الجمعيات الأهلية والتكنولوجيا والمجتمع المدني

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة مصر لنشر المعلومات

كثر الجدل الخاص بالجمعيات الأهلية ودورها وتأثيرها على المواطنين خاصة بعد ثورة يناير والغرض من إنشائها وانتماءات من يمولها وأغراضه.. إلخ، مما دفع الدولة إلى إصدار قانون جديد خاص بتلك الجمعيات لتنظيمها.

E-Bank

وخارج إطار الجدل الدائر عن القانون والجمعيات الخبيث منها والحميد فهي مثلها مثل أي منشأة منها النافع ومنها الضار ومنها المنتظم والملتزم ومنها غير المنتظم لا يمكن لأحد أن ينكر الدور المؤثر لتلك الجمعيات وتواجدها في أماكن يصعب للعامة والشركات وأحيانا حتى الدولة الوصول اليها، ولا يمكن بسبب الخبيث منها أن نضع كل الجمعيات الأهلية في إطار واحد أو ننكر أن الغالبية منها قدمت للمواطنين خدمات جليلة لا يمكن لأجهزة كثيرة تقديمها.

خدمت بعدة جمعيات وشرفت بتأسيس واحدة من تلك الجمعيات في مجال القروض المتناهية الصغر بالصعيد بمسقط رأسي وهي واحدة من أكثر من سبعمائة وخمسين جمعية عاملة بهذا المجال تقرض أكثر من مليون ونصف مواطن وتختص بأكثر من ستين بالمائة من هذه السوق الفعالة في مكافحة الفقر وكرامة الإنسان وتحسين مستواه.

من منطلق الخبرة المكتسبة من هذه الجمعية والتعرض لجمعيات كثيرة نبيلة تعمل في أقاصي الكفور والنجوع ومن ورائها العديد من الملائكة الذين يحاولون إيقاد الشموع بدلًا من لعن الظلمات والتذمر ويرسمون صورة أجمل تتغلب على الواقع لقبيح وتجعل الحياة أكثر جمالًا وإشراقًا. تعاملت مع مواطنين لهم من رصيد الوطنية مقدرًا لا يقل عن من يحارب على الجبهة أعداء الوطن فلا عدو أقبح وأشد نيلًا بالبشر من مثلث الفقر والجهل والمرض الذي يفتك بالملايين من هذا الشعب الطيب.

من تلك الخبرة المتراكمة أكتب هذا المقال وأشارك بحلم تدريب الملايين الذين يحصلون على تلك القروض على حرف يدوية خاصة أن نسبة عالية جدًّا منهم من السيدات المعيلات واللائي لا تلائم ظروفهن الخروج إلى العمل والبحث عن وظيفة خارج المنزل. ويكمل هذا الثنائي -القرض والتدريب- فتح سوق إلكترونية لبيع تلك المنتجات التي يصعب على من يعملها بيعها وتصريفها في الأسواق البعيدة. بل وأضيف تصديرها للأسواق العالمية بأسعار مجزية لهؤلاء المنتجين دون استغلال أو مغالاة في هامش الربح الخاص بتلك المنصات.

من خلال الاحتكاك بكثير من القائمين على جمعيات مماثلة وجدت أن لهم أيضًا أحلامًا وطموحات تفوق أحلامي وطموحاتي بكثير وأمام الجميع نفس التحدي وهو قلة الوقت وضعف الإمكانيات مقابل الاحتياج والطموحات والدور المتاح لنا جميعًا أن نقوم به نحو وطن أفضل ونحو كرامة وحرية فلا عبودية أسوأ من عبودية الجاهل والمريض والمحتاج.

أمام تلك التحديات والصعوبات أجد أن اثنين خير من واحد والتعاون والتكامل بين تلك الجمعيات هو الطريق الوحيد لتحقيق كبريات الطموحات والأحلام والآمال وتسديد الاحتياجات ولكن كيف لنا أن نتكامل مع من لا نعرفهم أو نعرف توجهاتهم وانتماءهم؟ وكيف يمكن لنا أن نعرف دون معلومات؟ لذلك أقترح على وزارة التضامن الاجتماعي وهي الجهة الوحيدة التي تعرف كل تلك الجمعيات أن تبني بوابة إلكترونية بها الأساسيات من المعلومات المتوفرة لديها والخاصة بتلك المؤسسات من مؤسسيها ومجاس إدارتها وأنشطتها والمناطق الجغرافية التي تعمل بها. بالإضافة إلى ذلك توفير مساحة على البوابة لكل جمعية بتعديل تلك المعلومات وإضافة المشروعات التي تعمل بها والإنجازات التي تمت واحتياجات وطموحات تلك الجمعيات أيضًا.

عند توافر تلك البوابة أستطيع كمسؤول عن جمعية تعمل في مجال القروض أبحث عن أخرى تعمل في مجال التدريب والتعاون معها لإقراض المدربين أو تدريب المقترضين. كما يمكننا البحث عن مؤسسة ثالثة تعمل على تمكين أو فتح أسواق لهؤلاء المنتجين وبذلك يمكننا معًا كثلاث مؤسسات التكامل لتحقيق الرؤية الشاملة التي لن أستطيع تحقيقها بمفردي. وتكون هذه البوابة منصة تطوع لكل ذي موهبة أو إمكانية أو علم أن يساهم ويساعد تلك الجمعيات ويدعمها. المعلومات قوة وتوفيرها وتوظيفها بطريقة سليمة قوة خارقة تغير وتنير وتجمل أي واقع مهما كان وهذه دعوة مني للوزيرة الفاضلة التي أحترمها كثيرًا للتطوع بالمساهمة بكل ما أعرف لبناء تلك البوابة.

الرابط المختصر