د.منى ذو الفقار: استهداف الفقر عبر التمويل الصغير ركن أساسي ببرامج الإصلاح الاقتصادي
مبادرات ريادة الأعمال تبشر بتسارع وتيرة نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة
ياسمين منير ورضوى إبراهيم
تقود سيدة القانون الأبرز الدكتورة منى ذو الفقار الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر لاستهداف الفقر في مختلف ربوع مصر، عبر خلق جسور تمويل تتطلع للوصول إلى نحو 11 مليون مواطن الذين يمثلون الشريحة الأكثر فقرًا في المجتمع وفقًا للإحصائيات الرسمية.
وتشغل ذو الفقار الحاصلة على جائزة الإنجاز مدى الحياة-lifetime achievement – بالشرق الأوسط من مؤسسة IFLR لعام 2018، منصب رئيس الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر ورئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار المجموعة المالية هيرميس، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة التضامن للتمويل الأصغر، ونائب رئيس اللجنة الاستشارية في مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
وتعد IFLR أبرز المؤسسات المتخصصة في نشر المحتوى المتعلق بالقانون المالي للمحامين المتخصصين في التمويل الدولي بالمؤسسات المالية والشركات والممارسات الخاصة، فيما تعتبر ذو الفقار ليست فقط أول مصرية تحصل على هذه الجائزة الدولية الرفيعة، بل أيضًا أول امرأة على مستوى العالم.
وقالت ذو الفقار لجريدة “حابي” إن الشمول المالي كإحدى أدوات تنمية المشروعات متناهية الصغر وكذلك الصغيرة والمتوسطة يعد من أولويات الدولة خلال الفترة الماضية، مرجحة استمرار هذا الاهتمام خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت أن نجاح نشاط التمويل متناهي الصغر على وجه الخصوص، مؤشر لاستمرار سياسة الدعم والتنمية لهذا القطاع والتي أثمرت عن نتائج مميزة، لافتة أيضًا إلى المؤشرات الإيجابية للبرامج الموجهة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والذي يساهم بقوة في معدلات التنمية، وكذلك معدلات التشغيل وخلق فرص عمل.
وأكدت أن الدعم والاهتمام بتمويل هذه الشرائح من الشركات يعد محورًا أساسيًّا في برامج الإصلاح الاقتصادي للحفاظ على التوازن الاقتصادي والحماية الاجتماعية، متوقعة تزايد الاهتمام بالتمويل الصغير خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل الدور الذي يلعبه البنك المركزي المصري في تحفيز البنوك على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلى جانب مؤسسات التمويل متناهي الصغر التي تمثل شبكة الوصول إلى الطبقات الفقيرة.
تحفيز البنك المركزي للبنوك على تمويل الكيانات المتخصصة في “متناهي الصغر” وراء تضاعف حجمه أكثر من 4 مرات خلال 3 سنوات
وأشارت إلى أن تحفيز البنك المركزي للبنوك خلال الثلاث سنوات الماضية أثمر عن تضاعف إجمالي محفظة التمويلات المقدمة من خلال مؤسسات التمويل متناهي الصغر المرخص لها من الهيئة العامة للرقابة المالية بأكثر من أربعة أضعاف بما تجاوز نحو 17 مليار جنيه بنهاية 2018، كما نما عدد المستفيدين بأكثر من الضغف، ووصل إلى حوالي 3.2 مليون مستفيد.
ضوابط الرقابة المالية حافظت على النمو الرشيد.. وتطور جهاز تنمية المشروعات وفر الدعم الفني بجانب التمويل
وأشارت ذو الفقار إلى دور الضوابط التي وضعتها هيئة الرقابة المالية وحل الكثير من المشكلات بما يدعم الحفاظ على نمو القطاع بصورة رشيدة تحميه من التعرض لمخاطر مرتفعة، مشيرة إلى حتمية استمرار هذا التوجه، خاصة وأنه طبقًا لإحصائيات الفقر في مصر هناك نحو 11 مليون مستفيد في حاجة إلى الوصول إليهم.
وأكدت وجود فجوة كبيرة بين حجم الطلب على التمويل متناهي الصغر وحجم العرض وفقًا لهذه الإحصائيات، خاصة في ظل دوره المؤثر في تمويل أنشطة ومشروعات اقتصادية بقطاعات متنوعة منها الإنتاجية والصناعية والتجارية والزراعية، وليس تمويلًا موجهًا لشراء سلع استهلاكية.
ولفتت ذو الفقار إلى التطوير الذي شهده الصندوق الاجتماعي للتنمية بعد أن تحول مؤخرًا إلى جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ليلعب دورًا محوريًّا في تمويل المشروعات وكذلك تقديم الدعم الفني والمؤسسي لهذه المشروعات.
كما ألقت الضوء على تزايد عدد صناديق تمويل المشروعات الناشئة وريادة الأعمال التي تخاطب الشباب بمختلف فئاتهم العمرية، وتقدم دعمًا فنيًّا وماليًّا ومؤسسيًّا للتحفيز على بدء المشروعات وخلق فرص للنمو ، كما أثمر بعضها عن مشروعات ناجحة للغاية.
واستبشرت ذو الفقار بالمبادرات المتزايدة التي تطلق في الجامعات المصرية والأجنبية في مصر، وكذلك المبادرات التي تطلقها البنوك لدعم مشروعات ريادة الأعمال، معتبرة تزامن هذه التوجهات التي كانت غائبة عن المجتمع المصري ستحدث أثرًا بالغًا كما سيتسارع إيقاعها خلال الفترة المقبلة.
11مليون مواطن شريحة مستهدفة للتمويل متناهي الصغر.. والوصول لأكثر من 4 ملايين بحلول 2020
وأوضحت رئيس الاتحاد المصري للتمويل متناهي الصغر أن خطة الاتحاد التي وضعت منذ نحو 3 سنوات تستهدف الوصول بعدد المستفيدين إلى 4 مليون بمعدل نمو 25% بحلول عام 2020، بمحفظة إجمالية تصل إلى 20 مليار جنيه، متوقعة تجاوز هذه المستهدفات خاصة بعد نجاحها في تجاوز المستهدفات خلال الفترة الماضية.
وأكدت أنها تستهدف خلال الفترة المقبلة الوصول بخدمات التمويل متناهي الصغر إلى كل المناطق النائية، خاصة تلك التي لم تصل إليها خدمات الجمعيات وشركات القطاع الخاص، مع التشجيع ومنح حوافز لفتح فروع بهذه المناطق.
وأشارت إلى أنه جارٍ العمل على ما يسمى بالترقية المؤسساتية، بهدف تطوير المؤسسات الصغيرة العاملة بالنشاط، حتى تستطيع تقديم خدماتها لشرائح أكبر وتغطية المناطق التي تفتقد هذه الخدمة، موضحة أن هذا الدور يلعبه حاليًا جهاز تنمية المشروعات الصغيرة وكذلك شركة ضمان التمويل، فيما يدرس الاتحاد أيضًا إنشاء إدارة متخصصة لتقديم خدمات الترقية المؤسساتية لتغطية كل الاحتياجات.
الرهان على تكنولوجيا المحمول في خدمات التمويل الصغير.. وجني ثمارها في نشر الشمول المالي قريبًا
وأكدت أن الاتحاد يعمل على تشجيع استخدام تكنولوجيا الهاتف المحمول في دفع الأقساط وتحويل الأموال، باعتبارها الأداة الرئيسية لتسريع وتيرة الشمول المالي، مرجعة تأخر جني ثمار استخدام التكنولوجيا في نشر الشمول المالي إلى الوقت الذي تم استغراقه كل من البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية في اعتماد القواعد والأطر المنظمة لها، ما يرجح ظهور الأثر الإيجابي لهذه الأداة خلال العام المقبل.
67 % من المستفيدين نساء وطبيعتها المحافظة تقلص حصتها من إجمالي التمويلات إلى 52%
وفيما يتعلق بنصيب المرأة من نشاط التمويل متناهي الصغر، قالت ذو الفقار إن المرأة تستحوذ على 67% من إجمالي عدد المستفيدين من النشاط، بما يمثل حوالي 2.14 مليون امرأة، فيما تسيطر على نحو 52% فقط من إجمالي محفظة التمويلات.
وأرجعت ذو الفقار الفجوة بين عدد المستفيدات وحصتهم من إجمالي التمويلات، إلى الطبيعة المحافظة للمرأة والتي تتسم بالحرص في تحمل المخاطرة ما يجعلها تفضل القروض الصغيرة، كذلك القروض التي تقدم لمجموعة وليس القروض الفردية.
وأوضحت أن قروض المجموعات تعتمد على تقدم ما بين 5 إلى 10 أشخاص ضامنين بعضهم لبعض للحصول على تمويلات صغيرة لكل منهم على حدة، بصورة أسرع وأسهل في الحصول على التمويل وسداده.
وأكد أن تميز النساء بالحرص والرغبة في عدم تحمل ديون كبيرة أو تقبل المخاطرة، يعتبر نتائج لأبحاث اجتماعية وليس فقط مبنيًّا على المشاهدات المباشرة، قائلة: “عندما تنجح المشروعات القائمة على امرأة، تظهر وجهًا آخر من الطموح والرغبة في التوسع والنمو، وتلعب دورًا مؤثرًا في توفير فرص عمل لأولادها وزوجها وأفراد عائلتها بشكل عام رغم أن أغلبهن أميات.. فالمرأة المصرية عظيمة وتعتبر وزيرة مالية أسرتها”.
وتعد منى ذو الفقار من أبرز الوجوه الاقتصادية والقانونية، فهي الشريك المؤسِّس ورئيس اللجنة التنفيذية لمكتب ذو الفقار وشركاه للاستشارات القانونية والمحاماة، وتمارس المحاماة منذ أكثر من 30 عامًا، وهي متخصصة في الصفقات المالية والصناعية والتجارية الكبرى.
و لعبت ذو الفقار دورًا في إعادة هيكلة شركات كبرى، إضافة إلى صفقات الاندماج والاستحواذ، وفي الفترة الأخيرة، قادت فريق العمل المسؤول عن أول مشروع ناجح لمشاركة القطاع العام مع القطاع الخاص في مصر.
كما لعبت -وما زالت- دورًا رئيسيًّا في صياغة التشريعات الجديدة، وتطوير التشريعات الاقتصادية القائمة، وذلك بصفتها مستشارة لعدد من الجهات الحكومية، وعضوًا في لجان الصياغة الوطنية لعدد من القوانين المهمة مثل: قانون الاتصالات الجديد، واللوائح الجديدة المنظمة لسوق المال، والقانون الجديد للمناطق الاقتصادية الخاصة، ولوائح القانون المصرفي الجديد.
وتمارِس ذو الفقار الكثير من الأنشطة المجتمعية، حيث إنها ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة في مصر والعالم.
وفي عام 2009، تَلَقَّت ذو الفقار وسام جوقة الشرف الوطني من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وذلك تقديرًا لدورها المهني المهم في إبرام صفقات مالية وتجارية تاريخية بين مصر وفرنسا، وكذلك تقديرًا لإنجازاتها في مجال حقوق الإنسان.