قال الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن مصر تسعى إلى التواجد بقوة على خريطة صناعة مراكز البيانات الضخمة لتصبح ممرا رقميا عالميا يربط الشرق والغرب في ظل ما تمتلكه من ميزات تنافسية كبرى ومنها الموقع الجغرافي المتميز، ومرور عدد كبير من الكابلات البحرية والأرضية بها.
وأضاف، في كلمته خلال المنتدى الخاص بمبادرة التعاون الاقتصادي الرقمي في إطار القمة الثانية “لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي”، أن من المتوقع احتياج منطقة الشرق الأوسط إلى 300 مليون وظيفة أخرى بحلول عام 2050 لذا تولي مصر اهتماما خاصا بتنمية رأس المال البشري.
وأشار إلى تركيز مصر أيضا على دعم الإبداع والشركات الناشئة ورواد الأعمال، وتوفير برامج بناء القدرات في مجالات تكنولوجية متعمقة لمواكبة الاحتياجات والمتغيرات الرقمية.
وأكد طلعت أن مصر لديها إرادة سياسة صلبة لتكون دولة رائدة في إقليمها في مجال الاقتصاد الرقمي؛ عن طريق تنفيذ عدة محاور، من أهمها: إجراء إصلاحات هيكلية ومنها إنشاء المجلس القومي للمدفوعات، وإنشاء المجلس الأعلى للأمن السيبراني، والمجلس الأعلى للتحول الرقمي، وذلك لدفع مسيرة التنمية على هذه المحاور الحيوية.
وأضاف أن مصر ركزت على اعتماد التحول والشمول الرقميين أساسا لاستراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تتضمن تحديث بنية تحتية فعالة ومؤمنة للاتصالات، وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار والابداع التكنولوجي، ورفع نسب الشمول المالي، وأتمتة إدارة موارد الدولة المالية.
وأشار وزير الاتصالات إلى أن التحركات شملت أيضا: توفير البيئة التشريعية المواتية للتحول نحو الاقتصاد الرقمي؛ من خلال عدة قوانين تستهدف تنظيم استخدام وسائل الدفع غير النقدي، ومكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتنظيم التجارة الالكترونية، وحماية البيانات الشخصية.
ولفت إلى أن مصر تضطلع حاليا ببناء عاصمتها الإدارية الجديدة، والتي ستكون مدينة ذكية على طراز عالمي ترتكز على فلسفة التحول إلى حكومة رقمية توفر بيئة تشاركية بين مختلف جهات الدولة، في القلب منها مدينة للمعرفة تمثل نموذجا عالميا لبيئة الابداع والابتكار.
وتابع أن الاستراتيجية المصرية للذكاء الاصطناعي تأتي لتمثل الخطوة التالية في خطة مصر الرقمية ليس فقط لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة ولكن لتكون عنصرا فاعلا فيها، مشيرا إلى تفعيل دور البريد المصري في منظومة الشمول المالي في ظل الانتشار الواسع لفروعه في ربوع الوطن والتي تصل إلى 4 آلاف منفذ.
وأكد وزير الاتصالات أن مصر تعمل أيضا على تشجيع التجارة الإلكترونية حيث أطلقت الاستراتيجية الوطنية للتجارة الالكترونية في 2017 بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الانكتاد” والتي تسعى من خلالها إلى أن تكون مركزا إقليميا للتجارة الإلكترونية بين دول العالم في ظل الزيادة المطردة في هذه النوعية من التجارة.
وقال طلعت: “إننا إذ نخطو بخطى ثابتة نحو تحقيق الاقتصاد الرقمي؛ فإننا نؤمن بتزايد أهمية خلق علاقات اقتصادية قوية بين الدول ارتكازا على مبدأ تحقيق المصالح المشتركة”.
وأضاف: ومن هنا تأتي أهمية المباحثات التي نعقدها لصياغة سياسات منظمة للاقتصاد الرقمي، وتحقيق التكامل وتبادل الخبرات في مجالات تطوير البنى التحتية الرقمية والابتكار التكنولوجي، وخلق شراكات استراتيجية من أجل التنمية الرقمية وبناء اقتصاديات أقوى وأكثر استقرارا، بما يساهم في تحقيق النفع لشعوبنا.
وقال طلعت إن التحول العالمي نحو العصر الرقمي الذي تُختصر فيه المسافات بين المجتمعات وتتحول من خلاله إلى عالم متصل، تستطيع فيه الثورة الرقمية إحداث تغييرات جوهرية في أنماط الحياة، بما تنتجه من تكنولوجيات رقمية تفاعلية وبما تؤسسه من نماذج أعمال جديدة تعتمد بشكل محوري على تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والحوسبة السحابية، وتحليل البيانات الضخمة، وغيرها من مستجدات التكنولوجيا؛ لتشكل القاعدة العريضة التي يرتكز عليها الاقتصاد الرقمي.
وأشار إلى أن أهمية الاقتصاد الرقمي تبرز في تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام، وتقديم الخدمات بصورة متميزة ومتكافئة لجميع المواطنين، وما تسهم به من رفع الإنتاجية.
ولفت إلى زيادة ربحية الشركات التي تتبنى التكنولوجيات الرقمية بنسبة تصل إلى 26% عن نظيراتها، إلا أنه يحمل في ذات الوقت في طياته تحديات حقيقية إذا لم تتم إدارته على نحو مدقق يقي المجتمع من مخاطر تهدد البيانات الشخصية والعامة، والبنى التحتية، والصناعات التقليدية، وأصحاب المهارات المحدودة.
وتابع أن الاقتصاد الرقمي يمثل حاليا نحو 11.5 تريليون دولار من الاقتصاد العالمي أي ما يوازي 15.5% من الناتج المحلي العالمي، ومن المتوقع أن ينمو ليصل إلى 24.3% بحلول عام 2025.
وأضاف: وهو ما يستلزم تكثيف الجهود المحلية وتعزيز التعاون الدولي لوضع استراتيجيات تستهدف جني ثمار هذا النمو المتسارع بل وعلينا تكثيف جهودنا في هذا المضمار لاسيما أن معظم بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يمثل الاقتصاد الرقمي لديها نسبة ضئيلة لا تزيد عن 8% من إجمالي الناتج المحلي.