بنك الاستثمار سيجما كابيتال: 6 عوامل تتحكم في مسيرة الاقتصاد المصري خلال العام الجاري

التوترات التجارية ستؤثر بشكل سلبي على الفاتورة الاستيرادية

aiBANK

فاروق يوسف

قال بنك الاستثمار سيجما كابيتال إن الحكومة المصرية اتخذت قرارًا تاريخيًّا بتحرير سعر العملة في بداية 2016، وذلك في إطار الحصول على قرض صندوق النقد الدولي والبالغ قيمته 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات.

E-Bank

وأوضح البنك أن الحكومة المصرية قامت بسنوات من النضال عبر الثلاثة أعوام الماضية، حيث قامت بالعديد من من الإصلاحات الهيكلية والنقدية، على الرغم من العديد من الصعوبات النقدية والاجتماعية والتي بدت واضحة في أرقام التضخم والتي وصل فيها لأعلى مستوياته تحديدًا في يوليو 2017 حيث سجل 33%، إلا أن الحكومة المصرية استطاعت احتواءه حتى مايو 2018 ليصل إلى 11.5% .

وعلى هذا الأساس استطاع البنك المركزي في خفض سعر الفائدة وهي كانت إشارة لبدء عملية التيسير النقدي، وهو ما يعني تشجيع الاستثمارات وتحقيق أهداف خفض عجز الموازنة عن طريق خفض خدمات الدين المحلي، وبالفعل تم خفض الفائدة بمقدار 200 نقطة على مرتين، في اجتماع لجنة السياسة النقدية في فبراير ومارس الماضيين، علمًا بأن بعد قرار التعويم تم رفع سعر الفائدة بحوالي 700 نقطة، وذلك للمحافظة على القوى الشرائية للمستهلكين من ناحية وكبح جماح التضخم من ناحية ثانية، والناتجين عن أثر قرار التعويم.

وقالت إيمان نجم محلل الاقتصاد الكلي ببنك الاستثمار سيجما كابيتال، على الرغم من أن مسيرة الاقتصاد المصري كانت ناجحة نوعًا ما، إلا أن عام 2018 جاء بالعديد من المتغيرات غير المتوقعة والتي يأتي على رأسها أزمات الأسواق الناشئة والحروب التجارية والاقتصادية التي يمر بها الاقتصاد العالمي، وهو ما أثر على أداء الاقتصاد المصري من حيث الاستثمار ومعدلات الإدخار وكذلك أداء البورصة.

وفي هذا الإطار –والحديث هنا لنجم- وعند رصد توقعات واتجاهات الاقتصاد المصري خلال العام الجاري، تم أخذ العديد من العوامل والمتغيرات الاقتصادية العالمية التي من شأنها تؤثر على أداء الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة، مع وضع الآليات والتصورات التي تتناسب وتتكيف مع هذه المتغيرات.

كانت أول المتغيرات الاقتصادية التي توقعها بنك الاستثمار سيجما، هو حدوث تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، وذلك بسبب التوترات التجارية بين أمريكا والصين، لافتًا في تقريره إلى أن الاقتصاد الأمريكي يمثل نحو 25% من الاقتصاد العالمي، والاقتصاد الصيني يمثل نحو 15%، وبالتالي تعد هذه الحرب التجارية حربًا شرسة أمام كتلتين تمثلان نحو 40% من اقتصاد العالم، وهو ما سيكون له أثر كبير ومباشر على ليس فقط على أداء الاقتصاد المصري، وإنما اقتصاد دول العالم كافة.

وأشار البنك في تقريره إلى أن العالم في انتظار نتائج اتفاق الولايات المتحدة والصين بخصوص حربهما التجارية على هدنة لمدة تسعين يومًا والتي من المقرر أن تنتهي في 1 مارس 2019 ، مما يمنح الطرفين وقتًا لمواصلة المفاوضات.

وقراءة لهذا السيناريو، توقع بنك الاستثمار سيجما أن تنخفض معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي لتصل من 3% في عام 2018 إلى 2.5% في عام 2019، كذلك انخفاض معدل النمو الاقتصاد الصيني من 6.6% خلال العام الماضي إلى 6% بنهاية العام الجاري، وهو ما سيؤثر على نمو اقتصاديات باقي الدول.

أما العامل الثاني والذي من الممكن أن يؤثر على طبيعة أداء الاقتصاد المصري، حسبما أشار بنك سيجما، فيتمثل في دول الاتحاد الأوربي والتي تعاني من عدة مشاكل، منها تباطؤ نمو اقتصادياتها، فمثلًا إيطاليا والتي تعاني من مشكلة الموازنة العامة، هذا بالإضافة إلى فرنسا والتي تعد ثاني أكبر اقتصاد في أوربا تعاني من أزمة مالية شديدة، هذا إلى جانب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي، من ناحية أخرى نجد اليابان التي تمثل حوالي 6% من الاقتصاد العالمي، والتي من المتوقع أن تحقق زيادة في معدلات النمو بنسبة 1.1% خلال العام الجاري في حين أنها حققت 1.7% خلال العام الماضي.

أما العامل الثالث فهو أزمات الأسواق الناشئة، وتحديدًا في تركيا والأرجنتين وإيران، وما تشهده من اضطرابات مختلفة تتمثل في رفع أسعار الفائدة بشكل غير طبيعي، وهو ما أثر على حركة تداولات الأسهم العالمية على رأسها مؤشر مورجان ستانلي والذي هبط بنسبة 12%، ومن ثم فمن المتوقع مرور الدول هذه بعمليات تباطؤ في نمو اقتصادياتهم، ومن ثم فإنه من المتوقع تراجع معدل نمو للاقتصاد العالمي ليصل إلى 3.5% خلال العام الجاري.

وعن العامل الرابع فيتبلور في انضمام مؤشر السوق السعودية لمؤشرات الأسواق العالمية وذلك في شهر مايو القادم، وهو بالطبع ما سيؤدي إلى خروج كثير من رؤؤوس الأموال وتحديدًا من الأسواق الناشئة إلى السوق السعودية، وهو بالطبع ما يؤثر على مسار مؤشرات السوق المصرية داخل مورجان ستانلي، خاصة في نجاح السعودية من طرح 5% من شركة أرامكو.

والعامل الخامس فهو سوق العملات، فجميع عملات العالم شهدت تراجعًا حادًّا، وبالرغم من ذلك إلا أن الجنيه المصري هو العملة الوحيدة التي كانت أكثر تماسكًا عن غيرها، حيث فقد 1% فقط من قيمته، وهو يعد مشهدًا هامًّا في مسرح الأحداث العالمية يجب مشاهدته بحرص تام خلال الفترات المقبلة.

وأشارت نجم إلى أن اضطرابات سوق العملات أثرت على استثمارات الأجانب والتي وصلت خلال شهر إبريل الماضي إلى 23 مليار دولار، ومن ثم تراجعت جراء هذه الأحداث إلى 10.8 مليار دولار خلال نوفمبر، ومن المتوقع وصولها إلى 9 مليار دولار في نهاية ديسمبر الماضي.

وأوضحت أن خروج هذه الاستثمارات تم عن طريق الإنتر بنك والبنك المركزي وتخارج حسابات الأجانب غير المحسوبة في الاحتياطي النقدي، كذلك انخفاض صافي أصول الأجانب من 8.4 مليار دولار خلال إبريل الماضي، ليصل إلى 5.5 مليار دولار خلال نوفمبر 2018، نتيجة للخروج استثمارات الأجانب.

ونتيجة لهذا اتجهت الحكومة إلى رفع أسعار الفائدة على أذون الخزانة قصيرة وطويلة الأجل للحفاظ على الأصول الأجنبية المتبقية، ومن ثم وتوقعًا لأسوأ السيناريوهات فمن الممكن أن يتراوح سعر الدولار أمام الجنيه بنهاية العام الجاري ما بين 18.20 إلى 18.30 جنيه.

ويتمثل العامل السادس في أسعار البترول العالمية والتي تشهد تذبذبات واضحة، نتيجة نقص في المعروض بنسبة حوالي 8%، نتيجة العقوبات الأمريكية على إيران من ناحية، وكذلك اتفاق منظمة أوبك مع روسيا على خفض الإنتاج، وهو ما أثار تخوفات عالمية أدت في النهاية إلى هبوط صاروخي في أسعار البترول وصلت إلى 50 دولارًا بنهاية 2018.

70 دولارًا سعر برميل البترول بنهاية العام الحالي

ويتوقع بنك سيجما كابيتال أن تشهد أسعار البترول ارتفاعات طفيفة على فترات معنية، حيث من المتوقع وصول سعر البترول إلى 63 دولارًا للبرميل في مارس المقبل، ليصل إلى 65 بدولار نهاية إبريل، وبذلك سيستمر لنهاية العام إذا لم يتم التوصل لحل بشأن خفض إنتاج البترول عالميًّا، وفي حالة التوصل لحل محدد فمن المتوقع أن يصل سعره إلى 70 دولارًا بنهاية العام.

وقد قدرت وزارة المالية قيمة دعم المنتجات البترولية في موازنة العام المالي الحالي بحوالي 89 مليار جنيه، وفي حالة استمرار هذا السيناريو فمن المتوقع أن تنخفض قيمة الدعم لتصل إلى 80 مليارًا، وهو ما يحقق وفرًا للحكومة المصرية.

وأوضحت إيمان نجم إن هذه العوامل ستؤثر بشكل سلبي على أداء الاقتصاد المصري حيث تراجع التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة والتي وصلت إلى 1.1 مليار دولار خلال الربع الأول من العام المالي الجاري، وهو رقم كارثي وغير مرضٍ؛ لأنه يعني تحقيق 4.4 مليار دولار بنهاية العام المالي.

وأضافت أن مصر حققت 7.7 مليار دولار صافي استثمارات أجنبية مباشرة بنهاية العام المالي الماضي، في حين أنه كان من المتوقع في تقرير البنك خلال العام الماضي أن يصل إلى 8.9 مليار دولار.

هذا إلى جانب تأثر حركة التجارة من قناة السويس، وبالتالي تراجع إيرادات قناة السويس خلال العام الماضي، والتي وصلت إيراداتها بنهاية العام الماضي إلى 5.5 مليار دولار.

واستطردت حديثها قائلة، بما أن الصين هي الشريك التجاري الأول لمصر حيث تمثل 8.6 من الواردات المصرية، وأمريكا هي الشريك الخامس والتي تمثل 4.7% من الواردات المصرية، وفي حالة عدم الوصول لاتفاق بين هذين العملاقين، إذًا من المتوقع حدوث زيادة في بعض أسعار السلع الصينية الداخلة بها بعض الصناعات الأمريكية وكذلك العكس، وبالتالي ارتفاع الفاتورة الاستيرادية بشكل كبير، ومن المتوقع أيضًا حدوث إغراق لبعض السلع في حالة انخفاض سعر اليوان الصيني.

وتابعت أن عام 2018 شهد سياسة نقدية انكماشية، بسبب الأزمات السالفة الذكر، والتي أدت بدورها إلى هروب الأموال من الأسواق الناشئة، وهو ما أدى إلى لجوء معظم البنوك المركزية بما فيهم البنك الفيدرالي الأمريكي إلى رفع سعر الفائدة، الأمر الذي تسبب في حدوث ظاهرة تسمى بالتضييق النقدي، وفي حالة عدم وضع حل جذري لهذه الأزمات على رأسها الحرب التجارية، فمن المتوقع حدوث ارتفاعات في أسعار الفائدة مرة أخرى وهو ما سيظهر خلال مارس المقبل.

وأشارت إلى أن رفع أسعار الفائدة يؤثر سلبًا على أداء الاقتصاد المصري، فبحتمية الأمر يتم الفائدة على السندات وأذون الخزانة، وهو ما يعني زيادة مدفوعات الدين المحلي، وبالتالي تأخر عملية التسهيل النقدي، التي تشجع عملية الاستثمار.

ولفتت إلى أن وزارة المالية تستهدف 541 مليار جنيه بنهاية العام المالي الجاري خدمات مدفوعات للدين العام، على افترض أن سعر الفائدة على أذون الخزانة 14.7% .

633 مليار جنيه خدمات مدفوعات الدين العام

وأوضحت أن متوسط سعر الفائدة على أذون الخزانة حاليًا يبلغ حوالي 19%، إذًا فمن المتوقع تحقيق 633 مليار جنيه خدمات مدفوعات، وليس 541 مليارًا كما تستهدف الوزارة، وهو ما ينتج عنه وصول عجز الموازنة خلال العام الحالي إلى 9.1%.

تلك هي الأسباب والمشاهد التي رصدها بنك الاستثمار سيجما سواء على الصعيد العالمي أو المحلي خلال العام الجاري، أما عن النتائج والتوقعات فجاءت كالآتي:

توقع بنك الاستثمار سيجما حدوث نمو في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 5.4% بنهاية العام المالي الجاري، مقارنة بـ 5.3% خلال نهاية العام الماضي الماضي، وذلك نتيجة مشاريع البنية التحتية التي تجريها الحكومة المصرية، كذلك عمليات استخراج الغاز الطبيعي.

وتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى 9.1% مقارنة بالمستهدف من الحكومة وهو 8.4% ،ومن المتوقع الوصول إلى هذه النسبة خلال العام المالي 2020، وعن عمليات رفع الدعم توقع أن تقوم الحكومة بتطبيق آلية التسعير التلقائي على سعر البنزين 95 في مارس 2019 في حين من المقرر تطبيقها على بنزين 92 في العام المالي الجديد.

وفيما يتعلق بالدعم عن المحروقات بصفة عامة، فإنه من المتوقع وفقًا لرؤية سيجما أن ينخفض الدعم من 89 مليار جنيه خلال العام الجاري، ليصل إلى 50 مليار جنيه خلال موازنة العام المالي الجديد.

4 مليارات دولار فائض في الميزان التجاري بنهاية العام المالي 2018/2019

وعن علاقة الاقتصاد المصري بالعالم الخارجي حسبما عبر بنك سيجما عن فائض ميزان المدفوعات، فمن المتوقع أن يصل إلى 4 مليار دولار مقارنة بـ 11.2 مليار دولار بالعام الماضي، وهو ما يعد أمرًا طبيعيًّا غير مقلق، لافتًا إلى أن فائض ميزان المدفوعات كان مرتفعًا خلال العام الماضي نتيجة للقروض وأذون الخزانة، أي غير ناتج عن عمليات تصدير أو إنتاج أو ما شابه ذلك.

ولم يغفل بنك سيجما توقعاته عن الاحتياطي النقدي، حيث توقع أن يصل إلى 45 مليار دولار بنهاية العام المالي الجاري.

9.1 % عجز الموازنة خلال نهاية العام المالي الحالي.. و100 مليار دولار حجم الدين الخارجي

أما بالنسبة للدين الخارجي، فمن المتوقع أن يصل إلى 100 مليار دولار بنهاية العام الجاري، بسبب الشريحة الخامسة لصندوق النقد الدولي والبالغة 2 مليار دولار، بالإضافة إلى خطة الحكومة لإصدار سندات من 4 إلى 7 مليار دولار.

وتوقع أن يصل التضخم إلى 12.9 بنهاية العام المالي الجاري، على أن يصل إلى 9.9 بنهاية العام المالي القادم.

الرابط المختصر