أعدتها للنشر: رنا ممدوح
انطلقت فعاليات الجلسة الثالثة والأخيرة من مؤتمر حابي تحت عنوان «التحالفات العربية – اختبار جديد» والتى أدارها الدكتور ماهر عشم، رئيس شركة مصر لنشر المعلومات.
وشارك في الجلسة أسامة بشاي الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم كونستراكشون بي إل سي، وعلاء سبع رئيس شركة ابتكار القابضة للتمويل غير المصرفي، وخليل البواب الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة مصر المالية للاستثمارات، ومحمد علي الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لمصرف أبو ظبي الإسلامي مصر، وعلاء الزهيري رئيس الاتحاد المصري لشركات التأمين، والعضو المنتدب لشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين GIG.
واستهل د. ماهر عشم الجلسة بإلقاء الضوء على ما شهدته الشهور الأخيرة من تلقبات حادة فى أسعار النفط كان لها أثر واضح على الفوائض العربية، وبالتالي على أسواق السلع والمال وحركة الاستثمارات البينية.
وإلي تفاصيل الجلسة:
د.ماهر عشم: سأتوجه بالسؤال الأول إلى خليل البواب، الرئيس التنفيذي المشارك والعضو المنتدب لشركة مصر المالية للاستثمارات، وهو ما مدى تأثير تذبذب أسعار البترول على تدفق الاستثمارات العربية لمصر والعكس؟
خليل البواب: أولًا أتوجه بالتحية للحضور الكريم والشكر لمدير الجلسة، وأرغب في تسليط الضوء على الاقتصاد المصري الذي يتمتع بصفة التنوع في الموارد التى يعتمد عليها والبترول أحد هذه الموارد ولكن ليست الوحيدة.
لانخفاض أسعار البترول وجوه وآثار كثيرة.. ومن المهم أن تعكس الخطط المحلية أهمية تحفيز الاستثمار الخارجي
انخفاض أسعار البترول يصب في مصلحة مصر نظرًا لأنه يعمل على تخفيض الضغط على ميزانية الدولة. لكن فى الوقت نفسه من شأنه خفض حجم الاستثمارات الخارجة بما في ذلك حصة مصر.
ضرورة تطوير التشريعات لتكون أكثر جاذبية للاستثمار
وبالنظر إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر أحد الأهداف والموارد الرئيسية للنقد الأجنبي، فإنه من المهم مراعاة أن تعكس الخطط المحلية هذا الوضع، وأن تحقق المطالب التي أعلنتها الكوادر الاقتصادية على مدار فعاليات مؤتمر “حابي” تحت عنوان النمو المؤثر وتحديدا خلق بيئة محفزة للاستثمار وذلك لكافة أطياف المستثمرين عرب أو أجانب على حد سواء.
فالعرب أكثر المتفهمين للاستثمار المصري وظهر ذلك جليًّا بالدعم المقدم منهم سواء كان بالاستثمار المباشر أو غير المباشر من خلال ودائع البنك المركزي، لذلك أرى أنه ما زال لدينا المزيد من الفرص.
ماهر عشم: أوجه حديثي إلى علاء سبع رئيس شركة ابتكار القابضة للتمويل غير المصرفي، لقد كنت حاضرًا وشاهدا على سوق المال المصري منذ نشأته الحديثة لذلك بناء على معايشتك لكل هذه الفترة نود أن نتوجه إليك بسؤال عن الفترات التي تنشط بها التحالفات والاستثمارات العربية في مصر وما العوامل التي تساهم في تنشيط هذه الدورات؟
علاء سبع: برصد الاستثمارات التي اخترقت السوق المحلية منذ فترة التسعينيات وحتى الآن نجد أن الاستثمارات العربية والأجنبية تختار توقيتًا واحدًا للتواجد بالسوق المصرية وذلك خلال فترات الرواج التي دخلت بها العديد من الاستثمار.
يجب السؤال عن سبب دخول الاستثمارات العربية بديلًا للأجنبية بالرغم من وجود إمكانية لتواجد كليهما معًا
والاختراق الأول لتلك الاستثمارات بدأ بقرار الخصخصة الذي تم إصداره بفترة التسعينيات والذي كان له الفضل في تشجيع العديد من المستثمرين الدخول إلى مصر من خلال فتح شركات جديدة ثم بدأت الدورات بتفعيل مسارها الطبيعي.
ضرورة فتح باب الاستثمار لكافة المؤسسات دون قيود
وأرى أن كل دورة استثمار تبلغ ارتفاعها في الوقت الذي سمحت فيه الحكومة المصرية بدخول الاستثمارات الخارجية وفتح الباب إلى زيادة حصة القطاع الخاص.
وبناء عليه فإن التأثير المباشر لتلك الاستثمارات لا تتحكم به الظروف العالمية من ارتفاع أسعار البترول أو تراجعه ولكن المحور الرئيسي لها يتمحور حول الترحيب بتلك الاستثمارات في مصر ومدى المساواة التي يمكن توفيرها للمستثمر العربي مع نظيره المصري.
كما أن الاستثمارات الخارجية تجد طريقها في مصر كلما تيسرت الإجراءات والتسهيلات المقدمة للمستثمرين، والسوق المصرية مازالت تحتل ترتيبًا منحفضًا في المنظومة العالمية لذلك زيادة الاستثمارات ولو بنسبة 1% من شأنه ضخ مبالغ كبيرة حتى وإن كانت الظروف العالمية ليست بالجيدة.
ماهر عشم: السؤال مرة أخرى إلى علاء سبع، من وجهة نظرك هل ترى فرقًا بين شهية المستثمر الأجنبي عن العربي ناحية القطاعات؟
علاء سبع: بصورة عامة كلاهما يفضلان قطاعات واحدة، ولكن هناك بعض المجالات كالاستثمار العقاري الذي يستحوذ على جزء كبير من اهتمام المستثمر العربي لذلك نجد أن النسبة الأكبر من الاستثمارات العربية تتجه إلى قطاع العقارات.
ضرورة وضع منظومة متكاملة للتعامل بين المؤسسات المالية الكبرى والأخرى متوسطة ومتناهية الصغر
والمستثمرون العرب والأجانب بصفة عامة يبحثون عن نفس نوعية الفرص الاستثمارية، كما أن التنوع في الفرص الاستثمارية يتوقف على الكثير من الظروف والعوامل.
ماهر عشم: السؤال إلى محمد علي الرئيس التنفيذ والعضو المنتدب لمصرف أبو ظبي الإسلامي مصر، باعتبارك مسؤولًا عن أحد أكبر المصارف الخليجية المحلية ما رؤيتك لخريطة الاستثمار العربي من حيث أكبر الدول العربية المستثمرة بها والقطاعات، وسوال آخر عن رؤيتك لأدوات التمويل غير التقليدية مثل الصكوك وكيف يمكن استغلالها لجذب الاستثمار العربي؟
محمدعلي: الاستثمار الذي بدأه مصرف أبو ظبي الإسلامي بمصر جاء خلال عام 2007-2008 والذي تزامن مع أزمة في المناخ الاقتصادي العالمي.
أبوظبي الإسلامي استثمر فى مصر خلال ذروة الأزمة المالية العالمية
وعلى الرغم من الضغوطات الموجودة وقتها إلا أن المصرف الأم تفاوض مع الحكومة لإتمام دخوله للسوق المصرية والتي لم تكن بالبسيطة، ولكن نجح التفاهم بالنهاية للحصول على أصل بسعر ما نتيجة لأوضاع البنك الجيدة.
والدليل على نجاح الصفقة التي تمت يتمثل في تقييم الأصل المستحوذ عليه وحالته التي أصبحت جيدة مقارنة بالماضي فهو يعد من الاستحواذات الجيدة لدى المصرف، نظرًا لما كان يحويه هذا الأصل من عقبات داخليه بكافة قطاعاته.
كما أن البنوك العربية تعتبر مصر محطة أساسية للتكامل، وأنا كبنك عربي عندما أفكر في التوسع، تعد مصر سوقًا أساسية لا بدّ من التواجد فيها.
فلدى دولة الإمارات العربية المتحدة 5 بنوك متواجدة بالسوق المصرية وقد حالفني الحظ للعمل بأحدها ولديهم اهتمام كبير بالأسواق المصرية.
وبالنظر إلى الاستثمارات الخارجية في الدول الأخرى نجد أن أنجح استثمارات الإمارات هي المتواجدة بمصر بصفة عامة وينعكس ذلك على زيادة التواجد والاهتمام بالأسواق المصرية كتكامل طبيعي بين الطرفين.
والآن أطلب منك إعادة السؤال الآخر…
ماهر عشم: هل تعد الصكوك منافسًا للأدوات المصرفية التقليدية إن تواجدت بالإضافة إلى المنتجات المصرفية التقليدية؟
محمد علي: إجابة سريعة بكلمة واحدة بالطبع لا، فهي تعد مكملة لها، وبالمقارنة بين شكل الصكوك في السوق المصرية مقابل العالمية، فمصر بها ثلاث مؤسسات مالية أو مصارف إسلامية لديها رخصة شاملة نطلق عليهم “فول فلدج” بجانب أربعة بنوك لديها نوافذ إسلامية.
وبالنسبة للحجم النهائي لميزانيات البنوك الثلاثة بمصر فلا تتعدى 200 مليار جنيه أي حوالي 11 مليار دولار، بينما يصل إجمالي ميزانيات المؤسسات الإسلامية بجميع أنحاء العالم 2.4 تريليون دولار وذلك طبقًا لإحصائية صادرة عام 2017.
أما حجم الصكوك بالعالم أجمع فاقترب من 500 مليار دولار بينما تفتقر السوق المصرية لهذه الأداة.
الصكوك ليست منافسة للأدوات المالية التقليدية وإنما مكملة لها
ودعني أطرح السؤال هنا، هل نستطيع جذب عملاء ومستثمرين سواء على المستوى الحكومي أو الشركات في الطروحات الخاصة بها؟ من المؤكد أن تكون الإجابة «نعم» وإن نجحت في جذب 1 % من الاستثمارات لأنها ستمثل مبالغ كبيرة.
إن الصكوك تنجح في إدخال الشمول المالي الذي نطالب به إلى حيز التنفيذ، فعندما تطرح الصكوك بالعملة المحلية فمن شأنها أن تستحوذ على اهتمام شريحة كبيرة من العملاء الذين سيقومون بدورهم بالدخول إلى مجال استثمار جديد على السوق المصرية.
ومن الدول التي لديها محفظة صكوك عالية نجد إنجلترا وأستراليا وهونج كونج وجميع الدول الإسلامية الأخرى نظرًا لارتفاع حجم الطلبات عليها.
وبدأت وزارة المالية بالمرحلة الأخيرة بصب جزء من اهتماماتها على قطاع الصكوك نظرًا لما تم تداوله من طلبات من مستثمرين عن رغبتهم بهذا النوع من الاستثمارات بالعملة المحلية.
والدليل على نجاح التجربة بالبورصة التي تمتلكها الإمارات هو العوائد مقارنة بالأدوات المشابهة كسندات وأذون الخزانة، وبالتأكيد الاستقرار بهذا القطاع من شأنه رفع فرص زيادة الاستثمار العربي.
ماهر عشم: السؤال إلى علاء الزهيري رئيس الاتحاد المصري للتأمين، والعضو المنتدب لشركة المجموعة العربية المصرية للتأمين GIG، إن قطاع التأمين لاقى اهتمامًا أكثر من الطبيعي خلال العام الحالي وظهر ذلك واضحًا بالقوانين التي تسن والقرارات التي تم إصدارها لذلك كيف ترى دور قطاع التأمين في جذب الاستثمار العام والعربي بوجه خاص، وأيضًا مدى مساحة النمو المتوافرة بقطاع التأمين؟
علاء الزهيري: بالرجوع إلى عام 1979 كانت المؤسسات المستحوذة على قطاع التأمين بالكامل مصرية ولكن تبدلت الأحوال بالسوق فيما بعد تلك الفترة طبقًا للقوانين الصادرة وقتها والتي سمحت للمستثمرين العرب والأجانب بالدخول إلى السوق المصرية والاستحواذ على حصص من شركات قطاع التأمين ولكنها ليست بالكامل إلى أن تمت زيادة نسبة الملكية إلى 100%.
وأرى أنه بتعديلات تلك القوانين بدأت سوق التأمين بالانفتاح الذي كان من شأنه زيادة الاستثمارات الأجنبية والعربية.
وتمتلك السوق المصرية في محفظتها 15 من شركات التأمين التي يملكها مستثمرون عرب 9 منهم في تأمين الممتلكات والمسؤوليات و6 متخصصون في تأمينات الحياة.
أما حجم حقوق الملكية التي تمتلكها الشركات العربية فتتجاوز 3 مليارات جنيه، بجانب 4.5 مليار جنيه للأقساط السنوية لهم طبقًا لنتائج يونيو 2017.
وحجم استثمارات 9 شركات عربية في قطاع التأمين يبلغ 8 مليارات جنيه، ونجحت هذه المؤسسات بالسوق المصرية نجاحًا كبيرًا وانعكس ذلك على نتائج عوائد الاستثمارات والأقساط وهو ما يشير إلى الاهتمام بسوق التأمين المصري.
هناك عاملان تتمتع بهما السوق يدفعانها لتكون أداة جاذبة للاستثمار
ولكن هناك عاملان تتمتع بهما سوق التأمين المصري يدفعانها لتكون أداة جاذبة للاستثمار؛ الأول أنها سوق بكر بمعنى أن إجمالي حجم سوق الاقتصاد بالتأمين المصري يبلغ 2 مليار دولار وهو رقم منخفض مقارنة بعدد السكان في مصر والذي تخطى 100 مليون نسمة.
ولكن هناك فرصة لنمو السوق والدليل على ذلك الاستراتيجية المقدمة من الهيئة العامة للرقابة المالية في الخدمات المالية غير المصرفية والتي يمثل التأمين جزءًا منها والتي تستهدف مضاعفة حجم السوق في 2022 بنسبة 100%.
تعظيم العائد فرس الرهان على جذب الاستثمارات
وهذه الاستراتيجية من شأنها جذب مزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية، كما أن سوق التأمين المصري تتسم بالتنظيم وهو أمر هام وذلك بدعم من الهيئة العامة للرقابة المالية التي تقوم بتطبيق القوانين بطريقة جيدة جدًّا.
وبالنظر إلى الأسواق العربية المحيطة بنا باستثناء السعودية والبحرين نجد أن أغلب الأسواق تفتقد إلى الرقابة والكثير منها يتبع البنك المركزي أو تمثلها إدارة داخل وزارة الاقتصاد.
ولكن بمصر نتمتع بوجود هيئة للرقابة وقانون مخصص للتأمين المصري منذ ما يقارب من 105 أعوام تقريبًا والذي من شأنه أن يعطي للمستثمر الخارجي العربي أو الأجنبي راحة للدخول إلى السوق ضامنًا لأساليبها التنظيمية والتعريف بحقوقه والضمان بتحقيق عوائد على استثماراته.
والمستثمر الخارجي قادر على تحديد نسب الربحية الخاصة به من خلال دراسة الجدوى التي يقوم بها قبل ضخ استثماراته والتي قد تتجاوز المستوى المتوقع على أرض الواقع، وبالتأكيد السوق لديها عوامل عديدة لجذب المستثمرين.
ماهر عشم: لكن ما هي أسباب انخفاض نسبة مشاركة قطاع التأمين بالناتج المحلي؟
علاء الزهيري: وصلت النسبة إلى 1.1% وهي ضعيفة نوعًا ما نظرًا لما عانت منه سوق التأمين المصري، فعلى مدار 75 سنة تقريبًا كان عدد الشركات العاملة بالقطاع 3 فقط مملوكة للدولة وبالتالي لم يكن هناك مجال للمنافسة أو تقديم منتج جديد أو توزيع التأمين بشكل مختلف.
تأخر انفتاح القطاع على الاستثمارات الخاصة وراء انخفاض مساهمته فى الناتج الإجمالي
وأرى أنه مع بداية انفتاح قطاع التأمين انطلقت الاستثمارات العربية والأجنبية لاختراق السوق المصرية ولكنها بالبداية كانت على استحياء ثم بدأت بالارتفاع والذي انعكس على قطاع التأمين بجذب منتجات جديدة.
والمثال على ذلك التأمين البنكي الذي افتقدته سوق التأمين المصري لمدة 80 عامًا تقريبًا والذي يتمثل في تحالفات شركات التأمين والبنوك، والذي يقوم بدوره بالترويج لمنتج لعميل البنك يتحصل منه على أعلى استفادة من قطاع التأمين بتعاقد جاذب.
ويعتبر هذا المنتج من مكملات مستلزمات العميل لمساندته بمستلزمات حياته سواء كانت ممتلكات أو تكاليف تعليم الأبناء حتى المرحلة الجامعية، حتى في حالة الوفاة يتحصل المستفيدون على مبلغ من المال لضمان معيشة كريمة.
واعتمد التأمين البنكي ببداية انطلاقة على المجهوات الفردية بشركات التأمين حتى حدوث انفراجة القطاع التي نوّعت من موارد التأمين والتوزيع البنكي.
ووفقًا لهذا التقدم تم إصدار منتجات جديدة كالوثائق الإلكترونية التي حلت ضيفًا جديدًا على السوق المصرية، ومن الضروري إصدار التشريعات في زيادة مساهمة التأمين بالناتج القومي.
وأراهن هنا على حجم السوق التمويلية متناهية الصغر في زيادة حصة التأمين بالناتج القومي حيث بلغ إجمالي المستفيدين من هذا القطاع 3.2 مليون مستفيد، ووصل حجم الوثائق التأمينية لهؤلاء إلى 500 ألف وثيقة، وهناك 2.5 مليون عميل مرتقب من قطاع متناهي الصغر.
ومن جانبها وضعت الهيئة العامة للرقابة المالية قرارًا بإلزام أصحاب المشروعات متناهية الصغر بوجود وثيقة تأمين إجبارية مما يشير إلى أنه خلال أشهر قليلة قادمة سنجد هناك 3 مليون وثيقة تأمين متناهي الصغر.
وأرجح أن نشر قطاع التأمين في هذا المجال الواعد من شأنه زيادة مساهمة القطاع بالناتج القومي جنبًا إلى جنب مع تنمية الوعي الذي يعمل عليه الاتحاد المصري للتأمين وذلك لجمهور العاملين مع التأمين والمرتقبين بالدخول إلى السوق.
ماهر عشم: لنا جولة أخرى عن قطاع التأمين والتكنولوجيا. ولكن أود التوجه بسؤالي إلى أسامة بشاي الرئيس التنفيذي لشركة أوراسكوم كونستراكشون عن رؤيته الخاصة بالفرص الكبرى بالاستثمار في العاصمة الإدارية الجديدة ومحور قناة السويس والمدن الجديدة، وهل هناك شهية عربية للاستثمار في هذه المناطق؟.
أسامة بشاي: بالتأكيد العديد من المستثمرين الخارجيين لديهم رؤية أن هناك صناعات وفرص استثمارات متعددة الدولة ترى أنها تتمتع بعوائد واستراتيجيات هامة والذي يترجم ذلك بزيادة الاستثمارات الحكومية بهذه المجالات وهو ما يدفع المستثمر الخاص بتجنب التوسع بها تجنبًا لأي مشاحنات ورغبة بوجود مجال ميسر لضخ الأموال.
تطوير العنصر البشري وتكلفة الاستثمار أكثر ما يجذب المستثمر
الفرص الاستثمارية بمصر كبيرة جدًّا نظرًا لتراجع التكلفة مقارنة بمنطقة الخليج وشمال إفريقيا وأوربا
وأرى أن الفرص الاستثمارية بمصر كبيرة جدًّا نظرًا لتراجع التكلفة مقارنة بمنطقة الخليج وشمال إفريقيا وأوربا، فالمؤسسات المصرية تتحمل ما يقارب من 60 – 70 % من التكلفة بالإضافة إلى وجود عدد من الكوادر أو الموارد البشرية من فئة الشباب يمكن تدريبهم لرفع كفاءتهم، فمثلًا المهندس المصري عند تعيينه بمصر بمثابة ثلث ثمن نظيره بدبي.
كما أرى أن هناك فرصة واعدة للاستثمار ولكن مع الأسف لا يوجد من يتخذها أساسًا ليبني عليها أو استغلالها بشكل كافٍ.
ماهر عشم: أعود إلى خليل البواب، ما هي طرق جذب الاستثمارات العربية وفقًا لمتطلبات الأفراد وما هي نواقص السوق المصرية التي تعوقها عن البعث برسالة لجذبهم إلى السوق المصرية؟
شغلى البنوك الاستثمارية فقط ولا بدَّ من تواجد جهات رقابية داعمة لهذا الهدف كهيئة الاستثمار والهيئة العامة للرقابة المالية.
ويجب الاستمراية بتطوير اللوائح الخاصة بالسوق لتهيئتها لتناسب مناخ الاستثمار، وأستعين هنا بكلمة علاء سبع حيث إن الاستثمارات العربية والأجنبية تنشط بالسوق المصرية في توقيت واحد، وأموال الاستثمارات الخارجية تتسم بالذكاء، فعند الدخول للسوق المصرية يبحث من خلالها عن التشريعات المناسبة للاستثمار وليس حب الدولة كما أن ساحة الاستثمار شهدت تطويرًا ملحوظًا.
وفيما يخص بنوك الاستثمار فبحكم العلاقات التاريخية مع الدول العربية هناك تواجد وأشكال تعاون مختلفة لهم، حيث يوجد منهم بنوك مصرية نجحت في اختراق الأسواق العربية وتحقيق نجاح بها والتي كانت تلعب دورًا في محاولة جذب الاستثمارات إلى الأسواق المصرية.
وأؤكد أن بنوك الاستثمار وحدها لن تكون بالكافية لحل تلك المعادلة الصعبة لذلك لا بدَّ من توافر ساحة وبيئة وتشريعات استثمارية مناسبة وهو ما نستهدف تحقيقه خلال الفترة القادمة من خلال نقل وجهات النظر المشجعة إلى المستثمر الخارجي سواء كان مصريًّا أو أجنبيًّا.
ماهر عشم: أعود إلى علاء سبع مرة أخرى، رأينا أن السوق المصرفية جاذبة للاستثمارات العربية، وعقب ثورة 25 يناير وجدنا أن هناك العديد من البنوك العربية قامت بالاستحواذ على عدد من الأصول في مصر وبتوسيع استثماراتها بها مقارنة بالفترات المناظرة، لذا نرغب في التوجه إليك بسؤال هل تعد سوق التمويل غير المصرفي جاذبة للاستثمارات العربية كالمصرفية وهل سنشهد خلال الفترة القادمة كيانات مختلفة بالمستقبل القريب تأتي لمصر للاستثمار في هذه المنظومة؟
علاء سبع: السوق المصرفية شهدت خلال الفترة المنقضية دخول استثمارات عربية ولكن هذا الأمر ليس إيجابيًّا بالقدر الكافي نظرًا لأن هذه الاستثمارات جاءت لتحل محل الاستثمارات الأجنبية التي تخارجت من السوق المصرية، لذلك فالسوق تسير في اتجاه واحد؛ مستثمر يقوم بالشراء من بائع متخارج منه.
وهنا يجب السؤال عن سبب دخول الاستثمارات العربية للسوق المصرية بديلًا للأجنبية بالرغم من وجود إمكانية لتواجد كليهما معًا؟ كما أن العديد من البنوك الأجنبية في مصر بدأت بالتراجع وذلك أمر غير بالمبشر.
والاستثمار في سوق التمويل الخاصة بالخدمات المصرفية والمالية غير البنكية ينتظره مستقبل واعد نظرًا لانخفاض نسبة مساهمته بالناتج القومي وهو ما يؤهله لاستهداف شريحة جديدة غير واعية بتلك الخدمات.
هناك مسار آخر يمكن الاستفادة منه وهو تكنولوجيا الأسواق المالية، والتي شهدت تغييرًا بجميع أنحاء العالم، وقد نجحت في تخطي عدد من الإجراءات لانطلاق الاستثمار مقارنة بالاستثمارات التي تمت قبل اختراق هذا القطاع للسوق.
وفي الخارج المستثمر لديه شيكات وبطاقة ائتمان وخدمات مصرفية أخرى يألفها منذ عامه 16 خلافًا للوضع بالسوق المصرية فهناك العديد غير مدركين لتلك الخدمات، لذلك من وجهة نظري أرى أن هذه القطاعات جاذبة للاستثمارات الخارجية عربية كانت أو أجنبية.
وتحتاج السوق المصرية لتقوية البنية التشريعية والرقابية لفتح الباب إلى هذين القطاعين، وهذا العاملان تكمن أهميتهما في مدى إمكانية السوق لمواكبة التغيرات في التكنولوجيا، وأشيد هنا بحجم التشريعات التي أصدرها كل من البنك المركزي المصري والهيئة العامة للرقابة المالية خلال عام ونصف مضيا.
وهذا هو ما نحتاجه في الشمول المالي الذي من شأنه أن يقوم بتلك الخدمات المالية غير المصرفية، فهذا الإجراء من شأنه تقوية الاقتصاد الأخضر لدينا وذلك بتقليل الاعتماد على الكاش وزيادة التعامل بالاقتصاد الرقمي والذي من شأنه الانعكاس إيجابيًّا على دورة المال.
وسينظر إلى هذا المجال بعد 5 سنوات من الآن كما كان الحال في بداية انطلاق سوق المال المصري عام 1994.
ماهر عشم: سبقتني بالدخول إلى مناقشة المحاور التكنولوجية.. وإلى علاء الزهيري مرة أخرى، ألزمت الهيئة العامة للرقابة المالية ألزمت أصحاب مشاريع متناهية الصغر بالتأمين الإجباري فهل توجد أفرع كافية لاستيعاب 3 ملايين عميل، وهل تسمح إيرادات شركات التأمين باستخدام التكنولوجيا لاستيعاب العدد بالكامل والذي من المتوقع أن يتضاعف ليصل إلى 6 ملايين عميل بالعام القادم؟
أود سماعك وأنت تتحدث عن التكنولوجيا فلا يوجد أحد بقطاع التأمين يتحدث عنها.
علاء الزهيري: نحن لا نتحدث إلا عن التكنولوجيا… الرقابة المالية قبل أن تصدر هذا القرار قامت قبل ثلاث سنوات بالإعلان عن عدد من التشريعات التي من شأنها التيسير على شركات التأمين لاستيعاب تلك الشريحة الجديدة من أصحاب المشروعات متناهية الصغر.
وقد يسرت الوثائق الإلكترونية على العملاء الحصول على المنتجات التأمينية أسرع مما كانت عليه سابقًا، فوثيقة التأمين على السيارات أصبحت متاحة للعملاء دون التحرك من مكاتبهم والتأمين على الحياة.
واستفاد التأمين متناهي الصغر من تلك الوثائق الإلكترونية لإنهاء إجراءاته بأقل وقت ممكن، وهناك 80 ألف عميل متناهي الصغر بإحدى الشركات تتراوح قيمة أقساطهم بين 30 -40 جنيه، وقد قلصت الوثائق الإلكترونية من التكلفة المطلوبة لتحصيل أقساط التأمين من عملاء متناهي الصغر والتي تتعدى 40 جنيه.
وبالرغم من التسهيلات الممنوحة من التشريعات إلا أن قطاع التأمين لم يصل إلى الآن للتعامل مع كافة المنتجات التأمينية بالوثائق الإلكترونية، ولكن نقوم باستغلالها بالمنتج الذي يستحوذ على اهتمام شريحة كبيرة من العملاء المستهدفين.
ماهر عشم: ولكن.. هل هناك منصات إلكترونية قائمة لمشروعات التمويل متناهي الصغر؟.
علاء الزهيري: لا يقع هذا التخصص ضمن قطاع التأمين فهو يتبع الهيئة العامة للرقابة المالية بشكل أكبر والشركات التابعة لها ولكن هناك منصات إلكترونية أطلقها الاتحاد المصري للتأمين من أجل التسهيل على شركات التأمين وحمايتهم من عمليات النصب من قبل بعض العملاء.
وقد قمنا بعمل منصات إلكترونية تسهل لشركات التأمين الحصول على كافة البيانات الخاصة بالعميل.
ماهر عشم: السؤال إلى محمد علي.. هل ترى المصارف التقليدية التكنولوجية تهديدًا أم فرصة؟ وإذا كانت فرصة ما الإجراءات المتخذة لاقتناصها؟
محمد علي: البنوك التقليدية إذا لم ترَ التكنولوجيا وتعتمد عليها ستصبح تهديدًا لها؛ لأن واقعيًّا ننظر إلى التكنولوجيا كوسيلة لتحسين معدلات الخدمة الخاصة بالمصرف بالنسبة للعملاء فهي الوسيلة الأكثر أمانًا وسهولة.
كما أن حجم استثمارات مصرف أبو ظبي الإسلامي مصر بها مرتفعة، والمصرف الذي لا ينظر إلى التكنولوجيا والتطور الذي تشهده الصناعة سيؤدي ذلك إلى خروجه من الصورة خلال أعوام قليلة.
وقد حدثت فجوة دفعتنا للتأخر قليلًا عن مواكبة العالم الخارجي في التطور وبين الأسواق العربية القريبة منا، ولكن أفاد هذا التأخير في كسب خبرة تؤهلنا لاقتناص مكانتنا خاصة وأن حجم الاستثمارات لا يؤهلنا لضخ مبالغ ضخمة كل عام.
وكلما استطعنا الحفاظ على توجهاتنا نجحنا في مواكبة العالم خاصة أن التطور أصبح سريعًا جدًّا، فعلى سبيل المثال اللجوء إلى المكاتب الاستشارية العالمية ساعد في توجيه الأنظار إلى أن الأسواق المصرية بدأت في تعلم آليات المواكبة والتي تؤهلنا لاتخاذ قرارات بدقة أعلى.
ومن ناحية الفرصة فإن التكنولوجيا ستعمل على الإسراع من الانتشار وزيادة مساهمة قطاع التأمين على سبيل المثال في الناتج القومي من خلال التسهيلات التي تضمن فتح حسابات لأعداد كبيرة دون الحاجة إلى وجود العميل شخصيًّا.
وأتوقع الوصول إلى إمكانية فتح العديد من الحسابات الرقمية دون دخول العميل للبنك ولو مرة واحدة ويقتصر التعامل معه من خلال التكنولوجيا فقط؛ لذلك أطالب بضرورة التمسك بالتكنولوجيا نظرًا لقدرتها على إسراع التحويل والتعلم للاستثمار بها بشكل جيد جدًّا.
ماهر عشم: السؤال لأسامة بشاي.. بالنسبة للاستثمار المصري في الدول العربية .. ما هي الدول الجاذبة للاستثمار؟ وأرجو عرض الأدوات التي تدفعها لذلك للتعلم منها.
أسامة بشاي: دعنا لا نقتصر الإجابة على الدول الجاذبة للاستثمارات فقط، وننظر إلى المنطقة بشكل عام بما فيها إفريقيا نظرًا لأن الدول العربية وخاصة الخليج لا تحتاج إلى رأس المال المصري بما فيها أوراسكوم أو غيرها لكن أرى أن منطقة إفريقيا بالكامل تعد فرصة لن تتكرر بالنظر إليها لأن هناك احتياجًا شديدًا لتأسيس بنية تحتية أو كهرباء أو مياه أو استثمارات صناعية وعقارية.
ويوجد نقص شديد بالدول الإفريقية لتلك الاستثمارات، بجانب افتقادها لقطاع التمويل، لذلك فالمستثمر الذي ينجح بالتوسع هناك بالخدمات التمويلة والبنوك من شأنه خلق فرصة جديدة غير مسبوقة خاصة أن معدل النمو في المنطقة الإفريقية أعلى من الدول العربية نظرًا لتطابق الملامح السكانية مع إفريقيا، فعلى سبيل المثال 60% من الشريحة السكانية بالقارة السمراء من الفئة العمرية الأقل من 25 عامًا.
وبناء عليه أرى أن مشروعات البنية التحتية والمياة والكهرباء من المتوقع أن تشهد معدلات نمو قوية نظرًا لزياة الطلب عليها بنسب تتراوح بين 8 و10 و15%.
ماهر عشم: بختام الجلسة أطلب من الضيوف الخمسة إصدار توصيات في كلمتين عن كيفية تحول مصر إلى بيئة جاذبة للاستثمار العربي، وبالفعل قد تم سرد هذه المحاور على مدار الجلسة ولكن في النهاية نريد تسليط الضوء على عدد من المحاور لتحقيق هذا الهدف.
خليل البواب: لا بدَّ أن يكون هناك تطوير بالتشريعات لتكون جاذبة للاستثمار مع تركيز الاهتمام على عاملين أساسيين موجودين بالعالم أجمع وهما التكنولوجيا والشمول المالي.
وللشمول المالي أهمية كبيرة نظرًا لارتفاع المعدل السكاني وهو يعد قطاعًا كبيرًا جاذبًا للاستثمار مع الاهتمام بدخول الاقتصاد الموازي للاقتصاد العام، فحجم الاستثمارات بهذه المجالات ضعيف نوعًا ما ولكنها تتمتع بسهولة في التنفيذ.
وأطالب بضرورة خلق الوعي سواء للمستثمر الخارجي أو الموجود بالسوق المصرية.
أسامة بشاي: أود تلخيص توصياتي بثلاثة محاور أساسية وهي تسليط الضوء على الإمكانيات البشرية المتواجدة بمصر والتي لديها قابلية للتدريب نظرًا لصغر سنها وهو مطلب هام للمستثمر.
ويتمثل المحور الثاني بتكلفة الاستثمار في مصر والتي ما زالت منخفضة مقارنة بالمناطق الأخرى كإفريقيا على سبيل المثال، وأخيرًا لا بدَّ من تغيير نظرتنا إلى المستثمر الخارجي واعتباره فرصة للاستفادة منه، ولكن العكس هو ما يطالبنا بذلك، فالهدف من دخولة تحقيق ربحية ومكاسب له وليس لنا.
علاء الزهيري: أؤكد على ضرورة الاهتمام بفئة المستثمرين المتواجدين بالسوق المصرية، فقطاع التأمين مفتوح لكافة أنواع الاستثمارات سواء كانت عربية أو محلية أو أجنبية ولكن لا بدَّ من التأكيد أن العائد من هذا الاستثمار أعلى من الموجود بالبنك أو أي أدوات أخرى للاستثمار، ولتحقيق ذلك لا بدَّ من تواجد عنصرين الأول تقليص وضع الضرائب والدمغات النسبية على التأمين كغيرنا من الدول الأخرى وهو ما نطالب بتشريعه لزيادة شريحة المتعاملين.
وفيما يخص الجزء الأخير من التوصية الخاصة بي فأنضم إلى رؤية أسامة بشاي بضرورة الاهتمام بالعنصر البشري نظرًا لحاجة المستثمر الخارجي إلى كفاءات بالسوق المصرية يتمكن من الاستفادة منها بدلًا من الاستعانة بالكوادر الخارجية والتي تكلفه بالعملة الصعبة.
محمد علي: سؤال صعب لأنه يحتاج إلى روشتة مطولة للحديث بهذه المحاور، ولكن بالنظر إلى وضع مصر عالميًّا كمؤشرات وناتج محلي والفرص المتاحة نجد أن هناك العديد من البلاد التي تفتقد لجزء كبير من الموارد لدينا.
الاستثمار هو العنصر الذي تفتقده مصر بشكل ما، لذلك لا بدَّ من فتح لغة الحوار مع المستثمرين للتحدث عن العقبات التي تواجههم وتحدديها كالمشاكل القانونية والعقبات الخاصة بالعمالة.
ويأتي ذلك بحضور الاجتماعات وعدم التعامل مع العقبات من أعلى وتطوير الجهاز الإداري لمساعدة المستثمر على الشعور بذاته.
علاء سبع: أؤكد على ضرورة وضع منظومة متكاملة للتعامل بين المؤسسات المالية الكبرى والأخرى متوسطة ومتناهية الصغر لتحقيق هدف الشمول المالي تماشيًا مع تجربة المصنع وتجار التجزئة.
والدعوة لجذب الاستثمار لا يجب أن تقتصر فقط على الشركات الكبرى ولكن يجب الأخذ في الاعتبار قطاع متناهي الصغر.
ويجب أن تقتنع الحكومة أن القطاع الخاص جزء من التكامل الاقتصادي مع تشجيع الصغير قبل الكبير، وأطالب بفتح الباب لكافة الاستثمارات دون قيود محددة لها.
ماهر عشم: في ختام الجلسة أتوجه بالشكر إلى الضيوف الحاضرين للندوة وإلى الحضور لحسن الاستماع وأهنئ جريدة “حابي” على نجاح الدورة الثانية من مؤتمرها السنوي الذى عقد تحت عنوان «النمو المؤثر».