أشرف بكري: جني الصادرات لثمار الإصلاح الاقتصادي مرهون بحزمة إجراءات إدارية

المنتجون المحليون يتحملون أعباء جمركية تتراوح ما بين 15% إلى 18% من سعر المنتج

ياسـمين منير ورضوى إبراهيـم

أكد أشرف بكري، الرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر- مشرق، والرئيس المشارك للجنة الصناعة والتجارة بغرفة التجارة الأمريكية، أن هناك خلطًا كبيرًا في التعامل مع المبالغ التي يحصل عليها المنتجون والمصنعون من الحكومة عبر صندوق دعم وتنمية الصادرات، وأن هذا الخلط ساهم بشكل كبير في تعميق أزمات المصدرين نظرًا لتأخر سدادها وعدم انتظامه.

E-Bank

الصندوق لا يقدم دعمًا للصادرات ولكنه يرد للمنتجين الأعباء الناتجة عن عوار بالنظام الجمركي والضريبي.. وحدة المنافسة جعلتها هامش ربحية بعض المصدرين

وقال: “في الحقيقة صندوق دعم وتنمية الصادرات، هو صندوق لرد الأعباء التي يتحملها المنتجون المصدرون للخارج، نتيجة لوجود عوار في النظام الجمركي والضريبي، أي أن المبالغ التي يتم سدادها في الأساس ليست دعمًا، ولكن تكاليف إضافية يتحملها المنتج والمصنع المصدرين للأسواق الخارجية”.

وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر- مشرق، كيف يعاني المنتجين من أزمات هذا التضارب خلال عمليات تصدير المنتجات للخارج، وانعكاسات ذلك على القوة التنافسية للمنتجات في الأسواق الخارجية، خاصة في ظل وجود منافسة شديدة مع منتجات دول أخرى لديها برامج دعم صادرات أكثر فاعلية.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وأشار إلى أن شركته على سبيل المثال تقوم بتصنيع وتصدير معجون أسنان، وهو أحد المنتجات التي تنافس في عدد من الأسواق بالخارج، ولذلك هناك حاجة لدعم الموقف التنافسي للسلع التصديرية، خاصة وأنها صناعات مصرية تعاني من ارتفاع تكاليف وتعقيدات إجراءات استيراد جزء كبير من مدخلات الإنتاج، إلى جانب الأزمات والعقبات المتعلقة بتضارب بعض التشريعات المنظمة لتلك الأنشطة.

وقال: “نحن نتحمل تكاليف إضافية نسبتها تصل إلى 18% من سعر المنتج في بعض الأوقات، نتيجة الأعباء والتكاليف الجمركية الخاصة بمدخلات الإنتاج المستوردة، فمنتج معجون الأسنان يحمل بالتكاليف الجمركية للكرتون المستورد والحبر والتنر والأنبوبات وغيرهم من المكونات المستوردة، بخلاف العقبات التي يواجهها المنتجون عند اللجوء إلى الجهات الرسمية والمعنية بصرف هذه المبالغ”.

وأضاف: “المصدرون يعانون عند استرداد التكلفة الجمركية، على مستوى إجراءات إثبات حجم وقيمة مدخلات الإنتاج المستوردة التي تحمل تكلفتها الجمركية، نظرًا لعدم وضوح الإجراءات والقواعد، فعند التعامل مع مورد محلي ولكن المنتج أو مدخل الإنتاج الذي قام بتوريده يتحمل تكلفة جمركية، تزيد عقبة إثباتها ضمن التكلفة التي يجب استردادها في معظم الأحيان، خاصة وأنه لا يوجد دليل على ذلك”.

وتابع: “كما أن هذا المورد إذا لجأ للجهات المعنية والتي تمثل الحكومة في تنظيم وإدارة هذا الملف، فلن يحصل عليها أيضًا، نظرًا لقيامه ببيع هذا المنتج محليًّا كمدخل إنتاج لمصنع آخر، مما يسقط حقه في استرداد التكاليف الجمركية للمصدرين، وهذا يشكل أعباء إضافية على المصدرين في مواجهة المنافسة المحتدمة مع منتجات دول أخرى في عدد من الأسواق”.

نواجه منافسة شرسة مع المنتجات الصينية والهندية والتركية لنشأتها في أسواق تتضمن برامج دعم شاملة وفعالة وواضحة للصادرات

وقال: “نواجه منافسة شرسة مع المنتجات الصينية والهندية والتركية، خاصة وأنها تنشأ في أسواق تتضمن برامج دعم شاملة وفعالة وواضحة للصادرات، فالمنتج المصري يتحمل أعباء جمركية تتراوح ما بين 15% إلى 18% من سعر المنتج، وهو ما دفع الحكومة منذ سنوات بعيدة لرد جزء من هذه الأعباء بحد أقصى 10% دون شروط”.

وتابع: “وفي وقت لاحق تم وضع شروط لاسترداد المصدرين لتلك المبالغ، فعلى سبيل المثال من لا يقوم بتصنيع منتجاته في محافظات الصعيد فسيحصل على 9% فقط، ومن لا يتوافق إنتاجه مع الشروط البيئية فيحصل على نسبة أقل، وغيرها من الشروط الأخرى، وتدور النسبة المسموح باستردادها حاليًا في حدود 5% إلى 10%”.

وشدد الرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر- مشرق، والرئيس المشارك للجنة الصناعة والتجارة بغرفة التجارة الأمريكية، على ضرورة وجود جداول زمنية واضحة ومعلنة من الحكومة فيما يتعلق بمواعيد سداد هذه المبالغ للمصدرين، قائلًا: “أعتقد أن دعم الإنتاج يجب أن يكون ضمن الأولويات، فهناك منتجون يقومون بتصدير منتجاتهم للخارج بسعر تكلفتها حتى يستطعون منافسة منتجات الدول الأخرى التي تتلقى دعمًا كبيرًا من حكوماتها، وفي هذه الحالة يعتمدون على المبالغ التي يستردونها من صندوق دعم الصادرات، وتمثل هذه المبالغ للكثيرين هامش الربح المتبقي بعد ارتفاع تكاليف الإنتاج”.

وتابع: “تأخر صرف هذه المبالغ للمصدرين يعرضهم لأزمات مادية تنعكس على قدرة الإنتاجية فيما بعد، كما أنهم يحصلون عليها بعد فترات طويلة فتكون قد فقدت قيمتها”.

ونوه إلى أن الصادرات المصرية سجلت معدلات نمو خلال الفترة الأخيرة، ولكنها لم تحدث طفرة ولم تستفِد بالشكل الكافي من إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادي، خاصة وأنه كان من المتوقع تسجيل معدلات نمو أكبر منذ إقرار تعويم العملة المحلية، باعتباره الحل الجوهري لإحدى الأزمات القديمة التي عانت منها الصادرات لفترات طويلة، فدعم سعر صرف الجنيه أمام الدولار كان يؤدي إلى انخفاض تكلفة الاستيراد عن الإنتاج وقتها نتيجة لدعم سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

وألقى الرئيس التنفيذي لشركة يونيليفر- مشرق، والرئيس المشارك للجنة الصناعة والتجارة بغرفة التجارة الأمريكية، الضوء على أهمية اتخاذ حزمة من الإجراءات الإدارية المتعلقة بخطة دعم الصادرات المصرية خلال الفترة المقبلة، لتستكمل دور الإجراءات المالية التي نجحت الحكومة في تنفيذها منذ بداية برنامج الإصلاح الاقتصادي، فسهولة إجراء الأعمال من المؤشرات الهامة والسوق المحلية وضعها سيئ على مستوى هذه الإجراءات.

وقال: “الدول التي تهتم بمكانتها التصديرية، تقوم بإنجاز إجراءات التخليص الجمركي خلال 4 ساعات، ويجب ألا نتعامل مع تقليلها محليًّا من 17 يومًا إلى 13 يومًا على أنه نهاية المطاف، ولا بدَّ من مواكبة وتيرة التطورات الإقليمية والعالمية على صعيد الإجراءات الإدارية الخاصة بالمؤسسات الإنتاجية”.

وتابع: “نحن بحاجة لثورة تشريعية، نظرًا لوجود تضارب بين عدد كبير من القوانين، خاصة وأنها تتسبب في تعقيد خطط أعمال المصدرين والمنتجين، نظرًا لتعدد جهات الحصول على الموافقات والتراخيص والتي تعمل كل منها وفق قانون قد يتضمن تعارضًا مع آخر، ولذلك نحتاج لتبسيط الإجراءات والقوانين”.

وأكد بكري أن أحد أهم التحديات التي تواجه المصدرين أيضًا أو المصنعين بوجه عام، يتمثل في الحصول على الأراضي الصناعية، فعلى الرغم من أن هيئة التنمية الصناعية هي الجهة الوحيدة التي تمنح أراضي حاليًا إلا أنها لا تملك سلطة القرار بمفردها، وبالتالي لم يتم حل الأزمة بشكل جوهري.

وأوصى بكري بضرورة تحديد الحكومة للتوجهات العامة بشكل أكثر وضوحًا، والعمل على خطط طويلة الأجل تستهدف حلولًا جذرية، ومن شأنها خلق مناخ استثماري جيد وبالتالي جذب استثمارات جديدة قادرة على توليد فرص عمل، قائلًا: “إذا كنا نستهدف ذلك فهناك حزمة إجراءات معروفة تمكنا من تحقيقها، ولا أعتقد أننا لا نسستهدف الاعتماد على حلول جزئية وخطط قصيرة الأجل كخفض عجز الموازنة من خلال فرض الضرائب فقط”.

دعم الصادرات بالموازنة يتراوح بين 2.5 إلى 4 مليارات جنيه.. ويجب أن يصل لما يتراوح بين 10 إلى 12 مليار جنيه وفقًا للأرقام الحالية

وأشار بكري إلى أن مسؤولي صندوق دعم الصادرات يحاولون بشكل دائم حل مشكلات المصدرين، ولكن الأمر يحتاج للمزيد من الإجراءات الميسرة، خاصة وأن الحكومة تستهدف الوصول بالصادرات الصناعية إلى 30 مليار دولار، بدلًا من 15 مليار دولار حاليًا، وهو ما يزيد من ضرورة استقرار صرف المبالغ المتأخرة للمصدرين ووفق مواعيد معلنة مسبقًا.

وتابع: “العبرة بجدية الحكومة، فدعم الصادرات في الموازنة يتراوح ما بين 2.5 إلى 4 مليارات جنيه، ويجب أن يصل لما يتراوح بين 10 إلى 12 مليار جنيه وفقًا للأرقام الحالية”.

الرابط المختصر