الدولار على موعد مع موجة تراجع جديدة تخفف آثار ترشيد الدعم

115 قرشا حصيلة مكاسب الجنيه أمام الأخضر منذ بداية الصعود

aiBANK

أمنية إبراهيم

واصل احتياطي البلاد من النقد الأجنبي الارتفاع، تزامنًا مع سداد البنك المركزي المصري مبلغ 406 مليون دولار لصالح البنك الإفريقي للاستيراد والتصدير «إفريكسيم بنك» نهاية مايو الماضي.

E-Bank

وكشف البنك المركزي، قبل أيام، ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي خلال شهر مايو بحوالي 57 مليون دولار في المجمل، ليصل إلى 44.275 مليار دولار، مقابل 44.218 مليار دولار في أبريل.

ويري مصرفيون أن تنامي موارد النقد الأجنبي المختلفة وخاصة إيرادات قطاع السياحة والصادرات وتحويلات المصريين في الخارج إلى جانب استمرار تدفق استثمارات الأجانب لسوق الدين بوتيرة جيدة ومعقولة، تعزز استمرار تحسن سعر صرف الجنيه في مواجهة الدولار خلال الفترة المقبلة، والمتوقع أن يسهم في امتصاص أثر الموجة التضخمية المحتملة مع تطبيق الحكومة جولة جديدة في رفع وتقليص الدعم.

وقالوا إن انعكاس أثر تراجع سعر الدولار على أسعار المنتجات للمستهلك النهائي تحتاج لحوالي 3 أشهر، هي مدة العملية الاستيرادية، لافتين إلى أن تراجع أسعار النفط عالميًّا مؤخرًا يقلل أيضًا من أعباء الارتفاع المرتقب في أسعار الوقود مع جولة تقليص الدعم.

وواصل الجنيه صعوده التدريجي أمام الدولار، ليتداول عند أعلى مستوى في عامين، 16.7114 جنيه للشراء، و16.8114 جنيه للبيع، متوسط سعر السوق ككل، وفقدت العملة الخضراء نحو قرشين جديدين خلال تعاملات يومي الأحد والإثنين الماضيين قبيل عطلة عيد الفطر، بحسب آخر بيانات منشورة على الموقع الإلكتروني للبنك المركزي.

ووسع الدولار خسائره أمام الجنيه، منذ بداية رحلة هبوط الأخضر في السابع والعشرين من يناير، إلى حوالي 115 قرشًا، إذ سجل 17.86 جنيه سعر الشراء، و17.95 جنيه سعر البيع في 23 يناير الماضي.

وبحسب تفاصيل تطور مكونات احتياطي النقد الأجنبي جاءت الزيادة في رصيد الاحتياطي مدعومة بنمو رصيد العملات الأجنبية بنحو 112 مليون دولار، وكذلك ارتفاع رصيد الذهب بقيمة 21 مليون دولار، إلا أن تراجع حقوق السحب بمقدار 77 مليون دولار أثر على الزيادة الإجمالية في أرصدة الاحتياطي.

وأشارت بيانات البنك المركزي إلى زيادة رصيد العملات الأجنبية لتسجل 41.071 مليار دولار بنهاية مايو، مقابل 40.959 مليار دولار نهاية أبريل، وارتفع رصيد الذهب ليسجل 2.752 مليار دولار، مقارنة بنحو 2.731 مليار دولار، بينما تراجعت أرصدة وحدات السحب الخاصة SDRs بمقدار 77 مليون دولار، لتبلغ 448 مليون دولار مقابل 525 مليون دولار.

ويعرِّف صندوق النقد الدولي حق السحب الخاص بأنه أصل احتياطي دولي استحدثه الصندوق عام 1969، ليصبح مكملًا للاحتياطيات الرسمية الخاصة بالبلدان الأعضاء، وتتحدد قيمة حق السحب الخاص وفق سلة من خمس عملات رئيسية هي: الدولار الأمريكي، واليورو، والين الياباني، والجنيه الإسترليني إضافة إلى اليوان الصيني الذي انضم لسلة العملات اعتبارًا من 1 أكتوبر 2016.

محمد عبد العال عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس

وأوضح محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، أن تحقيق الاحتياطي الأجنبي زيادة رغم سداد البنك المركزي التزامات بحوالي 400 مليون دولار وعدم دخول تدفقات نقدية من سندات أو قروض دولية جديدة مؤشر جيد وإيجابي، ويطمئن على أن التدفقات الدولارية مستمرة بوتيرة منتظمة ودون حدوث أي اختناقات في وفرة العملة بسوق الصرف.

وتابع عبد العال، أن زيادة المعروض الدولاري يؤكد أن هناك ارتفاعًا في إيرادات التصدير والسياحة، علاوة على وجود وفر كبير في فاتورة الاستيراد، مشيرًا إلى أن سعر صرف الجنيه لم يتأثر بموسم العمرة والعمليات الاستيرادية الخاصة بشهر رمضان، وهو مؤشر إيجابي عن أداء الاقتصاد المصري.

وأضاف عبد العال، أن اقتراب الإجازة الصيفية وموسم عودة المصريين العاملين في الخارج إلى مصر قد يصحبه موجة بيعية كبيرة للعملات الأجنبية وتنازل عن المدخرات بالنقد الأجنبي مما قد يعزز استقرار سوق الصرف ووفرة المعروض النقدي وتحسن قيمة الجنيه.

15.5 جنيه بنهاية العام والتأرجح صعودًا وهبوطًا خلال النصف الثاني

ورجح عبد العال استمرار صعود الجنيه في مواجهة الدولار، مرجحًا تراجع الأخير ليدور بقرب 15.5 جنيه بحلول نهاية العام 2019، على أن يشهد سعر الصرف تأرجحًا صعودًا وهبوطًا وفق حجم التدفقات الواردة والصادرة والمعروض النقدي خلال النصف الثاني من العام ليصل في آخر السنة لحدود 15.5 جنيه.

وأكد عبد العال أن الاتجاه العام لسعر صرف الدولار أمام الجنيه هو اتجاه نزولي خلال العام الجاري، حتي وإن حدث تذبذب صعودًا وهبوطًا خلال الشهور المقبلة، وقال إن التحسن في الجنيه لا بدَّ وأن ينعكس بطبيعة الحال على تكلفة فاتورة الاستيراد، مما سيؤدي إلى انخفاض أسعار المنتجات والخدمات للمستهلك النهائي.

وتابع، أنه إذا ما أقدمت وزارة المالية على خفض قيمة الدولار الجمركي سينعكس أيضًا على تكلفة المنتج والسعر النهائي للمستهلك، إلا أنه أشار إلى أنه يستبعد حدوث ذلك في المرحلة الراهنة في اعتقاده الشخصي إذ يرى أن اقتراب سعري الصرف الرسمي والجمركي هو الأفضل.

تحسن الجنيه يقلل فاتورة الاستيراد والمواطن سيشعر بالفرق في غضون 3 أشهر

وبسؤاله عن انعكاس تحسن قيمة الجنيه وتراجع سعر صرف الدولار على الموجة التضخمية المحتملة مع تطبيق الجولة الأخيرة في رفع الدعم عن الوقود، أوضح عبد العال أن ارتفاع سعر الجنيه سيسهم في تخفيف حدة ارتفاع أسعار السلع وكذلك التضخم المحتمل بطبيعة الحال، نظرًا لتأثيره على فاتورة وتكلفة الاستيراد، ولكن هذه الدورة تحتاج لحوالي 3 أشهر حتى ينعكس أثر انخفاض الدولار على أسعار المنتجات والسلع، نظرًا لدورة الاستيراد.

وتابع: «قد يمتص ارتفاع الجنيه بعض الضغوط المحتملة نتيجة تقليص الحكومة دعم الطاقة، ورفع المعاشات».

وأشار عبد العال، إلى أن تراجع أسعار النفط عالميًّا إلى حوالي 60 إلى 62 دولارًا للبرميل، مقابل 70 إلى 72 دولارًا قبل أسابيع، أمرًا جيدًا أيضًا وقد يخفف من أثر رفع الدعم عن الوقود.

وأكد أن المواطن سيشعر بتحسن سعر الجنيه بشكل ملموس في غضون 3 أشهر، مع بيان أثر هذا الارتفاع في أسعار السلع والخدمات، مشيرًا إلى أن الجنيه سيواصل التحسن خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع زيادة حالة عدم اليقين لدى مكتنزي العملة الخضراء، الذين يتجه جانب كبير منهم للتخلص من العملة في ضوء استمرار الاتجاه النزولي، إما للحفاظ على هامش ربح حققه بين سعر الشراء وقت اقتناء الدولار أو للحفاظ على أقل خسائر وتعويضها بارتفاع أسعار الفائدة على الجنيه.

شبح الركود الاقصادي العالمي قد يصب في صالح مصر لانخفاض أسعار السلع والخدمات عالميًّا

فيما لفت عبد العال إلى أن مواجهة العالم الخارجي شبح الركود الاقتصادي نتيجة الحرب التجارية بين أمريكا والصين وأمريكا والاتحاد الأوربي، ربما يكون في صالح الاقتصاد المصري كونه اقتصادًا مستهلكًا يعتمد على الاستيراد، حيث تستورد مصر بحوالي 5 مليارات دولار شهريًّا ونحو 60 مليارًا سنويًّا، وكون ركود الاقتصاد العالمي ينتج عنه تراجع في أسعار السلع والخدمات مما يقلل من فاتورة الاستيراد.

كما لفت عبد العال، إلى استمرار دخول تدفقات جديدة من الاستثمار الأجنبي غير المباشر في أدوات الدين المحلي بوتيرة معقولة، وأن كل هذا يعزز ويبرر عدم تراجع رصيد الاحتياطي الأجنبي رغم سداد التزامات خارجية بالعملة الصعبة، مشيرًا إلى أن مصر ملتزمة بالوفاء بديونها الخارجية في آجالها المستحقة دون أي تخلف.

وقال عبد العال، إن أداء موارد النقد الأجنبي جيدة وإيجابية بوجه عام، وإن عدم حدوث اختناقات بالبنوك خلال الأشهر الماضية في ظل ضغط الطلب على العملة الأجنبية سواء فيما يخص موسم العمرة، أو طلبات الاستيراد وتغطية كافة الاعتمادات المستندية الخاصة بها.

محمد بدرة، الخبير المصرفي

من جهته أكد محمد بدرة الخبير المصرفي، أن الانخفاض الذي شهده سعر صرف الدولار أمام الجنيه خلال الفترة الأخيرة طبيعي، وكذلك ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي رغم سداد التزامات خارجية.

وأرجع ذلك إلى عدة أسباب أهمها توافر موارد جيدة من العملة الصعبة منذ مطلع العام الجاري، في ضوء زيادة تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وارتفاع إيرادات السياحة، والوفر المحقق في استيراد المواد البترولية مع تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي ووقف استيراده.

يشار إلى أن البنك المركزي كشف قبل نحو أسبوعين تسجيل تحويلات المصريين العاملين في الخارج زيادة قدرها 426.1 مليون دولار خلال شهر مارس الماضي، بمعدل زيادة نسبته 23.3%، لتصل تحويلات المغتربين إلى 2.3 مليار دولار خلال مارس، مقابل 1.8 مليار دولار في فبراير.

استمرار تراجع الدولار دفع حائزيه للتخلص منه والتحول للادخار بالجنيه

وأوضح بدرة، أن تحسن سعر صرف العملة الوطنية ووفرة النقد الأجنبي، يؤكد على حسن إدارة البنك المركزي المصري لاحتياطي البلاد من العملات الأجنبية وكذلك السياسية النقدية، لافتًا الانتباه إلى أن التراجع المستمر في سعر صرف العملة الأجنبية دفع العديد من حائزي الدولار في صورة ودائع إلى التخلص منها، والتحول للادخار بالجنيه لوقف خسائر سعر الصرف والاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة على العملة المحلية.

وأشار بدرة، إلى أن تراجع سعر صرف الدولار يدعم توجهات البنك المركزي لاستهداف التضخم، حيث من المتوقع أن ينعكس التحسن في قيمة الجنيه على فاتورة الاستيراد وأسعار السلع للمستهلك النهائي، متوقعًا أن يسهم ذلك في امتصاص أثر الموجة التضخمية المتوقع حدوثها مع تطبيق الجولة القادمة لرفع الدعم.

العملة الخضراء مرشحة للاستقرار حول منطقة 16.80 جنيه خلال الفترة المقبلة

ورجح بدرة، استقرار سعر الصرف نسبيًّا خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن استمرار التراجع ذو حدين وله آثار وانعكاسات سلبية على السياحة ونشاط التصدير، ولذا فإن الأفضل هو الاستقرار بقرب 16.80 جنيه، على أن يصل في الربع الأخير من العام الجاري إلى مستوى 17 جنيه.

هيثم عبد الفتاح رئيس قطاع الخزانة وأسواق المال ببنك التنمية الصناعية والعمال المصري

من جانبه قال هيثم عادل، مدير عام قطاع الخزانة وأسواق المال ببنك التنمية الصناعية، إن حجم الاحتياطي الأجنبي ومعدل الزيادة فيه ليس الفيصل، ولكن الزيادة المطردة بشكل عام وبغض النظر عن مقدار هذه الزيادة عامل هام، وتعطي مؤشر وانطباع جيد عن أداء الاقتصاد المصري.

العرض والطلب المتحكم الرئيسي في سوق الصرف

وأضاف عادل، أن ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي خلال شهر مايو الماضي، رغم إعلان البنك المركزي عن سداد حوالي 406 مليون دولار للبنك الإفريقي للاستيراد والتصدير مؤشر على سير الاقتصاد المصري في الاتجاه الصحيح، لافتًا إلى أن مصر دائمًا ملتزمة في سداد التزاماتها ولم تتعرض مسبقًا في أي فترة لمشكلة في الوفاء بالتزاماتها تجاه دول العالم الخارجي.

وأكد مدير عام قطاع الخزانة وأسواق المال ببنك التنمية الصناعية، أن كافة الأرقام والبيانات إيجابية، وتصب في صالح استمرار تدفقات النقد الأجنبي من جانب مستثمري المحافظ المالية والصناديق الأجنبية في سوق الدين المحلي.

وأشار عادل، إلى أن انضباط العمليات الاستيرادية، وعدم وجود أي عقبات لدى البنوك في توفير العملة الصعبة لتلبية طلبات الاستيراد رغم زيادتها مؤخرًا، واستمرار ارتفاع رصيد احتياطي مصر من النقد الأجنبي، يؤكد أن الاقتصاد المصري يشهد تحسنًا ملموسًا، ويعطي قراءة مشجعة ومحفزة للمستثمرين الأجانب والمحليين.

استمرار تنامي أرصدة الاحتياطي الأجنبي بالتزامن مع سداد التزامات خارجية مؤشر إيجابي ومحفز للمستثمرين

وحول دعم ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي لاستقرار سوق الصرف وتحسن قيمة الجنيه قال عادل، إن الرقيب وهو الجهة المسؤولة عن ملف سوق الصرف قال مرارًا وتكرارًا إن تراجع أو ارتفاع سعر الجنيه محكوم بمستوى العرض والطلب، وأكد على اتباع سياسة سوق الصرف الحر، وأن مرونة حركة السعر مرتبطة بالمعروض من النقد الأجنبي.

فيما لفت إلى أن مستويات أسعار الفائدة الحالية تعطي ميزة تنافسية كبيرة لمصر بين الأسواق الناشئة، لجذب استثمارات الأجانب، مشيرًا إلى أن وضع الاقتصاد المصري مقارنة بالاقتصادات الناشئة الأخرى، فيما يخص الاستقرار الاقتصادي والسياسي وكذلك تقارير المؤسسات الدولية يعطي أفضلية كبيرة للسوق المصرية في الوقت الحالي مما يعزز استمرار التدفقات الأجنبية.

وأضاف أنه وفق وثائق صندوق النقد الدولي عن المراجعة الأخيرة فإن البنك المركزي يستهدف التضخم، ولذا تم الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية، في ضوء الارتفاعات المرتقبة في أسعار السلع والخدمات المحددة إداريًّا.

وواصلت استثمارات الأجانب في أذون الخزانة الارتفاع للشهر الثالث على التوالي، وزادت بحوالي 650 مليون دولار تعادل 8.36 مليار جنيه، خلال شهر مارس الماضي، بحسب آخر بيانات معلنة من قبل البنك المركزي.

وأظهرت النشرة الشهرية ارتفاع استثمارات الأجانب في أذون الخزانة إلى 14.851 مليار دولار تعادل 258.016 مليار جنيه بنهاية شهر مارس، مقارنة بنحو 14.201 مليار دولار تعادل 249.656 مليار جنيه.

وتم احتساب القيمة بالدولار على أساس آخر سعر صرف لبيع العملة الأمريكية في شهري فبراير ومارس، والبالغ 17.5794 جنيهًا للأول، و17.3733 جنيهًا للثاني.

وارتفع رصيد الأجانب في أذون الخزانة للمرة الأولى في شهر يناير الماضي، بعد تراجع دام 9 أشهر على خلفية أزمة الأسواق الناشئة، وزاد بقيمة تقارب 2.5 مليار دولار، ليصل إلى 13.2 مليار دولار، مقابل 10.7 مليار دولار نهاية ديسمبر الماضي.

وكان الأجانب قد واصلوا سحب استثماراتهم من سوق الدين المحلي على مدار 9 أشهر، لتفقد أرصدة الأموال الساخنة في مصر خلال عام 2018 حوالي 50% من أعلى مستوى وصلت إليه خلال مارس من العام نفسه، وبلغ 21.5 مليار دولار .

وفقدت محفظة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة في الفترة من مطلع أبريل وحتى نهاية ديسمبر 2018 ما يعادل 10.8 مليار دولار، بعد أن وصلت لأعلى مستوى منذ تعويم الجنيه، حيث بلغت 380.308 مليار جنيه تعادل حوالي 21.5 مليار دولار في نهاية مارس، قبل أن تبدأ في التراجع بداية من أبريل مع احتدام أزمة الأسواق الناشئة.

الرابط المختصر