محسن عادل: تعديلات جذرية في منظومة الاستثمار
البنك الدولي في زيارة للهيئة لتقييم مصر في مؤشر دول الأعمال خلال الشهر الجاري
فاروق يوسف
استعرض محسن عادل، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، رؤية الهيئة في عملية ومناخ الاستثمار خلال الفترة الحالية، وكذلك عن ماهية مجريات التطوير والتحديث التي من المقرر تطبيقها خلال الفترات المقبلة.
جاء ذلك خلال كلمته على هامش الدورة الثانية لمؤتمر “حابي” الذي انعقد يوم الإثنين الماضي الموافق 1 إبريل تحت عنوان “النمو المؤثر”.
استهل محسن عادل، كلمته في البداية قائلاً، إن منظومة الاستثمار خلال الأربع سنوات الماضية كانت تحتاج إلى تعديلات جذرية، وبالفعل بدأنا في إجراء بعض التعديلات واحدة تلو الأخرى، حيث تم تعديل قانون الاستثمار بشكل كامل، ثم إصدار قانون الشركات، وبعد ذلك إجراء تعديلات جوهرية في قانون سوق رأس المال، إضافة إلى ذلك إصدار أول معايير محاسبة مصرية وسيتم نشرها خلال ساعات، وهذه المعايير ستمثل نقلة كبيرة في الفكر المحاسبي في مصر، لا سيّما وأنها تدور حول التحول من نظام الإدارة بالبيانات إلى نظام الإدارة بالمخاطر، وهو النظام الخاص بمعيار رقم (9).
وأضاف “كل من يعمل في القطاع المصرفي يعلم جيدًا أهمية هذا المعيار لأهمية تحديد المخاطر الموجودة داخل الشركات، وهذا التعديل كان واحدًا من الأمور التي كانت تحظى باهتمام واسع، مع التركيز على أن تتم التعديلات بصورة أساسية من خلاله”.
إصدار أول معايير محاسبة مصرية ستحدث نقلة في الفكر المحاسبي
وكشف الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، خلال كلمته على هامش الدورة الثانية لمؤتمر حابي السنوي “النمو المؤثر”، عن إلغاء كافة التعاملات الورقية بالهيئة العامة للاستثمار، والتحول بشكل تام للاعتماد الكلي على المعاملات الإلكترونية، حيث التأسيس الإلكتروني للشركات، وإنهاء عصر الدفاتر، وكذلك البدء في عمليات التصويت الإلكتروني فيما يخص الجمعيات العمومية للشركات، والذي تم تطبيقه منذ حوالي سبعة أشهر على مجالس الإدارات.
وتابع: “اليوم سيتم تطبيق هذا القرار على الجمعيات العمومية بشكل رسمي في مصر، وهو ما سيكون بداية جيدة خاصة وأننا متأخرون جدًّا في هذا الشأن، وأتصور أنه كان من المفترض البدء في تطبيق هذا القرار بشكل عاجل خلال الفترة الحالية”.
وأشار إلى أن الهيئة العامة للاستثمار، قامت بإلغاء كافة المعاملات النقدية، وإيقاف التعامل النقدي داخل مراكز خدمة الهيئة.
وتطرق محسن إلى أهداف الهيئة خلال الفترة المقبلة، والمتمثلة في تغيير مفهوم نقاط التركز الاستثماري الموجود حاليًا، وذلك بعد إتمام العديد من الإجراءات خلال الفترة الماضية بالتعاون مع جهات أخرى، لتخفيف حدة بعض الأخطاء التي كانت تحدث في بعض الأحيان.
وكان واحدًا من أهم هذه الإجراءات هو إصدار شهادة الالتباس إلكترونيًّا، وكذلك العمليات الخاصة بالتأسيس الإلكتروني للشركات، إلى جانب اعتماد الجمعيات العمومية اعتبارًا من يوم 15 مارس الماضي بصورة إلكترونية كفترة تجريبية، على أن يتم إلغاء المعاملات الورقية الخاصة بالجمعيات بدءًا من يوم 2 مايو القادم.
ونوه إلى أنه بحلول 30 يونيو القادم سيتم تطبيق كافة التعاملات مع الهيئة العامة للاستثمار سواء فيما يخص أنشطتها وخدماتها بصورة إلكترونية بعد إتمام كافة الإجراءات والمستندات المطلوبة.
وعوّل على أن هذه الإجراءات تأتي في إطار تحفيز عمليات الاستثمار، وليست متمثلة كعوامل محفزة للنمو، مضيفًا: “طلبنا لأول مرة من البنك الدولي زيارة لتقييم إجراءات الاستثمار وعمليات تأسيس الشركات خلال الفترة الماضية، لكي ننتهي من كافة المشاكل السابقة، خاصة وأن التقرير صدر يوم الأحد الماضي وكانت نتائجه جيدة وإيجابية، وفي انتظار زيارة البعثة الكبيرة خلال شهر إبريل الجاري، لتقييم مصر في مؤشر دول الأعمال، وهو أمر مهم جدًّا بالنسبة لنا”.
التقييم المالي للشركات أبرز ملفات الهيئة خلال الفترة الحالية
ونوّه إلى أن التركيز خلال الفترة الماضية كان مقتصرًا على مسألة تنظيم العمل التي كانت تحتوي على بعض المشكلات، موضحًا أن الفترة المقبلة سيتم التركيز على مسالة التقييم المالي للشركات؛ لأنها تحتاج إلى التعديلات التي تتوافق مع التطويرات التي حدثت في المجتمع المصري بشكل كبير، فمن المقرر البدء في تغيير نظام التقييم المالي، واعتماد تقييم أنظمة زيادة رؤوس الأموال، وكذلك الحصص العينية، والتحول في الشكل القانوني وعمليات الدمج والانقسام وغير ذلك.
وأضاف: “إن من الأشياء الجيدة بالنسبة لي في هذا الملف أن المجموعة الموجودة حاليًا أغلبها من فئة الشباب وهو أمر نستطيع أن نبني عليه بشكل واضح”.
ولفت إلى أن التغييرات التي حدثت في مناخ الاستثمار أحدثت تحولات جذرية ليس على صعيد الاقتصاد المصري أو اقتصاد المنطقة، ولكن في استراتيجية تدفقات رؤوس الأموال التي بدأت تظهر على مستوى المنطقة بالكامل، فالفترة الماضية شهدت نوعًا من أنواع التحول الهيكلي في عملية الاستثمارات، حيث ظهور استثمارات في موانئ شرق آسيا، وغرب وشرق إفريقيا وتحديدًا في باكستان وعمان وجيبوتي والصومال، وهو ما يشير إلى وجود منافسة قادرة على تغيير استراتيجيات الاستثمار في المنطقة.
وفي إطار ما سبق -والحديث لمحسن عادل- فإن الأمر يتطلب طرحًا جديدًا بالنسبة لاستراتيجية الاستثمار، والإعلاء من المزايا الاستثمارية التي تمتلكها مصر، والتي تكون قادرة على جذب المستمثرين، لا سيّما وأن هناك العديد من اتفاقيات التجارة الإفريقية التي تحوي 2 مليار مستهلك، كذلك اتفاقيات مع دول الاتحاد الأوربي وتضم 1 مليار مستهلك، أيضًا المنطقة العربية وبها 450 مليونًا، هذا بالإضافة إلى طبيعة السوق المصرية والتي يضم 100 مليون مستهلك، في ظل وجود فجوة واضحة في الميزان التجاري.
خاطبنا الشركات المصرية بضرورة إدخال المنتج المحلي بنسبة لا تقل عن 40%
وتابع: “بدأنا باالفعل في مخاطبة الشركات المصرية على ضرورة إدخال المنتج المحلي بنسبة لا تقل عن 40%، هذا إلى جانب البدء في توطين بعض الصناعات بهدف تعزيز الإنتاج”.
طرح 3 مناطق استثمارية جديدة في ميت غمر والصف وبنها
وكشف عادل، عن طرح 3 مناطق استثمارية جديدة، وكذلك 4 مناطق حرة عامة يتم إنشاؤها منذ عام 2004، على أن تكون المناطق الاستثمارية في مدينة ميت غمر ومدينة الصف ومدينة بنها، وتبلغ طاقة هذه المناطق الاستيعابية حوالي 250 فدانًا، هذا بالإضافة إلى توفير ما بين 20 إلى 30 فرصة عمل ما بين دائمة ومؤقتة.
ولفت عادل إلى أن طرح المناطق الحرة من أهم ملفات الهيئة خلال الفترة الجارية خاصة وأن هناك توسعًا كبيرًا في منطقة رأس التاج في مدينة نويبع، وهي منطقة عبقرية ومن الجيل الرابع للمناطق الحرة، مرتبطة بميناء بشكل مباشر، ولديها مركز لوجيستي قادر على التصدير للدول العربية بسهولة، خاصة وأن المدة الزمنية لعملية النقل للسعودية أو الأردن تبلغ حوالي 30 دقيقة، وجارٍ إضافة رصيف حاويات للتصدير إلى شرق إفريقيا ودول الاتحاد الأوربي.
وعوّل على أن هذه المنطقة عليها طلب كبير من قبل المستثمرين الأجانب خلال الفترة الماضية، خاصة وأن نسبة المكون المحلي المصري سيكون مساهمًا في بعض الصناعات حتى يتم تصديره للخارج.
ولفت إلى أن المنطقة الحرة الثانية ستطرح بالتعاون مع هيئة المجتمعات العمرانية، وهي في أسوان، وستكون منطقة حرة عامة، تستخدم رصيف الحاويات الذي يتم إنشاؤه في ميناء سفاجا.
أما المنطقة الثالثة في مطوبس بكفر الشيخ وهي خاصة لصناعات البتروكيماويات، بالإضافة إلى منطقة الحرفيين بالجيزة وهي واحدة من أهم المناطق الخاصة بصناعة الإلكترونيات، وهناك تعاون مع شركات يابانية وكورية لإنشاء مصانعها والمراكز الخاصة بها داخل هذه المنطقة.
وختم الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، بالحديث عن المنطقة الحرة الرابعة والتي يرى أنها ستغير شكل المنافسة الحادة داخل المنطقة، هي منطقة المنيا والتي تبلغ مساحتها حوالي 2 مليون متر مربع، تحديدًا مليون و700 متر مربع.
وهذه المنطقة ستكون مخصصة فقط للصناعات النسيجية، وتم البدء في حملة ترويجية بالتعاون مع أحد المطورين منذ حوالي أربعة أشهر، لاجتذاب مستثمرين لهذه المنطقة، وبدء العمل فيها سيكون بداية شهر يوليو القادم، وبدء التشغيل سيكون في بداية العام الجديد، لا سيّما وأن هذه المنطقة تأتي في ظل بحث الشركات الصينية عن أسواق استثمارية جديدة وكثيفة العمالة، وهو ما يجعل إنشاء هذه المنطقة أمرًا منطقيًّا.