الذي خالف توقعات المستثمرين

وأرى أن العنصر الوحيد الذي جاء مخالفًا لتوقعات المستثمرين بالسوق المحلية ولم يشهد تطورًا إيجابيًّا، هو اتجاه سعر الفائدة، فالتوقعات كانت متجهه نحو نزول أسعار الفائدة بوتيرة أسرع، إلا أن الأوضاع العالمية لم تساعد متخذ القرار على تحقيق ذلك، إلى جانب الارتفاعات الموسمية في التضخم والتي ظهرت بداية من شهر أغسطس واستمرت لحوالي 4 أشهر.

والسوق المصرية بالنسبة لنا تأتي ضمن الاقتصادات الواعدة على مستوى أسواق المنطقة، ونحن نعمل وفقًا لنموذج يعتمد على خمسة عوامل رئيسية، وهي تسارع معدلات النمو الاقتصادي، وقيمة العملة، وتسارع نمو حجم القروض المصرفية، وتطور درجة التصنيف الائتماني للدولة، وفي إطار هذه العوامل فالاقتصاد المصري من أفضل الاقتصادات الناشئة.

وإذا نظرنا لأداء البورصة المصرية مقارنة بأداء باقي الأسواق الناشئة خلال الفترة الأخيرة، سنجد أنها متشابهة إلى حد كبير وهذا دليل على تأثرها بالاضطرابات العالمية وهو أمر طبيعي.

هلال: بالفعل النمو الاقتصادي والمؤشرات الاقتصادية الكلية في مصر خلال الوقت الراهن أقوى من نظيراتها في معظم الأسواق الناشئة، إلا أن السوق المحلية محكومة بأداء الاقتصادات المحيطة بها وفي العالم ككل، وهذا أمر خارج عن سيطرة الجميع، فدائمًا ما تنتقل الاضطرابات في أسواق المال نتيجة حركة الأموال تجاه معدلات العائد الأكبر والأسرع.

حافظ: ونحن نرى في ضوء هذه المتغيرات أن الوضع الاقتصادي في مصر تحسن بصورة كبيرة، وأن الحكومة تتخذ خطوات إيجابية على مستوى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.

نتطلع لاستمرار تحسن بعض المؤشرات الاقتصادية خلال 2019 وفي مقدمتها السياحة

كما أننا نتطلع لاستمرار تحسن بعض المؤشرات خلال العام المقبل 2019 كالسياحة، خاصة وأن هناك أنباء بدأت تتداول بقوة عن وصول وفود ورحلات طيران جديدة وارتفاع نسب إشغال الفنادق والمدن السياحية بعد انقطاع أو تباطؤ دام لفترة طويلة، وهذا أمر إيجابي جدًّا وسيساهم في إنعاش الاقتصاد المحلي.

تحسن الميزان التجاري خلال العام المقبل «طبيعي» بعد وقف الحكومة المصرية عمليات استيراد الغاز.. وقد يشهد تذبذبًا إذا لجأ الشريك الأجنبي لتحويل أرباحه للخارج

كما أنه من الطبيعي أن يتحسن الميزان التجاري خلال العام المقبل، نتيجة وقف الحكومة المصرية لعمليات استيراد الغاز من الخارج منذ شهر سبتمبر الماضي، وهو ما سيحدث فارقًا في الموازنة دون شك، فالدولة المصرية كانت تتحمل فاتورة استيراد غاز كبيرة جدًّا، حيث وصلت إلى حوالي 1.7 مليار دولار خلال العام الماضي.

حابي: هل ترى أن تكلفة الغاز ستنخفض بصورة كبيرة خلال العام المقبل، في ضوء شراء الحكومة المصرية لنفس احتياجاتها من الشركاء الدوليين بالسعر العالمي؟
حافظ: بالفعل ستنخفض، فمصر تمتلك حصة من الإنتاج، إلى جانب أولويتها في شراء ما تبقى من احتياجاتها، والتحسن سيكون ملحوظًا على مستوى ميزان المدفوعات الخارجي نتيجة وقف الاستيراد.

الميزان التجاري هو من أهم المؤشرات التي يجب متابعة تطوراتها بشكل مستمر، وسيتأثر إيجابيًّا بوقف الاستيراد، وقد يشهد تذبذبًا إذا لجأ الشريك الأجنبي لتحويل أرباحه للخارج، ولم يقُم بإعادة استثمارها بالسوق المحلية، ولكننا نرى أن هناك نية لزيادة الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال، مما سيساعد على تحسن الميزان التجاري.

حابي: إلى أين تتوقع وصول عجز الميزان التجاري؟
حافظ: نحن لا ننظر إلى الميزان التجاري بشكل منفصل، ولكننا نراقب بدقة تطورات الميزان التجاري، ونتوقع وصوله إلى أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي، أى ما يتراوح بين 2.5% إلى 2.6%. فبخلاف النتائج المترتبة على أعمال حقل ظهر، فهناك عدد من المشروعات الكبرى الأخرى التي ستساهم في انخفاض هذا العجز، ومنها مشروع المصرية للتكرير التابع لشركة القلعة للاستشارات المالية، ومشروع مجمع البتروكيماويات التابع لشركة كربون القابضة.

نتوقع وصول عجز الميزان التجاري إلى ما يتراوح بين 2.5% إلى 2.6%.. ومشروعات المصرية للتكرير وكربون القابضة ستساهم في الانخفاض

هلال: بالطبع وصول عجز الميزان التجاري إلى هذه الحدود يعد من المؤشرات الإيجابية، فالمستثمرون الأجانب ينظرون باهتمام إلى الأسواق التي انخفض فيها عجز هذا الميزان إلى أقل 3% من الناتج المحلي الإجمالي؛ لأنه ضمن أهم المؤشرات لهم خلال عمليات تقييم الأسواق الناشة على وجه التحديد.

الأجانب ينظرون باهتمام للأسواق التي يقل عجز ميزانها التجاري عن 3% من الناتج المحلي

وأرى أن منتجات المصرية للتكرير أو مجمع البتروكيماويات ستوفر قيمة مضافة كبيرة للاقتصاد المحلي على مستوى الصادرات، بخلاف الوفورات الخاصة بفواتير الاستيراد من الخارج؛ لأنها منتجات جديدة على السوق المحلية واعتاد استيرادها من الخارج فقط، سواء في شكلها النهائي أو كمواد خام مستخدمة في صناعة منتجات أخرى، أي أن هذه المشروعات إلى جانب وقف استيراد الغاز خلقت حلقة إيجابية ستنعكس بدورها على الميزان التجاري.

مصر أجرت إصلاحات اقتصادية هامة وتطورًا كبيرًا في السياسة النقدية

وأعتقد أن مصر استطاعت إجراء إصلاحات اقتصادية هامة، وهناك تطور كبير على مستوى السياسة النقدية، ومما لا شك فيه أن تطور عجز الميزان التجاري إذا تم مقارنته بعدد من الأسواق الناشئة الأخرى سنجد أن مصر قطعت شوطًا كبيرًا ووصلت لوضع أفضل بين تلك الأسواق.

حابي: رؤية المستثمرين لعام 2018 كانت إيجابية إلى حد كبير على مستوى وضع الاقتصاد المصري أو سوق المال، وكانت تحليلاتهم تدور حول انتهاء الفترة الصعبة الخاصة بتداعيات برنامج الإصلاح على السوق واقتراب مرحلة جني الثمار، إلا أن معظمهم بدأ التراجع عن هذه النظرة خلال الأشهر الأخيرة من العام نتيجة استمرار انعكاسات البرنامج على القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين بخلاف الاضطرابات العالمية سواء على مستوى الأسواق الناشئة أو الحرب التجارية الدائرة بين دول عظمى.. فكيف ترى وضع الاقتصاد المحلي خلال العام المقبل في ضوء هذه المتغيرات؟
هلال: بالفعل لسوء الحظ تزامن ارتفاع حدة الاضطرابات العالمية مع مرحلة جني ثمار مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي قطعت به شوطًا كبيرًا، ولكن لا يمكننا أن ننكر أن تهيئة البيئة الاستثمارية المحلية، واستمرار الحكومة في تنفيذ ما تبقى منه وفقًا لأولويات الجدول الزمني للخطة، سيساعد الاقتصاد المحلي على التعافي من تداعيات أزمات الأسواق الناشئة أو الحرب التجارية بصورة أسرع، إلى جانب تعظيم فرص جني الثمار، سواء على مستوى حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة، أو معدلات النمو الاقتصادي.

حافظ: أعتقد أن انعكاسات إجراءات الإصلاح الاقتصادي على القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي تأثر مبيعات الشركات أمر طبيعي، خاصة وأن مصر أقدمت على اتخاذ قرارات صعبة ومتأخرة لسنوات طويلة، خلال وقت قصير، ولكن الأمر لا زال في إطار أجل زمني مقبول وطبيعي، وعودة القدرة الشرائية للمستويات المقبولة “مسألة وقت”.

تزامن ارتفاع حدة الاضطرابات العالمية مع مرحلة جني ثمار مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي «سوء حظ»

فلا يمكن لأحد أن يتوقع أن يستوعب الاقتصاد المحلي قرارات مثل تعويم العملة المحلية أو خفض الدعم في بعض السلع الأساسية خلال وقت قصير، ولكن الاقتصاد المحلي بدأ التأقلم مع الأوضاع الجديدة.

ورغم ذلك نرى أن أوضاع الشركات المحلية، خاصة في قطاعات مثل الأغذية أو السيارات بدأت في التحسن خلال العام الجاري مقارنة بعام 2017 على مستوى حجم المبيعات، وبصورة عامة لا يمكن أن نتصور وصول نمو الطلب النهائي بحوالي 5 أو 6% أو بمعنى أدق وصوله إلى نفس المستويات التي سجلها قبل اندلاع الأزمة المالية العالمية.

كما أنه من الطبيعي أن يسبق الوصول لمعدلات نمو كبيرة، دخول استثمارات مباشرة جديدة للسوق، وزيادة نسبتها من الناتج المحلي الإجمالي عن 12%، مما يساهم بدوره في إنعاش القدرة الاستهلاكية للمواطنين وبالتالي نمو أعمال الشركات العاملة بالسوق المحلية.

السوق جذبت استثمارات جديدة ولكن بالقطاعات التي نالت اهتمام الحكومة وفي صدارتها البنية التحتية والطاقة

وهناك استثمارات جديدة دخلت السوق المحلية خلال الفترة الأخيرة، ولكن في بعض القطاعات خاصة الحكومية، وأعتقد أن ذلك مرتبط إلى حد كبير بأسعار الفائدة، فلا يوجد شك أن ارتفاع أسعار الفائدة دائمًا ما يحجم نمو أعمال الشركات الخاصة.

حابي: هل تقصد الإنفاق الاستثماري للحكومة؟
حافظ: نعم، أقصد الإنفاق الاستثماري للحكومة، أو بعض القطاعات التي تشهد اهتمامًا كبيرًا من الحكومة خلال الوقت الحالي مثل مشروعات البنية التحتية والمقاولات والقطاع العقاري والغاز والمواد البترولية.

كما توجد زيادة في الاستثمارات الجديدة في القطاعات الأخرى وبنسب جيدة، ولكن ليست بنفس معدلات ضخ الاستثمارات في القطاعات التي توليها الحكومة اهتمامًا منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي، ونتمنى زيادة وتيرتها خلال العام المقبل.

حابي: تحدثتم منذ قليل عن اقتراب القدرة الشرائية للمواطنين من التعافي الكامل، وأن هناك تحسنًا ملحوظًا فيها وبالتالي انعكس ذلك على ارتفاع حجم مبيعات شركات تنتمي لعدة قطاعات اقتصادية مختلفة.. فهل ترون أن تعافي القدرة الشرائية وامتصاص المستهلكين للأزمة من الطبيعي أن يكون الأسرع من قدرة الشركات المحلية على الاستفادة من قرار تحرير سعر الصرف التي ترقبته لفترة طويلة أملًا في زيادة صادرتها، أم هناك خلل في هذا السياق بشكل أو بآخر؟
هلال: تأجيل الحكومات السابقة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات لعب دورًا كبيرًا في طول فترة استيعاب السوق لها، هذا أمر ليس محل أي خلاف فلم يكن لدى الحكومة رفاهية التنفيذ التدريجي لتلك الإجراءات.

وتنفيذ الإجراءات بصورة مكثفة نتيجة تعطلها لعقود أدى لزيادة حدة الاضطرابات الناتجة عنها، ولكن نحن نسير على الطريق الصحيح خلال الوقت الحالي.

حابي: هل تقصد أن زيادة الصادرات المصرية على ضوء نتائج برنامج الإصلاح مسألة وقت فقط، أم هناك إجراءات يجب اتخاذها خلال الفترة الحالية؟
هلال: بالطبع الأمر يحتاج لمزيد من الوقت، كما أتوقع انتعاشها بصورة أسرع مع بدء دخول أسعار الفائدة في مرحلة جديدة من الانخفاض خلال الفترة المقبلة.

الشركات مرت بمرحلة طويلة من الترقب.. وفي انتظار انخفاض الفائدة لاستئناف التوسعات

فالشركات مرت بمرحلة طويلة من الترقب قبل ضخ أي استثمارات جدية في زيادة طاقتها الإنتاجية، وحاليًا أصبحت مستعدة لاستئناف رحلة توسعاتها من جديد، والتمويل المصرفي يلعب دورًا كبيرًا في خطط وتوسعات الشركات، وبالتالي ستكون هناك انطلاقه كبيرة لعدد من التوسعات الاستثمارية فور خفض أسعار الفائدة على الاقتراض.

حابي: هل تتوقعون اتجاه أسعار الفائدة عالميًّا نحو الانخفاض خلال وقت قريب، وما هي المعدلات التي ترجحون تراجعها على خلفيتها بالسوق المحلي؟
حافظ: نعم، نرى أن أسعار الفائدة بالسوق المحلية اقتربت من الاتجاه نحو الانخفاض مرة أخرى، خاصة وأنها ترتبط بمعدلات التضخم بصورة أكبر من ارتباطها بأسعار الفائدة عالميًّا، وكان سبب رفع أسعار الفائدة على الودائع في الأسواق العالمية أو الناشئة لحل مشكلات اقتصادية أخرى.

وأود التركيز على أن ارتفاع أسعار الفائدة في إحدى الأسواق لا يعني حتمية خروج الاستثمارات الأجنبية بكل أشكالها من أسواق أخرى للاستفادة منها، فهناك عوامل أخرى تتدخل في القرار الاستثماري وعلى رأسها معدلات المخاطر الاستثمارية المحتملة في هذه الأسواق.

هلال: في هذه الأحوال تكون الأموال الساخنة هي الأقرب للخروج من أسواق لأخرى سعيًا وراء العائد المرتفع، ويكون تأثيرها الأكبر على حركة البورصات وليست الاستثمارات المباشرة، وفي نهاية الأمر هذه الاستثمارات الأجنبية مدرجة بالاحتياطيات غير الرسمية وتأثيرها محدود على الاقتصاد الكلي.

حافظ: البنك المركزي المصري يتبنى سياسة نقدية شديدة الوضوح، وهدفها الأول خفض معدلات التضخم العام، وبالتالي خفض أسعار الفائدة بعد الوصول للمستويات المستهدفة والمقبولة.

حابي: ما تقديركم للفترة الزمنية المتبقية على اتجاه المركزي المصري لخفض أسعار الفائدة من جديد عن المستويات الحالية؟
حافظ: أتوقع خفضها بصورة ملحوظة خلال العام المقبل، مع استمرار تراجعها بصورة ملحوظة أيضًا خلال عام 2020، بمقدار كبير من الارتفاعات التي شهدتها منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي.

انخفاض الفائدة 2 إلى 3% خلال النصف الثاني من العام إذا لم تكن هناك أحداث طارئة

وأعتقد أنها ستتراجع بحوالي 2 إلى 3% عن المستويات الحالية.

حابي: هل تتوقعون خفض أسعار الفائدة خلال الربع الأول من 2019؟
هلال: أتوقع انخفاضها بنفس النسبة بداية من النصف الثاني من العام المقبل، إذا لم تكن هناك أحداث طارئة.

حابي: هناك شكاوى متكررة لمجموعة كبيرة من الشركات العاملة بالسوق المحلية من صعوبة الحصول على التمويل المصرفي، على مستوى الإجراءات والقواعد المنظمة لسقف التمويل المتاح لمحفظة العميل داخل البنك الواحد أو الشق الخاص بتمويل نفس القطاع من عدة بنوك، وهذه الشكاوى لم تكن تتعلق بارتفاع أسعار الفائدة.. فهل تتوقعون انفراجة في الحصول على التمويل المصرفي خلال العامين المقبلين في إطار المبادرات التي يطلقها البنك المركزي لدعم وتعزيز مشاركة البنوك في النمو الاقتصادي المحلي؟
حافظ: يتابع بنك “رينيسانس كابيتال” الشركات الكبرى التي لا تتعرض لمثل هذه الأزمات كغيرها من الشركات التي تعاني من غياب الحوكمة أو ضعف الوضع المالي أو عدم انتظامه على أقل تقدير، ولكن أتوقع أن يشهد التمويل المصرفي معدلات نمو متسارعة خلال العامين المقبلين.

كما أتوقع استمرار نمو حجم التمويلات الموجهة لشريحة الشركات المتوسطة والصغيرة، بدعم من تركيز الدولة على دعم هذه الشريحة من المشروعات وزيادة دورها ومشاركتها في النمو الاقتصادي.

التمويل غير المصرفي ساهم بصورة كبيرة في نمو حجم أعمال الشركات المتوسطة والصغيرة

وأعتقد أن النشاط الذي يشهده قطاع التمويل غير المصرفي ساهم بصورة كبيرة في إحداث نقلة على مستوى نمو حجم أعمال هذه الشريحة من الشركات خلال الفترة الأخيرة.

هلال: مبادرة البنك المركزي لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وإلزام البنوك بتوظيف حصة محددة من محافظها في تمويل هذه المشروعات لعبت دورًا محوريًّا في تضاعف حجم التمويل المصرفي الموجه لها خلال فترة قصيرة، كما شجع قطاع التمويل غير المصرفي على التوسع في إقراضها.

وأرى أن الحكومة المصرية بدأت في السير على الطريق الصحيح منذ إقدامها على تنفيذ برنامج الإصلاح، خاصة وأن الخطط أصبحت طويلة ومتوسطة الأجل، ووضعت من خلال رؤية تمتد لأكثر من عشر سنوات مقبلة.

حابي: ما هي التحديات الأخرى التي تواجه توسعات الشركات الخاصة في السوق المحلية بخلاف ارتفاع أسعار الفائدة؟
حافظ: هناك تحدٍّ هام يواجه المستثمرين، وهو الحصول على الأراضي الصناعية المرفقة، ولكن الحكومة تعمل بجدية خلال الفترة الحالية على حل أزمة ولاية الأراضي بين بعض الجهات، وأعتقد أنها أوشكت على الانتهاء خاصة مع المتابعة التي يجريها صندوق النقد الدولي لهذا الملف.

وأرى أن دخول القطاع الخاص في عمليات ترفيق هذه الأراضي، سيساهم بصورة كبيرة في تسريع حل الأزمة المتراكمة.

حابي: من وجهه نظركم.. ما هى عناصر تميز رينيسانس بالأسواق الناشئة مقارنة بباقي بنوك الاستثمار العالمية؟
هلال: “رينيسانس كابيتال” هو بنك استثماري عالمي، ومعظم بنوك الاستثمار العالمية لا تركز على الأسواق الناشئة إلى حد كبير كما نعمل نحن، ومن الطبيعي أن يكون حجم أعمالهم في الأسواق الناشئة محدودًا مقارنة بأعمالها في أسواق أخرى، باعتبارها غير مجزية وفقًا لمستهدفاتهم.

وتقوم هذه البنوك بإرسال فريق متخصص من أحد مكاتبها حول العالم إذا رغبت في اقتناص صفقة ما بالأسواق الناشئة، ولا تفضل التواجد بها عبر مكاتب تمثيل أو من خلال الحصول على تراخيص مزاولة الأنشطة المالية المختلفة.

الخبرة الدولية في أسواق متقدمة وناشئة تخلق وضعًا تنافسيًّا قويًّا لرينيسانس في مصر

ولكن بنك “رينيسانس كابيتال” لديه اهتمام كبير بالتواجد في هذه الأسواق، وله توجه مختلف نسبيًّا عن نظرائه من بنوك الاستثمار العالمية.

فتوظيف خبرة بنك استثمار دولي متواجد في عدد من الأسواق المتقدمة إلى جانب الأسواق الناشئة من شأنها خلق وضع تنافسي قوى، في ظل امتلاكه الخبرة المتنوعة في قطاعات مختلفة، مثل أسواق الدين ومنتجاتها، وإدارة الطروحات العامة والخاصة، وعمليات الاستحواذ والاندماج، والاستشارات المالية، كما تركز استراتيجية البنك بشكل رئيسي على الأسواق الناشئة.

حابي: هل سيكون مكتب “رينيسانس كابيتال” في مصر المركز الرئيسي لتوسعات البنك الاستثمارية في أسواق المنطقة، أم سيتبع التواجد في مصر دخول أسواق أخرى محيطة خلال الفترة المقبلة؟
هلال: لدينا خلال الوقت الحالي مراكز رئيسية في نيويورك ولندن، وهذه المراكز تتيح لنا التواجد في أكبر أسواق المال العالمية ونكون قريبين من المستثمرين الأجانب المهتمين بالاستثمار في الأسواق الناشئة.

ويتركز المستثمرون الأجانب المهتمون بالأسواق الناشئة خلال الوقت الحالي في دول، إنجلترا وأمريكا وجنوب إفريقيا، إلى جانب تواجد البعض في دول أوربا، ونحن متواجدين في كل هذه الأسواق لضمان القرب من نقاط تمركز المستثمرين المهتمين بالأسواق التي نركز على توسيع أعمالنا بها.

وعلى مستوى الأسواق الناشئة، يتواجد بنك “رينيسانس كابيتال” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والقاهرة تمثل مركزًا رئيسيًّا لنا في المنطقة ولدينا تركيز كبير على السوق المصرية، إضافة إلى تواجدنا في نيجيريا وكينيا وجنوب إفريقيا، ونوظف هذا التواجد في تغطية كل الأسواق المحيطة بخدماتنا.

حابي: هل يتواجد بنك “رينيسانس كابيتال” في هذه الأسواق من خلال مكاتب تمثيل فقط، أم لديه بنوك استثمار متكاملة؟
هلال: نتواجد في هذه الأسواق من خلال بنوك استثمار، وعلى سبيل المثال فنحن لدينا بنوك استثمار متكاملة وحصلت على كافة تراخيص الخدمات المالية بكل من نيجيريا وجنوب إفريقيا، كما استطاعت الوصول إلى حصص سوقية كبيرة على مستوى خدمات السمسرة في الأوراق المالية وغيرها من الخدمات التي تقدمها.

وأرى أن تواجدنا بالأسواق الناشئة يميزنا بين بنوك الاستثمار العالمية التي تكتفي بافتتاح مكاتب تمثيل أو إرسال فريق متخصص لإنجاز مهمة محددة؛ لأن التواجد يثقل خبرتنا ومعرفتنا بطبيعة السوق بشكل أدق إلى جانب إتاحة مساحة مناسبة من الاطلاع على الفرص الأفضل والأكثر جاذبية لعملائنا.

فنحن نتميز عن باقي بنوك الاستثمار العالمية بالتواجد المباشر في الأسواق الناشئة، كما أننا نتمتع بوضع تنافسي قوي مع بنوك الاستثمار المحلية نظرًا لامتلاكنا قنوات تواصل أكثر فاعلية مع المهتمين بهذه الأسواق عبر تواجدنا في أمريكا وإنجلترا.

وأرى أن خبرتنا في أسواق الدين ومنتجاتها وكيفية تدبيرها وتسويقها، ستكسبنا ميزة تنافسية قوية بالسوق المصرية، نظرًا لعدم توافرها بالصورة الكافية.

حابي: هل يخطط بنك “رينيسانس كابيتال” مصر للحصول على كافة تراخيص الخدمات المالية المتاحة بالسوق المحلية، أم تنوي الاكتفاء بعدد منها؟
هلال: حصلنا بالفعل على تراخيص ترويج وتغطية الاكتتابات والاستشارات المالية من الهيئة العامة للرقابة المالية، وهي التراخيص التي نحتاج لها.

حابي: هل تنوون الحصول على ترخيص لمزاولة نشاط السمسرة في الأوراق المالية؟

هلال: لا نخطط لذلك خلال الوقت الحالي.

حابي: هل تتعاملون في تنفيذ عملياتكم بالبورصة المصرية من خلال شركة سمسرة محددة، أم تفضلون الانفتاح في التعامل مع أكثر من شركة؟
هلال: لا ننفذ تعاملاتنا من خلال شركة محددة، وأعتقد أن التعامل مع الجميع يحمل ميزة.

حابي: هل لا يقلقكم غياب نشاط السمسرة على وضعكم التنافسي في السوق المصري، خاصة في ظل تواجد بنوك استثمار محلية كبرى لديها هذه التراخيص كما يوجد لديها قنوات اتصال قوية مع مستثمرين أجانب خاصة المهتمين بالسوق المحلية؟
حافظ: يفضل عملاؤنا في المقام الأول التعامل معنا بهدف الاستفادة من خبراتنا في هذه الأسواق، وخدمة تنفيذ العملية في البورصة هي الخطوة الأخيرة والأقل أهمية في التعامل مع بنك الاستثمار المحترف.

كما أن الوضع تغير في الأسواق العالمية، وأصبح لدى كل مستثمر كبير منهج وأسس تقييم يلجأ لها في ترتيب وضع الشركات التي يستهدف التعامل معها، ومنها الدرسات والأبحاث والتوصيات الصادرة عن هذه الشركات، وكفاءة العاملين بها عند التواصل لتسويق منتجاتها وخدماتها، وكفاءة التنفيذات التي تقوم بها، وعدد الأسواق التي تقوم بتغطيتها.

فمصر ليست سوقًا كبيرة بالنسبة لبعض المستثمرين، لذلك فهي ليست بحاجة للتعامل مع شركة سمسرة محددة، ولكن ما يهمه في هذا بالمقام الأول ستكون التوصية المتعلقة بالفرصة الاستثمارية أو المنتج المتميز وليس إجراء تنفيذ العملية الذي يعد آخر محطة.

وضمن التغييرات التي فرضت نفسها على تعاملات المستثمرين مع بنوك الاستثمار أو شركات الخدمات المالية، لا بدّ أن تكون الدراسات والأبحاث مدفوعة بمقابل منفصل عن باقي الخدمات، مع ضرورة إبرام اتفاق مع العميل المستفيد، وأعتقد أن مثل هذه المعاملات تمنح الشركات الكبرى أو الشركات شديدة التخصص ميزة تنافسية، في حين تفتقد الشركات المتوسطة هذه الميزة.

وأرى أن عددًا من الشركات تأثر بغياب مثل هذه الخدمات، خاصة بعد اتجاه شريحة كبيرة من عملاء بنوك الاستثمار إلى تخفيض عدد الشركات التي تتعامل معها في نفس الأسواق.

حابي: كيف ترون الوضع التنافسي للبنك الاستثماري “رينيسانس كابيتال” مصر على مستوى الأنشطة والخدمات المالية المستهدفة؟
هلال: نحن بدأنا في مصر بنهاية العام الماضي، ولكننا متواجدون فعليًّا على مستوى تنفيذ عمليات وصفقات منذ عام 2016، وأقصد هنا أول صفقة نفذناها، بخلاف التنفيذات التي تتم لصالح عملائنا بالسوق المصرية.

وكانت صفقة بيع حصة أحد كبار المساهمين في بنك كريدي آجريكول مصر لصالح مستثمرين أجانب قمنا بتوفيرهم، وحجم العملية وصل لحوالي 250 مليون جنيه، ومنحتنا هذه الصفقة ثقة كبيرة للتوسع في السوق المصرية، خاصة وأننا نرى أنها سوق واعدة وسنستفيد بصورة كبيرة من الإجراءات الإصلاحية التي بدأت وقتها.

وفي هذا التوقيت لم نكن متواجدين على الأراضي المصرية، ولكن خططنا للتواجد من خلال بنك استثمار وبدأنا في عملية التأسيس والحصول على التراخيص، إلى جانب استقطاب وتعيين الكوادر خلال عام 2017 بقسمي البحوث وخدمات بنوك الاستثمار، ولأننا استهدفنا التركيز على السوق المصرية وتغطيتها بتوسع بجانب عدد من الأسواق المحيطة فقمنا بنقل الباحثين المتخصصين في تغطية السوق المصرية من دبي.

كما أننا نستعين أيضًا بكوادر مكملة من فريق عمل بنك “رينيسانس كابيتال” سواء في لندن أو جنوب إفريقيا وغيرها من الأسواق التي نعمل بها، وهكذا تعمل بنوك الاستثمار العالمية.

وفي بداية عام 2018 بدأنا تغطية الشركات العاملة بالسوق المصرية من خلال قسم البحوث، ونعمل حاليًا على أكثر من فرصة استثمارية عن طريق قسم خدمات بنوك الاستثمار، على مستوى عمليات الاكتتابات والطروحات، إلى جانب عمليات أدوات الدين الخاصة، فهناك بعض الشركات التي تحتاج لإصدار أدوات دين لتمويل توسعاتها خلال أجال زمنية تصل إلى 3 أو 4 سنوات، بدلًا من التنازل عن جزء من حصصهم بالشركة لصالح مستثمرين آخرين على تقيمات أقل.

حابي: ما هي أهم الطروحات التي تعملون عليها خلال الوقت الحالي، وإلى أي قطاعات تنتمي؟
هلال: نعمل خلال الوقت الحالي على طرح، كما أننا نرغب بالمشاركة في برنامج الطروحات الحكومية، إلى جانب طروحات الشركات الخاصة المزمع تنفيذها خلال العام المقبل.

حابي: وماذا عن عمليات أدوات الدين التي تعملون عليها حاليًا؟
هلال: نحن نركز على أدوات الدين الخاصة، والعمل عليها وفقًا لمواصفات الشركة واحتياجاتها، بجانب توفير احتياجات المستثمر في هذه الأدوات، وهذه المنتجات تختلف من عملية لأخرى. ويمتلك بنك “رينيسانس كابيتال” خبرة واسعة على مستوى أدوات الدين الخاصة في عدد كبير من الأسواق حول العالم.

حابي: ما هو متوسط آجال تلك الإصدارات؟
هلال: هي إصدارات مرنة، وتتراوح آجالها ما بين عام إلى 5 سنوات، ويتوقف تحقيقها على احتياجات الطرفين، أي الشركة المصدرة أو المستثمر في أدوات الدين، والأكثر تكرارًا هو آجل عامين أو ثلاثة أعوام.

حابي: هل يسوق بنك “رينيسانس كابيتال” إصدارات الدين للمستثمرين المصريين؟
هلال: بوجه عام نسوق هذه الإصدارات للمستتثمرين الأجانب وهم الأكثر تفضيلًا لهذا النوع من المنتجات، خاصة وأن لديهم صناديق متخصصة في الاستثمار بأدوات الدين مثل صناديق الاستثمار في البورصات.

حابي: كم إصدار دين تعملون عليه حاليًا؟
هلال: نعمل على إصدارين أو ثلاثة في مجال أدوات الدين الخاصة، وهناك مباحثات على ثلاثة آخرين.

حابي: ما هي القطاعات الاقتصادية المتصدرة اهتمام عملائكم الأجانب خلال الوقت الراهن؟
حافظ: تتصدر قطاعات الطاقة والبنية التحتية والخدمات المالية اهتمام عملائنا حاليًا على مستوى الشركات المتداولة بالبورصة المصرية، إضافة إلى القطاعات المرتبطة بها.

وأرى أن هذا طبيعي لأنها القطاعات التي ارتبطت بالاستثمارات الجدية خلال الفترة الماضية سواء على مستوى الجانب الحكومي أو مستثمري القطاع الخاص.

كما يوجد اهتمام بقطاعات الصحة والتعليم، علاوة على القطاع الاستهلاكي، وهو الأكثر شهرة بين المستثمرين الأجانب، وهناك أيضًا اهتمام بالقطاع العقاري في بعض الأوقات.

ولا بدّ أن نلتفت هنا إلى طبيعة اختيارات المستثمرين الأجانب تختلف عن غيرهم، فعلى سبيل المثال في قطاع البنوك نجد أن اهتمامهم الأول بسهم البنك التجاري الدولي CIB، لعدة عوامل تتعلق بحجم المؤسسة وحجم السيولة المتوفرة على السهم، بخلاف تواجده في مؤشر مورجان ستانلي MSCI للأسواق الناشئة.

وهذه الرغبات والاهتمامات ليست مؤشرًا دقيقًا لرؤية المستثمرين للقطاعات الاقتصادية الواعدة، فمن الممكن أن يكون قطاع الكهرباء يتمتع بفرص نمو كبيرة ولكنه غير ممثل جيدًا بالبورصة المصرية، وبالتالي سيغيب عن الاهتمام عند شراء أسهم متداولة.

حابي: لدى بنك “رينيسانس كابيتال” قاعدة عملاء منتشرة على مستوى أقاليم جغرافية مختلفة، وتحدثنا منذ قليل عن القطاعات الاقتصادية التي تنال اهتمامكم، هل يمكننا تحليل تلك البيانات للوصول إلى تفضيلات مستثمري كل إقليم للقطاعات الاقتصادية الواعدة بمصر، أم تختلف تفضيلات مستثمر الإقليم الجغرافي الواحد؟
حافظ: تحليل البيانات لم يظهر تركز اهتمام مستثمري إقليم جغرافي معين بأحد القطاعات الاقتصادية، ولكن طبيعة وحجم الصندوق الاستثماري هي التي تغلب على التوجهات والتفضيلات.

هلال: الصناديق المتخصصة في الاستثمار بالأسواق الناشئة بوجه عام تعتمد على مقارنة مقومات وتحديات الاستثمار في هذه الدول والقطاعات الاقتصادية المختلفة وتعدل خططها بصورة دورية على هذا الأساس، بخلاف المقارنات الخاصة بحجم الشركات المنتمية لنفس القطاع.

حابي: ما هي القطاعات الاقتصادية المرشحة لجذب استثمارات أجنبية مباشرة خلال الفترة المقبلة؟
هلال: القطاع الاستهلاكي من أكثر القطاعات المرشحة لجذب استثمارات مباشرة جديدة، إلى جانب الصحة والتعليم بدعم من القاعدة الاستهلاكية الكبيرة والمتنامية بالسوق المصرية.

كما لاحظنا اهتمام المستثمرين الأجانب بصورة كبيرة بقطاع الخدمات المالية، وفي مقدمتها التمويل الاستهلاكي.

فقطاع التمويل الاستهلاكي واعد، ويتمتع بمؤشرات نمو جيدة، كما يحظى حاليًا بإقبال من المستثمرين، وهذا ليس على مستوى مصر فقط، بل كل الأسواق الناشئة.

ورغم أن كثيرًا من الأسواق الناشئة ما زال في مرحلة متأخرة عن مصر، إلا أن هناك أسواقًا أخرى سبقت، ما جعل لدى شريحة من المستثمرين دراية جيدة بوضع القطاع وفرص نموه الجيدة وبالتالي يبحثون عن فرصة جديدة بمصر والأسواق الناشئة الأخرى.

حابي: هل لدى بنك “رينيسانس كابيتال” عملاء يبحثون عن فرص بقطاع التمويل الاستهلاكي؟
هلال: من أكثر القطاعات التي يتم السؤال حولها.

كذلك القطاع الصناعي كان يعاني منذ فترة من ضعف رغبة المستثمرين، إلا أنه مع تعافي الاقتصاد واستعادة التنافسية للتصدير بعد تحرير العملة، بدأنا نرى اهتمامًا بالفرص الصناعية، خاصة بالشركات المصدرة في مختلف المجالات، منها الصناعات الثقيلة وكذلك الصناعات الاستهلاكية مثل الأكل والملابس.

حابي: ما هي القطاعات الأخرى من وجهة نظركم التي بدأت تدخل في مرحلة التباطؤ بعمر دورتها الاقتصادية؟
حافظ: على مستوى الفترة الأخيرة قطاع الاسمنت هو الأكثر وضوحًا.

هلال: الصناعات الغذائية تشهد أيضًا تنافسية عالية جدًّا مؤخرًا.

حافظ: بالتأكيد يشهد تنافسية عالية، لكنه ما زال يتمتع بفرص جيدة للنمو.

ونشر مؤخرًا عن صفقة محتملة لاستحواذ شركة تصنيع غذائي على أخرى تعمل في نفس المجال، رغم أنه يعتبر استكمالًا لخطة توسع وليس استثمارًا من البداية.

فالتنافسية محتدمة بالقطاع وهذا واضح في رغبة الشركات في تقديم كل المنتجات، متخلين في ذلك عن مبدأ التخصص في منتجات محددة مثل الجبن أو العصائر، ما يبشر باحتمالية نشاط الاندماجات بين الشركات العاملة بالصناعات الغذائية بهدف التكامل وتقوية الوضع التنافسي.

حابي: ماذا عن القطاع العقاري.. هل بدأ يدخل فى مرحلة التباطؤ؟
حافظ: حتى الآن لم يصل القطاع العقاري لهذه الدرجة، هناك تخوفات.

فأكبر مشكلة حاليًا بالقطاع العقاري تتمثل في العرض والطلب، فلا يوجد تصور واضح لدى أي طرف بطبيعة العرض والطلب بالسوق المحلية مع الأسف الشديد، وهذا قد يكون نتيجة لغياب توافر بيانات كافية، كما أن عددًا كبيرًا من الشركات العقارية غير مقيد بالبورصة، علاوة على عدم وجود توافر بيانات واضحة لمعدلات الدخل بالمجتمع وتوزيعه بما يوفر إمكانية تحليل الوضع بصورة أكثر دقة، وبالتالي الكل يقيم الوضع بصورة تقريبية.

وخلال الفترة الأخيرة زادت المخاوف والتحذيرات مع تباطؤ المبيعات وركود القطاع، وهو أمر لم يحدث حتى الآن.

حابي: ولكن بعض الشركات بدأت تتأثر بالفعل بتباطؤ القطاع، وهو ما دفع شركة مثل مصر الجديدة للإسكان للتأكيد في تعليقها على نتائج أعمال الربع الثالث بأن مبيعاتها تأثرت نتيجة لركود القطاع العقاري.. ما تقييمك لهذا الأمر؟
حافظ: درجة التأثر مرتبطة بنوعية الشريحة التي يتم مخاطبتها.

هلال: من الطبيعي عندما تتجه أغلب الشركات لمخاطبة الشريحة المحدودة من ذوي الدخول المرتفعة أن يتراجع الطلب، فالشريحة العليا لا تضم أكثر من 50 إلى 100 ألف عميل، وبالتالي إذا رغبت هذه الشريحة في الشراء بهدف الاستثمار لن تواكب في النهاية حجم المعروض من الوحدات.

فعلى صعيد الطلب على العقارات، بالتأكيد هناك طلب ويوجد فجوة تصل إلى نحو 600 أو 700 ألف وحدة سنويًّا بالشرائح الأخرى.

حافظ: بالتأكيد وضع القطاع العقاري أصبح أصعب مما كان عليه خلال عامين أو ثلاثة ماضية، كما قد يكون أصعب خلال العامين الثلاثة المقبلين، وذلك بسبب الزيادة المستمرة في حجم المعروض والناتجة عن دخول شركات جديدة على السوق بالتزامن مع توسع الدولة في طرح أراضٍ للمطورين العقاريين، علاوة على التأثر النسبي في حجم الطلب نتيجة للضغوط الاقتصادية وارتفاع الأسعار.

ولكن هل وصلنا لمرحلة الفقاعة أو وجود خلل في التوازن بالشركات العقارية نتيجة لانخفاض الطلب عن المعروض، فهي أسئلة أصبحنا في حاجة للإجابة عليها ولكن لكي نصل إلى إجابة دقيقة يجب أن تتوافر البيانات اللازمة للتحليل.

حابي: هل استفاد الاقتصاد المصري من الإنفاق العقاري الكبير الذي ضخ في مصر على مدار السنوات الأخيرة سواء من الحكومة أو القطاع الخاص؟ وهل هناك قطاعات أخرى كانت أولى بهذا الإنفاق للتأثر إيجابيًّا على وضع الاقتصاد؟
حافظ: من الصعب توجيه الاستثمارات لقطاعات بعينها في أنظمة الاقتصاد الحر، فالاستثمارات تتجه للمجالات التي تراها ذات جدوى لها.

ومصر التزمت لفترة طويلة جدًّا بعدم طرح أراضٍ وهذا الأمر خلق مشكلة، وبالتالي كان من الجيد طرح أراضي حتى وإن كان من الافضل طرح قطع أقل، فأي استثمار في نهاية الأمر له تأثير إيجابي على الاقتصاد، لما له من آثار تتعلق بتوظيف العمالة وتشغيل شركات المقاولات.

هلال: وهذا هو الهدف، كما تم استهداف جذب أموال المصريين في الخارج للقطاع العقاري، باعتبار أن العقار لا تتراجع قيمته وإنما مرشحة للنمو.

ونلاحظ بالفعل ارتفاعًا مستمرًّا في قيمة تحويلات المصريين في الخارج، بسبب التعويم وتضاعف قيمة صرف العملات العربية أمام الجنيه المصري، وهو ما خلق أمام المصريين في الخارج فرصًا متنوعة للاستثمار في مصر، والعقار من أكثر المجالات المحببة للمواطنين.

وبالتالي الدولة اتجهت لطرح أراضٍ لخلق منتجات قادرة على جذب أموال المصريين في الخارج، ومن ناحية أخرى الاستفادة من الحراك المرتبط بالقطاع العقاري على صعيد شركات مواد البناء والمقاولات والعمالة، خاصة أن هذا القطاع يعد الأكثر توظيفًا للعمالة المؤقتة الوافدة من المحافظات بشكل يومي بحثًا عن عمل.

ومن هنا نجد أن للتوسع في الاستثمار العقاري أبعادًا متعددة منها الاقتصادي والاجتماعي، فإذا كان الشكل العام ظاهريًّا يوحي بوجود مشروعات كثيرة بقطاع العقارات إلا أن وراء ذلك تم تحقيق عدة أهداف لا يمكن تقليل أهميتها.

حافظ: الظروف الاقتصادية كانت مواتية خلال هذه الفترة لزيادة التوسع في الاستثمار العقاري، وكان من الصعب قبل التعويم إقناع أي مستثمر لتأسيس مصنع واستيراد آلات ومواد، كذلك ساهم ارتفاع الفائدة في تجميد قرارات استثمارية في حين يتمتع نشاط العقارات بفكرة التمويل الذاتي من خلال بيع الوحدات تحت الإنشاء.

وليس من المفروض أن يتم وقف الاستثمار في قطاعات لصالح قطاعات أخرى، وإنما يفضل التحرك بشكل متوازٍ تجاه تنمية كل القطاعات، من خلال تذليل العقبات التي تواجه الاستثمار بكل القطاعات، على أن تتحكم الأوضاع الاقتصادية بعد ذلك في درجة جاذبية ونشاط قطاع وفقًا للجدوى الاستثمارية.

ومن المهم عدم التأثير على كفاءة وديناميكية السوق خلال عملية تذليل العقبات، مثل طرح رخص كثيرة بقطاع معين تفوق الاحتياجات.

هلال: الأمر لا يتعلق فقط بالقطاع العقاري، فنفس الأمر ينطبق أيضًا على ما ضخ من استثمارات في مجالات البنية الأساسية والبنية التحتية التي كانت ضرورية خلال هذه المرحلة لتهيئة المجال وتوفير الخدمات والطرق اللازمة لاسقطاب استثمارات في قطاعات أخرى وفي مقدمتها الصناعة.

حابي: من وجهه نظرك، ما هو الأسلوب الأمثل لتوجيه الإنفاق الاستثماري للدولة، هل تستمر على نفس الوضع أم تتحول لتنشيط قطاعات أخرى أم تتراجع لصالح فتح المجال أمام جذب استثمارات القطاع الخاص؟
حافظ: من الطبيعي أن تستمر الحكومة في الإنفاق على البنية الأساسية، كما ستبدأ في إدخال القطاع الخاص بهذا المجال وفقًا للتوجه الواضح حاليًا.

فالمنظومة مرتبطة، فالدعم الموجه لقطاع ما مثل المياه يعوق في المقابل الاستعانة بالقطاع الخاص لبناء محطات مياه في ظل احتياج المستثمرين لوجود سعر عادل لهذه السلعة.

وبالتالي نجد أننا نعمل في أكثر من اتجاه، حيث تساهم سياسة رفع الدعم في تهيئة المناخ لجذب مختلف أنواع المستثمرين، سواء محليين أو أجانب، ولحين حدوث ذلك بصورة واسعة، تقوم الحكومة بضخ استثمارات بالمناحي المطلوبة مثل الكهرباء والمياه والطرق.

وهناك بالفعل قطاعات كاملة تعتبر مغلقة على القطاع الخاص نتيجة لوجود خلل في ديناميكيات السوق، بما يعوق تحقيق الأرباح المطلوبة من وراء الاستثمار.

حابي: هل تعملون حاليًا على صفقات اندماج أو استحواذ بالسوق المحلية؟
هلال: نعمل على أكثر من صفقة حاليًا، إحداها ذات بعد إقليمي تتعلق بكيان لديه تواجد بالفعل في مصر.

حابي: كيف سيستغل بنك “رينيسانس كابيتال” تواجده في أكثر من سوق إفريقية في تسهيل حركة الاستثمارات بين مصر وأسواق القارة؟
هلال: بالفعل هذا من ضمن أهدافنا الرئيسية، فتواجد بنك “رينيسانس كابيتال” بأسواق متعددة يسهل بصورة كبيرة حركة جذب الاستثمارات بين الأسواق، كما يساعدنا في العمل على محورين.

الأول يتعلق بالشركات المصرية الراغبة في التوسع بإفريقيا، حيث لدى المجموعة تواجد فعلي بأسواق إفريقية ولديها سابقة أعمال جيدة بعدد كبير من القطاعات المفضلة للشركات المصرية.

أما المحور الثاني فيتعلق برغبة الشركات الإفريقية لدخول عدد من القطاعات في مصر، ليس فقط على صعيد المستثمرين الاستراتيجيين وإنما يوجد أيضًا اهتمام متزايد من المستثمرين الماليين.

فخلال عامي 2014 و2015 جمعت صناديق الاستثمار المباشر مبالغ كبيرة للتركيز على إفريقيا، وبالتالي حصل نوع من التشبع في بعض الأسواق، وبالتالي أصبح هناك أموال كبيرة تبحث عن الفرص الجيدة التي انخفض عددها عن السنوات السابقة.

ودفعت هذه الوضعية لإعادة النظر مرة أخرى لمصر ودول شمال إفريقيا باعتبارها دولًا إفريقية متوافقة مع السياسة الاستثمارية للصناديق، ومصر على وجه الخصوص تجذب اهتمامًا كبيرًا في ظل مقوماتها كسوق كبيرة.

حابي: ما هي القطاعات المفضلة للاستثمارات الإفريقية؟
هلال: المستثمرون الماليون اهتمامهم ينصب على القطاعات المرتبطة بالمستهلك، سواء على صعيد الخدمات المباشرة مثل الرعاية الصحية والتعليم، أو على مستوى الخدمات المالية غير المصرفية.

أما بالنسبة للمستثمرين الاستراتيجيين، نجد أن تركيزهم سينصب على التواجد بالسوق المصرية بأي من القطاعات التي يعملون بها سواء صناعات أو أغذية أو منتجات أخرى.

حابي: هل يوجد صفقات بالفعل يتم ترتيبها حاليًا؟
هلال: ما زلنا ننظر في أكثر من حاجة على صعيد المحورين، شركات مصرية تسعى للتوسع في إفريقيا ومستثمرين من إفريقيا يبحثون عن فرص في مصر.

حابي: هل ينتظر بنك “رينيسانس كابيتال” العملاء الباحثين عن خدماته بهذه الفرص، أم يجهز هو الفرص ويعرضها على المستثمرين المحتمل توسعهم في أسواق إفريقيا؟
هلال: من ينتظر العملاء لن يعمل، فهناك أهمية كبيرة للسعي، ومخاطبة العملاء بأفكار، سواء الباحثين عن فرص استثمارية أو استشارات لتوفير التمويل أو دين أو جذب شركاء أو الطرح في البورصة.

بالتأكيد يتقدم إلينا عملاء لديهم دراية بشبكة خدمات بنك “رينيسانس كابيتال” وتوزيعها الجغرافي، لكن في النهاية لا يمكن الاعتماد على ذلك في تنفيذ الخطط الطموحة المستهدفة.

حابي: ما هو المركز التنافسي الذي يستهدفه بنك “رينيسانس كابيتال” بالسوق المصرية؟
هلال: لا ننظر للأمر من هذا المنطلق، فنحن نرى أن لدينا منتجًا متميزًا، ومقومات، ونسعى من خلال فريق العمل في مصر وعلى مستوى العالم أن نلعب دورًا مؤثرًا في السوق المحلية.

حابي: هل سيقتنص بنك “رينيسانس كابيتال” كوادر من السوق خلال المرحلة المقبلة؟
هلال: نسعى لتوسيع فريق عمل متكامل بمجال الاستشارات المالية وخدمات بنوك الاستثمار والبحوث، ولكن في النهاية لن يكون العدد كبيرًا بل فريق عمل متكامل يتلاءم مع حجم الأعمال في مصر، خاصة أن بنك “رينيسانس كابيتال” لديه تواجد عالمي وفرق عمل كبيرة تساعد بعضها بعضًا بين مكاتب المجموعة المختلفة حول العالم.

 

عمرو هلال و أحمد حافظ، في حوار مع حاب

تشارلير: رينيسانس كابيتال ينافس على الطروحات الحكومية.. والبرنامج أهم أسباب التواجد في مصر

 

الرابط المختصر