بقلم صالح ناصر رئيس قسم التحليل الفني في بايونيرز
هذا هو السؤال المهم الذي يجب أن نسأله حيث إننا دائمًا ما نكون في قلب الحدث حتى لو اعتقدنا غير ذلك في بعض الأوقات أو لو افترضنا أننا سنستريح نفسيًّا وذهنيًّا إذا تحرك السوق كما توقعنا. للأسف هذا ليس الحال ودائمًا ما نكون في موضع اتخاذ قرار قد يكون له تبعاته السلبية أو الإيجابية. نحن في مهب الريح دائمًا وفي كل وقت.
فإذا كنا توقعنا ارتفاع السوق وكانت توقعاتنا سليمة فالمطلوب الآن أن نقرر كيف سنتصرف بعد هذا الصعود بالذات أن الأرباح الموجودة في محفظتنا ليست كما توقعنا، وعلى الجانب الآخر إذا كنا توقعنا ألا تصعد البورصة المصرية وصعدت عكس ما كنا نتوقعه فنحن الآن في حيرة من أمرنا، فالسوق ارتفع وتركنا نبكي عند الـ12000 والآن قد يصحح ولا نعلم إذا كان التصحيح (إذا حدث) سيكون فرصة للشراء أم نحتفظ بنظرتنا السلبية لعل وعسى تنهار البورصة وتكون توقعاتنا صحيحة (وعلى رأي المثل يضحك كثيرًا من يضحك أخيرًا).
في الحالتين نحن في حيرة ولا نعلم ماذا نفعل، فمثلًا عندما كان السوق يتداول عند الـ12000 وبدأ يتماسك عند الـ12500 توقعنا كسر الـ 13300 لأعلى، الحقيقة أن كسر هذا المستوى لأعلى كان يشبه الحلم للكثيرين من المستثمرين وعندما تم كسر هذا المستوى لم يحدث شيء وأصبح الوضع الراهن هو وضعًا عاديًّا جدًّا وليس به أي نوع من أنواع الأحلام. في ذلك الوقت كانت التوقعات أن يذهب السوق إلى مستوى الـ14000 وقد يكسره لأعلى. للمرة الثانية كانت نظرات المستثمرين فيها الرجاء والتمني أن يحدث هذا السيناريو وأن يكسر السوق الـ 14000 نقطة أو حتى يصل إليه، وعندما وصل المؤشر إلى الـ14000 نقطة وكسره لأعلى كأن شيئًا لم يكن وأصبح الحلم هو وضعًا عاديًّا جدًّا. ثم تكلمنا عن الـ14800 والـ15000 والمستثمرون يريدون المزيد.
ما نود أن نوضحه هنا هو أننا لن نستريح أبدًا ولن نرضى بوضعنا وبأرباحنا حتى لو ارتفع السوق ارتفاعًا كبيرًا وسنكون دائمًا على شفا حفرة من النار مع أول حركة تصحيحية. فمثلًا إذا بدأ المؤشر في الهبوط من الـ15300 التي وصل إليها ووصل إلى الـ14500 مثلًا سيكون الوضع للكثير من المستثمرين والمضاربين وضعًا مأساويًّا رغم أن الـ14500 هو مستوى عالٍ جدًّا بالنسبة لوضع السوق في فترة سابقة ليست بالبعيدة. والسبب في ذلك هو أننا نبدأ بتكييف أنفسنا على الوضع الجديد ويكون هذا الوضع بالنسبة لنا هو نقطة البداية الني نريد أن ننطلق منها.
نحن في دائرة مغلقة لن نخرج منها إلا بالبدء في التحكم في قراراتنا وتصرفاتنا وأن نكون جاهزين لكل السيناريوهات ولا نبني كل قراراتنا على توقعاتنا. فالتعامل بناءً على حركة السوق والانتظار قليلًا حتى يثبت السوق حركته هي كلها أمور مطلوبة في بعض الأوقات. فمثلًا يمكنا اعتبار مستوى الـ15100 هو مستوى دعم قصير الأجل جدًّا وكسره لأسفل قد يؤدي بالسوق إلى مستويات أقل فكسر هذا المستوى قد يكون معناه أن نقوم بالتخفيف قليلًا. على الجانب الآخر فعدم هبوط السوق وعدم كسره لمستويات الدعم (حتى الضعيفة منها) هو مؤشر لقوة السوق.
ففي الحالات كلها يجب أن يتحلى المستثمر بالليونة في اتخاذ قراراته وأن يكون مستعدًّا أتم الاستعداد لمجابهة أي حركات غير متوقعة.