الضغوط تتزايد على الليرة التركية مع ارتفاع وتيرة تخارج المستثمرين الأجانب
ارتفاع تكلفة اقتراض العملة في الخارج 10 أضعاف خلال يومين
بلومبرج
جعلت أنقرة من المستحيل عمليًا على المستثمرين الأجانب بيع الليرة التركية، حيث تحاول تجنب حدوث انخفاض في العملة الأمر الذي سيكون بمثابة ضربة للرئيس رجب طيب أردوغان قبل الانتخابات المحلية في نهاية هذا الأسبوع.
قبل أيام من التصويت المرتقب في 31 مارس الجاري، والذي سيتحدد على أساسه حكام المدن التركية، وجدت العديد من صناديق التحوط نفسها محاصرة في معاملات بالليرة التركية تريد التخارج منها؛ نظرا لأن لتعرض البنوك التركية للضغط حتى لا توفر السيولة اللازمة، وذلك وفقا لأربعة مصرفيين لديهم معرفة مباشرة بالمعاملات.
وهو ما أدى إلى توقف الليرة التركية– التي تعد ثاني أسوأ العملات الرئيسية أداءً في عام 2019- عن الهبوط القوي، كما حدث في السابق عندما تهاوت الليرة التركية في يونيو الماضي خلال الأسابيع التي سبقت التصويت، مما ساهم في تشديد قبضة أردوغان على السلطة. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت التحديات التي تواجهه حيث عانى السوق من سقوط حر في أغسطس من العام الماضي، مما فرض حالة من الركود على اقتصاد تركيا، ووصل التضخم إلى أعلى مستوياته في 15 عامًا إلى جانب تنسيق الأحزاب المعارضة فيما بينها لتقلص وتوقف دعمها للحزب الحاكم.
وقال ريتشارد سيجال، كبير محللي الأسواق الناشئة في لندن لدى شركة Manulife لإدارة الاصول والتي تدير استثمارات تقدر بـ 364 مليار دولار: “لقد تعلمت تركيا الدرس من الصيف الماضي ولن تسمح للأمور بالخروج عن السيطرة”.
ويحاول المستثمرون الأجانب الخروج من الاستثمارات والأصول التركية التي بحوزتهم منذ الأسبوع الماضي، وكان بنك الاستثمار JPMorgan Chase & Co. من بين البنوك التي حثت المستثمرين على أن يبادروا ببيع الليرة، لينهي فترة الصمت حول العملة والذي دام شهورا، سمحت لهم بالاستفادة خلالها من أسعار الفائدة المرتفعة للعملة.
ومن ثم تراجعت الليرة بنسبة 5.1% في يوم واحد وهو يوم الجمعة الماضي، مما أدى إلى موجة من الغضب بالسوق. اتهمت السلطات التركية، بنك الاستثمار، والذي يتخذ من نيويورك مركزا رئيسيا له بتقديم الاستشارات “المضللة” و “المتلاعبة”.
وحذر أردوغان يوم الأحد الماضي من أنه سيتم معاقبة المصرفيين الذين يعتبرهم مسئولين عن هذه التوقعات والتي تتخذ موقفا معاديا أمام العملة التركية.
ولم تؤدي هذه التهديدات سوى إلى ارتفاع وتفاقم أوامر البيع فقط، وعلى الرغم من هذا لم تتمكن الصناديق الأجنبية من تنفيذ هذه المعاملات، بسبب فشلها في العثور على مشترين، وفقًا لما ذكره المصرفيون الأربعة الذين رفضوا الإفصاح عن هويتهم.
وتفرض البنوك التركية بالفعل حدودا لمقدار ما تستطيع إقراضه لجهات خارج البلاد تبلغ نسبة 25% من قيمة أسهمها، وهي قاعدة تم فرضها بعد ما حدث في الصيف الماضي، بهدف منع المستثمرين الأجانب من محاولة الفرار والخروج من السوق مرة واحدة.
ومما يعد مؤشرا على مدى سوء أزمة السيولة، قفزت تكلفة اقتراض الليرة التركية لليلة واحدة في سوق المعاملات الخارجية بأكثر من 10 أضعاف خلال اليومين الماضيين لتصل إلى أعلى مستوى منذ الأزمة المالية في تركيا عام 2001، حيث تجاوزت 300% خلال يوم الثلاثاء.
وحتى الآن يبدو أن الأمر ينجح، حيث ارتفعت العملة بما يصل إلى 8% خلال هذا الأسبوع، لتعكس الليرة الانخفاض الذي شهدته خلال الأسبوع الماضي وتصل إلى حوالي 5.30 مقابل الدولار في وقت متأخر من أمس الثلاثاء.
وحث وزير الخزانة والمالية برات البيراك مؤيديه في إسطنبول على التحقق من هواتفهم لمعرفة آخر أسعار العملة، وفقاً لوكالة الأناضول الحكومية – في استعراض صريح لسروره بارتفاع الليرة.
وشعر المستثمرون بالغضب بعد أن كشفت البيانات في الأسبوع الماضي أن البنك المركزي قد خفَّض الاحتياطي لديه من العملات الأجنبية خلال مارس الجاري، مما أدى إلى التكهن بمحاولته دعم الليرة قبيل الانتخابات المحلية. والأكثر من ذلك، أن الأسر والشركات التركية حولت مبالغ استثنائية وغير مسبوقة من مدخراتها إلى عملات مثل الدولار و اليورو، وهو عادة ما يكون بمثابة نذير ومؤشر على انخفاض الثقة في العملة المحلية.
وكان الكثير من المستثمرين المحاصرين يفضلون الليرة التركية في الأشهر الأخيرة، حيث أصبحت هذه العملة مفضلة لدى مديري الصناديق الأجنبية بعد رفع أسعار الفائدة الرسمية في تركيا إلى 24% في سبتمبر الماضي، مما أدى إلى الاعتقاد بأن العملة ستستمر في الصعود، وبالتالي اشتروا الليرة ، وحتى بعد الانخفاض الذي حدث في الأسبوع الماضي.
وقام أردوغان – والمتمتع بسلطات تنفيذية واسعة – بعد أداؤه اليمين الدستورية في يونيو الماضي، بحملة انتخابية لحزب العدالة والتنمية الحاكم في جميع أنحاء البلاد، حيث يواجه منافسة وتسابق محموم على الانتخابات المحلية للبلديات في العاصمة أنقرة وفي مركز البلاد التجاري إسطنبول في نهاية هذا الأسبوع، وهو الأمر الذي يهدد سيطرة الحزب التي استمرت ربع قرن على المدينتين.
وكان الرئيس، الذي لديه موقف عدائي واضح بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض، قد قام في الماضي بمهاجمة البنك المركزي التركي والبنوك التجارية للابقاء على تكاليف الإقراض مرتفعة بشكل مفرط. ومنع موقفه المعارض بشأن أسعار الفائدة سلطة السياسات النقدية من الدفاع عن العملة لفترة طويلة من العام الماضي.